أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الحنين الى مملكة النارنج














المزيد.....

الحنين الى مملكة النارنج


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 3644 - 2012 / 2 / 20 - 14:43
المحور: الادب والفن
    


شجرة النارنج, شجرة الطفولة والذاكرة، وهي تسترخي على
ضفاف بعيدة، هاربة كعصفور من سياج الى آخر ومن حدائق المدن الى بساتين الارياف.
قبل أيام شاهدت شجرة نارنج في مدينة ملبورن، فلا أحد كان يعرف شيئاً عن هذة الشجرة. وقلما من تذوق تذوق طعم هذه الثمرة.
فشجرة النارنج كانت نادرة ولااحد قد إعتاد على زراعتها في استراليا سابقاً..
يبدو إن شجرة النارنج في هذه الجزيرة كانت برية.. ومتوحشة تعيش في آقاصي الغابات. كحيوانات الجمال الوحشية التي تتواجد في شمال الصحراء الاسترالية.. حين جلبت من إفغانستان لغرض الاستكشافات والبحث عن الذهب.
في عام1997، عندما كنت أسكن غرب استراليا في مدينة بيرث، وقع نظري ذات مرة على شجرة نارنج في بيت صديقة إسترالية من أصل الماني، بعدما دعتني لزيارة بيتها.. إندهشت وأنا أرى شجرة نارنج مهملة في زاوية الحديقة الخلفية. تقربت الى شجرة الطفولة وقطفت فاكهة النارنج، وكنت أتسأل حينها عن سر وجود شجرة النارنج في هذه القارة... إنتزعت ثياب النارنج البرتقالي وكأني أخلع بثياب فتاة خجولة للوهلة الاولى ..وأردت ان أمتص رحيق جسد النارنج... صرخت الصديقة (هايدي شنايدر) ... سعد.... توقف لاتأكل هذة الثمرة إنها فاكهة سامة ... لقد كانت هذه الشجرة الغريبة في حديقتنا منذ سنوات طويلة ولااحد كان يفكر بأن يمس ثمارها، فعادة ما كانت هذه الفاكهة تتساقط على الارض وتجف.. ثم تنمو مرةً أخرى على أغصان تلك الشجرة في الموسم القادم.
تطلعت الى الصديقة "هايدي" مبتسماً وأنا التهم لب ثمرة النارج بلذة، كانت هايدي مستغربة .. بعدها أدركت الصديقة إن هذة الثمار طيبة وغير سامة. ثم أخذت الصديقة وعائلتها على قطف وتناول ثمار النارج في كل موسم، والاعتناء بتلك الشجرة بعد أن كانت منسية ومهملة.
حدثت هايدي عن حكاية هذة الشجرة وعلاقتها في فترة طفولتي ومراهقتي، وحينما كنت أتسلل هارباً من نافذة مدرستي وأنا أتخفى بعيداً لانعطف بشوارعٍ أخرى، حتى أتسلق أسيجة البيوت القريبة من ضفاف نهر الفرات في مدينتي الناصرية.. لاقتطف ثمار "النارنج والنبق"من اغصان الاشجار العالية خلسة في ظهيرة الصيف، وأنا أحاول حذراً أن اتجنب حدوث أن ضجة قد تفيق أهل الدار من قيلولتهم.

أشجار النارنج لن يوقف عنفوانها دخان الحرب لن يوقف عنفوان النارنج...
ولن يقدر الطغاة أن يطردوا كل العصافير من زيارة الشجر..
أو أن يمنعوا القمر حين يتسلل للرقص في محراب النهر


عام 1984 وأثناء الحرب العراقية الايرانية، حصلت لي قصة مع شجرة النارنج أيضاً..
ذات يوم وكالعادة وخلال إستراحة فترة الظهيرة كنت أغادر أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد، حيث دراستي في هذه الكلية.لاأذهب غالباً لتناول غدائي.. في مطاعم الطلبة العرب وكنت عادةً مااتردد على مطعم الطلبة السودانيين، أو المطعم الفلسطيني والتونسي.. او المطاعم الاخرى المتاخمة لمنطقة الوزيرية حيث مبنى الاكاديمية... ولدى مروري ذات ظهيرة من أمام السفارة التركية، كانت هنالك شجرة نارنج وارفة تتدلى من أغصانها تلك الفاكهة الصفراء المائلة الى اللون البرتقالي ، ومن خارج السور أغوتني إحدى ثمار النارنج الناعسة والمتكأة بكسل على هذا السياج الثقيل. قطفت ثمرة النارنج اليانعة بمتعة طفولية لكن تلك النشوة.. أربكها نعيق شرطي صاح بي عالياً بصوته الاجش... قف لاتتحرك .... التفت الى الصوت فكان الحارس لمبنى السفارة التركية، إتصل بضابط الشرطة ثم إعتقلوني أنا وثمرة النارنج .. دخلت الى غرفة الضابط .. صادروا ثمرة النارنج للفحص ...وحين تأكدوا انها ثمرة بريئة وليست قنبلة.. حينها أطلقوا سراحي.. وحذرني الضابط أن لاأقتطف ثمار النارنج مرة أخرى من حديقة السفارة التركية أو اي مكان أخر.
ملبورن 2012



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرصفة الشعر والجنون
- وداعاً أيها الكلب النبيل
- حكايات الماء والضفاف
- مرجان وفضّة عذابات القفص.. والدم المسفوك على ضفاف الفجيعة
- أساطير التراب والفضاء
- أساطير التراب
- عربات وذاكرة
- الابحار نحو فضاءات الخلاص
- نذور لعودة الغائب
- البحث عن الماء
- احتراق الخطى مابين الرمال والمدن
- النزوج بعيداً
- اغتيال الجسر الاخير
- مزامير الشمس وينابيع الياسمين
- تراتيل تحت نصب الحريه
- مابين نايّ تومان.. وعازف ساكسفون سوهو
- رأس ومنفى وقمر
- الحلم العاري يغادر الخيمة
- مابين وشاية القمر.... وعبور الحدود
- الله والمطر


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الحنين الى مملكة النارنج