أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - ضجيج الصمت














المزيد.....

ضجيج الصمت


نواف خلف السنجاري

الحوار المتمدن-العدد: 2519 - 2009 / 1 / 7 - 07:28
المحور: الادب والفن
    


من خلال الفسحة الصغيرة بين الوسادة والبطانية أبصرتُ حين فتحتُ عيني عنكبوتاً يتربص بذبابة، ابتسمتُ فقد ذكرني كيف كنتُ أتربص - ذات يوم- بصبية حسناء أمام باب الجامعة، وأوقعتها أخيراً في شباكي.. تلك الأيام كانت أجمل ما في حياتي.. نخرج معاً ونتحدث عن أحلامنا الغضة كحقل نرجس، والبيت الحلم الذي سنسكنه والأطفال الذين سنملؤه بهم.. كنت أرمي رأسي فوق ركبتيها فتمسد شعري بأصابعها الناعمة في ظل الصخرة الكبيرة الموضوعة في حديقة تقع خلف مبنى كلية الآداب..
تلك الصخرة الأسطورية تختلف كثيراً عن هذه الصخرة اللعينة التي نختبئ وراءها الآن لنحتمي من نيران العدو.. ساعات ثقيلة كالهم قضيناها متقوقعين ينزّ الفزع من وجوهنا خشية أن تصيبنا اطلاقات القناص الذي لا يرحم.. كم مرة فكرتُ بذلك القناص الذي يغتال الأمنيات دون أن يعرف صاحبها حتى؟!
لقد حولتنا الحرب إلى وحوش ضارية تفترس كل شيء من أجل البقاء على قيد الحياة.. وأية حياة؟! كنا نعيش الموت كل دقيقة.. أنا أتعجب الآن كيف اشتهينا الطعام وتناولناه في تلك الظروف؟! وأتذكر دائماً صديقي وهو يمسح (الصمونة) اليابسة من بقايا الدماء والوحل ويأكلها؟!
ما أطيب طعم الصمّون الذي كان يخرجه أبي من الفرن، وأنا طفل صغير أتلقف الكتل الحارة وامضغها بفرح ممزوج بالحلاوة.. ثم املأ الكيس الصغير وأعدو إلى البيت كمن يحمل كنزاً! نجلس أنا وأخوتي نتناول فطورنا ونذهب إلى مدارسنا كالعصافير.. معلم اللغة العربية يربت على كتفي ويضع لي علامة كاملة في موضوع الإنشاء ويقول لي:
- حتماً ستصبح كاتباً مشهوراً حينما تكبر!
لم أتصور يوماً إن تلك الموهبة ستصير عدواً لدوداً لي.. وسأدخل بسببها في غياهب السجون، وأذوق مرّ العذاب.. كان حلمي أن أصبح طبيباً املك عيادة أعالج فيها المرضى، واعفي الفقراء من مصاريف العلاج.. لكن معلمي كان يقول:
- لقد خُلقتَ لتكون شاعراً!!
أي قدر أحمق جعلني انظم القوافي واقرض الشعر.. لطالما عشقتُ الطبيعة، فملأت الزهور والفراشات فضاء قصائدي، لكن ذلك لم يشفع لي في التحقيق عندما قال لي ضابط الأمن:
- أنت تحرّض المواطنين وتسمم أفكارهم.
- انأ لم أحرض أحدا.
وتهوي قبضة بحجم رجل الفيل فوق فمي.. بصقتُ دماً.. تركلني الأرجل الشيطانية، وأتمرغ في ألمي وذلي.. ما أسخف أن ادفع عشر سنوات من عمري ثمناً لقصيدة!!
رميتُ الوسادة، وأزحتُ البطانية جانباً، نظرتُ فلم أجد العنكبوت ولا الذبابة! عقارب الساعة تشير إلى العاشرة.. أسحب ديوان الشعر الذي بدأتُ قراءته ليلة البارحة وأكملُ القراءة...

العراق- بحزاني



#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع القاص والروائي هيثم بهنام بردى
- جمعة كنجي الطائر المسافر إلى الشمس
- ورقة يانصيب
- قصتان قصيرتان جداً
- أسئلة البدايات
- طقوس
- (التحدّي)
- المزارع الثقافية التعاونية..!!
- إلى جواد كاظم إسماعيل مع التحية..
- ظلال الكلمات
- التصاق
- برعم
- تصفيق / قصص قصيرة جداً
- إنعتاق
- قصص قصيرة جداً /غيمة محبوسة
- إطفاء عيون
- سبع قصص قصيرة جداً
- قصص قصيرة جداً /صقل المواهب
- قصص قصيرة جداً
- قصص قصيرة جداً :طالع


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - ضجيج الصمت