أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!














المزيد.....

مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3763 - 2012 / 6 / 19 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الصراع المحتدم الآن (ومنذ بعض الوقت) في مصر بين "إرادة الشعب"، أيْ ما يريده الشعب، وبين "إرادة العسكر"، أيْ ما يريده "المجلس العسكري الأعلى"، نرى، وفي وضوح أشد من ذي قبل، ظاهرة "الصَّنمية (الوثنية) الدستورية"؛ فـ "النَّص الدستوري (مع تفسيره وتأويله)" الذي يخلقه البشر بأيديهم، ومن "طين مصالحهم"، يغدو متعالياً مستعلياً عليهم، وكأنَّه هبط عليهم من السماء، وأتاهم من "الملأ الأعلى"، فيُقدِّسونه ويَعْبدونه، ولو تمادى، مع أربابه وأسياده، في استعبادهم.

لقد ضربوا صفحاً عن "إرادة الشعب"، التي منها جاء وانبثق "البرلمان"، أو "مجلس الشعب"، والتي يتواضعون جميعاً على أنَّها "المَصْدَر (الواحد الأحد)" لسلطات الدولة جميعاً، وللشرعية (التي لا تعلوها شرعية) في عالَم السياسة والحُكْم، مُوَلِّين وجوههم شَطْر هيئة، أو مؤسَّسة، قانونية، تَعْلو، ولا يُعْلى عليها، هي "المحكمة الدستورية العليا"، التي سكتت دهراً، ثمَّ نطقت كُفْراً.

أين كانت هذه المحكمة (التي ألَّهوها بغتةً) في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أدْمَن العَبَث بالدستور، ومسخه مسخاً يَعْجَز سَحَرَة فرعون عن الإتيان بمثله؟!

وأين كانت، وهي التي بدت الآن البصيرة السميعة العليمة، دستورياً، عندما توفَّر الدكتاتور وصَحَبْهِ على خَلْق مجالسٍ للشعب على مثال مصالح لا تَجْتَمع مع المصالح العامَّة، أو مصالح الشعب، إلاَّ كاجتماع الماء والنار، فَرَأيْنا كل "مجلسٍ للشعب" في عهده يتَّسِع للجميع، ولا يضيق إلاَّ بـ "الشعب" فقط؟!

في كلِّ تلك المجالِس لم يَروا من "عوار دستوري" في أسلوب، أو قانون، انتخابها، فيتَّخِذونه سبباً (لا ريب فيه) للحُكْم ببطلانها القانوني، ولِحَلِّها من ثمَّ، فارتضوا العيش زمناً طويلاً في جلبابٍ هو في الأصل لكل شيطانٍ أخرس!

هؤلاء المُوَقَّرون أسبغ الله عليهم نعمة الجَمْع (في شخوصهم) بين صِغَر الرأس وسِعَة الصَّدْر حتى استبدَّ بهم وَهْم أنَّهم سَدَنَة الحقائق الدستورية المُطْلَقَة، لهم آفاق تَتَّسِع لكل شيء، ولا يَسَعها شيء؛ لكنَّهم غابوا غياب البَدْر في الليلة الظلماء (كناية عن عهد الدكتاتور مبارك) فلمَّا تَحَدَّاهم استصغار واحتقار الحاكِم لإرادة الشعب أنْ يَسْتَيْقِظوا، ويُوْقِظوا معهم "ضميرهم الدستوري"، آثروا البقاء في نومهم العميق، وارتضوا الانهزام خياراً؛ ولولا الظِّل منهم، ومن مؤسَّستهم، لَقُلْنا إنَّهم والعَدَم صنوان؛ فَلَم ينتصروا قَطْ لإرادة الشعب ضدَّ إرادة الدكتاتور.

لكن، ما أنْ أوْشَكت إرادة "المجلس العسكري الأعلى الحاكم"، وحلفائه من قوى الثورة المضادة أنْ تُهْزَم شَرَّ هزيمة حتى خرجوا (مع حِسِّهم الدستوري المُرْهَف) من الأجداث سِراعاً، ليَنْتَصِروا لهذه الإرادة ضدَّ إرادة الشعب؛ فيا لها من مهزلة أنْ يُتَّخَذ "الموتى" من رجال الدستور ومؤسَّساته سلاحاً يُقاتِل به المُحْتَضَرون من أجل البقاء!

لقد سَهُلَ عليهم أنْ يَروا، وبـ "العَيْن المُجَرَّدة"، عواراً دستورياً في طريقة انتخاب "مجلس الشعب"، فاستسهلوا تجريد "المجلس" من "شرعيته (الدستورية)"؛ لكن شَقَّ عليهم أنْ يَروا، ولو بالمجهر، عواراً دستورياً في حُكْم "المجلس العسكري الأعلى" للبلاد والعباد؛ فـ "الدستورية (والشَّرْعيَّة)" بعينها أنْ يَحْكُم هذا "المجلس"، ويستمر في الحُكْم، بتكليف من "الرئيس المخلوع"، وأنْ يَجْمَع فيه بين "جمعية تأسيسية" تَكْتُب مشاريع دستورية (على هيئة إعلانات دستورية) وبين "المُقِرِّ" لهذه المشاريع، وهو "الشعب".

ليس من عوار دستوري، على ما رأى "الدستوريون" بعيونهم التي لا تُبْصِر، في أنْ يَنْتَقِل "مجلس طنطاوي"، في إحكام قبضته، من السلطة التنفيذية إلى سلطة إصْدار "الإعلانات الدستورية"، إلى سلطة التشريع؛ وكأنْ ليس من فَرْق دستوري بين أنْ "يتعدَّد الواحد" وأنْ "يُوَحَّد المتعدِّد"؛ فإذا كان "الواحد"، وهو كناية عن "الشعب" بصفة كونه مَصْدَر السلطات جميعاً، يتعدَّد (أو يَتَثَلَّث) في الديمقراطية، وبها، فتتفرَّع منه السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، فإنَّ "التعدَّد (أو المُتَعَدِّد)" هذا يغدو "واحداً أحداً" في "مجلس طنطاوي"، الذي لم يَرَ من تناقُضٍ يُذْكَر بين جَعْلِه الرئيس المُنْتَخَب (مرسي) كملكة بريطانيا وبين إعلانه على الملأ أنَّ "الرئيس" سيمارِس صلاحياته وسلطاته كاملةً؛ فهل من مُعْجِزة أعظم من مُعْجِزة أنْ يحتفظ المرء بالتُّفاحة كاملةً بعدما أكل نصفها؟!

إنَّ كلَّ "الشَّرْعيات" في مصر هي الآن دون "الشَّرْعيَّة الثورية" النَّابتة المُزْهِرة في "ميدان التحرير"، وأشباهه من مواقع الحراك الشعبي الثوري.

حتى "الشَّرْعيَّة" المتأتِّية من "صندوق الاقتراع" هي الآن (و"الآن" هي "ظرف زمان ثوري") وعلى ما أرى دون تلك "الشَّرْعيَّة الثورية".

في هذا "الميدان" لا "بقرات مقدَّسة"، ولا أصنام وأوثان أكانت من بَشَر وهيئات ومؤسَّسات أمْ من نصوص دستورية؛ و"الميدان" يَعْلَم اليوم، وقد تعلَّم من الأُمُوس، أنَّ "نزيل سجن طرَّة" هو نفسه، تقريباً، الحُرُّ الطليق في "المجلس العسكري الأعلى"؛ ولقد حان للصراع السَّافِر الآن أنْ يذهب (وإلى الأبد) بِوَهْم "الجيش (إذا ما كان "المؤسَّسة العسكرية") والشعب يَدٌ واحدة"؛ فإنَّهما يَدان، كلتاهما تَعْمَل في اتِّجاه معاكِس ومضاد للاتِّجاه الذي تَعْمَل فيه الأخرى!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لِنَحْتَفِل بهزيمة شفيق لا بانتصار مرسي!
- لعبة العجوز الداهية طنطاوي!
- لو قرأوا -الدولة والثورة-!
- إيضاحات وردود
- -مأثرة- ماركس التي عَجِزوا عن النَّيْل من إعجازها!
- -دولة المواطَنَة- التي تتحدَّانا أنْ نفهمها!
- -الديمقراطية- ليست -فتوى-!
- العودة إلى 11 شباط 2011!
- حتى يصبح -نفي الرأسمالية- هدفاً واقعياً!
- صراعٌ يَصْرَع الأوهام!
- خَبَرٌ صغير!
- .. إلاَّ انتخاب شفيق!
- مصر.. عودة الوعي وعودة الرُّوح!
- -الحولة-.. صورة حاكمٍ وسُورة شعبٍ!
- -الرَّائي- و-المرئي- في -الرؤية الكونية-
- -العقد شريعة المتعاقدين-.. أهو مبدأ ل -السرقة-؟!
- حتى لا ينتصر شفيق وتُهْزَم مصر!
- إنَّها -المستحيلات الثلاثة- في الكون!
- التفاعل بين -المادة- و-الفضاء-
- في فلسفة اللغة


المزيد.....




- كريم محمود عبدالعزيز كما لم ترونه من قبل في -مملكة الحرير-
- متظاهرو البندقية يزعمون انتصارهم في تغيير مكان حفل زفاف جيف ...
- ترامب يرد على طرح أن إيران نقلت اليورانيوم المخصب قبل ضربة أ ...
- ترامب يُشبه ضربات إيران باستخدام النووي في هيروشيما وناغازاك ...
- دبلوماسي ومفاوض إيراني سابق يحذّر عبر CNN: إذا سعت واشنطن إل ...
- ترامب يُشبّه ضربة إيران بـ -هيروشيما- ويؤكد: أخبار جيدة عن غ ...
- الرئيس الإيراني يعلن -نهاية حرب الـ 12 يوما المفروضة على بلا ...
- بقرار إداري.. هبوط أولمبيك ليون بطل فرنسا سبع مرات إلى دوري ...
- افتتاح فندق إسرائيلي فاخر في حي فلسطيني مسلوب غربي القدس
- 10 أشخاص كانوا خلف تطور الذكاء الاصطناعي بشكله اليوم


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!