أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - واثق الجلبي - لا أذكر















المزيد.....

لا أذكر


واثق الجلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 21:32
المحور: الادب والفن
    


(لا أذكر)


بلدة
على صهيل الخرافات المتناحرة وبحار الجهل العمياء ظلت أنفاس تلك المدينة غامقة الروح ترتشف من الأساطير أطيب ملذاتها الشبقة وهي تحلم بالنوم على سواحل آلهة مليئة بالأثداء الرطبة ذات الملمس الحريري القاتل.. الكل يحلم بالبطولة وهم غارقون في مجاهيل العالم الأبيض هناك حيث النساء آلهة و الرجال يتعبّدون بالحلمات الناعمة والشفاه المملوءة بالوساوس المتبرقعة خلف أنوثة الزمن.
كانت الأجراس لا يسمع لها صوتا حقيقيا وكانت المآذن تكّبر بالموت اللاهث وراء ذلك الإنسان الذي ضاق بالانسنة وراح يحتطب ذكرى الرمز الأول دون أن يجد له حقيقة إلا في أنثى ينّقعها بالشهوة ويغّمسها في دلاء عفونته المريضة.
بعد أن مات إيمان الفرد بنفسه تنبأ الخلاص بأن حمامته القابعة خلف الحواجز لم تعطه أي وسيلة ليراها ولو في حلمه المقتول....ظلت السماء تمطر الفقر والجهل فعاش ذلك الشعب في ظل المهانة والقدر المّتنوع الأنياب.
هكذا كانت الحياة بلا رحمة حيث المدينة الزانية وبغاؤها المستميت وروائح الموت المنقّع بالبخور وحيث النخيل المنتصب دائما في محبو بته التي تسمى بالأرض والعصافير التي أدمنت الزقزقة بلا معرفة أو تفسير كانت الجماجم المسحوقة عارية الموت تسبّح للخراب ....الخارطة هناك بلا ملامح ووجه الشمس التموزي تقشره أعضاء الطيور التي أدمنت التناسل على رؤوس الأطفال...

صوت الدنانير لا يعلو عليه حتى صوت ذلك الشيخ المسكين الذي يصلي البعض خلفه ثم يكيلون له الشتائم والتهم فبعد أن أتم صلاته الأخيرة إلتفت خلفه فلم يجد إلا ثلاثة من العجزة فرّوا سريعا منه وهم يتوكؤن على عصيّهم الداعرة قال أحدهم :هلموا بسرعة
قال الآخر: تبا لهذا الشيخ لم يدعنا نرتاح قليلا تحت هواء المروحة
الثالث: لقد حرمنا من النوم حتى أثناء الصلاة لعنه الله من آثم
هنا كان الشيخ يصيح بهم حتى أدركهم قائلا :تقبل الله صلواتكم
فتلعثموا وقال أحدهم: ماذا هه نعم نعم وأنت وأنت
قال الثاني : على ماذا؟
الشيخ :على صلواتكم
قال الآخر:على ماذا أيها الشيخ الذي أضلنا بأكاذيبه ها نحن نصلي منذ خمسين سنة حتى نضبنا ولم يحدث شئ مما وعدتنا به.
الشيخ : أيها الأخوة ألم أقل لكم بالسبب وأن الخطأ هو فينا وليس في الآخرين.
قال أحدهم :أدع لنا الله عسى أن يخلصنا من مواعظك.
رحلوا على عجل فصاح بهم: جبناء.. فلم يكن إلا رجع الصدى في الجامع الكبير ناء ناء ناء ناء
ظل الشيخ يدور في الجامع بعد أن أغلق بابه الكبير حنقا مزمجرا آيسا من أبناء تلك المدينة البغية صائحا:رباه لقد نصحت لهم سرا وجهارا فلم يزدهم دعائي إلا غلظة ونفورا وبعدا ....إلهي لقد جلست هذه البلدة على بركان من الفجور والعصيان النساء عاريات ولا أمّيزهم من الرجال والأطفال صرعى الإدمان لم يعد صوتك يسمع هنا لقد كسروا المئذنة وحطموا المّسجل الذي أصلحته عشرات المرات لم يبق لي إلا أنت عليك توكلي وإعتمادي ....وبدأ الشيخ بالبكاء المر .





الرحيل

لم يكن الشيخ بحاجة إلى وداع أحد فهو لم يتزوج قط وهو بهذا الأمر حاول أن يوصل لأهالي البلدة أن الزواج والجنس لا يعني كل شئ فكّر بالمدينة التي لم تعد بحاجة إلى أي حكمة تدل النفوس الحائرة.. فسّر ذلك باللعنة وهو يعبر الجسر الذي كان يقف عليه في صباه وهو يرمي الأسماك الميتة بالحجارة وحانت منه التفاتة إلى ذلك الجسد المنحي المتهرئ
:إيه أيها الجسر العتيد كأنك ساجد في محراب الموت قبل أن تلدني أمي التي ماتت وهي ترضعني وكأنك وجه أبي الذي لم أره قط.. أين رأسك من جسدك؟ أين هي قدماك ؟ لركضت معي إلى اللامكان ...لو كانت لديك قدم واحدة .
تألم الشيخ وهو يرى المارة دون أن يلتفتوا إليه .تذكر أصدقاءه من رجال الدين اللذين باعوا كل شئ وراحوا يمتلكون الضياع والقصور والسيارات المصفحة وتذكر كيف حرم من زيارة بيت الله الحرام بسبب مواقفه بل إنه كان يقصد الأماكن المقدسة خفية وخيفة...تذكر أصحاب الدفوف وأرباب المقاتل من المتاجرين بالدين اللذين ضيعّوا على الناس فرصة الإيمان الحقيقي حتى صار هذا الانقلاب المر في نفوس الناس ...
سيل من الذكريات التي ألمت به كالوجع الأسطوري ...تساءل كثيرا :هل كان الرسل والأنبياء اللذين سقطوا على هذه الأرض لا يستحقون أن نتذكرهم ؟ أسئلة كثيرة لم يجد لها معنى فأنتبه مستغفرا ربه وخرج منها خائفا يترقب.
خرج منها وهو متأكد إنه ليس بنبي ولا بمرسل أيقن أنه إذا بقي في هذه البلدة ربما سيقتله أحد المخمورين أويقضى عليه بتهمة لبغي ،ثم يرى رأسه على طبق من ذهب يصب عليه الخمر من شتى الأصناف .
وتساءل الشيخ عن كيفية عقاب الدجالين من السياسيين ورجال الدين الكاذبين اللذين زّوروا الحقائق ولفقوا التهم والأباطيل على الناس المساكين وكيف ملأوا الكتب بالخرافات التي أخذوها من أدمغتهم السيئة السمعة.
تذكر كيف ناقش أحد الفلاسفة اللذين يؤمنون بموت الله وأن الإنسان لا بد له من التفكير بحياته بعيدا عن أي شيء ليتطور ولا يقف أمامه أي عائق فكري وهو يرميه بالحجج والبراهين على بطلان دعوته وأبرزها قول الإمام علي (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) يعيش في باله لأنه وازن بين أمرين غاية في الأهمية .الدنيا والآخرة كفّتان لا بد من تعادلهما في مضمون مؤدلج ولكن التعادل هنا لا يكون كالمعتاد من معنى الكلمة ...
تذّكر كيف ماتت القلوب وتحجرّت المآقي ..كانت نتانة البلدة وحجم تبلّدها مما يفوق قدرته وهو الفرد الذي لم يجد إلا الهروب والنجاة وسيلة لخلاص نفسه المطمئنة بالله ...
لماذا تأخرت السماء في نصرته ؟
وكيف وصلت الأمور عند هذه الحالة ؟كيف لم يمحق الجميع من المعاندين؟
كل هذه الاضطرابات كانت تغلي في خاطره ولكن إيمانه بالعدالة الآلهية أوجب لنفسه السكون والإقرار بأن فلسفة الجمال الآلهي التي كان مؤمنا بها حدّ اليقين هي المنتصرة وتذكّر المقولة الشهيرة التي كانت إجابة على هول ما عاناه المؤمنون على يد الجلاوزة (ما رأيت إلا جميلا) ...
إيه لقد خرج من بركة النتانة والعفونة إلى أرض الله الواسعة ...ولكن هل اليوم كالأمس ؟
أين يذهب بأفكاره وهل يجد من يؤمن بما تنطوي سريرته؟ وهل يجد قوما يبث دعوته فيهم ويصدقونه؟
الأسئلة الكثيرة كانت تنفجر دوما في باله كالفقاقيع العملاقة ولكن جدار عقله كان آيلا للسقوط في أية لحظة .

اللقاء

لم يستطع الشيخ إلا أن يرضخ لسلطان النوم القسري لإراحة بدنه وعقله الذي سئم الحياة والتفكير المستمر بمصير البلدة التي لا يعلم لماذا خلقها الله وخلقه فيها وخلقهما معا وهو غير شاك في إن العبادة فرض عقلها على سن متأخرة... كان مولعا بعلي بن أبي طالب وبحكمه وأحاديثه التي لم يجد لبعضها إلا الرضوخ لعبقرية هذا الرجل كيف وعلي يقول(إلهي ماعبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكني وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك) كيف وصل علي إلى هذا المعنى ؟ وعلى ضوء هذا المعطى كان تقسيم العبادة بين التجار والعبيد والأحرار ..وعلي صاحب المقولة الثابتة (لو كشف الغطاء ما إزددت يقينا) كان مؤمنا بأن عليا هو الفيلسوف الإسلامي الأول وصاحب نظرية الجمال الإلهي .. لم يسب الصحابة يوما ولم يكفّر أحدا إطلاقا وأراد أن يتبع خطوات هذا الرجل العظيم .. تفكيره المشوّش يقوده إلى الخلاص وما كان إلا النوم من حبة مهدئة ولو لمدة قصيرة...بينما هو كذلك وتفكيره بعلي وعلاقته بالصحابة وكيف إختلفت الأمة وتشرذمت بين الموالف والمخالف هوّمت عيناه وكأنه لم يذق طعم النوم أبدا ..
ألقى بجثته الكبيرة على الأرض محتضنا قلبه وكأنه يخشى ألا يعود إليه مرة أخرى تفرّقت قطع الغيوم المتجمعة فوقه لأمر لم تستطع الطيور إلا أن تطلق أشرعتها وتحلق على شكل أسراب غير منّظمة ..هبّت الريح مسرعة ملتطمة ببعضها البعض وكأن مخاضا في السماء أذن له القدر بأن يتجلى في هذه اللحظة المخيفة والرهيبة ..تحرك جسد الشيخ حركات غريبة رافعا قدميه تارة هازا كتفيه ممسكا برأسه المدور ليلتقط من عقله بعض الأفكار التي ربما تخلصه من كابوس الأرض والعقل والمنطق أبرقت السماء قليلا وإنكشف الأمر للعقل المتذمر برجوع روح الشيخ إليه بإستفاقة متدلية الطرقات ..فتح عينه على ما تبقى من مشهد مخاض السماء وحاول إلتقاط بعض الصور المتبقية في ذاكرة الأجواء فقام فزعا متقدما بسرعة دقات قلبه اللاهث ..شاهد تلة قريبة سرعان ما إعتلاها ...كانت المساحات الخضراء تطبق على الأرض منجردة من معنى الجدب العربي القديم العالق في المخيلة التي كونّها الراسب الثقافي والمجتمعي التي سرعان ما إنقشعت من ذهن هذا الشيخ الحالم بعقلية خضراء كهذه الأرض ...
كانت حدائق فرساي قطعة رمل أمام جنة تقف أمامه ..لم يستطع إلا أن ينزل بإنسيابية الفرات الناضب وجريان دجلة الميت ..
ظل يسّبح الله طويلا حتى وصول قدميه إلى حافة أحد الأنهار التي تجّلت أمامه كالعروس ..بداية لم يتجاسر على الشرب بل ظل متأملا مرايا الماء المتلألئة وشاهد عقله وروحه إستعاذ بالله ..جلس على ركبتيه كالساجد على الظمأ وإرتشف قليلا من الماء وكأنه يقبّل فتاة في عقدها الثاني أخذ يعّب الماء عبّا بطريقة لا توصف وما أن إمتلأت شرايينه الظامئة سقط على الأرض مرتويا ولو كان فيه بقية لأستزاد.
توضأ ونظر إلى الشمس وعيّن القبلة وشرع في صلاته الروحية الأولى من نوعها في تاريخ من القهر والآلام والرهبة والخوف ..
بدا له الأمر أنه في الجنة وكـأنه يصلي خلف الإمام علي فلم يحس إلا بسقوطه من شدة الإعياء والتعب .
سمع همهمة أفاق لها مذعورا وإذا بشخصين كأنهما ملاكان ..لم يصدق بادئ الأمر ولكنه إستجمع رباطة جأشه ونهض فبادراه بالتحية فردها بأحسن منها فقال أحدهما: أيها الإنسان ما الذي جاء بك إلى هنا ؟
قال الشيخ وهو يرتب عمامته: الحقيقة لا أعرف.
قال الآخر: تعال معنا.
لم يشعر الشيخ إلا وهو مأخوذ باللوحات التي لم يستطع وصفها حتى لنفسه فراح يغامر مع عقله محاولا أن يغسل كل الصور القاتمة التي كانت ترافقه أينما ذهب وأبعد فكرة المقارنة عن رأسه المدّور ولم يلاحظ أنهم عبروا النهر وتسلقوا الهواء وصولا إلى أجمل بقاع الأحلام..
المخلوقات كأنها إنسية ولكن بصيغة أخرى، بصورة مختلفة تماما عمّا يذكر ، فالوجوه ضاحكة مستبشرة والأجواء منعشة والسماء في هذه المنطقة غير السماء التي يحاول أن يجد لها تعبيرا ولكنه لم يفلح...
إلهي...ما هذا؟
قال الشيخ في نفسه وهو يحاول ضبط عمامته البيضاء التي كانت سوداء بالنسبة إلى البياض المفعم بالحياة المخملية في تلك المدينة...



تعارف
تجّمهر الناس حول الشيخ وهم في حالة من الإستغراب والذهول ولم يدرك وقوفه أمام خمسة من هؤلاء السحرة فاصطدم بحافة المنضدة التي دخل في وسطها كما تدخل السكين في قطعة هلام ، فاعتذر وتأسف فقال أحد الجالسين: ماذا قلت؟
أجاب: عفوا سيدي أنا أعتذر من تصرفي فلقد هالني ما رأيت.
ردد الرجل: عفوا ؟ ماذا تقصد؟
الشيخ: أنا آسف يا سيدي فلقد إصطدمت بالمنضدة.
فهمهم الناس واستغرب الكل من قول الشيخ فقال: هل قلت شيئا خاطئا؟
فقال له الرجل: نحن هنا لا نتأسف.
الشيخ: لماذا؟
الرجل : لأننا لا نخطئ .
شعر الشيخ بالذهول وقال في نفسه: هل أنا في الجنة؟ ولكن أين منكر ونكير ؟ أين عذاب القبر؟ وهو في غمرة التساؤلات قال له الرجل: من أنت ؟
إنتبه الشيخ وقال: أنا شيخ من مدينة بعيدة .
الرجل : وكيف وصلت إلى هنا؟
الشيخ: لا أعلم.
الرجل وماذا تعلم؟
الشيخ: أعلم أن الله وحده لا شريك له وهو رب العالمين وأن محمدا عبده ورسوله إنتجبه من البحبوحة العليا وأرسله في العرب وبعثه حلا حلالا طلسميا فأقام به الدلائل وختم به الرسائل بصّر به المسلمين.
الرجل: كلام جميل ، هل هو لك؟
الشيخ: لا هو لعلي إبن أبي طالب .
الرجل : ومن هو علي إبن أبي طالب؟
راح الشيخ الذي بات في حيرة من أمره يسرد لهم التاريخ الإسلامي منذ الرسالة الأولى إلى ما إنتهى عليه الحال وضعف الإيمان وترسخ عقائد ما أنزل الله بها من سلطان..
كان الجميع ينظر إليه بغرابة تامة ...فراح يشرح ويشرح ويفسر دون تعب أو إعياء وكأنه الرسول الأخير الذي يحاول أن يفهم العالم ويصلحه من كافة أخطائه...وكان القوم يعرفون الله ولكن ليس بالطريقة التي سردها هذا الشيخ الغريب.
بعد ساعات شعر بألم في ساقيه فراح يدلكهما بإستحياء فقال له الرجل: ما خطبك؟
قال الشيخ: أيها الكريم أنا أشعر بالتعب..
دهش الناس لذلك وأخبره الرجل بأن التعب لا مكان له هنا ..فإزدادت حيرة الشيخ للأمر..ولم يعلم بأي مكان هو.
لم يعرف شيئا سوى أنه في مدينة لا يعلم بها إلا الله ولكنه كان يعلم بأن أمرا ما سوف يحدث...
أذن له الرجل بالبقاء لفترة معينة بعدها يقرر المجلس أمره فلبث خائفا محتارا لا يلوي على شيء..كانت الأماني تأخذه بعيدا وتلقيه في متاهة أخرى غير المتاهة التي سالت عليها أقدامه الضعيفة التحمل في مثل هذه المسائل التي لم يتصورها عقله يوما.
عرف أنه في بلدة ما وهو يشاهد مجموعة من البشر كأنهم ليسوا من سلالة آدمنا وحوائنا ، طريقة عيشهم مختلفة ، لا كذب لا تعب لا غش حتى إنه إستغرب من عدم وجود جيش في تلك البلاد.
راح الشيخ يشرح لهم طريقة عيش البشر الإعتياديين وحاول أن يبث فيهم القوة والحمية مخوفا إياهم من المستقبل في حالة هجوم قوم ما على أراضيهم..
نقل الشيخ لهم خوفه وهمه وتوجساته فراح الجميع تترامى به القشعريرة من كلام لم يسمعوا به من قبل..
صدقه البعض منهم لأنهم لم يعرفوا شيئا عمّا قاله ولم يسمعوا به على الإطلاق ..أما الآخرون فقد أصابهم الذهول وتفرقوا عنه ..فحدثت المشاحنات ودبّت البغضاء وزالت الغشاوة فإنقسم الناس فريقين فريق معه وآخر ضده وبدأ التعب والإعياء يصيب الطرفين وعندها شاع الأمر بأن مكذبي الشيخ هم من أوصلوا الناس إلى هذه الحالة من سلب معظم النعم والإمتيازات التي كان يحظى بها الجميع..
بدأ الشيخ بالموعظة التي لم تنفع فراح يصنع لهم السلاح والمدي الخشبية فكان آخر المطاف في هذه المدينة أن صارت عبارة عن جيشين وبعد كلام طويل حاول الناس تجربة القتال وإسالة الدماء فكان ...
أراد الشيخ أن يحقق ما عجز عن تحقيقه في مدينته وفاته كل شيء جميل عن هذه المدينة فتندم كثيرا ولكن الأمر ليس بيده ..حاول جاهدا أن يوقف القتال ولكن كل محاولاته ذهبت أدراج الرياح..
إرتقى التل الأخضر وتأمله جيدا ورمق السماء وراح يبكي قائلا: ماذا فعلت ؟
إلهي هل من توبة؟
أجهش بالبكاء ورمى بالعمامة بعيدا وهو واضع رأسه بين ركبتيه ناحبا صارخا وصورة الدماء تلوّن إخضرار الزروع بشكل سافر..
أدرك خطأه متأخرا وتمنى أن يموت ساعتها ولكن هيهات لن يعود أولئك كما كانوا وإنكشفت له الحقيقة بعد موت الناس الذين كانوا لا يشعرون بالتعب ولا يعرفون ما هو لون الخطأ أو شكل المعصية.



#واثق_الجلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منضدة
- الفأر والبنصر السمين
- شجرة موسى
- حثالة الإبتهاج
- عفونة الأجوبة
- الجورب
- قعر المحيط الإنساني
- طعم الله
- إبتعاد الإنسان عن الشواطئ
- ثقافة الورق الأبيض
- إقلب ..ثقافة لم ينتبه إليها الفلاسفة
- من غير الممكن أنسنة البشر
- جفاف الاحزاب وإقصاء الثقافة
- ثقوب
- غباء الأربطة
- وديعة
- أحاسيس السكائر
- شفاه الوسائد
- طائر الشيخ
- قشرة الملح


المزيد.....




- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - واثق الجلبي - لا أذكر