أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - جناحان يتصادمان














المزيد.....

جناحان يتصادمان


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3538 - 2011 / 11 / 6 - 09:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في زمن ما سُمي الصحوة الإسلامية ساد وعي غيرُ تاريخي وغيرُ موضوعي، وعبّر عن يمينٍ غيرعقلاني.
كان انبثاق (الصحوة) من بلدانٍ متدنيةِ التطور، وعبرَ سكانِ ما قبل المدن النامية في الحداثة، لابد أن يوسمَ هذه الحركات بتغييب العقلانية.
اليمينُ الذي تشكل عبر موجات متعددة انبثق من أموالِ النفط غيرِ المحاسب على صرفِها وتوزيعها، فظهرت قوى غريبة مثل أن يحصل أسامة بن لادن على أموال طائلة فتُوجه نحو العنف الخطير.
مثل هذه الأموال هائلة وتوزعت بين محافظ النقد الغربية وشركات السلاح النهمة والشركات العابرة للقارات وبعض الحكومات العربية والإسلامية وفئات من الأغنياء كثيرة.
أموالٌ جعلت من بلدين كبيرين هما السعودية وإيران مؤثرين بقوة في العالم العربي الإسلامي، ونزلت المكانة القيادية لدول النهضة العربية التي لم تستطع أن تطور الديمقراطية فيها، وعبر أغلب التجارب عن فقدان الفئات الوسطى دورها القيادي المستنير، وتردد مشروع الحداثة الديمقراطي العلماني المتقدم.
انتشار اللاعقلانية يتضح في سيطرة النصوصية الباترة لكل تأويل، وعودة الطوائف الشمولية بدلاً من أن تذوب في عالم الحداثة المتصاعد، وغلبة سكان البوادي والأرياف على أهل المدن ونشر طرقهم في الحياة فسيطرت قوى النجوم مرة أخرى على حكم العقول.
ومن المظاهر كذلك ضخامة استخدام العنف ورفض الحضارة والتقدم حتى الوصول لطرح مشروعات العودة للكهوف، وعدم نجاح دعوات الوسطية مع تآكل الفئات الوسطى، وقوة الجناحين المتطرفين: جناح أصحاب المليارات وجناح الفقراء المعدمين الذين ملأوا مدن النفط وغيرها من المدن العربية الإسلامية، والتطرف الاجتماعي هو الذي أوجد أشكال التطرف السياسية والفكرية فهي لم تكن أسباباً بل نتيجة!
تم تحويل مظاهر من الدين إلى شعوذات، فتطبع كل الموسوعات المليئة بالهذيان الخرافي وتُنشر بين العامة، وأصبحت كلمات مكرورة من الدين مفاتيح لكل الألغاز الاجتماعية والمعرفية والاقتصادية.
وتم استعادة الوعي المذهبي المحافظ لزمن انهيار الدولة العباسية في أحكامه وفقهه وفلسفته المعادية للعقلانية حيث عجزت الفلسفةُ العربيةُ المثاليةُ عند ابن رشد عن تقديم تيار عقلاني نهضوي، بسبب غياب رؤية الإصلاح لأوضاع المزارعين والنساء والثقافة. وليس وراء هذه الاستعادة سوى تفتيت الدول كما حدث سابقاً بعد انهيار الدولة العباسية. وهذا ما اتضحَ في البلدان التي سبحتْ بقوة في هذا الوعي الخرافي كالسودان وافغانستان وغيرهما!
فنظراً لكون الثروات النفطية غير منبثقة من الإنتاج المتطور، وفي أيدي إدارات غير ديمقراطية، وظهرت في المناطق الصحراوية وعلى ضفاف الأرياف الفقيرة، فإنها لم تنتج فئات وسطى صناعية وعمالية متقدمة، فلم تكرس قوى متقدمة وعقلانية سياسياً. وبلدان أخرى وأحزاب عاشت على هذا الفيض لتزيد من طابع التخلف وتقود نفسها للحروب والتفكك.
رغم كل شيء فإن البلدانَ غيرَ النفطية، والتي أُتخمتْ من آثار الشعارات الطائفية والثقافة غير الديمقراطية تحركت بشكل عاصف لتنقذ تطور بلدانها، وهي المتأثرة كذلك بالموجات الدينية المحافظة.
والأمر لا يعود لأسباب ذاتية محضة بل لأسبابٍ اجتماعية ثقافية، فدول مثل تونس ومصر والمغرب حافظت على نواةٍ للدولة المدنية، وكونت تحالفات بين الطبقات الوسطى والعاملة المأزومة والمحاصرة برأسماليات الدول العسكرية وبموجات التخلف، وهي السببياتُ التي لم تشكلها دولٌ عصفتْ بها الطائفياتُ بكل ثقليها الريفي والبدوي وبكل تحركات الإدارات غير الحصيفة والتي لم تعِ تلك السببيات أو رفضتْ ظهورها، واعتمدتْ على سحر السياسة الدينية وليس على علمية السياسة المدنية.
وهذه التحالفات الاجتماعية التي تمت ليست قوية كلياً، وهي جزرٌ في بحر من الأمية ومن قوى الرثاث الاجتماعي الضائع المستعد لبيع ذاته أو الانتقال للشمولية بل حتى الفاشية، ولهذا فأي تلكؤ في تمتين قواعدها الطبقية الحديثة وعدم محاربة الفقر والبطالة وتدني الأجور وضعف التعليم الصناعي العلمي، وعدم توسع الصناعات الحكومية والخاصة، يؤدي للرجوع لمستويات الدول التي تعصفُ بها الطائفيات، ورياحُ الخرافات، والتي لم تقم بتشييد ذلك التحالف الاجتماعي الحداثي.
قد يؤدي عدم ترسيخ قوى النهضة والديمقراطية والصناعة في دول الثورات المنتصرة إلى تصادم الجناحين، وغرقهما معاً في عالم الطوائف الكلي.
إن البذورَ من وعي الحداثة والديمقراطية لابد من لها سياسات قوية في الأرض الاقتصادية وفي الوعي الفكري، ويجب ألا تقوم أموالُ النفط بحرفِها مجدداً عن صلابتها الديمقراطية العلمانية، وتضييع ثمار ثوراتها وتاريخها المدني بل أن تساعدها.
على دول الثورات المنتصرة كذلك أن تمد يدَ المساعدة السياسية الفكرية للدول التي تصارع الطائفيات وموجاتها المدمرة، عبر أن تكون هي نموذجاً وأن يغدو إعلامها ديمقراطياً تحديثياً ينشرُ الحقائقَ وثقافات العلوم لا ثقافات السحر والدجل والإرهاب.
ويُنتظر من الحركات السياسية ذات الجذور الإسلامية الآن أن تقرأ تاريخ النسق النهضوي التوحيدي المتصاعد في الإسلام، وتجعل من التحولات المعاصرة رفضاً لصيغ محافظة تريد أن تعيق تطوراته مجدداً.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستويان من الحياة التقليدية
- مستقبلٌ كبيرٌ للرأسماليةِ الخاصة
- سقوط هارونَ الرشيد السياسي
- تقدمٌ بوعي متخلف
- من أجلِ الشعبِ أولاً! (5-5)
- من أجل الشعبِ أولاً (4-5)
- من أجلِ الشعبِ أولاً! (3-5)
- من أجلِ الشعبِ أولا! (2)
- من أجل الشعب أولاً! (1)
- الوعي الطائفي والوعي الطبقي (3-3)
- الوعي الطائفي والوعي الطبقي (2-3)
- الوعي الطائفي الوعي الطبقي (1-3)
- الرأسمالياتُ والدول
- تحليلٌ لكلامٍ مغامرٍ (2-2)
- تحليلٌ لكلامٍ مغامر (1-2)
- ثلاثُ تشكيلاتٍ وسياساتٌ متصادمة
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر(4-4)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسار المغامر (3- 4)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر (2)
- اليسارُ الديمقراطيلا واليسارُ المغامر (1)


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - جناحان يتصادمان