أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - غربة شباب














المزيد.....

غربة شباب


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القوى الاجتماعية نشأت في مجتمع اغترابي، المدن والبضائع والسياسات والثقافات الجديدة كلها غريبة عن الناس.
في بيوتٍ قليلة بقيت من المدن القديمة لم تعد الحارات هي نفسها، هنا يظهر شبابٌ لا يقبضون على شيء من ماضي بلدهم أو من ثقافتهم الوطنية السابقة المندثرة.
تغييراتُ المدن واستيراد البضائع والعمالة الأجنبية الضخمة واستيراد الثقافة الأجنبية والتحولات الهائلة في البناء والاقتصاد التي تمت من دونهم ومن خلال أعمال فيها التخطيط والفوضى، والانجاز والتجارة الاستغلالية، تُشعرُ هؤلاء الشباب بالغربة واللاقيمة الذاتية لهم.
تتآكل الأزقة، وتتفجر مشكلات، والشباب بحاجة قوية إلى العمل المنجز، وتكثر الطموحات والآمال الكبرى في واقع صعب، المدن والأحياء تتفكك، يظهرُ الولي المحافظُ كسلطةٍ في الأزقة. فحين لا تغدو المركزيةُ ديمقراطيةً ونهضويةً شاملة، وتنزاح حاراتٌ وقرى عن التنمية العادلة المتكاملة تظهر سلطاتٌ مختلفة.
نشأ أغلب الشباب العربي المعاصر بين زمنيةِ تآكل الرأسمالياتِ الحكومية ذات الآمال العريضة في التغيير وبين فسادها وانهياراتها وهزائمها، ومع صعودِ رأسمالياتٍ حكوميةٍ نفطية محافظة وخاصةٍ وهجومٍ غربي لتوسيعِ أسواقه. فتغدو المراكزُ والأطرافُ الإسلامية طائفية.
في هذا المناخ المنقلبِ من ايديولوجيات جامدة غير ديمقراطية وايديولوجيات ديمقراطية لم تتشكلْ حتى الآن، يغدو الدينُ مرحلة انتقال، جسراً وسيطاً بين ما تحطم وما لم يُبن بعد. شروخُ التنمية تكون الطائفيات المتعددة. أساس الدين العقلاني النضالي القديم يخلي المكان للحشود اللاعقلانية.
الثقافة الدينية البسيطة التي تلقاها الشباب من أهلهم هي التي تجعل لهم تاريخاً وثقافة ورموزاً يحسون بالانتماء إليها في عالم منهار.
الشباب تبنوا ثقافةً دينية لم تخضع للمناقشة، تقبلوا هيمنة فوقية بسبب الغربة في المدن، فالمدن لم تعد تعطي انتماءً توحيدياً، المدن المُسيَّسة والمبنية اقتصادياً من دون ديمقراطية هي من دون علاقة بهؤلاء الشباب خاصة.
الشباب يعيش في عالم ثقافي وهمي، فأبطالُ التاريخ القديم يملأون مسارحه التي تضج بالحروب والانتصارات، وقضاياه مختلفة، والعالم الواقعي المحيط به عالمٌ زائفٌ في تصوره، عالمٌ مرفوضٌ قادم من مكان معاد، وهذا العالم الافتراضي الذي يعيشه الشباب في الوهم يتحرك ليغدو هو الواقع كما يحلمون.
في عمليات التحلل هم الآن يخضعون للولي المحافظ القادم من العصور الوسطى، المناهج المدرسية المحافظة لم تعلمهم التنوير ووحدة المسلمين والإنسانية في تطور ديمقراطي مشترك. الاقتصادياتُ تدور حول الأنا، فيتوجه الشابُ للأنا لكن عبر الظلامية السحرية المنقذة!
يدخل الإنترنت ويبتعد عن آلاف المواقع ويختار موقعا.
آلاف الكتب حوله والجرائد فيذهب لقصاصاتِ صحف معينة. إنه يتشكلُ كدكتاتور صغير.
المناهج التي حفظها هي فقط للامتحان والشهادة والوظيفة التي قد لا تأتي.
الأسماء الكبيرة الكثيرة للمشاهير وللمثقفين بكتبها وإنجازاتها يعبرها، إنها لا تنتمي إليه، لم تدخل بيته، لم يستطع أبوه أن يشتريها. ومن المستحيل أن تصل لأصابع أمه!
الميناء القريب الذي أنشئ وتسلل ماؤه لجذور حقل الأب لم يسأله أحدٌ في بنائه.
العمارات الهائلة، والأسواق العامرة، والأزياء المذهلة ليس له فيها نصيب!
الزحام الذي تشكل في المدن الجديدة أو القديمة المتحولة كوني، والمهاجرون في كل مكان، وربما تغلغلوا في حيه، أو جاوروا بيته. لغات غريبة، وأناسٌ مهمون في الإنتاج وتأسيس الأبنية التي كان يفترض أن يبنيها هو، لكنه لا يقيم علاقة معهم.
تم إنتاج هؤلاء الشباب في عصور مجهولة بالنسبة إليهم، هذا يعتمد على المثقِّفين وأوراقهم الدينية ومدى تعلمهم، قد يكون المعلمون قد ركزوا على صدر الدولة الإسلامية وثقافتها وقد يكونون مهتمين بعصر التدهور في أواخر الدولة العباسية، لكن التلاميد تجمدوا في ذلك الزمان المثالي حيث الولي الفقيه تعويذة منقذة قادمة من السماء، وهو الذي سوف يعود ويبقى وينتصر على عالم المادة الزائلة.
هم يعيشون في عالم افتراضي، حقيقي كذلك، يسمعون ويلبون كلمات قديمة أبدية، مهما اخترقت أجسامهم البنوك والآلآت فهي لا تتلامس معها، لا تندمج بها، تظل منعزلة في عالمها الافتراقي الافتراضي الباقي، ومهما سمعت من كلمات وخطب تظل أصداءً لضجيجٍ زائل وتنتظر كلمات الولي الحاسمة.
نصوص مقدسة تتردد يومياً وتشكل أجساماً صلدة من هؤلاء الشباب، وتتحول إلى تنظيمات وصراعات وعنف، سُحبوا من العصر الذي لم يتكون في حاراتهم وقراهم، ولم يتغلغل في عائلاتهم فلم يؤثر في نفوسهم.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثوراتُ العربيةُ: التقاربُ الفكري أولاً
- التحالفات في زمن الاضطرابات
- الربيع من دون يسار
- لماذا لا تتشكل عقلانية سياسية؟
- الصراعاتُ الفكريةُ بدلاً من التغيير
- تناغمُ التطورِ بين المذهبين
- فشلُ الطائفيين المحافظين في صنعِ ثورة
- وجهانِ لميداليةٍ عتيقةٍ واحدة
- المتنبي أميرٌ منافسٌ
- الثورةُ السوريةُ واعترافٌ عربي واسع
- غيابُ هزيمةِ يونيو من الذاكرةِ الإيرانية
- تحولُ القضايا إلى أورام سرطانية
- الإخوانُ والرأسماليةُ الخاصة في مصر
- الفضائيات والبرجوازية الإسلامية في تونس
- منطقة تقليدية
- فرصة لقوى الوسط
- البرلمانات وغياب الطبقة الوسطى
- العولمةُ والسيطرة على الثوراتِ العربية
- جناحان يتصادمان
- مستويان من الحياة التقليدية


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - غربة شباب