جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3672 - 2012 / 3 / 19 - 23:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما تعرفونه عني ليس إلا جزءً من الحقيقة,فأنا فعلا مثير للجدل وللتساؤلات والزمن الذي أعيش به ربما أنه متأخرٌ عني أو أنا المتقدم عليه جدا ولست أدري من الذي لا يناسب الآخر,هل أنا غير مناسب لزمني أم زمني هو غير المناسب لي,مسألة جدا معقدة في غاية التعقيد...منذ صغر سني وأنا أسمع المعجبين بي وهم يقولون(أنت ولدت في زمنٍ ليس زمنك وفي مكانٍ ليس مكانك ومن الضروري جدا أن تغادر اليوم قبل الغد إلى مكانٍ آخر يتناسب مع أفكارك ومعتقداتك,أو بأن تترك هذا العالم وشأنه وما عليك إلا أن تأكل وتشرب وتنام كما يفعل 99% من الناس أو أن تلقي بسلاحك وتستسلم للأمر الواقع) أو بأن تلقي بنفسك من أعلى ناطحة سحاب في هذا العالم.
وأنا لست أدري أصدقُ من؟وأكذبُ من؟هل أصدق غيري وأكذب نفسي؟أم أكذب غيري واصدّقُ نفسي؟من فينا الصادق ومن فينا الكاذب أنا أم الناس؟, أو إن صح التعبير من الذي على صواب؟ ...أنا فعلا محتار في هذا الزمان وفي هذا المكان ,هل فعلاً أنا ولدتُ في آخر هذا الزمان؟وهل فعلا جئتُ من الأماكن البعيدة؟ أم أن القصص الخرافية قد أكلت عقلي ولبي؟وبأن الكتب والروايات والمسرحيات أيضاً جعلت مني إنسانا خياليا إلى حد الفانتازيا الجنونية؟فأصبحتُ في دنيا الخيال غير مؤمن بالواقع الذي أعيشه؟ وهل أنا(دون كيشوت)؟..من الذي جعل مني إنسانا خرافيا ورجلا أسطوريا؟ وصدقوني حتى أنا شخصيا كثيرا ما أقول عن نفسي بأنني إنسان غير طبيعي في كل شيء فأنا فعلا أعيش في دنيا وفي عالم آخر يختلف عن العالم المحيط بي من المحيط إلى الخليج وبأنني في بعض الأحيان أبالغ جدا في وصف الواقع وتحليله والوقوف على آخر المستجدات,هكذا أعتقدُ أنا وهكذا يقولون عني,ويقول بعض الناس عني بأن أفكاري هي أكبر دليل على أنني مولود في آخر الزمان وليس في بدايته ولا في منتصفه,والدليل الآخر على مولدي في آخر الزمان هو أنه ليس معي ما أسد به جوعي ورمقي الأخير ومتعبٌ جدا غير قادر على التقاط أنفاسي الأخيرة والخوف من كل شيء يسكنني فإن كتبت عن الحب أكتبُ وأنا خائف وإن كتبت عن الدين أكتبُ وأنا خائف وإن كتبت عن السياسة أكتب وأنا خائف,وإن سخرت أسخر وأنا خائف لذلك لا أجد حلا إلا بالسخرية من نفسي ومن البيئة التي أعيش فيها,وأحيانا أرتعد خوفا من هذا الزمن الذي يبدو للبعض بأنه ليس زمني, وبعض المعجبين بي يقولون لي بأنني رجل سابق لزمانه ولأوانه وسيأتي يوم بعد 100سنة أو 1000 سنة على الناس تعرف به قيمتي الحقيقية حين ينصبون لي في مسقط رأسي تمثالا أكبر من تمثال أبو الهول بعشرة أمتار أو أعظم من تمثال الحرية الذي أهدته فرنسا للولايات المتحدة الأمريكية,وهنا بعض الناس تقول عني هذا الكلام وهي تسخر مني والبعض يقولها بهدف المداعبة وتمضية للوقت .
هكذا تبدو لي شخصيتي وهكذا أبدو للبعض من خلال قراءتي للواقع الحالي الذي أعيشه وعندي إيمان قوي بأنني متناسب جدا مع هذا الزمان ولا داعي للقلق فهذا الزمن هو زمني وأنا أقفُ في المكان الصحيح ومولود في الوقت المناسب جدا,ولكن ما الذي أفعله لأولئك الذين يقولون لي بأنني ولدتُ في زمنٍ ليس زمني وفي مكانٍ ليس مكاني؟,إذ أن بعض الناس تقول عن هذا الزمن الذي جئتُ به بأنه آخر الزمان وبأن به كثيرا من علامات إشراق الساعة الأخيرة من حياة البشرية وبأن الكون كله قد أشرف على الهلاك فهذا الكون كما يقول الفلكيون قد أصبح يتمدد وعما قريب ستفقد الكرة الأرضية حرارتها وسينقرض الإنسان بعد أن يغطي الجليد الكرة الأرضية بأكملها نتيجة فقدان الحرارة,وتقول الأغلبية من الناس بأن هنالك علامات كثيرة تدل على أن هذا الزمن الذي ولدتُ به هو آخر الزمان,حتى أن أمي لديها اعتقاد كبير بأن هذا الزمان هو الزمان الأخير لي ولغيري ولديها دليل على ذلك وهو أنه في آخر الزمان كل شيء سينطق ويتكلم حتى الحجارة وبأن كل البوادر تدل لديها الآن على صدق معتقدها بدليل ظهور التلفزيون والموبايل والإنترنت,وكل الذين لديهم تصورات عن زمني يحاولون إقناعي بأنني مولود في آخر الزمان ويقولون لي :لا داعي للنكران فالنكران لن يجديك نفعا أنت ولدت في آخر الزمان وكفى وكل ما تكتبه وكل ما تنطق به دليل قوي جدا على أن هذا الزمان هو الزمان الأخير,فأفكارك غريبة وأطروحاتك كلها غريبة ولا أحد يقبل بها,وأنا أحيانا يطير عقلي من رأسي وأقول وعيوني مغرورقة بالدموع :ليش هكذا حظي أن يولد رجل مثلي في آخر الزمان!! ليش حظي جعلني أعاني كثيرا من هذا الزمان الذي يبدو للبعض بأنه ليس زمني ولا يناسب لا شكلي ولا لوني ولا أفكاري ولا مجساتي العقلية!!,وبعض الإشارات تلوح لي في الأفق بأن هذا الزمان ليس إلا البداية الصحيحة لمولدي وبأنني جئت في الوقت المناسب وفي التاريخ المناسب وبأن كل أفكاري ومعتقداتي وأقوالي ومقالاتي مناسبة جدا لهذا الزمان ولا داعي بأن أصدق بأنني مجرد إنسان مولود في آخر الزمان بل على العكس أنا جئتُ في الوقت المناسب وفي المكان المناسب لي وفي الموقع المحدد لي وبأن نجمي قد ظهر في السماء ولن تقدر أي قوة في الدنيا أن تطفي نجمي وناري المتوقدة,وبقية الناس هم الذين جاءوا في زمنٍ ليس بزمنهم وبأنه من الواجب على بعض الأنظمة الحاكمة في الدول العربية بأن تحزم أمتعتها وأن تغادر من زمني في مركبة فضائية إلى غير رجعة لتفسح المجال لرجل مثلي بأن يمارس حياته الطبيعية وبأن يأخذ مجده الحقيقي,وأنا قد أصبح عندي اعتقاد مذهل للوهلة الأولى بأن هذا الزمن فعلا هو زمني وبأنني مناسب جدا لهذا الزمن كما يناسب قميصي الكستنائي لبنطالي الكستنائي اللون ولحذائي الأحمر اللون تماما كما يتناسب قميصي الأزرق مع بنطالي الجينز,ولا توجد عندي أي مشكلة مع الطبيعة ومع خالق الطبيعة وأنا رجل مؤمن جدا بوجوده ومؤمن جدا بضرورة التغيير ومؤمن جدا بأن على غيري أن يلتقي معي في منتصف الطريق حيث لا غالب ولا مغلوب.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
