أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - أفكار عن الإله لمارك توين















المزيد.....

أفكار عن الإله لمارك توين


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3679 - 2012 / 3 / 26 - 00:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أفكار عن الإله
مارك توين

كم مرة قمنا بالاعتراف بالذكاء الذي نجده في تصميم و تنفيذ بعض أعمال الإله . خذ الذبابة مثلا . كان تخطيط الذبابة تطبيقا لذكاء محض , لم يكن للأخلاق أي دخل بها . لم يكن من الممكن لأي منا أن يخطط للذبابة , لم يكن ممكنا لأي منا أن يطلب منه فعل ذلك , و لم يعتبر أي شخص أنه من الحكمة فعل ذلك , ما عدا تحت ذلك الاسم المفترض ( الله ) . يعتقد البعض أن الذبابة قد خلقت لتلبي حاجة موجودة منذ زمن طويل . عبر العصور , لسبب أو لآخر , كان هناك ملايين من أولئك الأشخاص , لكن من بين هذا العدد الهائل لم يكن أي منهم مستعدا لشرح ما هي هذه الحاجة , على الأقل بشكل مرضي . قالت قلة من هؤلاء شارحة ذلك بأنه كانت هناك حاجة منذ وقت طويل لمخلوق يساعد في التخلص من القمامة الحاملة للأمراض , لكن عندما طلب من هؤلاء الأشخاص أن يشرحوا لماذا كانت هناك قمامة حاملة للأمراض في المقام الأول , لم يكونوا راغبين في الإجابة هذه المرة .
هناك الكثير من التضاربات فيما يتعلق بالذباب . في كل العصور لم يكن للذباب أي صديق , لم يوجد أي شخص على الأرض أمكن إقناعه بأن يحاول منع القضاء على الذباب , مع ذلك فإن مليارات الناس قد عذروا اليد التي صنعت ذلك الذباب – و ذلك من دون أي تردد أو شعور بالخجل . هل كانوا ليعذروا إنسانا ما في نفس الظروف , إنسانا قد يكون هو من صنع تلك الذبابة ؟ على العكس تماما . في سبيل مصداقية جنسنا بأكمله , دعونا نفترض أن هذا الذباب كان من صنع إنسان ما بالفعل . هل كان الناس سيعتبرون أنه من العدل تفسيق ( الحكم بفسق ) طفل , لم تتطور أخلاقه بعد , بفضيحة لا يعتبرونها كذلك إذا قام بها البابا ؟
عندما نقول أن الذبابة لم تخلق لغرض تمضية الوقت فقط , لكن لسبب عملي , أنه لم يقذف بها في لحظة طائشة و من دون أي هدف إلا تمضية الوقت , بل أنها كانت ثمرة عمل و حسابات طويلة و متأنية , مع هدف محدد و بعيد المدى من خلقها , و أن طبيعتها و سلوكها جرى التخطيط لهما بوعي بارد , و أن نتيجة عمله هذه قد جرى التنبؤ بها و نظمت سلفا , و أنه لا توجد في نفس الوقت أي حاجة يمكن للذباب تحقيقها , إننا إذن في حيرة يائسة , إننا لا نستطيع أن نفهم الخطأ الأخلاقي الذي جعل من الممكن ولادة و استكمال هذا المخلوق القذر و الحقود .
دعونا نحاول أن نفكر فيما لا يمكن التفكير فيه : دعونا نحاول أن نتخيل إنسانا من النوع الراغب بخلق ذبابة , أي , إنسان انعدمت عنده المشاعر , إنسان يرغب فقط بأن يعذب و يزعج و يحاكم بكل طيش الكم الهائل من المخلوقات التي لم تتسبب له بأي ضرر ذات يوم و التي لا تستطيع ذلك حتى لو أرادت , و – غالبيتهم – مجرد أشياء مسكينة خرساء لا تدرك وجودها نفسه حتى . بكلمة , دعونا نحاول أن نتخيل إنسانا لديه الوصفة الأخلاقية التالية : أنه من العدل و الصحيح أن يتسبب بالمعاناة – للكائنات غير الضارة كما للكائنات الضارة دون أي تمييز .
إذا استطعنا تخيل مثل هذا الإنسان , فإنه هو ذلك الإنسان الذي كان بإمكانه أن يخترع الذباب , و أن يطلقه ليقوم بمهمته و يعطيه أوامره : "اذهب إلى أبعد أركان الأرض , و قم بعملك الذي كرست له بكل حرص . عذب الطفل المريض , اجلس على عينيه , وجهه , يديه , و اقضم و ضايق و اقرص , سبب القلق و الغضب عند المرأة المتعبة التي تراقب ذلك الطفل , و التي تصلي بتواضع طالبة الرحمة و الراحة بإيمان المخدوعين الذين لا يتعلمون مما حدث معهم , ذلك الإيمان المثير للشفقة . اجلس على جروح الجندي المتقيحة في الميدان و في المشفى و اجعله كالمسعور بينما يصلي و اجعله يلعن أحيانا , دون أن يكون هناك من يصغي إليه إلا أنت , أيتها الذبابة , بينما أنت تحصلين على الأسف و على كل حماية دون حتى أن تصلي طالبة إياهما . هاجمي و عذبي اليائس و التعس الذي يموت بسبب الطاعون , و في صلاته المرعوبة و اليائسة , عضيه , اقرصيه , تغذي من قروحه , بللي قدميك بدمه العفن , الصقيه بقوة بجراثيم الطاعون – بواسطة تلك القدمين المصممتين بعناية ( بحرفنة ) و بشكل رائع لهذه المهمة قبل عقود طويلة و منذ البداية – و احملي هذا إلى مئات الطاولات , التي على بعضها جيدون و على بعضها الآخر السيئون , العالي و السافل , سيري على الطعام و لوثيه بالقذارة و الموت . زوريهم جميعا , لا تتركي أي إنسان في سلام حتى ينام في قبره , زوري و سببي الألم للأحصنة المجتهدة و البريئة , للثيران , البغال , الحمير , ضايقي بقرة المريض , و كل الحيوانات اللطيفة التي تعمل دون مقابل و التي ستموت دون أي أمل , لا توفري أي مخلوق , بري أو أليف , أي شيء تجديه , اجعلي حياته بؤسا , عامليه كما يستحق البريء , و هكذا فإنك تسعديني و تزيدي مجدي الذي يصنعه الذباب .
نسمع الكثير عن صبره و تمسكه و معاناته , لكننا لا نسمع أي شيء عن معاناتنا نحن , التي تتجاوز معاناته بكثير . نسمع الكثير عن رحمته و لطفه و طيبته – بالكلام – كلام كتابه و منبره الكنسي – بينما العدد الأكبر الوادع ( المسالم ) منا راض ( قانع ) بهذا الدليل , و لا يسعى وراء دليل آخر , لكن كل من سيبحث عن مثال ملموس عن ذلك سرعان ما سيصاب بالصداع . لأنه لا توجد أمثلة عليه . لأن ما يطلى بالذهب على أنه رحمة ليس في أي حال أكثر من مجرد حالة عامة من العدالة , و العدالة الواجبة – الواجبة دون أي شكر أو إطراء . أن تنقذ مشلولا من بيت يحترق دون أن تخاطر بنفسك هذا ليس رحمة , إنه مجرد واجب عادي , أي شخص سيفعل هذا . و ليس أيضا من خلال وكيل , – أن يفوض العمل للآخرين لكنه يحتفظ بالفضل لنفسه . لو أن البشر تجاهلوا "مساكين ( فقراء ) الله" و "منكوبي الله العاجزين" كما يفعل هو , ما الذي كان سيقال عنهم ؟ سنجد الجواب في تلك الأراضي المظلمة حيث يتبع الإنسان مثال الله و يدير ظهره بلامبالاة لهم : إنهم لا يحصلون على أي مساعدة من أي نوع , إنهم يصرخون , و يستجدون و يصلون دون جدوى , إنهم يتباطئون و يعانون , و أخيرا يموتون بشكل بائس . إذا نظرت إلى القضية بعقلانية و من دون مواقف مسبقة , فإن المكان الملائم للبحث عن حقائق رحمته , ليس حيث يقوم الإنسان بممارسة الرحمة و يجمع الثناء , بل في تلك المناطق حيث يكون وحيدا .
من الواضح أن هناك قانون أخلاقي واحد للسماء و آخر للأرض . يؤكدؤن لنا من على منبر الكنيسة أنه في كل مرة نشاهد المعاناة و الأسف التي يمكننا أن نخفف منها و لكننا لا نفعل , فإننا نكون مخطئين , في نظر السماء . لكن مع ذلك فهذه ليست هي حالة المعاناة و الألم التي لا يخفف منها الإله . فهل هو مخطئ عندها إذن ؟ إنه مصدر الأخلاق هو نفسه – لا يوجد ما هو أكثر وضوحا من ذلك , يتعين عليك أن تعترف بذلك . بالتأكيد فإن مصدر القانون لا يمكنه أن ينتهك القانون و يبقى غير ملطخ ( غير ملوث ) , من المؤكد أن القاضي على المنصة لا يمكنه أن يمنع الجريمة ثم أن ينغمس فيها هو نفسه دون أن يتعرض للنقد . على الرغم من ذلك هناك أمامنا هذا المشهد المثير للفضول : يوميا يردد الببغاء المدرب على منبر الكنيسة هذه المسخرة , التي حصل عليها جاهزة مسبقا و تبناها دون أي تمحيص , إلى حشد مدرب على أن يقبلها دون أي تمحيص أيضا , لكن لا المتحدث و لا من يستمع إليه يضحك على نفسه . يبدو أنه يجب علينا أن نكون متواضعين عندما نكون أمام تلك المنصة , و ألا ندعي أي تفوق فكري هناك .


نقلا عن http://www.positiveatheism.org/hist/twainwp.htm#TEN



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي نوع من الديمقراطية يحتاجها العالم العربي ؟ للرفيق الأنارك ...
- الدين - الإيديولوجيا - السلطة
- الإيمو ظاهرة احتجاجية
- مستشفيان يونانيان تحت سيطرة العمال
- مجموعة أناركية ( لا سلطوية ) لا طليعة لينينية للأناركي الأمر ...
- عام على الثورة السورية
- أبنية المدراس الجديدة يتعذر تفريقها عن السجون الجديدة أو الم ...
- ألبرت ملتز , من كتاب الحجج ضد الأناركية و معها
- لن نستسلم , الموت للديكتاتور
- من الموسوعة الأناركية لسيباستيان فاور : الهرطقة
- مجرد رأي في 25 يناير
- الثورة السورية - العسكرة , العنف الطائفي , الأقليات , و تضام ...
- رفيق حسني , كلامك صحيح , لكن
- قالوا في الأديان
- تهنئة لبشار الأسد
- كل السلطة للجماهير , كل السلطة للتنسيقيات
- تحذير إلى شباب التحرير
- ارفعوا أيديكم عن ثورة الشباب السوري
- دفاعا عن الأناركية في مواجهة الحملة الإخوانية , دفاعا عن روح ...
- تحيا الأناركية


المزيد.....




- المسيحيون في سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس
- إيران تعلق على مواقف دول عربية وإسلامية متفاوتة بالشدة والله ...
- المسيحيون قي سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس
- مصر.. ساويرس يعلق على فيديو رفع صليب في سوريا بمظاهرات بعد ه ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة للأطفال الجديدة TOYOUR EL-J ...
- الجيش اللبناني يعلن توقيف أحد أبرز قياديي تنظيم الدولة الإسل ...
- بعد إغلاقهما 12 يوما.. إعادة فتح المسجد الأقصى وكنيسة القيام ...
- إعادة فتح أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين
- بزشكيان: القواعد الأمريكية تسعى لزرع الفتن بين الدول الإسلام ...
- الداخلية السورية: خلية جاءت من مخيم الهول وفجرت الكنيسة بدمش ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - أفكار عن الإله لمارك توين