أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - الدرس الذي لن يتعلمه أحد














المزيد.....

الدرس الذي لن يتعلمه أحد


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3660 - 2012 / 3 / 7 - 15:08
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في عندنا مثل عامي يقول(كل واحد بتعلم من كيسه) أي من خلال خسارته وبالذات من جيبه الخاص, ولكن لا أحد يتعلم الدرس المهم جدا في الحياة إلا عندما يشعر بأنه يقف على نهاية العمر فيبدأ بالتصالح مع المحيطين به من الأهل والجيران والاصدقاء ويبدأ بإعداد وصيته ويبدأ بحسبان الندم على ما فات من عمره,وهذا الدرس لم يكن الاسكندر المقدوني أثناء فتوحاته شرقا وغربا قد استرعى انتباهه إلا مؤخرا حين شعر بأن النهاية قد اصبحت وشيكة,كان لا شيء يسترعي انتباهه إلا عندما أصابته الحمى الآسيوية أو حين أصابته لعنة الشرق ,ولما أحس بدنو أجله مبكرا,وهنا نقطة ملفته للانتباه حيث الكل يفقه هذا الدرس متأخرا جدا ومن النادر أن يجد بعض الناس متسعا من الوقت لتصحيح أخطائهم التي أخطئوها عبر مسار الرحلة التي عاشوها في هذه الحياة,وفي أغلب المرات يكون الوقت متأخرا جدا حيث قيطار العمر قد فات وأصبح بعيدا,والشيب قد فات,والصحة قد فاتت,وكل شيء قد فات مع فوات الأوان,هذا الدرس هو درس الاسكندر المقدوني الذي قال وهو على فراش الموت (الآن فقهته)..فحين حضرته الوفاة وشعر بأنه يقف على حافة العمر ليس بينه وبين الموت إلا برزخٌ خفيف تمنى وقتها أن يحقق له أصدقاءه وأعوانه بعض الأمنيات التي تمناها,وتمنى على أمه الحنونة لو تحقق له أمنيته الأخيرة فأوصى أول الأمر لأمه بأن تطبخ وليمة كبيرة بعد عودة المشيعين من الدفن تدعو إليها كل من لم يتألم على موت الاسكندر,فعملت أمه بوصيته ولم يحضر على الوليمة أي أحد فضربت على رأسها بيديها وكأنها تذكرت شيئا مهما كانت قد نسيته من ذي قبل وقالت:(ما عزاني أحد في ولدي مثل ما عزاني هو) وهذه رسالة حقيقية فعلا من الاسكندر إلى أمه يقول لها: لا تحزني.

و تمنى بأن يحمل نعشه من محطة موته إلى قبره أربعةٌ من أمهر الأطباء الذين يشرفون على علاجه,وأوصى بأن ترمى في طريق جنازته إلى مثواه الأخير كل ما جمعه من قطعٍ معدنية مسكوبة من الذهب والفضة,وأوصى بأن ترمى في طريق جنازته كل ما جمعه من أحجار كريمة من زمرد وياقوت ومرجان ولآلئ , وأوصى بآخر وصية وهي الأهم من بين كل الوصايا وهي أن تخرج يداه من النعش وهن ممددات الأصابع أي أن يداه مفتوحتان وبمعنى آخر :وكفه مبسوطة وفارغة, وقد استجاب له القادة الذين شاركوه في كل فتوحاته ولكنهم أصروا وعيناهم مغرورقة بالدموع بأن يعرفوا سبب كل ذلك, فقال لهم:الآن تعلمتُ درسا مهما لم أكن قد تعلمته من ذي قبل أو لم أكن قد فقهته: فبالنسبة للأطباء الذين سيحملون نعشي لكي أعطي للعالم درسا لم أتعلمه أنا إلا الآن وهو أنه حين يحين أجلك لا ينفع معك لا طبٌ ولا دواء حتى هؤلاء الأطبة الذين يدعون معرفتهم بكل مرض سيحملون نعشي إلى مثواه الأخير دون أن يستطيعوا فعل أي شيء لي رغم ادعائهم المعرفة بكل الأمراض,ولكن هيهات أن يكون للموت طبيبٌ يقف في وجهه,وأما بخصوص نثر النقود المعدنية الفضية والذهبية فهي إشارة بأن الذي سعينا لأجله ومتنا من أجله ومات قبلنا من أجله الآلاف ومن بعدنا سيموت من أجله الآلاف كل ذلك لن نأخذه معنا إلى قبورنا وسنتركه وراءنا هباء منثورا,وإن كل ما نفعله وما نكسبه نتركه خلفنا,فلماذا نتقاتل على هذه الأرض!!ولأي شيء طالما أن كل شيء نتركه وراءنا, وأما بخصوص يداي فهذه لوحدها أكبر درس بالنسبة لي تعلمته الآن وهو أنني جئتُ إلى هذه الدنيا خالي اليدين وسأخرج منها خالي اليدين,وبأن كل ما فعلته سأتركه خلفي,ولا يبقى إلا الخير والفضيلة والذكرى الطيبة وما نقدمه من خير للناس هو الذي سيبقى في حين تذهب النقود وتُهدم القصور وتفنى الصحة والشباب,لقد أراد الإسكندر المقدوني أن يعطي العالم كله درسا لم يتعلمه هو إلا وهو على فراش الموت,وفي الحقيقة كل الناس لا يتعلمون هذا الدرس إلا وهم على فراش الموت,فيدركون بأن هذه الدنيا فانية وعبارة عن رحلة قصيرة يقضيها الإنسان إما مع الخير وإما مع الشر,ويموت الإنسان في سبيل الدفاع عن أحجاره الكريمة والثمينة وفي النهاية يترك الإنسان كل شيء خلفه,المال والأهل والولد,والأرض والأحجار والمعادن وكل أنواع الفلزات,وكل ما كسبته يداه,كل ذلك يتركه الإنسان خلفه حتى أنه من المستحيل أن يرد عنه الموت,فهل الذهب والفضة تستطيع إعادة الإنسان من الموت؟وهل تستطيع أغلى الأحجار الكريمة ثمنا أن تمنع عن الإنسان الموت؟كل ذلك درسٌ قاسٍ لا يتعلمه الإنسان إلا وهو على فراش الموت,وهنالك درس أكثر ألما من هذا الدرس وهو لو نظر كل إنسان منا إلى ماضي حياته لاكتشف بأن كل الحياة التي عاشها ما هي إلا لحظة واحدة مثل رد الطرف أو مثل (فتّح غمّض عينك) ففي النهاية الذي عاش 20 سنة هو كالذي عاش 100سنة لا يوجد فرق بينهما حين تبدو الحياة وكأنها لحظة عابرة.

هذا الدرس الذي تعلمه الاسكندر ما زال منا العرب المسلمون بالملايين وهم لا يريدون أن يتعلموا هذا الدرس,وما زال هنالك فئة تحاول تعطيل العقل والفكر ومحاربة المتنورين والمفكرين وتسويتهم بالأرض ,كل الناس ترى الموت أمامها وترى ما جمعه الآخرون وهم تاركوه خلفهم ولكن لا أحد يتعلم هذا الدرس إلا في اللحظات الأخيرة والروح تخرج من الجسد الفاني لتذهب إلى أبعد الأمكنة وأكثرها غموضا حيث هنالك لا يعرف أحد من البشر شيئا,وحتى اليوم لم يأتنا أي قادم من العالم الآخر ليخبرنا عما يحصل هنالك من أشياء.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهلال الخصيب
- الهدايه من الله
- الموعودون به
- صاحب الرغيف الثالث
- عاش فقيرا ومات فقيرا
- الشكر بالعمل وليس بالقول
- قلبي ذبحته بيدي
- بصراحة
- الحمير بصحة جيدة
- من هو جهاد العلاونه؟
- قمة الإيمان
- البئر المسحور
- الله نور ومحبة
- الصحة مرض
- كرم الله الإنسان بالعقل
- التوبة واجبة على الجميع
- ابن رشد وجهاده الفكري
- صلاة الفجر حماعة
- التوبة إلى ألله
- خاتم أمي وقلم أبي


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - الدرس الذي لن يتعلمه أحد