|
.. إلاَّ انتخاب شفيق!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3748 - 2012 / 6 / 4 - 14:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"جولة الإعادة (الحاسمة)" لانتخابات الرئاسة المصرية، والمقرَّر أجراؤها يومي السادس عشر والسابع عشر من حزيران الجاري، لا يمكن الحديث عنها من غير ذِكْر عبارة، أو ما يشبه عبارة، "إذا ما أُجْرِيَت (أو إذا ما أُجْرِيَت في موعدها)"؛ فإنَّ ما حَدَثَ في مصر، بدءاً من صدور أحكام ما سُمِّي "محاكمة القرن"، يجعل المرء أكثر ارتياباً، وأشد مَيْلاً إلى سوء الظَّن.
وإلى أنْ يُقْطَع الشَّك بسكِّين اليقين، لا بدَّ للثورة المصرية، التي عادت إلى معقلها في "ميدان التحرير (وأشباهه في سائر مصر)"، من أنْ تُعِدَّ نفسها، وتتهيِّأ، لمواجهة احتمال أنْ تُجْرى هذه الانتخابات في موعدها، وأنْ يكون، أو يظلَّ، قطباها المرشَّحَيْن مرسي وشفيق.
أقول هذا وأنا أعْلَمُ أنَّ هذا الخيار (أو الاحتمال) ليس بالأمثل للثورة المصرية، التي لو استطاعت أنْ تُسيِّر الرياح بما تشتهي سفينتها لألْغَت "جولة الإعادة"، ومنعت شفيق وأشباهه من الترشُّح لانتخابات الرئاسة، التي يجب أنْ تكون، مع نتائجها، جزءاً من عملية "استكمال هَدْم أركان وأُسُس نظام الحكم القديم"، لا جزءاً من عملية مضادة، هي عملية "إنقاذ (أو ترميم، وإصلاح) نظام الحكم هذا"، ولمَضَت قُدُماً، في الوقت نفسه، في عملية التأسيس للدولة الجديدة، ولنظام الحكم الجديد، في "ميدان التحرير"، وبه، مُرْغِمَةً "المجلس العسكري الأعلى (الحاكم)"، في آخر المطاف، على نقل السلطة كاملةً منه إلى هيئات السلطة الثورية الجديدة التي تكوَّنت في رَحْم هذا الميدان.
إذا كان ذاك هو "الخيار الأمثل"، من وجهة نظر ثورية، فإنَّ "الخيار الأسوأ"، والذي ينبغي للثورة المصرية اجتنابه، وعدم الأخذ به، هو أنْ تَقِف بعض قواها موقفاً من "القطبين" يمكن أنْ يعود بالنفع والفائدة، انتخابياً، على مرشَّح العهد البائد شفيق؛ فإنَّ كل اعتراضٍ على المرشَّح الآخر مرسي، وكل خوفٍ وتطيُّر من أنْ يقع منصب الرئاسة في قبضة "الإخوان المسلمين"، يجب ألاَّ يُتَرْجَم بتصويت ناخبين مؤيِّدين للثورة لمصلحة شفيق؛ فهذا التصويت هو المحظور الأوَّل ثورياً الآن.
إنَّ كل طرفٍ يَنْظُر إلى نفسه على أنَّه جزء من الثورة، أو تَنْظُر الثورة إليه على أنَّه جزء منها، ينبغي له، في هذه الساعة الثورية، أو السياسية ـ التاريخية، الحاسمة، أنْ يَدْعو علانية إلى عدم التصويت لمصلحة شفيق.
بعد ذلك، وانطلاقاً من ذلك، تَبْذُل قوى الثورة جميعاً "محاولتها الأخيرة" للاتِّفاق الذي من شأنه أنْ يجعل المرشَّح مرسي مختلفاً عمَّا كان، وبما يجعله هذا الاختلاف (الضروري والحيوي) مرشَّحاً رئاسياً هو الأقرب إلى الثورة، بمبادئها ومطالبها وغاياتها.
والسبيل إلى ذلك هو الاتِّفاق، أيْ أنْ يتَّفِقوا جميعاً على وثيقة للعهد الجديد، تُضمَّن من المبادئ (والنصوص) ما يكفل جعل مصر الجديدة دولة مدنية ديمقراطية، ويجعل حُكْم الإسلاميين (بصرف النَّظَر عن مستواه الرسمي) غير متعارِضٍ مع مقوِّمات هذه الدولة.
وحِرْصاً على ديمقراطية هذه الدولة، ونظام الحكم الجديد، حاضراً ومستقبلاً، لا بدَّ للاتِّفاق من أنْ يشمل، أيضاً، مبادئ (ونصوصاً) تَحُول بين منصب الرئيس وبين تحوُّله إلى سلطة استبدادية أُوتوقراطية؛ فالرئيس، ومهما كان اسمه أو جنسه السياسي والفكري، يجب ألاَّ يملك من السلطات والصلاحيات ما يسمح له بالنَّيْل من قوَّة سُلْطة الحكومة، وسُلْطة البرلمان، وسُلْطة القضاء "الجديد"، وسُلْطة الإعلام والصحافة؛ وأحسبُ أنَّ وجود "مجلس رئاسي" هو الآن خير شكل لمؤسَّسة الرئاسة.
هذا الاتِّفاق، أو ما يشبهه، هو "الثَّمَن" الذي ينبغي لجماعة "الإخوان المسلمين"، ولسائر قوى وأحزاب "الإسلام السياسي"، دفعه الآن إذا ما أرادات، أو إذا ما أُريد، جَعْل المرشَّح الرئاسي مرسي "مرشَّح الثورة"، يُدْعى الناخبون المؤيِّدون للثورة إلى التصويت لمصلحته.
أمَّا إذا رَكِبَت جماعة "الإخوان المسلمين" رأسها، وأبَت واستكبرت، فلا خيار ثورياً، عندئذٍ، إلاَّ الخيار المزدوج الآتي: دعوة الناخبين المؤيِّدين للثورة إلى عدم التصويت لمصلحة شفيق، وتَرْك الناخب يختار في حرِّيَّة بين أنْ يصوِّت لمصلحة مرسي أو أنْ يلازِم بيته يوم الاقتراع.
إيَّاكم والانخداع بالمرشَّح شفيق؛ فهذا الجنرال (ابن العهد البائد) لا يضيره الآن أنْ يُضمِّن "برنامجه الانتخابي"، وأشباهه، كل شعارٍ (أو فكرة، أو عبارة) تَقَع موقِعاً حسناً من نفوس ناخبين مؤيِّدين للثورة؛ لكن متطيِّرين من "الإخوان المسلمين"، ونفوذهم وسلطانهم؛ فغايته الآن هي الفوز بمنصب الرئاسة ولو كانت الوسيلة هي الكذب والتضليل والخداع.
وإيَّاكم أنْ تُفضِّلوه على المرشَّح مرسي بدعوى أنَّ التعامُل معه، والصراع ضدَّه، إذا ما أصبح رئيساً، أسهل وأيسر؛ فهذا الجنرال تَقِفُ وراءه، وتدعمه، قوى ليس التعامُل معها، والصراع ضدَّها، من السهولة واليسر الذي يَظُنُّون أو يتوهَّمون؛ فهل نسيتم الصراع المرير الذي خاضه "المجلس العسكري الأعلى (الحاكم)"، وهو إحدى تلك القوى، من أجل أنْ يُبْقي الحُكْم في قبضة العسكر؟!
إنَّني ضدَّ حُكْم جماعة "الإخوان المسلمين"؛ لكنَّ هذا لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، جَعْل هذا التطيُّر من حُكْم "الإسلام السياسي" سبباً لانتخاب "نظام حُكْمٍ" قامت الثورة من أجل إطاحته والقضاء عليه!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر.. عودة الوعي وعودة الرُّوح!
-
-الحولة-.. صورة حاكمٍ وسُورة شعبٍ!
-
-الرَّائي- و-المرئي- في -الرؤية الكونية-
-
-العقد شريعة المتعاقدين-.. أهو مبدأ ل -السرقة-؟!
-
حتى لا ينتصر شفيق وتُهْزَم مصر!
-
إنَّها -المستحيلات الثلاثة- في الكون!
-
التفاعل بين -المادة- و-الفضاء-
-
في فلسفة اللغة
-
فساد الكِتَابة!
-
لويس السادس عشر يُبْعَثُ عربياً!
-
فكرة -الرُّوح- وكيف شَقَّت طريقها إلى رأس الإنسان
-
مرَّة أخرى وأخيرة في محاورة -أعداء ماركس-!
-
أعداء ماركس.. على هذه الشاكلة!
-
-موتى- يَنْعُون -الماركسية-!
-
في -حُرِّيَّة التعبير-
-
دَعْهُمْ يَخْتَبِرون أوهامهم!
-
-المجلس العسكري- يخوض -معركة الرئيس-!
-
-الحياة- فلسفة!
-
-الإحساس- من وجهة نظر -مادية جدلية-
-
في هذا يكمن -سِرُّ قوَّته-!
المزيد.....
-
ماكرون يتشدد.. منحدر جديد في العلاقات الفرنسية الجزائرية
-
ما تداعيات قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله وما هي خ
...
-
ما حجم التقدم في مباحثات ويتكوف وبوتين لإنهاء حرب أوكرانيا؟
...
-
رغم فرضه عقوبات على روسيا.. البيت الأبيض: ترامب مستعد للقاء
...
-
اصطحبت طفليها إلى الشاطئ.. ابنة هالك هوغان تفسّر سبب عدم حضو
...
-
موجات الحرّ -تفتك- بإسبانيا: تسجيل أكثر من ألف حالة وفاة خلا
...
-
الجيش السوداني يعلن إسقاط طائرة إماراتية -محملة بمقاتلين أجا
...
-
200 منظمة خيرية ووكالات أممية تدعو إسرائيل لإلغاء تشريع
-
جنوب أفريقيا تدعو العالم للاعتراف بفلسطين ووقف الإبادة الجما
...
-
تعرف على 5 تحف معمارية تزين الرباط
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|