أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - مملكة صغيرة / قصة قصيرة














المزيد.....

مملكة صغيرة / قصة قصيرة


نواف خلف السنجاري

الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 17:11
المحور: الادب والفن
    


يمشي مستنداً على عكازه العتيق، يدّق الأبواب، يستجدي، وبعد أن يهده التعب يجلس على رصيف الشارع المقابل للمصرف والذي صار مكانه المقدّس! انه لا يحمل معه أية موهبة إلا انه يجيد التسوّل كمهنة واحتراف!
في نفس الفندق الذي اعمل فيه نادلاً، كان هذا الرجل يأتي كل يوم بعد أن ينتهي من (وظيفته)! ليقضي لياليه معنا، يأكل ويشرب ويعربد ويصرف بكل سخاء، حتى انه كان يترك لي فطوري كل صباح ويعطيني بقشيشاً كأنه أمير!
الشحّاذ يحب (سامية) الفتاة الفقيرة التي تعمل منظفة في فندقنا ذات النجمة الواحدة! نحن نعرف اسمها فقط، أما عمرها فيتراوح بين 20 – 25 عاماً. هي نفسها لا تعرف اسم والدها أو والدتها ولا تملك أية أوراق رسمية تثبت شخصيتها، فهي غير موجودة أساساً في سجلات الحكومة.. كل ما ذكرته لي هذه الفتاة : إنها وُجِدَت أمام عتبة إحدى البيوت ملفوفة بسرّة، فقام العجوز صاحب البيت بتربيتها كأنها ابنته إلى أن أصبحت فتاة في العاشرة، وعندما توفي العجوز تولّت تربيتها امرأة فضة قاسية القلب جعلتها خادمة في منزلها مقابل الطعام والكساء. ولمّا بلغت الخامسة عشرة من عمرها تحوّلت سامية إلى صبية حسناء تشع أنوثة وإثارة، وفي يوم كانت زوجة صاحب المنزل غائبة قام الرجل الدنيء بمضايقتها والتحرش بها، وحين صدّته طردها بحجة أنها تسرق النقود من محفظته!
منذ ذلك الحين وهي تعمل منظفة في هذا الفندق المتواضع، الكل يعطف عليها ويعاملها بلطف، فهي نشيطة كنحلة تساعد الجميع بعد أن تنهي عملها، وتنام في غرفتها مع امرأتين إحداهما تبيع الشاي خارج الفندق، والأخرى تعمل في غسل الصحون. أشدّ ما كان يزعج سامية همسات وغمزات المتسوّل ونظراته الشرهة ومغازلاته الثقيلة، وحين عرض عليها الزواج ساخراً، أجابته بكل أدب:
- لن أتزوجك حتى لو فرغ هذا الكوكب من الرجال!
- حسناً، انك تفضلين الشاب المخنث، انه لا يملك اجرة غرفته.
- هذا أمر لا يعنيك أيها المتسول
- أنا شحاذ نعم، لكني املك نقوداً استطيع أن اشتري بها حبيبك العاطل!
ثم صاح بصوت عالٍ:
- اجلبوا لي شراباً فاخراً فانا أريد أن اشرب هذا المساء نخب العاشقين الجميلين..
بعد أن يثمل الرجل الكهل كان يحمل العشاء ويأتي إلى غرفتي نتناوله معاً، بعدها يبدأ بإعادة سرد قصة حياته البائسة، والتي أحفظها عن ظهر قلب، ثم يسألني بأسى:
- إلى متى ستعمل في هذا الفندق الحقير ؟
وقبل أن أجيبه، يسألني السؤال الممل :
- وماذا جنيت من دراستك بحق الجحيم؟
اضحك من كثرة طرحه هذا السؤال وأقول له:
- حتماً سأصبح يوماً مسئولاً كبيراً في الحكومة! وأول ما افعله هو منع المتسولين أمثالك أن يجوبوا الشوارع!
فيضحك عالياً ويهتف: - مرحى.. مرحى.. للمحافظ الجديد!!
مرّت سنوات، وحصلت تغيرات كثيرة في مملكتنا الصغيرة.. تزوّجت سامية بعد أن صارت تملك اسماً في سجلات الدولة الرسمية، انتزعه لها رجل ذو نفوذ وسلطة! وهي الآن مسئولة رفيعة في إحدى أهم الوزارات! أما حبيبها الشاب فقد تخرج من الجامعة، وهو يعمل نادلاً(جامعياً) معي! والرجل الكهل الذي كان المتسول الوحيد في الفندق أمسى (رئيساً) لستة متسولين آخرين ملئوا المكان بصخبهم وضجيجهم وقذارتهم!




#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات
- قيامة
- البيضة هي فوضى الطائر
- (البُعد العاشر)
- قراءة في المجموعة الشعرية (العربات) للشاعر د. جاسم الياس
- نقاط وحروف
- ضجيج الصمت
- حوار مع القاص والروائي هيثم بهنام بردى
- جمعة كنجي الطائر المسافر إلى الشمس
- ورقة يانصيب
- قصتان قصيرتان جداً
- أسئلة البدايات
- طقوس
- (التحدّي)
- المزارع الثقافية التعاونية..!!
- إلى جواد كاظم إسماعيل مع التحية..
- ظلال الكلمات
- التصاق
- برعم
- تصفيق / قصص قصيرة جداً


المزيد.....




- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - مملكة صغيرة / قصة قصيرة