أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - نتحاوَر وكأنَّ الرُّعونة حوار!














المزيد.....

نتحاوَر وكأنَّ الرُّعونة حوار!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3782 - 2012 / 7 / 8 - 15:23
المحور: الصحافة والاعلام
    


لا حوار عندنا؛ لأنْ لا متحاورين؛ ولا متحاورين عندنا؛ لأنَّنا جُبِلْنا على الرُّعونة والنَّزَق والطَّيْش والهَوَج، وعلى العداء للرأي الآخر، وصاحبه؛ فالذي يخالِفُكَ الرأي، أو يَنْتَقِد ما تُدْلي به من قولٍ أو رأيٍّ، مُظْهِراً ومُبيِّناً لكَ، ولغيركَ، عيوبه، إنَّما هو، على ما اعتدناه من فَهْمٍ لهذا الأمر، مُعْتَدٍ، متطاولٍ، على أعزِّ ما تَمْلُك، إلا وهو "كرامتكَ الشخصية"؛ وما أدراك ما "الكرامة الشخصية (وغير الشخصية)" عندنا!

إيَّاك أنْ تُحاوِر أحداً مِنَّا، ولو كان نائباً، أو إذا ما كان نائباً؛ فإذا لم يَنْهَلْ عليكَ شتماً فَقَد ينهال عليكَ ضرباً؛ فإذا سَخَنَت رأسه أكثر؛ لشعوره أنَّكَ قد طَعَنْتَ في "كرامته الشخصية"، أو في "عرضه"، إذ طَعَنْتَ في رأيه، فرُبَّما يُخْرِج مسدَّسه، ويُطْلِق النار عليكَ؛ فما أسْرَع تَحوُّل المتحاورين عندنا عن "فَنِّ الإقناع (أيْ الحوار)" إلى "فَنِّ الإكراه (أيْ الحرب)"؛ وكأنَّهم لا يتحاورون إلاَّ ليقيموا الدليل على أنَّ أحداً في العالم لا يُباريهم، ولا يُدانيهم، في مَسْخ فِكْر كلاوزفيتس!

إنَّه يأتيكَ إلى "الحوار"، متوهِّماً أنَّه صاحب رأيٍّ (أو وجهة نظر) ينبغي له أنْ يستميت في الدِّفاع عنه؛ لا بلْ أنْ يُضحِّي بالغالي والنَّفيس لجعله يسود وينتصر؛ فالحقيقة، كل الحقيقة، هي قوله، أو تَكْمُن في قوله؛ لكنَّه إنْ عَرَفَ ما يريد قوله، لن يَعْرِفَ كيف يقوله؛ فيَخْرُج منه "القول" على هيئة "قَيْء".

ونحن, في حوارنا مع "الآخر", لا نجيد "الاستماع", ونحاول, دائما, أخْذَ حصَّة الأسد من "الإرسال", وتقليص "فترة الاستقبال"؛ ويتعصَّب "المحاوِر" لوجهة نظره وكأنَّ ما يدلي به من رأي قد وُلِدَ معه, أو ورثه، أو كان ثمرة إبداع شخصي لم يشاركه فيه أحد, مع أنَّ قليلاً من التدقيق في وجهة نظره "الأصيلة" يكشف لك أنْ لا شيء فيها من إبداعه, فهي مأخوذة ومُستقاة من "مصادِر خارجية"، معظمها ليس بأردنيٍّ أو عربيٍّ.

والمصيبة الأدهى والأمر أنَّ مُحاورنا لا يجيد حتى "استهلاك" هذا "المُنْتَج الفكري الأجنبي", فهو يتعصب لشيء لا فضل له في إنتاجه وتطويره, ولا يجيد حتى استهلاكه, فينتهي "الحوار" إلى إقامة الدليل على أننا محامون فاشلون عن وجهات نظر وآراء, أنشأها وطوَّرها غيرنا, وقمنا نحن بتقمُّص أرواحها بعد مسخها؛ وكثيرًا ما يَضْرِب المُحاوِر صَفْحًا عن حقيقة في منتهى الأهمية هي أنَّ "الفكرة" التي يحامي عنها، ويتعصَّب لها، ليست بمُنْتَج شخصي له؛ فهي، أيْ "الفكرة"، "بِنْتٌ له"؛ لكن من طريق "التبنِّي".

أمَّا عندما يقف حمار الشيخ في العقبة, أي عندما يعجز المحاوِر عن الدفاع عن وجهة نظره, أو إنقاذها من الهلاك, أو فرضها, فإنَّ "سلاح العناد" يُشْهَر, ويَفْقِد "الحوار" تلك البقية الضئيلة من أصوله وقواعده, فالكل يتكلَّم وما مِنْ مستمع, وربما انتهى "الحوار" إلى ما يقيم الدليل على أنَّ "الحرب" هي النهاية الحتمية له.

وإنَّه لفي منزلة البديهية أنْ تقول إنَّ "الحوار" لا تقوم له قائمة, ولا يستوفي معناه وأهميته, إذا لم يَكْن بين طرفين مختلفين فكريًّا في الأمر الذي يتحاوران فيه. إنَّنا لا نتحاور في ما نحن فيه متَّفِقون, وإنَّما في ما نحن فيه مختلفون؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ "فكرتين متناقضتين" تَكمنان دائماً في أساس "الحوار".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تُنْذِر -الغارديان- ب -أُفول- الديمقراطية في بريطانيا!
- عرفات قُتِلَ ب -الشَّارونيوم-!
- -أُمَّهات الحقائق- في الصِّراع السوري!
- مِنْ -سجين طرَّة- إلى -سجين طنطاوي-!
- مرسي الذي أصبح للثورة مرساةً!
- لا شرعية في مصر تَعْلو -الشرعية الثورية-!
- حتى يكون مرسي مرساةً للثورة!
- قَوْلٌ عظيم لرَجُلٍ عظيم!
- هذا الإنكار- ل -شعبية- الثورة في مصر وسورية!
- مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!
- لِنَحْتَفِل بهزيمة شفيق لا بانتصار مرسي!
- لعبة العجوز الداهية طنطاوي!
- لو قرأوا -الدولة والثورة-!
- إيضاحات وردود
- -مأثرة- ماركس التي عَجِزوا عن النَّيْل من إعجازها!
- -دولة المواطَنَة- التي تتحدَّانا أنْ نفهمها!
- -الديمقراطية- ليست -فتوى-!
- العودة إلى 11 شباط 2011!
- حتى يصبح -نفي الرأسمالية- هدفاً واقعياً!
- صراعٌ يَصْرَع الأوهام!


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - نتحاوَر وكأنَّ الرُّعونة حوار!