أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - عندما كنت طفلا .. وعندما كبرت














المزيد.....

عندما كنت طفلا .. وعندما كبرت


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 17:56
المحور: الادب والفن
    


عندما كنتُ طفلا ً .. وعندما كبَرْت *





عندما كنتُ طفلا ..

علموني أن لا احترف الكذب في مقتبل العمر .. وأن أبقى صادقا صدوقا ً .. إلى أن يمتدّ بي ّ العمر ُ قليلا .. فالأطفال ُحين يكذبون .. سيصب الله عليهم جام غضبه .. ويدخلهم النار .. وسيبقون فيها مع الكفار .. خالدين فيها أبدا .

وعندما كبرت ..

اكتشفت أن كلّ الناس كانوا يكذبون .. بطريقة أو بأخرى .. وأنني كنت الوحيد الحريص على بضاعة صدقي .. وأنني وبضاعتي هذه .. لم يعد لدينا مكان في السوق .


عندما كنت طفلا ..

قالوا لي أن الحياة جميلة كالوردة.. ومشرقة ٌ كالشمس .. ومدبرة ٌ كالليل .. ومقبلة ٌ كالنهار .

وقالوا لي أيضا ً أن الأنسان يجب أن يكون طيبا وساذجا ً .. عندما يكون طفلا ً

وأن يبقى مخلصا ً , محبّا ًً , صادقا ً .. وممتلئا ً بالأمل .. إلى أن يشيخ .

وعندما كبرت ..

اكتشفت ُ أن الحياة لا تشبه ُ الحياة َ .. إلا قليلا
وان اليأس ينخرني
وأنني أنام ُ مهموما ً .. وأصحو على هموم ٍ جديدة ٍ .. كالمخابيل
وان طيبتي حوّلتني إلى عبد
وأن الذين أحبهم .. حتى الذين أحبهم .. يقايضون محبتي بكراهيتهم .. وسلامي بحربهم .. وأن لا أحد.. ولا شيء معي .. ليزيح عن صدري .. دهور الدبابيس.

عندما كنت طفلا ..

علموني أن لا صوت يعلو .. فوق أصوات من هم اكبر سنا مني

لان الصمت في حضرتهم.. من مقتضيات إجلالهم ..والأعتراف بقدسيتهم .. وسموهم على أمثالي من الضالين .

وعندما كبرت ..

اكتشفت أن الكبير أصبح صغيرا .. وأننا لم نتعلم الأشياء على حقيقتها أبدا ..ولم نستفد شيئا من أحد . .. وان الصمت مقدس .. وان الخوف فضيلة . .. وأنني إذ أتلمس طريقي في الظلمة .. فذلك أفضل لي .. ولأهلي .. وأكثر أمنا وسلاما وفضيلة.. من بقائي نقيا.. تظللني شمس المحبة التي لا ينبغي أن تغيب .

عندما كنت طفلا ..

علموني أن اعتذر عندما أخطئ .. وان اعترف بأخطائي .. حتى وأن كانت صغيرة مثل حلم عابر.. فالاعتذار ليس خطأ .. ولا خطيئة شبيهة ًبالجرب ِ القادم من المستحيل .. وان التواضع قوة .. وان الرغبة في الأستحواذ على كل شيء مرض عضال.. وان التعالي على الآخرين يجعل الله بعيدا جدا عني .. ويجعلني بعيدا جدا عن الله .

وعندما كبرت ..

اكتشفت أنني تعلمت الأعتذار عن أشياء لا ينبغي الأعتذار عنها .. وان الأقوياء لا يعتذرون .. حتى عن ضعفهم .. وان السماوات أصبحت بعيدة جدا .. وما عاد بوسعي أن أمد يدي نحو احد .


عندما كنت طفلا ..

علموني أن وعد الحر .. دين في عنقه
وإنني إن وعدت .. فينبغي علي أن أفي بوعودي .. وأن أنذر حياتي .. كي تكون ضحية رخيصة لهذه الوعود .

وعندما كبرت ..

اكتشفت أن اغلب الناس لا يفون بوعودهم .. حتى لأنفسهم
وان تلك الوعود العتيقة كالليل .. أصبحت مجرد كلمات.. كالسحاب العابر فوق العطش المر .. وككسرة الخبز ألأسود .. الذي يسُدّ ُ به السادة الجدد أفواه القطيع .

عندما كنت طفلا..


علموني أن الحق حق .. وان الباطل باطل .. وان الخير خير .. وان الشر شر .. وان لاشيء يصّح إلا الصحيح .. وان للحق جولات .. وللباطل جولة واحدة .. فأن كان لي حق عند احد .. سأنتزعه بأسناني .. دون خشية من سلطان ظالم.. فالله معي .. ولن يتخلى عني .. وسيظللني برحمته .. ويمدني بأسباب القوة والمنعة .. وأسباب البقاء .


وعندما كبرت ..

اكتشفت أن منطق الحق لم يعد كافيا للحصول على رغيف من الخبز لأهل بيتي .. وان للباطل وأهله جولات وجولات .. وان للحق جولة واحدة خضتها في صغري .. وتوهمت إنني انتصرت فيها .. وان معلمي الأول كان واهما مثلي .. وأننا معا ً قد هُزمنا .. وانتهى الأمر .


عندما كنت طفلا ..

علموني أن لا أتحدث عن أشياء لامعنى لها .. ولا جدوى منها ..
وان أصغي بخشوع لكل كلمة تقال .. كي استفيد من تجارب الآخرين
وأتعلم منهم خلاصة خبرتهم .. ومحنتهم .. وصبرهم على البلوى .

وعندما كبرت ..

اكتشفت أن أكثر الناس يتحدثون عن أشياء لا يدركون معناها .. وان لا أحد يصغي إلى احد .. وان أحدا لم يعلمني سحر تلك الكلمات المنافقة .. التي تفتح لمن يجيدها أبواب الجاه والحظوة والمال .


وعندما كبرت.. وكبرت ...

اكتشفت أن كل ما تعلمته في ذلك الزمان الواعد الجميل .. لا صلة له بما يحدث أمامي الآن

فهل أعيش الحياة كما علمني إياها أولئك الأفذاذ من المعلمين الأوائل ..
أم أعيشها كما أراها الآن ..سابحا مع هذا التيار الهادر..المليء بالأنذال؟؟
هل انشد مع الملائكة ترانيم حزني .. حالما بالشمس التي سوف تأتي ..
أم اعوي مع أجواق الكلاب الطليقة في دروب بلدي .. ناعيا ً كل الأشياء الحلوة التي ماتت .. في قلوب الناس . ؟؟





* تمت كتابة هذا النص كمحاكاة لنص آخر بعنوان " عندما كنت طفلة " وردني ضمن أحدى الرسائل الألكترونية . ولا اعرف مصدر هذا النص .. ولا هوية كاتبه . وقد تكون الأشارة الوحيدة لمصدر النص الأصلي هي تلك العبارة التي وردت في بدايته وفحواها : " مجموعة سر الحياة الأسلامية .. ترحب بكم ".. لذا اقتضى التنويه .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعديل الأخير لقانون غريشام
- في تلك الليلة
- نهايات عراقيّة لمقدمة عبد الرحمن بن خلدون
- أمنيات صغيرة
- من الليل ِ .. إلى الليل
- أبراج الحظ الوطنية
- على بُعد ِ ليل ٍ .. من الأندلس ْ
- لم َ لا
- سيرة ٌ من ثلج .. لكائنات ٍ من مطر ٍ وطين
- مصفوفة الروح
- أنتم لا تطرقون الباب .. وسيدتي لن تجيء
- مشكلة الدجاجة .. وإشكاليات الديك
- الدور الأقتصادي للدولة في العراق : اشكاليات ومحددات التأسيس ...
- طغاة .. وكرنفالات .. وقبائل
- جنود أيلول .. قطارات سبتمبر
- تأبين ٌ متأخر ْ .. للمقهى البرازيليّة
- بغداد .. سينما
- الكتابة في درجة خمسين مئوي
- بين بغداد .. وضحاها
- توصيف النظام الاقتصادي في دساتير الدولة العراقية 1925-2005


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - عندما كنت طفلا .. وعندما كبرت