أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - عين على القصة















المزيد.....

عين على القصة


نواف خلف السنجاري

الحوار المتمدن-العدد: 2899 - 2010 / 1 / 26 - 19:09
المحور: الادب والفن
    


نواف خلف السنجاري لعيون الجنوب *:
الواقع العراقي متجذر في قصصي.

إعداد وتقديم: شكيب أريج /المغرب

ما فتئ كتاب القصة يحاولون كتابة القصة القصيرة جدا، فيخلطون بين القصة ونصف القصة، أو هم يخلطون بين القصة والنكتة، أو تراهم يعصرون النص تكثيفا فيومض حكمة. عين على القصة اقتفت آثار قاص متمرس لم تكن القصة القصيرة جدا بالنسبة له هوسا أو ومضة، أو متعة عابرة، فهو يكتب الوشمة لا الومضة، يوشمه واقعه العراقي المرير، فيوشم الورق بمعاني ومواقف إنسانية.
في هذه الحلقة من عين على القصة نقترح سفرا إبداعيا في منجز أديبنا في القصة القصيرة جدا، يتخلل هذا السفر وقفات مع المبدع نواف نسبر من خلالها بعضا من عوالمه وأرائه في القصة وكواليس كتابتها.
لنقرأ هذه القصص القصيرة جدا رفقة نواف خلف السنجاري.



قصص قصيرة جدا: من مجموعة "الشمس الزنجية"
قصاصة ورق
ألحّت على والدها ليأتيها بمدرس خصوصي.. لكن انهماك الوالد (بمهماته الوطنية) حال دون ذلك! توسّلت إليه أن يكتب أسم المدرس على ورقة كي لا ينسى مثل كل مرة.. حال وصوله مكتبه أعطى القصاصة لأحد رجاله: -أريد هذا الرجل اليوم..
مرّ أسبوع ولم يأتِ المدرس، سألت الفتاة والدها:- أبي أين المدرس الذي وعدتني به؟ تذكر فجأة انه أعطى الورقة لرجاله..ارتبك، واتصل بمكتبه:- أين الرجل الذي طلبتُ إحضاره بحق السماء؟ جاءه الصوت واثقاَ:- سيدي لقد اعترف.. وتخلصنا منه!!

1-في الوقت الذي تدعونا فيه المناهج البنيوية إلى قتل المؤلف والالتفات إلى صوت النص لا نعدم من يقول مثل: "ماريو فارغاس يوصا": " إن جذر كل الحكايا هو تجربة مبتدعها" واقعك العراقي إلى أي حد تجذر في تجربتك؟

* إن قول ماريو فارغاس ذكرني بقول ماركيز:( الواقع الذي نتعامل معه في الرواية يختلف عن الحياة الاعتيادية رغم أن جذوره منها، والشيء ذاته صحيح مع الأحلام)
الواقع العراقي متجذر في قصصي إلى حد كبير جداً بكل مآسيه من (حروب، حصار، عذابات، ظلم، قتل، تهجير) وغيرها الكثير من الفواجع التي لم يتعرض لها شعب من الشعوب.. هذه كلها تجدها بوضوح في أعمالي القصصية، ونادراً ما تجد الراحة أو الرخاء في نصوصي لأنها بعيدة عن واقعنا الحقيقي.. فواقعنا الذاتي هو جزء من الواقع العام، لذلك حتى وان كتبنا عن تجاربنا الشخصية فهي جزء من المأساة الكبرى (مأساة الشعب العراقي).






خطأ بسيط
فتح (موبايله)، كتب رسالتين قصيرتين وأرسلهما على عجل..
- أحبك يا فاتنتي، لقد سئمتُ زوجتي البشعة، قريباً جداً سنتزوج.. قبلاتي
- زوجتي الحبيبة: لا أشعر بالراحة إلا بين أحضانك الدافئة.. اشتقتُ إليكِ كثيراً
أقفل (الموبايل)، حمل حقيبته، ملأت وجهه ابتسامة ماكرة.. وهو لا يعلم إن الرسالة الأولى استلمتها زوجته، والثانية وصلت عشيقته!.

2-بعض قصصك (قصاصة ورق، خطأ بسيط.. مثلا) ظاهرها هزل وباطنها جد. هل تكتب قصصا للتسلية والإمتاع أم للتغيير والإقناع؟
- إن كانت قصصك تخدم قضية ما، رسالة ما، فما هي؟

* أنا مولع بالسخرية اللاذعة ونقد الوقع بصورة هزلية، حتى في العديد من المقالات التي كتبتها استخدمت الأسلوب الساخر، ولكن ليس لغرض التسلية والإمتاع وإنما لتسليط الضوء على سلبيات المجتمع وعوراته، ومحاولة تغييرها ومعالجتها.. وغالباً ما يكون التفاعل والاستجابة للأسلوب الساخر والهزلي اكبر من الأسلوب الجدي، ولكن هذا لا يعني أن نجعل من القصص القصيرة جداً مجموعة من النكات السمجة، والتهريج الفارغ على حساب الفكرة الرئيسية التي نريد إيصالها للقارئ.
إن كل قصصي هدفها إبراز الجانب الإنساني من الحياة، وهي تخدم القضايا الإنسانية، رسالتي هي إعلاء شأن الإنسان والقيم النبيلة، والنضال من اجل الحرية والمساواة وضمان أعلى حد ممكن لسعادة البشر، باختصار أحلم أن يكون العالم عائلة كبيرة تنعم بالرفاهية والعيش الرغيد.

الشمس الزنجية
الظلام يحيطه من كل صوب، أفكاره الملتهبة لم تستطع أن تنير ظلمة روحه الكئيبة، أو تساعده على استيعاب النور والألوان.. إن الخط الفاصل بين الجمال والقبح لطالما أرّقه وقضّ مضجعه وكثيرا ما تساءل: - هل الجمال والقبح كالشفقة والظلم؟ أتختلف أحلام المبصرين عن أحلامي؟ هل صحيح أن شمسكم شقراء وشمسي زنجية؟! فتضيع أسئلته في جوف الظلام... يعدّل من جلسته، يمدّ يده، ويبدأ بممارسة طقسه اليومي ويصيح بصوت مبحوح:-" من مال الله يا محسنين " .




رحيل
أحاط بها بنوها كما يحيط المحبس بالأصبع، فتحت عينيها بصعوبة ونظرت إليهم لم تصدق ما تراه.. ها هو والدهم الذي تركها منذ سبعة عشر عاما مرتديا (دميره) الأبيض و(يشماغه) الأحمر - تماما كما في ليلة زواجهما الأولى- يمدّ يده لها.. تمسك باليد المتوّهجة ويحلّقان إلى السماء، مخلّفين وراءهما غرفة عتيقة، حزن خرافي، أربعة وجوه دهشة تحيط بجثة هامدة ويد باردة كالثلج كانت تشير قبل قليل إلى صورة معلّقة فوق الجدار المتهالك.
دمير: نوع من الملابس التراثية التي يلبسها الرجال (سترة او جاكيت بمواصفات خاصة) يشماغ: هي غترة ملونة بالأبيض والأحمر يلفها الرجال على رؤوسهم..


3- على حدود علمي أنت لست أعمى، وكتبت قصة "الشمس الزنجية". وفي قصة (رحيل) رصد بارع للحظة البرزخية بين الموت والحياة. هل من الضروري أن يعيش المرء تجربة العمى أو الموت أو غيرها من التجارب حتى يتمكن من الحكي عنها؟

* إذا كان لا بد للكاتب أن يعيش كل التجارب (العمى مثلاً) فأعتقد انك لن تقرأ قصة واحدة محورها وبطلها (الأعمى)، وإذا غامر الكاتب وأراد ن يعيش تجربة (الموت) !! فكيف يمكنه أن يحكي عنها ؟!!
المسألة هي كيف يستطيع القاص أن يعيش التجارب في (خياله) ويحولها إلى واقع مقنع، هي أن يخلق كل شيء في أبعاد الخيال الواسعة التي لا تحدها حدود. فكل ما يراه الكاتب أو يشعر به أو يسمعه أو يقرأه يكون ذخيرته القصصية في عمله الإبداعي، وليس من الضروري أن يعيش المرء كل التجارب حتى يقدر أن يحكي عنها.

آمال مخنوقة
قاعة المحاضرة يعمّها الهدوء.. أنظار وأذهان جميع الطلاب مشدودة إلى اللوحة التي يشرح عليها الأستاذ.. كانت وحدها شاردة تستعيد ملامح ذلك الضابط الشاب ببذلته العسكرية المرقطة ووقفته الواثقة، حين تركته واقفا في محطة انتظار الباص وهو يشيعها بنظراته النارية التي أيقظت داخلها كل أحاسيس الأنثى دفعة واحدة.. كانت تحلق بعيداً عن كل تفاصيل المحاضرة، يملؤها أمل في أن تلتقي ذلك الفارس الوسيم مرة أخرى...
هناك في الخطوط الأمامية لساحة الحرب، أراد أن ينهض لكن دون جدوى! مسح الدماء الساخنة من فوق عينيه الواسعتين، وقد فقد كل أمل في لقاء تلك الصبية الساحرة مجدداً .. أغمض عينيه.. خرجت من صدره حسرة يتيم مظلوم.. وتأكد من أنه خسر أجمل معارك حياته على الإطلاق!!

4- تبدو لي قصة "آمال مخنوقة" مشروعا جيدا لرواية، ما هي إمكانيات أن يكون كاتب القصة القصيرة جدا روائيا؟

* يمكن لأية فكرة أن تكون نواة لعمل روائي أو مسرحي أو قصصي، وتبقى الزاوية التي ينظر منها الكاتب إلى (الثيمة) الأساسية والأدوات التي يستخدمها لخلق النص هي ما يحدد جنس العمل الأدبي،أضف إلى ذلك مسألة الانتقائية فكما يقول البرتو مورافيا: ( ان كنا لا نرغب في الانتقاء، عندها لا تكفي عشرة آلاف صفحة لوصف حتى غرفة).أما عن إمكانية أن يكون كاتب القصة القصيرة جداً روائيا فأنها واردة جداً، ولدينا العديد من كتاب (ق ق ج) كتبوا الرواية أيضا، وقد يكون العكس صحيحاً فنرى روائيين مشهورين يكتبون القصة القصيرة جداً،فهمنغواي كتب ذات يوم قصة قصيرة جدا مكونة من ست كلمات: ( للبيع: حذاء لطفل, لم يلبس قط) وقال أنها أحسن عمل له.

نرجسية
قرّر أن ينتحر.. صوّب فوهة المسدس إلى رأسه.. ضغط على الزناد.. فتناثرت شظايا المرآة..!

5- تبدو مستريحا إلى اعتماد ضمير الغائب في جل ما قرأت لك، هل تحرص على تنويع الشكل السردي أم تعتبره ثانويا؟

* كثيراً ما الجأ إلى استخدام ضمير الغائب، وأشعر إني أتحرك بحرية اكبر عند استخدام (الغائب).. ولكني احرص تماماً على تنويع الشكل السردي فهناك قصصاً اعتمدت فيها ضمير الحاضر أو المتكلم وكنت (أنا) بطل القصص حتى إن بعضهم يسألني أحيانا: هل سجنت وتعرضت للتعذيب في دوائر الأمن حقاً؟! إن تنويع الشكل السردي أمر ضروري كي لا تتقولب النصوص وفق نمط معين ثابت وجامد، فالتغيير مهم في حالة الكتابة الإبداعية ، وكذلك استحداث تقنيات خاصة بالكاتب هي ما يجعل عمله القصصي مميزاً ويحمل نكهة خاصة.

مكتب الوزير
طاولة، فنجان قهوة، سيجارة... وكرسيّ فارغ! !

6- ما هو مستقبل القصة القصيرة جدا في الوطن العربي؟

* أنا متفائل لمستقبل القصة القصيرة جدا في الوطن العربي، ووجود هذا الكم الهائل من (ق ق ج) المنشورة في المواقع الإلكترونية والصحف والمجلات هو دليل على قدرة كتابها على انتزاع صك الاعتراف بالقصة القصيرة جداً كفن وإبداع مستقل له كتابه وقرائه ونقاده ومنظروه. اعتقد إن مسيرة الـ (ق ق ج) تتجه نحو الأمام وفي تطور مستمر على مستوى الكم والنوع والتقنيات.

* عيون الجنوب: جريدة ثقافية مغربية



#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن اسمه آفيفان.. غربةٌ، أشواقٌ و أحزان
- عالم آخر وقصص أخرى
- مملكة صغيرة / قصة قصيرة
- ذكريات
- قيامة
- البيضة هي فوضى الطائر
- (البُعد العاشر)
- قراءة في المجموعة الشعرية (العربات) للشاعر د. جاسم الياس
- نقاط وحروف
- ضجيج الصمت
- حوار مع القاص والروائي هيثم بهنام بردى
- جمعة كنجي الطائر المسافر إلى الشمس
- ورقة يانصيب
- قصتان قصيرتان جداً
- أسئلة البدايات
- طقوس
- (التحدّي)
- المزارع الثقافية التعاونية..!!
- إلى جواد كاظم إسماعيل مع التحية..
- ظلال الكلمات


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - عين على القصة