أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تطرفُ اليسارِ واليمين














المزيد.....

تطرفُ اليسارِ واليمين


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 08:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خلال القرن العشرين عانى الشرقُ بين تطرف اليسار واليمين.
اليسار الذي ظهر فجأة وبقوة وعد بحلول نهائية كلية لمشكلات الشرق الشديد التخلف.
لم يكن تطرفه هذا وليد المصادفات او الرغبات الذاتية وحدها، بل نظرا لتاريخِ الشرقِ الغارق في الفقر والتخلف والاستبداد.
الشرقُ فيه شيئان متضادان هائلان هما الغنى والفقر، وربما حدث هذا في العالم كله سابقا، ثم راح الغربُ ينزاحُ من هذا التضاد ولكن ليس بشكل كلي أيضا.
الغنى في الشرق هائل مخيف، حين يغتني الشرقي فإنه يتخيلُ نفسه باقيا للأبد، يجمعُ الثروةَ ونتائجها وخيراتها وتعطيه السلطات المطلقة عبر التاريخ الطويل هذا الولوغ الواسع للغنى ومظاهره الفاحشة.
وقد ظهرت الأديانُ لتعقلن هذا بشكلٍ غيبي، ولتحد من ضراوته ونتائجه المخيفة، عبر اليوم الآخر والجنة والنار، ولعدم التهافت على الثروة بهذا الشكل المجنون المدمر للحياة.
وفي كل الأديان رغم مظاهرها العبادية وتصوراتها المختلفة فإنها تتفقُ على الوسطية التاريخية الوامضة، فتجعلُ صورةَ الحكم الزاهد في السماء نموذجا، والمحكمة العادلة عبر أمثولات العقاب والثواب رادعة، بتكريم الأتقياء الزاهدين الخيرين، وبالعقوبات الرهيبة للأشرار وأعداء التضحية والخير، وسواء كان ذلك نارا مشرقية أو تناسخا دنيئا هنديا.
لكن تطرف الغنى لم يقل والأنانيون ملأوا التاريخ بقصورهم وحدائقهم الغناء بل حتى بقبورهم المليئة بكنوز العمل وبعوالمهم المليئة بحشود الجواري والمسلين والمؤرخين والمادحين لهم، وفي جوارهم الأكواخ وغابات الفقراء ذوي الهياكل العظمية.
فنشأت بهذا الجموح نحو اليمين أشكال من التطرف نحو اليسار. قوى الوسط والعقلانية كالمعتزلة سُحقت في التاريخ الإسلامي ليظهر الخوارج والقرامطة وقبائل بني هلال الضارية ودول القبائل وقوى العنف عامة. كانوا يؤسسون حكومات مفيدة لعدة سنوات ثم ينزلقون في ذات التاريخ القديم.
ولم تكن قوى اليسار الحديثة في الشرق وفي جهات من الغرب أيضا بعيدة عن هذا التاريخ الذي هو جذورُها وصانعها القديم المتواري.
فأكدت ضرورة سحق الغنى وتشييد عالم الفقراء وأغارت على الأملاك وتحولت تدريجيا لما تحول له آخرون سابقون كذلك، غدت هي أجزاء من عالم الأغنياء الذي حاربته. وعادت للدين وللأحلام المُغيبة بعد أن فشلت في صنع الجنان الأرضية. وقال بعض ممن تسلق ومن يَئس إن أفكار التقدم والاشتراكية و(العدالة) ما هي سوى خيال وإن التاريخ الإنساني سيبقى غابة يفترسُ فيها البعضُ الأغلبيةَ العاملة.
وللعجب أن أكثر الدول سحقا للأغنياء وإنتاجا للحروب الحمراء وهي الصين هي الآن أكثر من لديها عملة الدولار عصرتُهُ من دماءِ الكادحين في بلدها.
إن التطرف القديم في الشرق أنتج لنا التطرف الجديد. فتطورُنا لا يعرف إلا حركات الفعل ورد الفعل. يجرى سحق الأغنياء المتطرفين بثرواتهم ليأتي آخرون يكررون فعلهم بأشكال أخرى، ويخدعون فقراء آخرين ويستغلونهم.
حتى الإصلاحات في الشرق تتحول إلى إنتاج أنماط جديدة من الأغنياء فيما تبقى قارات الفقراء تعيش على الكفاف.
حركة الغرب الديمقراطي بدأت بمثل هذا وأكثر في بعض البقع الجغرافية التاريخية، لكن عبر تطور الوعي ونضالاته وغوصه في قراءات التاريخ، وانتشاره بين الجماهير العاملة والغنية، وتجسده في ممارسات سياسية واجتماعية طويلة، وقد ظهر في الغرب أناس أقسى من هولاكو وأشد بطشا، فجاءت العقلانية السياسية وتداول السلطات والصحافة الحرة لتخفف من احتدام القطبين، وتجعل من ملاحقة الفقر ومطاردته سياسة عامة مفيدة بعض الشيء.
صيغة الديمقراطية الغربية هي كذلك تفيد بشكل كبير الطبقات المالكة، وتحسن قليلا أوضاع العمال، فالسلطات في هذه الدول بقيت للطبقات الغنية على مدى قرون التحديث، ولم يصعد ممثلو العمال والطبقات المنتجة إلا في لمحات من السنين وومضاتها حين تدلهم خطوب الغزو فتحكم الأحزابُ اليسارية ثم تُعزل بعد أن تنهي واجبها الوطني التاريخي كما حدث في فرنسا مرارا.
وها هم العمال والفقراء يثورون في دول الغرب من دون أن يستطيعوا الوصول إلى الأحزاب الكبيرة أو يؤثروا في السلطات الغنية المغلقة على أصحابها.
أما العمال والكادحون في الشرق والدول العربية فهم يُستخدمون للحكم أو للمعارضة بضعة عقود أو في لمحات من السنين، ثم يتم تجاهلهم وركنهم في الزاوية، من دون أن يفكروا هم أنفسهم في مصلحتهم الاجتماعية ويناضلوا من أجلها عبر تغيير ظروفهم وتقوية نقاباتهم وجمعياتهم التعاونية والسياسية المعبرة عنهم وليس المعبرة عن نخب مثقفة منفصلة.
لم تظهر أحزاب في الشرق منذ بداية التاريخ المكتوب اهتمت بحياة المنتجين وتطورهم التدريجي في العيش والثقافة، بل كانوا دائما أدوات للكبار كما أن وعيهم هم عفوي وعاطفي ومخدوع دائما.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطابٌ دينيٌّ رأسمالي صغير
- مذهبيو المشرقِ والتوحيد
- من أسبابِ الجمودِ السياسي
- الحربُ وسيناريو التفتيت
- روحُ الأمة!
- غربة شباب
- الثوراتُ العربيةُ: التقاربُ الفكري أولاً
- التحالفات في زمن الاضطرابات
- الربيع من دون يسار
- لماذا لا تتشكل عقلانية سياسية؟
- الصراعاتُ الفكريةُ بدلاً من التغيير
- تناغمُ التطورِ بين المذهبين
- فشلُ الطائفيين المحافظين في صنعِ ثورة
- وجهانِ لميداليةٍ عتيقةٍ واحدة
- المتنبي أميرٌ منافسٌ
- الثورةُ السوريةُ واعترافٌ عربي واسع
- غيابُ هزيمةِ يونيو من الذاكرةِ الإيرانية
- تحولُ القضايا إلى أورام سرطانية
- الإخوانُ والرأسماليةُ الخاصة في مصر
- الفضائيات والبرجوازية الإسلامية في تونس


المزيد.....




- حلفاء ترامب الخليجيون يسابقون الزمن لتجنب الحرب الشاملة في إ ...
- ماذا سيحدث لو قصفت أمريكا مواقع نووية في إيران؟ مسؤول إيراني ...
- غروسي: أضرار كبيرة في منشآت نطنز وأصفهان.. وتحذير من استهداف ...
- أزمة مزدوجة في غزة: العطش يوازي الجوع والموت يحاصر الباحثين ...
- سياسة برلين شرق الأوسطية على نار الصراع بين إيران وإسرائيل
- -الموت أحلى من العسل-.. متظاهرة إيرانية في طهران توجه رسالة ...
- ماذا حدث بين سفيري إسرائيل وإيران بمجلس الأمن؟
- مقتل 70 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على قطاع غزة، واشتباكات في ...
- بين الغضب واللامبالاة: كيف تنظر الشعوب العربية إلى إيران في ...
- قصف صاروخي إيراني يشعل حرائق ويتسبب بأضرار في بئر السبع


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تطرفُ اليسارِ واليمين