أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -دولة المواطَنَة- التي تتحدَّانا أنْ نفهمها!














المزيد.....

-دولة المواطَنَة- التي تتحدَّانا أنْ نفهمها!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3755 - 2012 / 6 / 11 - 13:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



"دولة المواطَنَة"، أيْ التي فيها يتساوى المواطنون جميعاً في الحقوق جميعاً، إنَّما تُقاس، على وجه الخصوص، بالموقف من "الآخر (من المواطنين)"، المُخْتَلِف عنكَ، المُخالِف لكَ؛ وإنَّ من الأهمية بمكان أنْ نَفْهَم "الموقف من الآخر" على أنَّه، في المقام الأوَّل، موقف "الدولة" نفسها من أفراد وجماعات وأحزاب.. وَقَفوا من "الآخر" موقفاً يتنافى ومبدأ "تساوي المواطنين جميعاً في الحقوق جميعاً"؛ فهذا المواطِن (مثلاً) قد يتطاول على حقٍّ من حقوق "الآخر"، أيْ على حقٍّ من حقوق "مواطِن آخر"؛ لكونه مختلفاً عنه في ناحية، أو مخالِفاً له في رأي أو مُعْتَقد، فيتعيَّن، عندئذٍ، على "دولة المواطَنَة" أنْ تَنْتَصِر، قانونياً، لهذا ضدَّ ذاك (المتطاوِل المعتدي).

و"دولة المواطَنَة"، إنْ قامت، فلن تكون كشيءٍ "مُكْتَمِل الصُّنْع"، لا تنطوي على تناقُض، ولا يَعْتَمِلُ فيها صراع؛ فإنَّها (مع أفرادها وجماعاتها وأحزابها..) تظلُّ (وينبغي لها أنْ تظل) في مَيْلَيْن متضادين متصارعين متَّحِدَيْن اتِّحادا لا انفصام فيه؛ مَيْل معها، ومَيْلٌ ضدَّها؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ منسوب "دولة المواطَنَة" في "الدولة (والمجتمع)" عُرْضَة دائماً للتغيير، زيادةً أو نقصاناً؛ فهي، أيْ "دولة المواطَنَة"، لا تقوم، ولا تستمر، ولا تنمو وتتطوَّر، إلاَّ في الصراع، وبالصراع، ضدَّ كل ما يتنافى ووجودها، وضدَّ كل من يمثِّل هذه "المنافاة".

وإيَّاكم أنْ تَظُنُّوا أنَّ "الدولة" نفسها يمكن أنْ تكون بمنأى عن هذا الصراع، أو منزَّهة عن كل تعصُّبٍ يتنافى و"دولة المواطَنَة"، شكلاً ومضموناً؛ فهذا الظن وَهْمٌ يَلْفُظُه الواقع السياسي والقانوني والإداري والاقتصادي والاجتماعي.. الموضوعي لـ "الدول"، وإنْ استبدَّ بعقول كثير من الناس (أفراداً وجماعات).

إنَّ المساواة (الدستورية والقانونية) في الحقوق بين المواطنين جميعاً لا يُمْكِن فَهْمَها إلاَّ على أنَّها "القرين" لـ "انتفاء المساواة في أوزانهم الواقعية"؛ وهذا التناقض هو ما يُفسِّر ما تبديه "الدول" من انحيازٍ وتعصُّبٍ يتنافى و"دولة المواطَنَة"، التي، على ما أوضحنا، ليست بالشيء "المُكْتَمِل الصُّنْع"؛ فهي من طريق الصراع تأتي، ومن طريقه تستمر وتقوى وتتوطَّد.

و"دولة المواطَنَة"؛ وهذا ما ينبغي لكلِّ حزب سياسي يريد، أو له مصلحة في، أنْ يلبس لبوس "الدِّين" أنْ يفهمه، ولا يُنْكِره، إنَّما هي "ظاهرة دنيوية خالصة"، بينها وبين "الدِّين" برزخ لا يبغيان؛ وهي لا تستقيم، معنىً وواقعاً، إلاَّ إذا أدركَ كل مواطِن أنَّ لـ "الآخر (من المواطنين)" ما له من "حقوق"، وعليه ما عليه من "واجبات"؛ فلا فَرْق بينهما إلاَّ في درجة التزام كليهما هذا المبدأ الأوَّل لـ "دولة المواطَنَة".

وثمَّة من يَفْهَم "الحق" بما يجعله يقف موقفاً سلبياً من "دولة المواطَنَة"، أيْ من الدولة التي يتساوى مواطنوها جميعاً في الحقوق جميعاً؛ فيتساءل (على سبيل المثال) في دهشة واستغراب قائلاً: "كيف لمجتمع مُسْلِم (أيْ غالبية أبنائه من المسلمين) أنْ يَقْبَل أنْ يسوس أموره مواطِن غير مسلم، عملاً بمبدأ تساوي المواطنين جميعاً في الحقوق جميعاً؟!". إنَّه، في فَهْمِه هذا، كمثل من فَهِم "الحق في الطَّلاق" على أنَّه "وجوب وقوع الطَّلاق"!

حتى "الآخر" في معناه المنافي والمضاد لـ "الدِّين" لم يُحْسِن بعضنا فَهْمه، ضارباً صفحاً عن "الأهمية الفكرية الكبرى" لضديد الأديان من العقائد والأفكار في تطوُّر الأديان نفسها؛ فالفكر الدِّيني، في كثيرٍ من محتواه وشكله، هو ثمرة حوار وجدال مع هذا الضديد؛ وإنِّي لأرى ضَرْباً من المستحيل في أنْ يبقى أحدهما ويفنى الآخر؛ فكلاهما يأتي ويتطوَّر من صراعٍ فكري يخوضه ضدَّ الآخر؛ فإذا تغلَّب أحدهما (وتفوَّق) على الآخر، فإنَّ من السخافة بمكان أنْ يُفْهَم هذا "التغلُّب" على أنَّه فناء للآخر؛ فاتِّحادهما الذي لا انفصام فيه إنَّما يعني أنَّ هذين النقيضين لا "خيار" لهما إلاَّ "العيش معاً أو الفناء معاً".

في "عالَم السياسة" الخاص بـ "الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة"، والتي هي في معنى من معانيها الجوهرية "دولة المواطَنَة"، لا سيادة (لحزب) إلاَّ من طريق "صندوق الاقتراع الديمقراطي الشَّفَّاف"؛ وفي "عالَم الفكر" الخاص بها أيضاً، لا سيادة لفكرٍ إلاَّ من طريق الإقناع والاقتناع، ومن طريق الحوار والجدال (والصراع الفكري الذي لا سلاح يتسلَّح به إلاَّ الحُجَّة).

و"السيادة (السياسية والفكرية) بالقسر والإكراه" إنَّما هي غاية (ومطلب وحاجة) كل من تَعُوزُهُ "أهلية القيادة" و"أهلية المنطق".

في عالميها هذا وذاك، يرتفع، في استمرار، منسوب الشفافية، فيتلاشى الفرق بين ظاهرنا وباطننا، وينتهي زمن الخداع والانخداع؛ لأنَّ أحداً لا يقوى على خداع أحد، وتغدو "السيادة" دعوةً إلى أنْ يتعلَّم أصحابها الأهم من إحرازها، ألا وهو "الاحتفاظ بها"؛ وهذا في حدِّ ذاته يكفي سبباً للحرص على أنْ نبقى دائماً أبناءً للحياة، بحقائقها جميعاً، والمتناقضة لوناً وطعماً ورائحةً..؛ فالوَهْمُ، بممالكه وسجونه، يختفي ويتلاشى مع اختفاء وتلاشي المصالح والحاجات التي تسقيه وتغذِّيه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الديمقراطية- ليست -فتوى-!
- العودة إلى 11 شباط 2011!
- حتى يصبح -نفي الرأسمالية- هدفاً واقعياً!
- صراعٌ يَصْرَع الأوهام!
- خَبَرٌ صغير!
- .. إلاَّ انتخاب شفيق!
- مصر.. عودة الوعي وعودة الرُّوح!
- -الحولة-.. صورة حاكمٍ وسُورة شعبٍ!
- -الرَّائي- و-المرئي- في -الرؤية الكونية-
- -العقد شريعة المتعاقدين-.. أهو مبدأ ل -السرقة-؟!
- حتى لا ينتصر شفيق وتُهْزَم مصر!
- إنَّها -المستحيلات الثلاثة- في الكون!
- التفاعل بين -المادة- و-الفضاء-
- في فلسفة اللغة
- فساد الكِتَابة!
- لويس السادس عشر يُبْعَثُ عربياً!
- فكرة -الرُّوح- وكيف شَقَّت طريقها إلى رأس الإنسان
- مرَّة أخرى وأخيرة في محاورة -أعداء ماركس-!
- أعداء ماركس.. على هذه الشاكلة!
- -موتى- يَنْعُون -الماركسية-!


المزيد.....




- سجال حاد بين أمريكا وألمانيا بعد اتهام برلين بـ-الاستبداد-
- كيف أصبحت الهوية الكشميرية -لعنة- على أصحابها؟
- أكسيوس: اتفاق قريب بشأن إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة
- إسرائيل تشن7 غارات على محيط دمشق وترسل مقاتلاتها فوق أجواء ح ...
- البنتاغون يعلن عن نجاح تجربة نموذج أولي لصاروخ فرط صوتي بحري ...
- الجيش البريطاني يمنع قواته من إطلاق طائرات مسيرة أثناء التدر ...
- الاستخبارات الأمريكية تنشر فيديو للتغرير بمسؤولين صينيين على ...
- أكبر حصيلة منذ 15 عاما.. وفاة 216 طفلا بموسم الإنفلونزا هذا ...
- إدارة ترامب تعتزم تسريح 1200 موظف في وكالة الاستخبارات المرك ...
- كبرى شركات الأحذية الأمريكية تحث ترامب على رفع الرسوم الجمرك ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -دولة المواطَنَة- التي تتحدَّانا أنْ نفهمها!