أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - خاتم أمي وقلم أبي















المزيد.....

خاتم أمي وقلم أبي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3637 - 2012 / 2 / 13 - 19:14
المحور: كتابات ساخرة
    


ورثت عن أبي وجدي القلم والكتابة وهو الشيء الوحيد الذي لا يباع ولو كانت هذه الموهبة تباع لباعها جدي منذ زمنٍ قبل وفاته, وورثت عن أمي خاتمها الذهبي,والقلم والخاتم الذهبي كلاهما لا يباعان ولا يشتريان بالنسبة لرجل مثلي تعز عليه الذكريات ويعز عليه القلم,ففي يوم عقد قراني على حرمي قامت أمي على عادة الأمهات الحنونات بإهداء زوجتي خاتما مصنوعا من الذهب عيار 24 قراط وهو نفس الخاتم ألذي أهداه جدي لجدتي أم أبي ومن بعد ذلك أهدته جدتي لأمي في يوم زفافها على أبي رحمه ألله وبهذا تبعت أمي هذه العادة فتكررت قصة الهدايا حتى وصل ليد زوجتي,طبعا هذا عدى الذهب الذي اشتريته لزوجتي من محفظتي الخاصة بقيمة 1000دينار أردني سنة 2001م ولم تكن حالتي المادية مثلما هي اليوم بل كنت رجلا موسرا جدا ولكن بعد الزواج تراجعت حالتي وكل أحوالي الصحية والمادية فبعت كل ما اشتريته لزوجتي من ذهب في تجارة خاسرة مع (أخشاب الطوبار) على أمل أن أقوم بتعويضها إياهُ في المستقبل القريب حين يفتحها الله علينا ولكن لسوء حظي لم يفرجها ألله عليّ وكل يوم تزداد حالتي سوء وكلما أشعر بالضيق لا أجد أمامي ما أفكر ببيعه سوى قلمي والخاتم الذي أهدته أمي لزوجتي,الغريب أنني فكرت مليون مرة ومرة ببيع الخاتم والقلم غير أنني لم أبع حتى اليوم أي واحدٍ منهما, وبما أن هدية أمي غالية جدا على قلبي فإنني أتراجع عن التفكير ببيعه,وبرغم كل الظروف التي اعترتني وما زالت تعتريني غير أنني لم أقم يوما ببيع قلمي الذهبي ولكن في بعض الأوقات أفكر ببيع الخاتم الذي أهدته أمي لزوجتي ليس بداعي الطفر والفقر فأحيانا أغضب من أمي فأمد عيني إلى الخاتم وأحاول أخذه من إصبع زوجتي لكي أبيعه حتى لا يذكرني أي شيء بأمي ولكنني أعود إلى رشدي وأجلس بيني وبين نفسي وأنا أقول: أنا إنسان والحمدُ لله رضي الوالدين والآن بعد أقل من ساعة سأتصالح مع أمي وسيكون موقفي محرجا جدا حين تعلم بأنني قد مددتُ يدي على خاتمها الذهبي ,وأحيانا أزعلُ من نفسي ومن اليوم الذي ولدتُ به وأول ما يخطر على بالي هو بيع خاتم أمي الذهبي لكي أقوم بتسديد ما عليّ من ديون ولكنني بعد أقل من ساعة أقوم بالتصالح مع نفسي كما أتصالح مع أمي فأبكي أحيانا وأندم ندما شديدا على مجرد التفكير ببيع الخاتم الذهبي,وفي بعض الأحيان أو غالبا ما تتراكم الديون على ظهري وكتفي كثيرا جدا ولحل مشكلتي يخطر ببالي القلم الذهبي والخاتم الذهبي لكي أبيعه لأسدد بعض الديون المترتبة على كاهلي ولكن أتذكر القسم الذي أقسمته أمام أمي بأن يبقى هذا الخاتم الذكرى الوحيدة لي من رائحتها وهي على قيد الحياة أو حتى بعد أن يأخذ الله الوداعة التي لديه عندنا وهي روح أمي العظيمة مثل روح(المهاتما),وأتذكر وصية أمي بأن يبقى هذا الخاتم في إصبع زوجتي حتى يكبر(علي) ولدي الوحيد لأهديه لزوجته يوم زفافه عليها,وفي بعض المرات يأتني الفرج من غايب علم الله من الأصحاب والأصدقاء المقيمين في ...فهؤلاء يحبون الثقافة جدا ويحبون كتاباتي الساخرة وغير الساخرة وأتلقى منهم دعما رمزيا غير دوري وبهذا أسدد بدعمهم لي بعض الفجوات الكبيرة والصغيرة وأتوجه إلى الرب بأن يمد لهم في أعمارهم لكي يبقوا على قيد الحياة ,وهذا الخاتم في أغلب الأحيان يتسبب لي بمشكلة مع إخواني فحين يحسب كل فرد ما أخذه من أمي فورا يقوم الجميع بحسدي على الخاتم وكلهم يقولون لي (يكفي أنك أخذت الخاتم الجميل من أمكم والقلم من جدك وأبيك)فكل أفراد أسرتنا لديهم تصور صحيح بأنني ورثت القلم عن أبي وجدي والخاتم عن أمي وهي على قيد الحياة,وأنا أرد عليهم وأقول بأن القلم والخاتم لا يباعان ولا حتى بكل ما في الأرض من كنوز,وأنا إنشاء ألله سأورث الكتابة والخاتم لأحفادي ولا أدري إن كانوا مثلي سيشقون بنعمة القلم أم لا,وأحيانا أقول لهم: تباً لهذا القلم وتبا لهذا الخاتم المزعج سأبيعه وسنتقاسم كلنا ثمنه بالتساوي فيما بيننا,وما رأيكم أن تأخذوا مني القلم فهو بالنسبة لي حملا ثقيلا على كاهلي,وصحيح أن حمل أثقال الرب خفيفة كما جاء في الإنجيل ولكن صدقوني بأن حمل القلم والتباهي به هنا وهناك على صدري حملا ثقيلا فأنا لولى القلم ما وصلت إلى هذه الحالة من الفقر ومن العازة,فيردون على كلامي ساخرين:الخاتم من الممكن أن نتقاسمه ولكن القلم لا نريده حتى لو دفعت لنا فوقه كثيرا من المال,فأقول لهم:سبحان الخالق وسبحان مقلب القلوب بين يديه أصلا هذا القلم الله لا يقبل به لأحدٍ غيري ولو كان معكم لأسأتم استخدامه فهذا القلم يريد يدا تحمله كيدي,وغالبا ما تبكي أمي على مصير الخاتم وعلى التوقعات المستقبلية بشأنه ,فأعود وأقسم لها بأن يبقى هذا الخاتم رمزا قوميا لعائلتنا وسنتوارثه كما توارث الخلفاء العباسيون خاتم الخلافة من خليفة إلى خليفة حتى تأت نهايتنا جميعا,وفي بعض الأحيان حين تتراكم علينا الهموم والمصائب المصيبة تلوى المصيبة لا أجد ما أفكر به إلا الخاتم الذهبي وقد أخذته عدة مرات للبيع في السوق وكنت في أغلب الأحيان أعود به إلى المنزل دون بيعه من شدة إحساسي بإعجاب جميع تجار الذهب به كونه أصبح أثريا وله رمز أثري جدا فأتراجع عن بيعه وأعيده إلى إصبع زوجتي ,ومرة من ذات المرات طلب مني ولدي علي وأخته برديس خمسة دنانير لكل واحد منهم لكي يذهبوا في رحلة مدرسية ولم أكن وقتها أملك في جيبي ولا أي دينار أردني ولم أُفكر وقتها إلا بالخاتم الذهبي فأخذته لبيعه في السوق وسرعان ما عدتُ من منتصف الطريق وأنا أقول:شو كاين أنا مجنون على شان أبيع الخاتم من أجل رحلة مدرسية ؟ أو من أجل أن أزعل من أمي؟,وهذه ليست أول مرة أو آخر مرة أفكر فيها ببيع الخاتم فأحيانا وأنا راضي عن أمي وعن نفسي أفكر ببيع الخاتم الذهبي وفي كل مرة أجد ما يمنعني من بيع الخاتم وفي أكثر المرات كنت أفكر ببيع الخاتم حين أتخاصم مع زوجتي قائلا لها:هذا الخاتم كان هدية جدتي لأمي في يوم زفافها لأبي وأمي أهدتك إياه وأنت فعلا لا تستحقينه لذلك سآخذه منك وأبيعه في سوق الذهب ولكن كل تهديداتي تذهب هباء الريح لأنني رجل من الصعب جدا أن يثور وإذا ثُرت من السهل جدا إرضائي ولو كان ذلك بقطعة حلوى.

ربما أنني أفكر ببيع الخاتم نظرا لأنه لا يوجد في بيتي شيئا للبيع ما عدى الخاتم والقلم,وكل الناس ورثوا خاتما ذهبيا أو صيغة ذهبية وأقلاما عن آبائهم وأجدادهم وكان منا السهل عليهم أن يبيعوا القلم وأن يبيعوا الذهب إلا أنا دائما ما أشعر بأن خاتم أمي الذهبي وقلم أبي الذهبي ليسا للبيع على الإطلاق.

ومن الممكن أن نظري ضعيف جدا ومن الممكن لو أفكر قليلا أن أجد أشياء كثيرة ثمينة وغالية أقوم ببيعها لتسديد ديوني عدى الخاتم الذهبي,وأحيانا لا يخطر ببالي إلا قلمي فأنا أعتقد بأنه ثمين جدا وغالي وبإمكاني بيعه لأي تاجر يريد التجارة بالكلمات وسرعان ما أجد بأنني غير قادر على اتخاذ هذا القرار الجريء جدا فقلمي ليس للبيع وخاتم أمي ليس للبيع وأثبتُ أمام نفسي بأنني رجل (مش قد كلامه) فلا أستطيع أن أبيع ولا حتى أي حرف من حروفي أو أي كلمةٍ من كلماتي,فإذا كان الخاتم الذهبي غاليا جدا على قلبي ولا يقدر بثمن كما يقول تجار الذهب في إربد وعمان,فكيف مثلا بقلمي أن يكون أرخص من الخاتم الذهبي أنا أعتقد بأن قلمي وخاتم أمي الذهبي كلاهما لا يقدران ولا بأي ثمن,وصحيح أنني أتلقى من الأصحاب والأصدقاء في أمريكيا وأوروبا دعما لقلمي ولحريتي ولكن هذا لا يعني أنني من الممكن أن أكون تاجرا تاجر بقلمه فالدعم ألذي أتلقاه من الأصحاب مثل الدعم الذي يتلقاه الرياضيون من أناسٍ محبين جدا للرياضة وأنا أتلقى دعما إنسانيا من الأصحاب والأصدقاء المحبون للثقافة,وهؤلاء وحدهم هم أصلا من ساهم وما زال يساهم في إبقاء الخاتم الذهبي في إصبع زوجتي ولولاهم لبعت الخاتم منذ أكثر من عامين أو خمسة أعوام,أنا من المستحيل أن أفرط في الخاتم الذهبي ومن المستحيل أيضا أن أفرط في قلمي الذهبي,ولكن تصوروا معي بأنني بعتُ في زماني أشياء كثيرة في منزلي دون أن أفكر ببيعها ولكن الذي فكرت ببيعه مئات المرات ما زال حتى اليوم في مكانه,خاتم أمي في إصبع زوجتي وقلم أبي في جيبة صدري.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يحبون ألله ويكرهون إخوانهم
- هل التبني حرام؟
- مهنتي الجديدة
- أخطاء إسلامية
- كلمات معكوسة
- العودة من الضياع
- أنواع الكلمات
- درس في الحب والكراهية
- أنا مسكين الله
- كيف يتصور الإسلام نظرة العالم المسيحي له؟
- عدوى البرودة
- كثرة الوضوء ومرض الوسواس القهري
- مشكلة المثقفين
- كنتُ وما زلتُ يتيماً
- أنواع الإسلام
- ذهبوا كفارا وعادوا كفارا
- الضلع الأعوج والحب
- رسالة إلى صديقتي جانيت الحايك
- صعوبات في البلع
- العيشه تصعب على الكافر وابن الحرام


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - خاتم أمي وقلم أبي