أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - رحيل الحُلم.. أم حُلم الرحيل؟!














المزيد.....

رحيل الحُلم.. أم حُلم الرحيل؟!


نواف خلف السنجاري

الحوار المتمدن-العدد: 2905 - 2010 / 2 / 2 - 11:52
المحور: الادب والفن
    


في طفولتي المبكرة، قتلوا تمردي، حين منعوني من إشعال عود الثقاب كما كنت أرغب.. على مقعد الدراسة الأول اغتالوا حريتي في الكلام والتعبير عن نفسي.. ولمّا بلغت سن المراهقة وضعوا أمامي وحولي عشرات التابوات: (حرام أن تنظر إلى ابنة الجيران، جريمة أن ..... ، طهر حواسك!، ادفن شهوتك، الخ)..
عندما صرتُ في عنفوان الشباب، وقررتُ عدم الخوض في حروبهم العبثية، وشرعتُ في زرع الورود التي أدمنتُ رعايتها، اتهموني بالجنون والجبن.. أقحموني في تفاهاتهم، ولأني لا أجيد القتال أمضيتُ عشر سنوات في الأسر.. هناك خلف سواتر العدو قضوا على ما تبقى من إنسانيتي!!
سقط الصنم على ستار العبودية، وأشرقت شمس الحرية! فتحتُ كل نوافذي أمام نسائم الديمقراطية! مسحتُ الغبار عن جميع كتبي المخبئة، أخرجتُ دفاتري القديمة من أوكارها! أزلتُ الصدأ عن كلماتي المكتوبة ، وأرسلتها مع الريح.. زرتُ قبر صديقتي التي دفنوها وهي حية! ودعتها وبدأتُ من جديد، وفتحتُ صفحة أخرى.. تزوجتُ، وبنيتُ بيديّ كوخاً صغيراً يضمني مع طفلي الوحيد- الذي ودعته والدته ورحلت إلى السماء ما أن فتح الصغير عينيه للنور- .
تركتُ زورق العبودية وانطلقتُُ نحو ساحل الحرية الذي عقدتُ عليه آمالي! علّمتُ طفلي كيف يشعل عود الثقاب دون أن تحترق أصابعه.. عوّدته على زرع الورود والأزهار، حطّمتُ كل القيود التي أثقلت كاهلي وأعطيته أجنحة ليحلق بخياله وفكره إلى أبعد مدى ممكن، انتظرتُ سبع سنوات حتى جلس فوق مقعدي القديم في مدرستي العتيقة!!
هناك في رطوبة الصف أرادوا أن يملئوا رأسه الغض بتفاهات فلسفاتهم الفارغة، ويلقنوه مبادئ أفكارهم القديمة التي نخرها الدود.. وكرروا كل ما بدءوه معي!!
خشيتُ على طفولته البيضاء من ظلام قسوتهم، وعلى أفكاره البريئة من قذارة تحجرهم ومقتهم للجمال.. كل ما علمته إياه من حب الطبيعة والجمال أصبح مهدداً بالكسر والتهشيم، جميع المبادئ التي عشقتها وأردتُ أن أضعها أمامه حين يكبر، صارت محكومة بالسجن المؤبد.
نزعتُ النير الذي وضعوه حول عنقي، وأحرقته ليكون بدايةً حقيقية لي ولأبني.. أمسكتُ بيده الشفافة، أدرنا ظهورنا لكوخنا الصغير، وانطلقنا نحو أفق جديد قد يحمل في طياته أملاً بحرية حقيقية، وفرصة لحياة غير مزيفة ..
سنرحل..
ونبحثُ لنا عن أناس آخرين صادقين.. يقبلونا على علاتنا، وفقرنا! ويقدرون مواهبنا، ويحترمون أخلاقنا !!
لقد اقتنعتُ أخيراً بأن (عاماً واحداً) نعيشه بعمق وصفاء تحت أشعة الشمس، نستنشق فيه هواء نقياً فوق سواحل البحر، أفضل من حياة طويلة فارغة نعيشها في مستنقع مظلم!!

عبارة أخيرة ( بعد أن دار الثور لسنين طويلة حول حجر الرحى، اعتقد انه قطع مسافات شاسعة! ولما أزالوا عن عينيه العصابة.. بكى.. لأنه كان لا يزال في نفس المكان)!!.



#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عين على القصة
- وطن اسمه آفيفان.. غربةٌ، أشواقٌ و أحزان
- عالم آخر وقصص أخرى
- مملكة صغيرة / قصة قصيرة
- ذكريات
- قيامة
- البيضة هي فوضى الطائر
- (البُعد العاشر)
- قراءة في المجموعة الشعرية (العربات) للشاعر د. جاسم الياس
- نقاط وحروف
- ضجيج الصمت
- حوار مع القاص والروائي هيثم بهنام بردى
- جمعة كنجي الطائر المسافر إلى الشمس
- ورقة يانصيب
- قصتان قصيرتان جداً
- أسئلة البدايات
- طقوس
- (التحدّي)
- المزارع الثقافية التعاونية..!!
- إلى جواد كاظم إسماعيل مع التحية..


المزيد.....




- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - رحيل الحُلم.. أم حُلم الرحيل؟!