أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - مخاض/قصص قصيرة جدا














المزيد.....

مخاض/قصص قصيرة جدا


نواف خلف السنجاري

الحوار المتمدن-العدد: 3530 - 2011 / 10 / 29 - 11:36
المحور: الادب والفن
    


قصص قصيرة جداً

مخاض
كأسه الأولى فرغت إلى النصف.. لم ينقص من صحن الزيتون الذي أمامه سوى بضع حبات، سيجارته الثانية قاربت أن تصير عقباً.. أما الورقة فلا زالت عذراء عطشى لحبر القلم الذي يمتشقه.. كأسه الثانية فرغت تماماً.. ماعون الزيتون نقص حبات أخرى، علبة السجائر نقصت خمساً، مازالت الورقة تأن من الفراغ.. كأسه الثالثة .. الرابعة....
فرغ صحن الزيتون، نفدت السجائر من العلبة، شارفت خيوط الفجر على البزوغ، المدينة بكاملها تشخر وتغطّ في نوم عميق.. الغرفة التي يشغلها ذلك المتشرد تفيض بالخيالات، والأحلام. في وسط الغرفة يستلقي الشاعر محملقاً في الفراغ بعيون جامدة، وبالقرب منه تقبع ورقة ارتوت تواً، وامتلأت بقصيدة تنزّ حزناً، وترتجف برداً، منتظرة شمس الصباح.


مصالحة
أنا وهو خصمان عنيدان، منافسان شرسان .. قررّتُ ألاّ أنافسه بعد اليوم.. اعترفُ بأنه تفوق عليّ أحياناً .. لكني لن أحسده على انتصاراته بعد هذه اللحظة. كل الميداليات، الأوسمة، وأكاليل الغار التي حصل عليها لا تعني لي شيئا الآن ...
حملتُ باقة زهور، واتجهتُ إلى المكان الذي انتقل إليه.. السعادة تشع من وجهي.. أنا احترمه الآن أكثر من أي وقت مضى.. واشعر بأنني لم أحبه يوما كما أحببته الآن...
وضعتُ الزهور إمام رأسه، وخرجتُ مسرعاً من المقبرة!

ملجأ
وصل بمعجزة إلى ذلك المكان المظلم.. استرد حواسه، تنفس الصعداء، بعد دقائق عاود صدره الصعود والهبوط بانتظام.. فتّش في جيوبه، أخرج علبة السجاير وأشعل لفافة.. نظر حوله، تراءى له هيئة ثلاثة جنود آخرين.. ابتسم بانتصار وقال:
ـ قد نكون الناجين الوحيدين من هذا الفوج البائس!
ثم استطرد متسائلا:
ـ ماذا سنفعل بعد أن ينتهي هذا المطر من القذائف؟ أين سنتجه؟
وتابع متنهداً:
ـ أطفالنا ينتظروننا.. زوجاتنا ينمن وحيدات في أسرتهن .. من يدري؟؟!
وقهقه ضاحكا.. تحدث كثيراً، كمن مسّه جنون، وحين لم يلحظ أية استجابة من المحيطين به، صاح بأعلى صوته:
ـ هل انتم نائمون حقا في هذا الجحيم؟ أجيبوا بربكم.. ألستم سعداء بنجاتكم؟
لم يرد عليه احد.
أشعل عود ثقاب، وقرّبه من وجوههم.. حينها تأكد له أنه يتحدث منذ ساعة إلى ثلاثة جثث!


إحصاء
* إلى الشاعرة ستيفي سميث
في قرية صغيرة على مقربة من الجبل.. هناك مئة وتسعة وستون قبراً، خمس وثمانون شجرة، سبع قباب، رابيتان، ثلاث طرق، أربع مزابل، ثمانية عشر دكاناً، وصالون حلاقة يطل على ميدان لكرة القدم.
قريبا من المقبرة توجد إحدى عشرة سيارة، أربعة عشر شرطياً، ثلاثة مصوّرين وكلب واحد يقبع حزيناً أمام جثة الشاعر.



عيد ميلاد
جميع الفراشات التي لوّنها في مرسمه الصغير تخرج من مكامنها، تحلّق وتحوم فوق حديقة الأزهار التي تحيط بشجرة زيتون زرعها الطفل المدلل حين خطى خطواته الأولى.. أحلامه البيضاء، أناشيد الطفولة، الأقلام الملّونة، أكوام الكرات والكتب، الصور، والأغاني كلها تنتظر عودة ذلك الصبي الأسمر ذا العينين الواسعتين..
والدته وأخواته جلبن شرائط ، بالونات، شموع ملّونة، وكعكة بحجم لهفتهن...
ها هو يأتي طائراً إليهم كمهر بجناحين، تاركاً فوق رصيف المدرسة جسداً برونزياً تنام في ذاكرته شظية أصغر من حبة الزيتون!

تشبث
كان له ما أراد.. صارت ساعته(90) دقيقة، يومه (36) ساعة، شهره (45) يوماً ، سنته (18) شهراًً...
ولمّا جاءه ملك الموت بعد ( ألفي ) عام وسأله:
ـ هل اكتفيت ؟
أجابه الإنسان:
ـ لا.


فراغ
* إلى حجي المرشاوي
لم يجلس يوماً إلى طاولته ليكتب، إلاّ وعليها علبة سجائره المفضلة..
الدخان صار طقساً مقدساًً من طقوسه الكتابية.. تدهورت صحته، فنصحه الطبيب أن يترك التدخين.. ألحّت عليه زوجته، توّسل إليه أطفاله، فرضخ صاغراً وأقلع عن تلك العادة.
مضى على ذلك خمس عشرة سنة...
إنه الآن يتمتع بصحة جيدة، وشهية عجيبة للطعام، ومواظب على ممارسة الرياضة كل يوم.
الجميع يحسدونه على تغيير حياته.. لكن لا احد غيره يحسّ حجم الألم الذي يعتصره، حين يلتفت إلى أوراقه المتروكة فوق الرفوف وهي لا تزال ترمقهُ بنظرات تقطّر بياضاً وحقداً.
* جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3996 - التاريخ 14/9/2011



#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواتب
- قصص قصيرة جداً / الضفة الأخرى
- نحن، و هُم!
- قصص قصيرة جداً / عناق
- القصة القصيرة جداً في العراق
- محطات
- حوار مع القاص نواف خلف السنجاري
- طلال حسن رأى ظلاً يكتب قصة قصيرة جداً!!
- على مسطبة الاحتياط!!!
- قصائد فوق أوراق الزيتون
- رحيل الحُلم.. أم حُلم الرحيل؟!
- عين على القصة
- وطن اسمه آفيفان.. غربةٌ، أشواقٌ و أحزان
- عالم آخر وقصص أخرى
- مملكة صغيرة / قصة قصيرة
- ذكريات
- قيامة
- البيضة هي فوضى الطائر
- (البُعد العاشر)
- قراءة في المجموعة الشعرية (العربات) للشاعر د. جاسم الياس


المزيد.....




- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24 ...
- وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في ...
- -زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
- نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با ...
- -رمز مقدس للعائلة والطفولة-.. أول مهرجان أوراسي -للمهود- في ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - مخاض/قصص قصيرة جدا