سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1113 - 2005 / 2 / 18 - 11:56
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
في حال ما استقر الرأي على ترشيح السيد ابراهيم الجعفري ، الناطق الرسمي باسم حزب الدعوة الاسلامية لمنصب رئاسة الوزارة العراقية المقبلة من لدن أطراف قائمة السستاني ، ( الائتلاف العراقي الموحد ) ، يظل هناك العامل الدولي المتمثل بأمريكا على وجه التحدد ، والذي يجب أن يحسب له حسابا في مسألة حاسة مثل هذه المسألة ، فالعامل الدولي هذا سيطرح نفسه بقوة ليس في اختيار رئيس الحكومة العراقية المقبلة وحسب ، وإنما باختيار أعضائها ومساعديهم ، وربما رؤساء دوائر سيكونون على علاقة مباشرة بالجانب الامريكي 0
لقد ذكرت الاخبار أن وفدا أمريكا يقوده سفير الولايات المتحدة السابق لدى الكوت قد حط في بغداد من أجل مساعدة العراقيين على تشكيل حكومتهم المقبلة ، والمفهوم من كلمة " المساعدة " هذه هو أن الامريكان لا يمكن لهم أن يتركوا الحبل على غواربه في تشكيل حكومة في العراق أقل ما يقال عنها انها حكومة حليفة لهم ، وليس لغيرهم ، وعلى غرار الكثير من الحكومات في العالم ، فالامريكان ، وعلى ديدنهم القديم ، قد وصل بهم الحال ، مثلما نقلت أخبار من العراق ، أن يوجهوا سؤالا محددا للاعضاء الفائزين في قائمة السستاني عن موقف كل واحد منهم في حال قيام الولايات المتحدة الامريكية بشن هجوم عسكري ، مرتقب على ايران !
هذه الحال تذكر بما قرأته أنا في كتاب : الجواهري شاعر العربية ، لصاحبه عبد الكريم الدجيلي ، والذي جاء فيه من أن الدجيلي قد اصطحب معه ذات يوم الشاعر محمد مهدي الجواهري لزيارة السفير الامريكي ابان الحكم الملكي المباد ، وكان الجواهري وقتها قد رُشح في احدى دورات البرلمان العراقي في ذلك العهد نائبا عن لواء كربلاء 0
قال الدجيلي للسفير الامريكي : هذا الجواهري ، شاعر العرب الاكبر ، ونائب لواء كربلاء عما قريب !
رد السفير الامريكي : أما شاعر العرب الاكبر فبها ، وأما نائب كربلاء فلا !
ويمضي الدجيلي في روايتة هذه ، فيكتب : ظهرت اسماء نواب دورة البرلمان العراقي تلك من دون أن يظهر اسم الشاعر الجواهري معهم !
أقول إذا كانت السفارة الامريكية قد منعت وصول الشاعر الجواهري الى اعتاب البرلمان العراقي بسبب من توجهاته السياسية المعادية للغرب وقتها ، فكيف يُراد اليوم من العراقيين أن يصدقوا قيام حكومة عراقية مستقلة ، تملك زمام أمورها ، من دون أن تحظى أولا بمباركة الامريكان الذين لهم جيوش ، جرارة ، تجثم على صدر بلد النخيل ، وليس سفارة مثلما كان الحال عليه زمن النظام الملكي البائد ؟
لقد ذكرت أنا فيما مضى لي من مقالات أن رئيس وزراء العراق القادم ، وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات التي جرت مؤخرا في العراق ، سيكون السيد اياد علاوي ، أو شخصا متدينا ، مقبولا من لدن الولايات المتحدة ، وإذا ما تخطت رئاسة الوزارة الاول أي علاوي ، واستقر الرأي على السيد ابراهيم الجعفري ، فلا بد للجعفري أن يحظى بثقة الامريكان أولا ، وقبل أن يحظى بثقة المجلس الوطني العراقي ، هذا إذا ما حاز النصاب القانوني من المجلس ذاته ، وبالمساعدة التي جاء بها الوفد الامريكي المرابط في العراق الان ، رغم أن الاخبار القادمة من العراق تشير الى تضارب واضح في التصريحات ما بين من يتحدث باسم السيد احمد الجلبي من جهة ، وبين السيد الجعفري من جهة أخرى ، فكلا الرجلين يريدان رئاسة الوزارة ، وكلاهما ، كما يبدو ، لهما انصار ضمن قائمة السستاني التي حملتهم مع آخرين الى ساحة البرلمان العراقي ، وإذا ما استمرت هذه التصريحات في التناقض ، فإن هذا سيقود الى انفراط عقد تلك القائمة ، ولجوء اطراف منها للتحالف مع اطراف من خارجها ، وعلى غرار مناورة السيد الجعفري حين بادر الى استقبال السيد السفير الامريكي جون نيغروبونتي في داره من بغداد ، تلك المنارة التي افزعت السيد عبد العزيز الحكيم ، فهرع من وقتها للاجتماع بالسيد ابراهيم الجعفري ، ذلك الاجتماع الذي تمخض عنه سحب ترشيح السيد عادل عبد المهدي ، مرشح المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق من منافسة المرشحين لمنصب رئاسة الوزارة العراقية المقبلة التي تشهدها قائمة الائتلاف العراقي الموحد 0
والملفت للنظر أنه بعد أن سحب المجلس الاعلى ترشيح مرشحه ، عادل عبد المهدي ، فاجأ السيد احمد الجلبي الجميع ليعلن أنه لا زال يملك حظوظا في ترشيح تلك القائمة له ، مكذبا في الوقت نفسه ما تناقلته بعض الاخبار من أن الترشيح لمنصب رئاسة الوزارة قد رسا على شواطيء السيد الجعفري ، هذا في الوقت الذي أكدت فيه مصادر أمريكية للحكومة الاردنية ، التي اعترضت على ترشيح الجلبي لذلك المنصب ، أن السيد الجلبي لا يمكن له أن يكون رئيسا لوزارء العراق في تشكيلة الحكومة المقبلة ! كما انه يمكن للمتابع أن يضيف الى التأكيد ذاك حذرا أمريكيا اتجاه الجعفري عكسه في ذات الوقت تصريح لاحد مساعدي علاوي هو عماد شبيب الذي قال فيه : يجب ان يتصرف السيد ابراهيم الجعفري كعراقي ، ويكون وفيا للعراق ، وليس لبلد اخر في اشارة الى علاقات الجعفري مع ايران ، وهي الحالة التي تشكى منها الجعفري نفسه في تصريح سابق له قال فيه : إن البعض يتهمنا بما كان صدام يتهمنا به ، وكان يقصد بتلك التهمة تشكيك القوميين من العراقيين ، والعرب باصوله الغير العراقية ، حيث يرد ه هؤلاء القوميون الى اصول باكستانية – كشميرية ، وفي الوقت ذاته يؤاخذون عليه علاقاته مع ايران ، رغم أنه يمثل الاتجاه العربي في حزب الدعوة الاسلامية ، مثلما يقال 0
وعلى عكس الحذر الامريكي من تولي السيد ابراهيم الجعفري لمنصب رئيس الوزراء في العراق يلاحظ أن هناك قبولا انجليزيا ، بينا على الترشيح هذا انعكس على صفحات اشهر الصحف الانجليزية ، فالجعفري قد يكون معروفا للانجليز اكثر مما هو معروف عند الامريكان ، وذلك لانه قضى شطرا من حياته منفيا في عاصمة الضباب ، لندن ، بعد أن هجر ايران على إثر الانشقاق الذي احدثته السلطات الايرانية في صفوف حزبه ، وبهدف اخضاعه للمشاريع الايرانية ، وخاصة فيما يتعلق بولاية الفقيه التي جاء بها الخميني ، تلك الولاية التي أقرها الشق الثاني من حزب الدعوة بقيادة الايراني ، محمد مهدي الآصفي ، وكيل السيد علي الخامنئي في النجف اليوم ، وهي ذاتها التي أقرتها بعض من الاحزاب الشيعية العراقية ، وغير العراقية ، وبتأثير واضح من السلطات الايرانية 0
لقد لخصت جريدة التايمز الانجليزية دوافع القبول الانجليزي هذا ، فذكرت أن السيد الجعفري يُعد من ابرز المرشحين في قائمة الائتلاف الشيعي ، على حد تعبيرها ، بعد انسحاب منافسه الرئيسي ، وهو وزير المالية الذي تلقى تعليمه بفرنسا عادل عبد المهدي ، كما انه يحظى باحترام كبير في العراق حتى بين السنة المعتدلين ، الذين سعى لتهدئة مخاوفهم من اقصائهم عن العملية السياسية في البلاد ، ووعد بأنه سيُشرك شخصيات من السنة ، ومن غير المسلمين كذلك في الحكومة والبرلمان ، ولجان صياغة الدستور ، ويرى أن رحيل قوات الاحتلال " قد لا يكون قرارا صائبا " في هذا التوقيت 0 وقالت الصحيفة إن الجعفري استبعد أيضا المخاوف بشأن هيمنة علماء الدين على الحكم كما هو الحال في إيران المجاورة 0 ولعمري أن كل المرامي التي سطرتها الجريدة المذكورة تعكس رغبة الدول الحليفة في أي مرشح للوزارة العراقية المقبلة ، وفي مقدمة تلك الدول هي الولايات المتحدة الامريكية ، ولكن يظل السؤال : هل كل ما ذكره السيد الجعفري يزيل الحذر الامريكي الذي لا زال الامريكان يبدونه عنه ، والذي قد يحول عن توليه للمنصب المذكور ؟
#سهر_العامري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟