أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - عندما تُنْذِر -الغارديان- ب -أُفول- الديمقراطية في بريطانيا!














المزيد.....

عندما تُنْذِر -الغارديان- ب -أُفول- الديمقراطية في بريطانيا!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3781 - 2012 / 7 / 7 - 14:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بديمقراطيته سَحَرَ، ويَسْحَر، الغرب الشرق؛ وإنَّ بعضاً من هذا السِّحْر يَكْمُن في "الرَّبيع العربي"، أيْ في بعضٍ من مطالبه وغاياته والدَّوافِع إليه؛ فـ "المَثَل الديمقراطي الأعلى" لنا ما زال غربياً، وإنْ غَذَّت فينا، أو في بعضنا، "السياسة المُشْتَقَّة (اشتقاقاً تَعَسُّفِيَّاً) من الدِّين (الإسلامي)" مَيْلاً مضاداً للحياة الديمقراطية؛ فالغرب، وفي نمط عيشه السياسي على وجه الخصوص، ما زال لنا "البوصلة" في سَيْرِنا نحو المستقبل.

لكن هذا "السِّحْر الديمقراطي الغربي" ما عاد يَسْحَر أهله؛ وكأنَّه قد شَرَع يَسْحَر (أي يتباعد) عنهم؛ وها هي صحيفة "الغارديان" البريطانية تَخْلُص، في دراسةٍ لها، إلى أنَّ الديمقراطية البريطانية (العريقة) في طريقها إلى "الأُفول"؛ أمَّا الأسباب فيَكْمُن أهمها، على ما وَرَد في الدراسة، في "هيمنة الشركات (على الحياة السياسية)" و"اللامبالاة ( الانتخابية المتعاظِمَة) لدى الناخب البريطاني".

وأحسبُ أنَّ هيمنة (وتعاظُم هيمنة) الشركات (وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة) على الحياة السياسية (في بريطانيا، وفي سائر الدول الغربية) هو ما أنْتَج، وتوسَّع في إنتاج، ظاهرة "السَّلبية الانتخابية والسياسية"، أو ظاهرة "اللامبالاة الانتخابية والسياسية"، لدى جمهور واسِع (ويتَّسِع في استمرار) من المواطنين والناخبين البريطانيين؛ وكلَّما اتَّسَعَت هذه الظاهرة تهيَّأ للشركات مزيدٌ من الفُرَص للتوسُّع والتَّعَمُّق في هيمنتها على الحياة السياسية والانتخابية للشعب والمجتمع.

إنَّ "اللامبالاة الشعبية" هذه، والتي لا تُكافَح وتزول إلاَّ بمكافحة وزوال أسبابها، هي التي، في تعاظُمِها، تُعرِّي أكثر فأكثر المحتوى الطبقي الرأسمالي للديمقراطية الغربية من "الشكل الشعبي" الذي ارتداه (وتَقَنَّع بقناعه) زمناً طويلاً؛ ولقد أنْتَج هذا "الوهم الديمقراطي"، أخيراً، عِبارة "المواطِن هو أعلى سُلْطة (في الغرب)".

وهذا "الأُفول"، الذي تحدَّثت عنه "الغارديان" في دراستها، يمكن ويجب فهمه على أنَّه تعبير بِلُغَةٍ ليبرالية مهذَّبة عن ظاهرة "الأُوتوقراطية السياسية الناعمة"، أو "الدكتاتورية السياسية لطُغْمَة من الرأسماليين الذين لديهم من أدوات النفوذ والتأثير ما يسمح لهم بِجَعْل الحقوق الديمقراطية للعامَّة من الناس متصالحة مع مصالحهم الفئوية الضيِّقة". إنَّها لعبة "التسيير للحقوق الديمقراطية للمواطنين بما تشتهي (دائماً، أو على وجه العموم) المصالح السياسية لكبار الرأسماليين القابضين على أزِمَّة الحياة الاقتصادية والمالية للمجتمع؛ وهذه لعبة تَعْجَز (لأسباب موضوعية) الأقلِّيَّات الحاكمة في بلادنا العربية عن لعبها؛ فنراها تَحْكُم، وتستمر في الحكم، إمَّا من طريق الحرب (الظاهرة أو المستترة) التي تخوضها، في استمرار، ضدَّ كل ما يَمُتُّ إلى الديمقراطية بصلة، وإمَّا من طريق الأخْذ بـ "الشَّكلانيَّة الديمقراطية"، والتي فيها، وبها، لا نرى من الإرادة السياسية الحقيقية للشعب إلاَّ ما يَصْلُح دليلاً على انتفاء الحياة الديمقراطية، وعلى تهافُت المنطق الديمقراطي للانتخاب بأنواعه المختلفة.

في الغرب، يشعر المواطِن، ويقوى شعوره، باتِّساع الهوَّة بين "التغيير الذي يريد" وبين "الواقع السياسي (وغير السياسي) الذي تتمخَّض عنه الانتخابات، في استمرار"؛ وكأنَّ يداً تشبه يد القضاء والقدر تُسيِّر الأمور دائماً بما يجعل النتائج (العملية والواقعية) تّذْهَب بما يتوقَّعه ويأمله الناخبون؛ وهذا الشعور بـ "عدم الجدوى" هو ما يُغذِّي لدى الناخبين المَيْل إلى العزوف عن المشاركة في التصويت، وفي الحياة السياسية على وجه العموم.

وهذا إنَّما يقيم الدليل على أنَّ "الحيوية الديمقراطية والسياسية" للمجتمع تُقاس، أو يُقاس منسوبها، بـ "الدَّافِع الانتخابي"، أيْ بقوَّة وطبيعة وخصائص الدَّافِع الذي يَدْفَع الناخِب إلى الذهاب إلى صندوق الاقتراع، والإدلاء بصوته؛ ولا شكَّ في أنَّ الازدهار الديمقراطي للمجتمع يتأكَّد باضمحلال الفَرْق (في وعي وشعور المواطِن) بين "الحقِّ" و"الواجِب" الانتخابيين؛ فالناخب الذي يذهب إلى صندوق الاقتراع للإدلاء بصوته، ناظِراً إلى فِعْلِه هذا على أنَّه "حقٌّ (له)" و"واجِبٌ (عليه)" في آن، هو خير دليل على الازدهار الديمقراطي لمجتمعه.

ونحن يكفي أنْ نتأمَّل الدَّافِع الانتخابي (لجهة قوَّته وطبيعته وخصائصه) لدى ناخبينا حتى نُدْرِك أنَّ حَجْم الديمقراطية عندنا من حَجْم الديمقراطيين؛ فلا ديمقراطية في مجتمعٍ عدد الديمقراطيين فيه من الضآلة بمكان.

ولـ "الأُفول (الديمقراطي)"، الذي تحدَّثت عنه "الغارديان"، معنى آخر، هو "الوفرة"؛ فالمجتمع الغربي الرأسمالي هو مجتمع "الوفرة" بمعنييها الاقتصادي والسياسي.

وأشرح هذا قائلاً إنَّ لدى هذا المجتمع من "الوفرة الاقتصادية (الواقعية أو الممكنة)" ما يسمح بتلبية أكثر وأفضل للحاجات الحياتية الاقتصادية لأبنائه جميعاً؛ لكنَّ مصالح فئوية ضيِّقة، هي مصالح الرأسماليين، هي التي تَحُول بين المجتمع وبين قطفه لهذه الثمار الاقتصادية؛ وإنَّ لديه، في الوقت نفسه، من "الوفرة السياسية"، أيْ من "الوفرة في الحقوق السياسية والديمقراطية"، ما يسمح له بأنْ يحيا حياة سياسية أكثر ازدهاراً من الوجهة الديمقراطية؛ لكنَّ المصالح السياسية لـ "الأُوتوقراطيين الاقتصاديين والماليين" هي التي تَحُول بينه وبين قطفه لهذه الثمار السياسية.

إنَّها "تأفُل"؛ لكنَّه "أُفول" يَبْعَثُ إلى المجتمع برسالةٍ مؤدَّاها: لقد حان للديمقراطية في الحياة الاقتصادية أنْ تَظْهَر (وتُشْرِق) إذا ما أُريد درء خطر "الأفول" عن الديمقراطية في الحياة السياسية.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرفات قُتِلَ ب -الشَّارونيوم-!
- -أُمَّهات الحقائق- في الصِّراع السوري!
- مِنْ -سجين طرَّة- إلى -سجين طنطاوي-!
- مرسي الذي أصبح للثورة مرساةً!
- لا شرعية في مصر تَعْلو -الشرعية الثورية-!
- حتى يكون مرسي مرساةً للثورة!
- قَوْلٌ عظيم لرَجُلٍ عظيم!
- هذا الإنكار- ل -شعبية- الثورة في مصر وسورية!
- مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!
- لِنَحْتَفِل بهزيمة شفيق لا بانتصار مرسي!
- لعبة العجوز الداهية طنطاوي!
- لو قرأوا -الدولة والثورة-!
- إيضاحات وردود
- -مأثرة- ماركس التي عَجِزوا عن النَّيْل من إعجازها!
- -دولة المواطَنَة- التي تتحدَّانا أنْ نفهمها!
- -الديمقراطية- ليست -فتوى-!
- العودة إلى 11 شباط 2011!
- حتى يصبح -نفي الرأسمالية- هدفاً واقعياً!
- صراعٌ يَصْرَع الأوهام!
- خَبَرٌ صغير!


المزيد.....




- فوردو ونطنز وأصفهان.. الخطاب الكامل لترامب بعد الضربات الأمر ...
- أول حالة معروفة لاستخدام هذه القنبلة.. إليك ما نعلمه عن تفاص ...
- تحديث مباشر.. أمريكا -دمرت تماما- منشآت إيران وطهران ترد بأو ...
- قرب منشأة فوردو الإيرانية.. ناسا تلتقط إشارة حرارية الأحد
- قبل نحو 48 ساعة من ضربة أمريكا.. صور فضائية تكشف تحركات إيرا ...
- -هجوم وحشي-.. إيران تدين الضربات الأمريكية على المواقع النوو ...
- إسرائيل.. -دمار واسع النطاق- بعد هجوم صاروخي إيراني وهذا عدد ...
- 25 ألف طائرة ورقية تزيّن سماء جزيرة فانو الدنماركية
- دمى عملاقة تجوب العالم في رحلة فنيّة ضد تغير المناخ
- ترامب يعلن شن ضربات -دمرت بشكل تام وكامل- مواقع نووية إيراني ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - عندما تُنْذِر -الغارديان- ب -أُفول- الديمقراطية في بريطانيا!