أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - خطابٌ دينيٌّ رأسمالي صغير














المزيد.....

خطابٌ دينيٌّ رأسمالي صغير


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 09:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عبّر الدينيون في التاريخ العربي الإسلامي السابق عن كونهم حماة المحافظة المنزلية والمحافظة الفكرية، وكان هذا متساوقاً مع أنظمةٍ إقطاعية، فيما تشكل حراكٌ اجتماعي مختلفٌ خلال القرن العشرين خاصة، لم تستطع فيه الرأسمالياتُ الحكوميةُ القائمةُ في الصناعة على إنتاج المواد الخام تغيير الأغلبية الشعبية العاملة نحو عمالة التصنيع الواسع والاتمتة وتحويل النساء إلى الثورة التقنية.
كان انهيارُ بعض أنظمةِ الرأسماليات الحكومية بسبب توجيه الفوائض الاقتصادية نحو تكوين برجوازيات حكومية ونحو اقتصاديات خدمية غير تصنيعية جماهيرية.
إن انتصارَ الدينيين المذهبيين الانتخابي لاعتراضهم على بعض هذه الرأسماليات الشمولية ذات التوجهات الحداثية خاصة، من خلال مواقفهم المحافظة المؤيدة للإقطاع المنزلي وهيمنة الذكور الكبيرة على النساء ولعدم التوسع في الحريات الخاصة.
من وجهة نظر الجماهير العادية كان أساسُ نضالِها هو فسادُ أنظمةِ الرأسماليات الحكومية الشمولية، التي كرست الثروة في نخب قليلة خاصة في العواصم ومدن الرفاه البرجوازية.
لكن طابعَ حياة الجمهور وهيمنةَ الذكور التقليديين فيها وسيطرة الحرفيين وعمال القطاعات العامة والريفيين، تقودُ إلى مقاربةِ الدينيين المحافظين كذلك.
وبسبب عدم مقاومة الأحزاب العلمانية لأنظمة الرأسماليات الحكومية ومشاركتها لها وعدم مجابهة الإقطاع وعدم النضال التحديثي الديمقراطي المتجاوز له وعدم دعم القطاعات الرأسمالية الخاصة التحديثية، لهذا فإن مقاربةَ الجمهورِ للأحزابِ الدينية تغدو شيئاً عفوياً مشتركاً.
إن حاجات الجمهور العربي للتصنيع الواسع وتبديل نمط حياة العرب من حياة محافظة تقليدية إلى حياة حديثة متطورة صناعياً واجتماعياً، سوف تصطدمُ بأيِ قوى تعجزُ عن توفير مثل هذه البرامج التحولية.
إن ريفية ومحافظة الأحزاب الدينية سوف تبرزُ كمضمونٍ متوارٍ عميق داخلها، فتغييرُ نمطِ حياةِ العائلة العربية المحافظة هو أساس الثورة الصناعية التقنية العلمية المطلوبة والقادمة، فيما عاشت الأحزاب الدينية على تكريس سيطرة وقيم الذكور والأسرة غير المتطورة علمياً وغير المتساوية وعلى عقليةٍ نصوصيةٍ جزئية.
وفيما أخفقت أنظمةُ الرأسمالياتِ الحكومية عبر تكريس نمط تصنيع المواد الخام وقوى البيروقراطية وعجزتْ عن إدخال الثورة الصناعية التقنية العلمية في حياة الجماهير العربية المعيشية، ووجهت الفوائض خلافاً لهذه البؤرة المحورية، فإن الرأسماليةَ الخاصةَ الدينيةَ الصاعدة عربياً تواجه المشكلة نفسها، وهي القادمة من الرأسمالية الحِرفية والريفية والريعية المختلفة، ولم تأتِ من التصنيع بشكل أساسي.
ويبدو ذلك من خلال خطابات الوعي الخيري وتكريس الهامشية في أغلبية المنتجين خاصة النساء والقوى الفلاحية وتجميد حياة القرية ومحدودية الوعي الفكري القادم من خطابات دينية عقلية جزئية تطرح نموذجاً لالوهية مهيمنة كلية مباشرة على الوجود الاجتماعي البشري وتنفي السببية وفهم العالم بشكل شامل وعبر القوانين الموضوعية وهو وعي حِرفي ديني عربي قديم، افتقدَ وجودِ الآلةِ في تلك العصور.
كذلك فإن علاقاتها بالكادحين علاقة لا تصل إلى مستوى الإسلام التأسيسي الذي أقامَ تحالفاً بين التجار من جهة والعبيد والفقراء من جهة أخرى، فشكّلَ دولةَ النهضةِ في عالمٍ بدوي محافظ، ويظهر ذلك في محدودية تعاونها مع قوى الشغيلة وأحزاب العمال، والنسب القليلة لهؤلاء في وجودها وقراراتها وتحالفاتها ومقاعدها الفائزة بها، لهذا نجدُ غيابَ التحالف الطبقي المؤدي للثورة التصنيعية التقنية العلمية الجماهيرية المطلوبة عربياً مما يُرجحُ سيطرةَ أقسامِ البرجوازياتِ العقارية والمالية على أقسام البرجوازيات الصناعية.
وكلما زادَ تعاونُها مع أحزاب العمال والعلماء والنساء وقوى الإنتاج عموماً أمكن تغييرَ معيشةِ الجماهير العربية، وعبور هوة التخلف والركود الزراعي وهيمنة الحِرفية وسيادة العمل اليدوي البسيط والأمية والثقافة غير العلمية، وهي أمورٌ تعتمدُ على أسبابٍ موضوعية كمستويات تطور الصناعة في أي بلد معني ومستوى الطبقات العاملة وأقسامها المختلفة اليدوية والذهنية، وأحجام الذكور والنساء فيها، وطبيعة وتوزيع التوظيفات الرأسمالية الحكومية والخاصة، وإلى عوامل ذاتية كمستويات الأحزاب وعلاقاتها بالطبقات المنتجة والعلوم.
إن هذه الجوانب كلها سوف تُمحصُ وتُجربُ مع ظهور ممارسات الأحزاب الدينية في السلطات ولكيفية معالجاتها للأزمات العميقة، ونتائج ذلك على واقع الجماهير وتطوره، وتبقى الأسئلةُ المحوريةُ في تغييرِ نمط المعيشة وتوزيع الخيرات وتوسعها امتحاناً مهماً في السنوات القادمة.
إن التشكيلة الإقطاعية لم تُغيرْ تماماً، فقد كانت الرأسمالياتُ الحكوميةُ العربية تقومُ على أسسٍ اجتماعية وفكرية منها، خاصةً مع تعلق بالنساء والفلاحين والثقافة، مشكلةً إقطاعاً سياسياً في الجوهر، والآن يتحدد الإقطاع المذهبي الأسري السياسي وخياراته على الرأسماليات الحكومية والخاصة وكيف يقوم بتوجيهها وتوزيع فوائضها، فهل يتخلى عن البنية الاجتماعية المحافظة؟ وكيف سيجسد الثورة الصناعية التقنية العالمية عربياً بمستويات وعيه؟ علينا أن ننتظر عدة سنوات لنرى النتائج.
إن القوى الغربية من جهة أخرى سوف ترضى بمستوى رأسماليات مستهلكة لسلعها، موسعةٍ لأسواقها وجالبة للمواد الخام الرخيصة، مع الحفاظ الشكلي على مسائل الحريات، فهي ليست معياراً بل المعيار هو مدى التحالف بين المالكين والعمال، بين القوى الاجتماعية العربية المختلفة لتحقيق التحولات المنشودة وقبولها بالديمقراطية وتبادل السلطة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذهبيو المشرقِ والتوحيد
- من أسبابِ الجمودِ السياسي
- الحربُ وسيناريو التفتيت
- روحُ الأمة!
- غربة شباب
- الثوراتُ العربيةُ: التقاربُ الفكري أولاً
- التحالفات في زمن الاضطرابات
- الربيع من دون يسار
- لماذا لا تتشكل عقلانية سياسية؟
- الصراعاتُ الفكريةُ بدلاً من التغيير
- تناغمُ التطورِ بين المذهبين
- فشلُ الطائفيين المحافظين في صنعِ ثورة
- وجهانِ لميداليةٍ عتيقةٍ واحدة
- المتنبي أميرٌ منافسٌ
- الثورةُ السوريةُ واعترافٌ عربي واسع
- غيابُ هزيمةِ يونيو من الذاكرةِ الإيرانية
- تحولُ القضايا إلى أورام سرطانية
- الإخوانُ والرأسماليةُ الخاصة في مصر
- الفضائيات والبرجوازية الإسلامية في تونس
- منطقة تقليدية


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - خطابٌ دينيٌّ رأسمالي صغير