جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3682 - 2012 / 3 / 29 - 19:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هذا حديث نبوي شغل فكري وظني طوال حياتي ولم أجد عليه جوابا من كافة المسلمين المختصين بالمشيخة والدروشة وعلم الحديثٍ ,وأنا مهتم به لأن الدولة مهتمة به وتعتمد في حصارها على المثقفين بالاستناد إلى سمعة المثقف في حارته التي يقطن بها فإن قيل عنه بأنه لا يصلي فإن اضطهاده واجب وتكفيره واجب وإن صعب الأمر عليهم بمضايقته فإنهم يلجئون غالبا إلى مد العون له في النقود فإن أخذ نقودا واستمر بكفره فإنه على الأغلب لا ينجو من التصفية السياسية,وعلى كل حال هذا طرف خيط يقودنا إلى قضية أخرى فيها مفارقات سياسية ودينية وأهم شيء يلفت الانتباه في هذا الحديث النبوي هو أن الدولة مهتمة به والمواطن العربي لا يعرف عنه شيئا.
والغريب في الموضوع أن معظم الفقراء من المسلمين الذين سمعوا بالحديث من فمي آمنوا ببعض التفاسير له الارتجالية,والأغنياء رفضوا أن يؤمنوا بهذا التفسير أسفاً ,أي أن الفقراء قالوا كلاما والأغنياء قالوا كلاما آخر بل ارتجلوا كلاما غير مفهوم,وكل واحد منهم يريد أن يفهم الحديث بما يتمشى مع مصالحه الذاتية .
ولم أسأل طوال حياتي أو تقريبا منذ سنة 1995م حتى اليوم شيخا إسلاميا عن هذا الحديث الصحيح إلا وانقسم الشيوخ على بعضهم إلى فرقٍ دينية متعددة ,وقال بعضهم لا أعرفه ولم أسمع به ,وقال الذين يريدون نفعا ماليا:يا ريت سمعنا به من قبل,وأنا محتار جدا وعندي اعتقاد أن الأجهزة الحكومية تخفي هذا الحديث وتمنع أجهزة الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية من ذكره لأنه يفتح أبوابا مغلقة على الرأسماليين المسلمين الذين يكنزون الذهب والفضة لكي يحرقهم الله بها يوم القيامة.
ورغم أن الحديث مرتبط بأسباب نزول الآية التالية من سورة النساء(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفرُ ما دون ذلك) غير أن كل من يقرأ في القرآن لا يعرف هذا الحديث والسبب أن المسلم يقرأ القرآن دون أن يتفكر بمعاني الآيات القرآنية,والحديث أيضا ورد في كافة كتب التفاسير التي فسرت القرآن, ولكن ما السر الذي يجعل شيوخ الإسلام ينكرون سماعهم بهذا الحديث,؟وما السر الذي يجعل الناس منقسمة على تفسيره حين أثيره أنا في الجلسات العائلية العامة أو إن التقيت صدفة بمجموعة من شيوخ الدين,فأقربائي الأغنياء ينكرون التفسير الذي يؤدي بهم إلى إنفاق مالهم على الفقراء, وهنالك من قال :نعم, سمعته وهو حديث صحيح وسنده قوي ,ولكن كل هؤلاء عجزوا أن يفسروا لي الجملة التالية به: (فاستو هبه منه وإن أبى فابتعه منه) والحديث هو :
عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: إن لي ابن أخٍ لا ينتهي عن الحرام. قال «وما دينه ؟» قال: يصلي ويوحد الله تعالى. قال «استو هب منه دينه, فإن أبى فابتعه منه» فطلب الرجل ذاك منه فأبى عليه, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره, فقال «وجدته شحيحاً في دينه» قال: فنزلت {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) انتهى الحديث.
وقال لي بعض أأمة المساجد الذين صادفتهم بأن معنى (استوهبه منه )أي اجعله يستقيم في حياته بدون مقابل طالما أنه يصلي ويوحد الله,وهؤلاء المفسرون الذين فسروه هكذا جُلهم من البخلاء,وقال لي البعض(ابتعه منه)أي إن أبى أن يهبك دينه بلا عطية ادفع له مبلغا كبيرا من المال فلعله يفعل المعصية ويرتكبها بسبب ضيق الحال والفقر المدقع,والذين قالوا ذلك هم من كرماء النفس,وأنا مقتنع بهذا التفسير للحديث رغم أن كافة شيوخ المساجد قد أنكروه وقالوا لا يجوز دفع المال لكي يستقيم الرجل ويكف عن الحرام,لأن من يؤمن بالله يؤمن لنفسه ومن كفر فعليها,وقال البعض:خطية المؤمن الذي يرتكب المعصية مقابل حصوله على المال لا تقع عليه بل على الرأسماليين الأغنياء من المسلمين,وأنا من مؤيدي هذا الرأي وأعملُ به, وقال الغالبية ممن سألتهم بأن المعنى في الأصل عدم الدفع ومن المحتمل أن يكون تفسير هذه الجملة تفسيرا آخر أي أن معنى(ابتعه منه) النصيحة أي مرة أخرى أن تنصحه وهؤلاء المفسرون معظمهم من البخلاء,وبصراحة أنا غير مقتنع بمثل هذا التفسير والصحيح أن تدفع له مالا,لأن غالبية المسلمين اليوم من المنحرفين عن الطريق الصحيح ينحرفون لأنهم بحاجة إلى المال,فالسارق البسيط يسرق لأنه بحاجة إلى المال,والذي يقود عصابة من العاهرات وهو يوحد ويصلي ,يفعل ذلك لأنه بحاجة إلى المال,وسبب إخفاء المسلمين لهذا الحديث هو أنهم لا يريدون أن ينفقوا من أموالهم ولا يريدون الهداية للناس لأنهم مستفيدون من فقر الفقراء ومن انحرافاتهم السلوكية التي لا يرضى عنها أحد.
وغالبية أصحاب رؤوس الأموال لا يذكرون هذا الحديث لأنهم لا يريدون أن يدفعوا من أموالهم للمسلمين على الإطلاق,بل يريدون من الفقراء أن يدفعوا لهم ويريدون من مليون فقير أن يدفعوا لرجل مسلم واحد من أموالهم لكي يزداد ماله وسلطانه,ولو أخذت الدول العربية الإسلامية بهذا الحديث لانتهت لدينا مشاكل الفقر والعازة والانحرافات الجنسية والأخلاقية والاقتصادية ولكف المسلمون الفقراء عن سرقة بعضهم وعن شهادة الزور وعن قطع الطريق في الليل والنهار.
المسلمون اليوم لا يعملون بالدين ولا يعملون لا بالسنة ولا بالحديث ويبغونها عوجا وخصوصا المسلمين الرأسماليين الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله,وأنا سمعت أغلبهم وهم يقولون(شو أدفع للزاني صدقة؟)وقال الآخرون منهم(شو أدفع لهذا صدقة؟الذي يسرق!) وفي الحقيقة لو دفعوا للذي يسرق لكف يده عن السرقة ولو دفعوا للعاصي لكف نفسه عن المعصية فأغلب المسلمون فقراء وبحاجة إلى المال.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟