جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3680 - 2012 / 3 / 27 - 20:18
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
كثيرا ما أسمع الأجهزة الإعلامية العربية وهي تقول:فلسطين عربية وستبقى عربية,وأنا لا أنكر ذلك,ولكن لماذا لم ترد هذه الكلمة في القرآن الكريم؟,المسألة يا إخواني ليست بسيطة وهي ليست كصحن الحمص الذي أُختلف على صناعته وعلى أول من ابتكره هل هم اللبنانيون أم هم الإسرائيليون؟لا,المسألة مسألة مصيرية وستعاني منها الأجيال القادمة.
في سنة 1996م طلبت مني سيدة موظفة في جامعة اليرموك في شهر رمضان المبارك أن أساعدها في الإجابة على المسابقة الرمضانية المدرسية لأحد أبنائها,وكانت تحمل بيدها ورقة كلها أسئلة دينية وصاحب تلك الورقة ولدها الذي كان يبلغ من العمر 15 خمسة عشر عاماً,ولفت انتباهي سؤال يقول:من هي أول فدائية فلسطينية استشهدت على أرض فلسطين؟أو أعتقد بأن السؤال كان على النحو التالي:من هي أول سيدة فلسطينية دخلت في الإسلام؟,فضحكت وقلت في وقتها:هو في كان أيام الرسول صلى الله عليه وسلم شيء اسمه فلسطين!!,فضحكت السيدة وهي فلسطينية الأصل حتى أغمى عليها,وأنا من ذلك اليوم كلما شاهدت تلك السيدة في السوق يخطر ببالي مثل هذا السؤال ومثل ذلك الجواب الذي اعتبرته السيدة نكتة ظريفة وأنا بالنسبة لي كان وما زال معضلة كبيرة أتعذب بسببها,واليوم عندي سؤال يؤرقني وليس من وراءه أي قصد سوى معرفة الحقيقة والبحث فيها قبل أن نضيع لغويا وإقليميا وتاريخيا طالما أننا كعرب مسلمين كل يوم نخسر الكثير من قضايانا بسبب الخوف من الخوض في مسائل فكرية,والسؤال الذي عندي يقول:لماذا لم ترد كلمة فلسطين في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة؟.
انتهى السؤال.
,وأنا على حسب علمي أنها كلمة غير عربية ويقال أن أصل الكلمة لاتينية (پَلَشتِينِيه-, (Paleshtinaeويقال أن (بلاشتين)قبائل قدموا من إيطاليا وسكنوا بلاد الكنعانيين,والله أعلم,وهذا ليس موضوعي وإنما موضوعي هو:كيف نطالب بأرض فلسطين باعتبارها عربية إسلامية ومقدسة رغم أن القرآن الكريم لم يتحدث عنها؟أو بالأندري الفصيح-كما يقولون- لم يكن القرآن الكريم قد عرف بعد فلسطين,وعندي استنتاج آخر وهو أن القبائل الإيطالية البلاشتينية التي سكنت فلسطين قد جاءت إلى فلسطين في القرن السابع الميلادي والقرآن الكريم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم قبل ذلك بوقت قريب ولم تكن الكلمة متداولة بين الناس, وهنا أنا أخشى من الأجيال القادمة التي لديها مزيدا من الوعي والثقافة وقد تنتبه إلى هذه الظاهرة وعلينا من الآن أن نجد مخرجا لهذه المعضلة قبل أن تصبح مشكلة لغوية ومن ثم مشكلة تاريخية ومن بعد ذلك مشكلة سياسية وقد تؤدي بالعرب إلى إضاعة حقوقهم بسبب خلاف لغوي كبير أو قد تؤدي هذه الكلمة ومعناها إلى حرب جديدة وقد يخسر العربُ والمسلمون القضية الفلسطينية لغوياً تمهيدا لهم لخسارة أخرى وقد نفقد حقنا في فلسطين لغويا ونتنازل عنها جغرافيا وتاريخيا إن لم نجد من الآن حلا لهذه المشكلة أو لهذه الكلمة قبل أن تصبح مشكلة,حتى أن الكلمة لم ترد قبل الإسلام ولا في أي مصدرٍ من المصادر القديمة ولم نقرأ اسمها في الأدب العربي القديم(الجاهلي) شعرا ونثرا.
وهنا أنا محتار جدا من هذه الناحية ويجدُّ بذهني سؤال آخر ومحير وهو:ورد في القرآن الكريم كلمات غير عربية وليس في هذا استغراب أو عيب,وقد ذكرت ذلك في كثير من المقالات التي كتبتها عن السريان واللغة الحبشية,ولا ضرر ولا ضرار أن ترد في القرآن الكريم كلمة فلسطين وهي غير عربية كإضافة جديدة إلى عشرات الكلمات في القرآن الكريم غير عربيات,فلماذا لم ترد كلمة(فلسطين)؟ككلمة غريبة؟, وبما أن القرآن الكريم كما يقال علماؤنا جزاهم الله خيرا قد اكتشف أو قد تحدث عن كثير من الظواهر الفلكية والجغرافية كإعجازٍ لغوي وعلمي نؤمن بوجوده في القرآن الكريم وهنا السؤال الذي يطرح نفسه وهو :لماذا لم يتحدث القرآن عن فلسطين ليكتشف لنا المشكلة قبل أن تقع؟هذا سؤال آخر يحيرني أكثر ولا أجد عليه جوابا ويجب أن يجيبني علماء المسلمين قبل أن أفقد عقلي نهائيا ,وكيف يتحدث السياسيون والزعماء العرب عن القضية الفلسطينية وضرورة إعادتها إلى الأمة العربية الإسلامية علما أن القرآن الكريم لم يذكرها إطلاقا وإنما ذكر فقط لا غير المسجد الأقصى كما ذكره أيضا في الأحاديث النبوية الشريفة, والمثقفون اليوم كلهم يعلمون بأن كلمة فلسطين غير عربية ولكن لا أحد ينتبه إلى خطورة مثل هذا الكلام ولا أحد يعدُ العُدة للمواجهة في المستقبل مع هذه القضية وكيف يعيد العرب تدوير كلمة فلسطين مرة أخرى لتصبح كلمة عربية وأرضا عربية إسلامية يجب استعادتها من اليهود في الوقت الذي لم يكن فيه القرآن الكريم يعرف أي معنى لكلمة فلسطين,وهل ستظهر في المستقبل جماعات دينية تدعي أنها متنورة ولا تطالب بكل أرض فلسطين بل فقط في المسجد الأقصى؟على اعتبار أن فلسطين كلها غير عربية,وإذا أردنا تعريب الكلمة لغةً ومعنى فهل سننجح في المواجهة الحتمية مع اللغة؟وإذا كانت فلسطين غير عربية فمن الممكن أن نقرأ أطروحات جديدة بأنها أيضا غير (عبرية)وليست للإسرائيليين,فلا هي مثلا للعرب ولا هي لليهود وإنما هي لشعب آخر ثالث لم نعرف حتى الآن من هو ومن يكون, وربما تأتي إيطاليا لتطالب بها على اعتبار أن الكلمة إيطالية,وبالتالي من الممكن في المستقبل حل القضية الفلسطينية من هذا الاتجاه,ومن الممكن أيضا أن تنجح أطروحة رابعة تعترف بأن القدس مدينة روحية لكل الديانات الإبراهيمية الثلاث بدءً من اليهود والمسيحيين وانتهاءً إلى العرب المسلمين,ومن الممكن أن نجد طرحا خامسا وسادسا وتضيع القضية لغويا قبل أن تضيع بقوة السلاح.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)