عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 3473 - 2011 / 8 / 31 - 08:31
المحور:
الادب والفن
بغداد ... سينما
في سينما ( النصر ) ..
كانت ( سعاد حسني )
لم تزل " صغيرة ً على الحبّ ِ "
مثلي .
وكان ( رشدي أباظة )
يقبّلها كشيطان ٍ منفلت ْ .
منذ تلك اللحظة
شرعَتْ " سينمات " بغداد
بكتابة التاريخ اللاحق
لذهولي
وهزائمي .
***
في سينما ( بابل ) ..
سقطت ْ الأمبراطورية ُ الرومانية ْ .
وفور مغادرتي مُحبطا ً
مصاطب َ الأربعين فلسا ً
إقتادني جنود ُ الأنضباط ِ
بخوذاتهم الحمر
إلى الجبهة ْ .
***
في سينما ( غرناطة ) ..
كان " الأخوة كرامازوف "
يستعيرون أسوأ كوابيسهم
من بارات العَرَق ِ الرخيص ِ
على ضفتيّ
نصْب ِ الحريّة ْ .
***
في سينما ( الخيّام ) ..
إنتصرت ْ " قبائل ُ الزولو "
على كتيبة ٍ حمقاء
للجيش البريطاني .
وعندما غادر قطيع ُ الجياع
الشارد الذهن
مصاطب َ السبعين فلسا ً
متوجها ً صوب " فلافل أبو سمير "
بدأت ْ سيرة ُ الحروب ِ
التي لا تنتهي .
***
في سينما ( سميراميس ) ..
مات ( جيفارا ) .
من يومها
غادرت الأحلام الثورية أدغال الروح
وأصيب الثوّار
بالخرَفِ المبكرْ .
***
في سينما ( أطلس ) ..
ولأربعين أسبوعا ً
كانت ( سعاد حسني )
تزعقُ كالملاك
/ في السحنة البلهاء ل " حسين فهمي " /
" خلي بالك ْ من زوزو " .
وحين انتبه الكثيرون ل " زوزو "
كنتُ الأبله َ الوحيدَ
الذي تسمّر َ على رصيف الملصقات
مبحلقا ً في صدر سُعاد
المُترع ِ بربيع السبعينيات ِ البهي ّ ْ .
وكانت " زوزو "
بعيدة ً عني
كإناث البطريق الخائنة ْ.
***
في سينما ( روكسي ) ..
أصبحت ْ " أم ّ ُ الهند ْ "
أ ُمّنا بالتبني .
ولم يعد ْ الفقر ُ مختبئا ً
في باحات ِ " الصرائف ِ "
" خلف السد ّة ْ " .
***
في سينما بغداد ..
( قدري سابقا ً )
كان فخذها البهي ّ
( مقابل كراج الكاظم )
يوميء ُ لي .
وكان روْث ُ الأحصنة ْ
يختلط ُ برائحة ِ الكروش ِ المسلوقة ِ
المتّبلة ِ بالكركم ِ
في القدور ِ المبثوثة ِ
على الرصيفِ المحاذي .
***
في سينما ( زبيدة ) ..
ثمة من يزعق ُ في الوجه ِ المشدوه ِ ل " معروف الكرخي ّ "
/ في ضريحه ِ الباذخ ِ /
وفي الوجه ِ الحالم ِ ل " منصور الحّلاج ِ "
/ في قبره ِ المعتم ِ جوار مستشفى الكرامة ْ / :
" مرحبا ً أيّها الحُبّ ُ "
مرحبا .
***
في سينما ( الوطني ّ ْ ) ..
كان " أبي فوق الشجرة ْ "
لأن ّ ( ناديا لطفي )
كانت هناك ْ
تعِد ُ رجال َ الزمن ِ الجميل ْ
بما لم ْ تستطِع ْ إمرأة ٌ بعدها
أن ْ تَعِد ْ بِه ْ .
وحين َ مات َ أبي
/ من فرط ِ البهجَة ِ /
وبلغتْ ( ناديا )
من العمر ِ عتيّا
بقيت ْ شجرة ُ الوطن ِ
أمانة ً في عُنقي !!
***
في الستين ِ من العُمر ِ
ما عاد َ أحَدٌ يمشي
متأبطا ً ذراع َ أحَد ْ .
ولم ْ تَعُد ْ الأنامل ُ تتلامس ُ خِلسة ً
في ظلمات ِ المصاطب ِ .
وسعاد ٌ ماتت ْ .
والأصدقاء ُ انتحروا .
وما عاد َ أحد ٌ يتذكر ُ " زوزو "
عداي ْ .
***
في الستين ِ من العُمر ِ ..
بغداد ُ بلا " سينمات ْ " .
بغداد ُ بلا سينما .
بغداد ُ هي السينما .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟