أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - من أسبابِ الجمودِ السياسي














المزيد.....

من أسبابِ الجمودِ السياسي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3560 - 2011 / 11 / 28 - 08:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم أن الزمن متقدم في ذلك الوقت فهو القرنُ السابع عشر الميلادي، وفي إنجلترا، حدثت حركةٌ اجتماعيةٌ غريبة متناقضة، فقد استطاعت الحركةُ البيوريتانية أن تقيمَ أولَ نظامٍ ديمقراطي في العصر الحديث، وتشكلَ مَلكيةً دستورية ثم جمهوريةً ثم تعود إلى المَلكيةِ الدستورية التي استقرت إلى يومنا هذا!
الحركةُ المذكورةُ حركةٌ دينية متعصبةٌ شكلتْ مذهباً تطهرياً متشدداً، ومع هذا تقودُ أولَ ثورة برجوازية ديمقراطية ناجحة في التاريخ!
تفسير ذلك ان هؤلاء المتعصبين دينياً كانوا متحمسين تجارياً، وقد فصلوا بين معتقداتهم الدينية والحياة السياسية والاقتصادية رغم أن لديهم آراءً فكرية واهية في تفسير الواقع، وآمنت هذه الطائفة (بضرورة اعتماد الإنسان على جهده الفردي اعتماداً كاملاً لتحقيق الثراء في الحياة الدنيا)، (واعتبرتْ النجاحَ المادي معياراً لرضاء الله على الفرد)، (الإلحاد في الغرب، رمسيس عوض، دار سينا للنشر، ص 43).
ركزت الحركة البيوريتانية على الحريات ونشر شاعرها الكبير ميلتون كتيباً دفاعاً مجيداً عن حرية الصحافة، وتنامت نضالاتُها التجاريةُ والسياسية حتى أقامت أول دولة ديمقراطية في التاريخ الحديث.
تعود أسباب اختلاف نشأة الحركة وأفكارها عن الشرق إلى كون المدن التي نشأت وتطورت لم تكن مدناً قبلية، ولم تكن الجماعات العشائرية هي أساس التكوينات الاجتماعية، وأن الدولة لم تكن مهيمنة على الأملاك العامة كالدول الشرقية.
وكان الكثيرون من قوى الحركة أصحاب صناعة وتجارة، وكان فيهم التجار الصغار والعمال كذلك، ورغم ظهور نزعات سياسية فكرية في الحركة وميل البعض الكادح للاشتراكية فإن الطابع الرأسمالي الفردي كان كاسحاً وعبره أحدثت التطورات المذكورة واستعمرتْ بريطانيا بلاداً كثيرة في العالم!
حركة دينية متشددة في فقهها المسيحي الخاص لكنها اعتبرت تأسيس الرأسمالية والحريات الاقتصادية والسياسية والفكرية هو نشاطها المحوري.
وهذا هو الفرق الرئيسي بين تلك الحركة الدينية البريطانية والحركاتُ الدينيةُ في العالم الإسلامي، التي هي في جوهرِها الباطني حركاتُ رأسماليين وباحثين عن المال والكسب الاقتصادي المشروع لكن آراءهم الفقهية تعيق تبلور المضمون المتواري في حركاتهم.
لماذا يحدث ذلك؟ علينا قراءة بعض الوقائع.
ان الحركات المذهبية والدينية في العالم الإسلامي نشأت على أسس القبلية والمناطقية المدنية، فتجد أن مناطق معينة سكنتها قبائل قبل فترة طويلة تحولت تدريجياً إلى مذهب معين. وقام المذهبُ بالحفاظ على البناء القبلي العشائري، الذي تجمد وغدا محافظاً كرس المحافظة السياسية، وسواء تمظهرت القيادة في شيخ قبيلة أو شيخ دين، فإن المشيخةَ تعبيرٌ عن سلطة قرابية تعززت عبر المذهب.
في حين نشأت المدن الغربية على أساس أنها أسواق، جاءتها طبقاتٌ وتغلغلتْ في أحيائها حسب مداخيلها. فيها يظهرُ الفردُ حراً، ليس ثمة سلطةٌ مسبقةٌ قرابية ايديولوجية تخضعهُ لسلطانها منذ الصغر فينشأ غير قادر على التكون الفردي الحر، إضافة إلى وجود وسائل النشر والتثقيف المختلفة، وحرية المطبوعات التي تجعله يختار ما يريد من آراء وتوجهات.
لم يعدْ الفردُ هنا جزءًا من جماعة متصلبة ليس فيها تنوع وحريات، هناك حقاً تجمعات دينية وسياسية مختلفة، وتكريس العقيدة يتم لدى الحركة البريطانية بقوة ولكن ميدان الحرية الفكرية والسياسية والاقتصادية ميدان مقدس، أو هو يتطور بشكلٍ تاريخي مستمر بدءًا من حق التصويت إلى حرية الفكر المطلقة.
الفردُ العربي يُقولبُ من البيت الذي هو جزء من سلطة، فلم توجد حركاتٌ كرستْ الحريات في كل خلايا الحياة بدءًا من التربية المنزلية، حتى يصل إلى المدرسة التي تقولبه سياسياً بشكل شاحب، فيخرج كنمط معلب، قدراته على التميز والاختلاف محدودة.
الجماعةُ القرابيةُ الدينيةُ الإسلامية بهذه المواصفات جاءتْ لها دولٌ شموليةٌ اقتصادياً وسياسياً وألحقتها بها، فربطتها برأسمالياتِ دولٍ متصلبة وحتى العائلات التجارية ذات النشاط الاقتصادي الخاص الحر تتعرضُ لتأثير هذه الدول، ولا تستطيع إلا أن تسايرها أو تساير المعارضات التي تكونُ هي الأخرى نسخاً من الدول!
العائلاتُ البريطانية والمذاهب وبالتالي الطبقات والفكر والفلسفات والاتجاهات السياسية ارتبطتْ بمناخ الحريات الأولية وبنمو السوق وصراعاته وهي الأمور التي أدت إلى تفجير القدرات الخاصة والعامة في الإنتاج الاقتصادي والإنتاج الفكري.
بينما سنجدُ ان النشاطَ الاقتصادي الحرَ في العالم الإسلامي ذو تأثير محدود في وعي الفرد لأنه مربوط ببنيةٍ اجتماعية تقليدية تشل قدراته على الإبداع الواسع في مختلف المجالات.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحربُ وسيناريو التفتيت
- روحُ الأمة!
- غربة شباب
- الثوراتُ العربيةُ: التقاربُ الفكري أولاً
- التحالفات في زمن الاضطرابات
- الربيع من دون يسار
- لماذا لا تتشكل عقلانية سياسية؟
- الصراعاتُ الفكريةُ بدلاً من التغيير
- تناغمُ التطورِ بين المذهبين
- فشلُ الطائفيين المحافظين في صنعِ ثورة
- وجهانِ لميداليةٍ عتيقةٍ واحدة
- المتنبي أميرٌ منافسٌ
- الثورةُ السوريةُ واعترافٌ عربي واسع
- غيابُ هزيمةِ يونيو من الذاكرةِ الإيرانية
- تحولُ القضايا إلى أورام سرطانية
- الإخوانُ والرأسماليةُ الخاصة في مصر
- الفضائيات والبرجوازية الإسلامية في تونس
- منطقة تقليدية
- فرصة لقوى الوسط
- البرلمانات وغياب الطبقة الوسطى


المزيد.....




- إيران ترفض المفاوضات مع أميركا قبل وقف الهجمات الإسرائيلية
- إيران تقدم 3 -مطالب- لعقد مباحثات مباشرة مع أمريكا
- الخارجية الأمريكية: مئات المواطنين فروا من إيران وآخرون يواج ...
- إسرائيل تقصف منصات ومستودعات صواريخ غرب ووسط إيران
- غزة.. عشرات القتلى بنيران إسرائيلية وتحذير من الجفاف
- ترامب يرد على سؤال حول إمكانية إرسال قوات برية في حالة التدخ ...
- قاضٍ أميركي يأمر بالإفراج عن الناشط المؤيد لفلسطين محمود خلي ...
- إيران تستهدف إسرائيل بصواريخ ثقيلة وتطلق مسيرة على خليج حيفا ...
- بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر
- من المسؤولة الأميركية التي كذبها ترامب وماذا قالت عن إيران؟ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - من أسبابِ الجمودِ السياسي