أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد البشيتي - التفاعل بين -المادة- و-الفضاء-















المزيد.....

التفاعل بين -المادة- و-الفضاء-


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3731 - 2012 / 5 / 18 - 21:09
المحور: الطب , والعلوم
    




الفيزيائي جون ويلر أحْسَن تلخيص الصلة المتبادلة، أو التفاعل، بين "المادة" و"الفضاء"، إذ قال إنَّ "المادة" تُشير على "الفضاء" كيف يكون، أو كيف يتغيَّر، هندسياً؛ أمَّا "الفضاء (الذي تغيَّر هندسياً)" فيُشير على "المادة" كيف تتحرَّك (فيه).

لكنَّ هذه الصلة المتبادلة، وعلى وضوحها من حيث المبدأ والأساس، ما زالت، في كثيرٍ من تفاصيلها وأوجهها، تتَّسِم بالغموض والإبهام؛ وأحسبُ أنَّ من الأهمية والضرورة بمكان أنْ يتوفَّر الفيزيائيون من القائلين بنظرية "النسبية العامة" لآينشتاين، والتي هي نظريته في "الجاذبية (والتسارع)"، على شَرْح وتفسير ظواهر الجاذبية، التي شرحها وفسَّرها نيوتن من قبل، استناداً إلى "النسبية العامة"، وإلى "انحناء (وتقوُّس) الزمان ـ المكان (أو الزمكان Spacetime)"؛ فإنَّ بعض ظواهر الجاذبية لم يُتَرجَم بَعْد بلغة "النسبية العامة".

إنَّنا نَعْرِف، مثلاً، أنَّ الشمس هي جسم متماسِكة أجزاؤه (متَّحِدة) بـ "الجاذبية"؛ فكيف نَفْهَم ونُفَسِّر هذه الظاهرة (تماسُك الشمس) بما يوافِق فكرة "انحناء الفضاء"؛ ما دامت "الجاذبية" هي ما يَنْتُج من هذا الانحناء؟

دَعُونا نُفَكِّر، أوَّلاً، في "الكتلة" Mass؛ فـ "الكتلة"، ولجهة وجودها في بعض الجسيمات، كجسيم الإلكترون، ما زالت سؤالاً لم يُجَبْ عنه، فيزيائياً، بَعْد بما يفي بالغرض، وهو انتهاء السؤال نفسه.

"المادة" Matter، ومهما كان نوعها، تتحرَّك في المكان، أيْ تنتقل من نقطة إلى أخرى، أو من موضع إلى آخر؛ ولهذا الانتقال، أو "السَّيْر، في المكان، أو الفضاء، "سرعته"؛ فليس من انتقال في المكان إلاَّ ويَسْتَغْرِق "زمناً"؛ وأنتَ تقول، على سبيل المثال، إنَّ هذه الكرة قد انتقلت من هذا الموضع إلى ذاك بسرعة خمسة أمتار في الثانية الواحدة، أيْ أنَّها تقطع مسافة خمسة أمتار كل ثانية.

واستناداً إلى "السرعة القصوى (في الكون)"، وهي سرعة الضوء، يمكننا تمييز "المادة ذات الكتلة (كجسيم الإلكترون)" من "المادة عديمة الكتلة (كجسيم الفوتون)"؛ فالمادة التي لها كتلة (أيْ التي لها "كتلة سكونية") لا يُمْكِنها أبداً أنْ تبلغ بسرعتها المتزايدة سرعة الضوء (أو أنْ تفوقها).

وهذا إنَّما يعني أنَّ "الكتلة" هي خاصية فيزيائية تَمْنَع بعض المادة (الأجسام، وبعض أنواع الجسيمات) من أنْ تَصِل بسرعتها المتزايدة إلى السرعة "300 ألف كم/ث".

وإنَّ وجود "مادة ذات كتلة (كالإلكترون)"، قد يَحْملنا على التساؤل عن "السبب"، أيْ عمَّا جَعَلَ لمادة ما هذه الخاصية (الكتلة).

لِنَعْدْ الآن إلى التفاعل بين "المادة" و"الفضاء"، وَلْنَبْدأ من "النجم"؛ فهو، "الحَجَر" في "بُنْية المجرَّة".

النجم، في أصله ومنشأه، إنَّما هو "سحابة" من مواد (جسيمات) لها كُتَل، كالبروتونات والنيوترونات والإلكترونات؛ وهذه الجسيمات نراها متَّحِدة في ذرَّات، أو في نوى ذرَّات، من عنصري الهيدروجين والهيليوم.

ومِنْ استجماع وحشد وتركيز هذه المواد، أو الجسيمات، التي لها كُتِل، في حيِّز أصغر، تتهيَّأ الشروط الفيزيائية لولادة النجم بكتلته الضخمة، والتي هي، في الأساس، الحاصِل من جَمْع كَتَل هذه الجسيمات.

و"الجاذبية" هي ما يُجَمِّع هذه الكُتَل الجسيمية، ويُركِّزها في حيِّز أصغر؛ وهي، من ثمَّ، ما يُفسِّر "الكتلة الضخمة" للنجم الوليد.

تلك "السحابة" كانت "أجزاءً"؛ وهذه "الأجزاء" لم تكن متماثِلة، كتلةً وحجماً وكثافةً؛ وقد ترتَّب على ذلك أنَّ "الجزء الأعظم كتلةً، الأشد كثافة"، حَفَرَ حُفْرَةً، هي الأكبر والأعمق، في فضائه؛ وكأنَّه كرة معدنية ثقيلة، وُضِعَت في وسط ملاءة من المطَّاط، مرتفعة عن سطح الأرض، ومشدودة من أطرافها الأربعة.

تخيَّل أنَّكَ جئتَ بكمية من المادة، أو من هذه المادة الجسيمية والذرِّية، وأَلْقَيْتَ بها في موضِع من الفضاء؛ فما هي النتيجة التي تترتَّب حتماً على ذلك؟

إنَّها "الحفرة (الفضائية)"؛ فهذه الكمية تَحْفُر حُفْرَةً في الفضاء الذي أُلْقِيَت به، تتناسب، لجهة حجمها واتِّساعها وعمقها، مع كمية المادة المُلْقاة، فكلَّما زادت هذه الكمية عَظُمَت الحفرة (التي هي حُفْرَة في أبعاد المكان الثلاثة؛ وفي البُعْد الكوني الرابع أيضاً وهو "الزمان").

وتخيَّل، أيضاً، أنَّ كميات أخرى من المادة نفسها تَنْتَشِر على مقربة من هذه الحفرة، وفي جوارها؛ فكيف يتسبَّب هذا بزيادة حجم الحفرة وعمقها؟

إنَّ كمية صغيرة من المادة الموجودة حَوْل "الحُفْرة"، أو التي تسير على مقربة منها، تسقط سقوطاً حُرَّاً في هذه "الحُفْرَة"، فتنمو "الكتلة المركزية"؛ ويستمر "السقوط الحر"، فيَعْظُم نموِّ هذه الكتلة.

لو أنَّ جسماً أتى من الفضاء البعيد، وأصبح على مقربة من "الحُفْرَة (الفضائية)"، التي هي "انحناء في الفضاء"، أو "فضاء مُنْحَنٍ"، فإنَّ هذا الجسم قد يسقط سقوطاً حُرَّاً في منحدَر هذه الحفرة، فيصطدم بـ "الكتلة المركزية"، مُنَمِّياً إيَّاها من ثمَّ؛ أو قد يَقَع في أسْر مدار من مداراتها، فيشرع يدور حولها؛ فالمدار إنَّما هو منحنى فضائي يمنع هذا الجسم من الذهاب بعيداً في الفضاء.

من طريق "الالتهام"، أو من طريق "الأسر"، تنمو "الكتلة المركزية"؛ وكلتا الطريقين تُمثِّل النتيجة المترتبة حتماً على انحناء الفضاء، أو "الحُفْرَة" التي حفرتها في الفضاء تلك الكمية (من المادة) المُلْقاة فيه، بحسب مثالنا التخيُّلي، والذي فيه رأيْنا كيف يتغيَّر الفضاء هندسياً بالمادة "المُلْقاة" فيه، وكيف يؤثِّر هذا التغيير الهندسي بحركة الأجسام فيه.

وهذا التغيير في حركة الأجسام قد يؤدِّي إلى سقوط تلك الأجسام نحو "الكتلة المركزية"، أو إلى الأسر المداري لها، فتنمو تلك الكتلة، وتتغيَّر، من ثمَّ، هندسة الفضاء؛ وليس لهذا "التفاعل"، أو "التأثير المتبادل"، بين "المادة" و"الفضاء"، من نهاية.

وينبغي لنا أنْ نَفْهَم "الكتلة المركزية"، والتي هي كتلة نجم مثلاً، على أنَّها "مادة في حالة الانهيار المكبوح (أو المُقاوَم)"؛ فمادة النجم (والمادة على وجه العموم، وعلى ما أحسب) هي في مَيْلٍ دائم (طبيعي، فطري) إلى الانهيار على نفسها؛ لكنَّ هذا الانهيار يتَّحِد دائماً اتِّحاداً لا انفصام فيه مع قوى تقاومه وتَضادُّه؛ فإنَّ نواة النجم لا تنكمش من غير أن تتولَّد فيه، في الوقت نفسه، قوى تُقاوِم وتَكْبَح هذا الانهيار؛ فإذا اسْتُنْفِدت "المقاوَمة"، ونضبت مصادِر "الضغط الحراري"، اشتدَّ وعَظُم المَيْل إلى الانهيار؛ وقد يؤدِّي هذا الانهيار (لمادة النجم على نفسها) إلى ولادة "نجم نيوتروني"، أو "ثقب أسود"، بحسب كتلة النجم.

إنَّ نواة النجم كالقَلْب في انقباضه وانبساطه، فهي لا تنقبض إلاَّ لتنبسط، ولا تنبسط إلاَّ لتنقبض؛ وفي آخر المطاف، يتوقَّف "القَلْب" عن العمل، فتنهار مادة النجم على نفسها.

ومع هذا الانهيار، الذي يأتي بجسم عظيم الكثافة، يَعْرِف الفضاء (الذي فيه وَقَع الانهيار) مزيداً من التغيير في بنيته وخواصه الهندسية، ويَعْظُم انحناء هذا "الزمكان".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في فلسفة اللغة
- فساد الكِتَابة!
- لويس السادس عشر يُبْعَثُ عربياً!
- فكرة -الرُّوح- وكيف شَقَّت طريقها إلى رأس الإنسان
- مرَّة أخرى وأخيرة في محاورة -أعداء ماركس-!
- أعداء ماركس.. على هذه الشاكلة!
- -موتى- يَنْعُون -الماركسية-!
- في -حُرِّيَّة التعبير-
- دَعْهُمْ يَخْتَبِرون أوهامهم!
- -المجلس العسكري- يخوض -معركة الرئيس-!
- -الحياة- فلسفة!
- -الإحساس- من وجهة نظر -مادية جدلية-
- في هذا يكمن -سِرُّ قوَّته-!
- -أزمة- مصر تكمن في عدم اكتمال ثورتها!
- ما لَمْ يُقَلْ في -القرية العالمية-!
- -سادات- يلبس عمامة!
- عندما يُحْظَر قيام أحزاب -على أساسٍ ديني- في الأردن!
- معنى أنْ يزور نجاد -أبو موسى- الآن!
- الديمقراطية -الفَرْدية-.. الأردن مثالاً!
- -خُطَّة عنان-.. من -القبول النَّظري- إلى -الرَّفض العملي-!


المزيد.....




- أجمل أغاني لولو والنونو.. استقبل الان تردد قناة وناسة أطفال ...
- نزلها الأن ..تردد قناة بداية 2024 عبر القمر الصناعي نايل سات ...
- الإمارات.. منازل وطرقات مغمورة بالمياه جراء أسبوع قياسي من ا ...
- سواء كان رملًا أو ثلجًا أو صخورًا.. ناسا تدرب كلبًا آليًا لا ...
- معضلة تناول الإعلام الألماني لليمين الشعبوي: التجاهل أم التع ...
- ناسا تحقق اكتشافا على المريخ قد يكون علامة على وجود -كائنات ...
- -ستوكس 600- عند أعلى مستوى في أسبوع بدعم من أسهم التكنولوجيا ...
- أب عراقي يشتكي شركة نفط بريطانية بعد وفاة ابنه بسرطان الدم
- حبوب منع حمل ذكورية.. هل يُقبل الرجال عليها؟
- تراجع أرباح الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال 21% في 2023 ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد البشيتي - التفاعل بين -المادة- و-الفضاء-