المادة : مفهوم فلسفي أم علمي ؟

محمد ماجد ديُوب

الحوار المتمدن-العدد: 3497 - 2011 / 9 / 25 - 13:42
المحور: الطب , والعلوم
    

مما لاشك فيه أن التشابك التداخلي بين الفلسفة والعلم في عصر الثورة العلمية ربما يجعل الفصل بينهما في كثير من الأحيان أمراً في غاية الصعوبة .وفي رأيي أن الكلمتين لهما جذر معنوي واحد
.
إن كلمة فلسفة في جذرها اللغوي كمعنى عام تعني حب المعرفة .وكلمة علم في جذرها اللغوي كمعنى عام تعني المعرفة .فهل يمكن لنا أن نجد القواسم المشتركة بين حبنا لشيء ما وبين هذا الشيء نفسه ؟أو بشكل أكثر دقة إيجاد العلاقة الخفية التي تربط بين حبنا للشيء والشيء نفسه

إن العلاقة بين المرأة وحب المرأة هو كالعلاقة بين العلم وحب العلم أو بين المعرفة وحب المعرفة يعني تماماً كالعلاقة بين العلم و الفلسفة

فكما يتشعب الحديث عن الحب عندما نبدأ بالحديث عن الحب في أشكاله المتعددة والمختلفة كحب الأنثى وحب الأم وحب الأبناء وحب الصديق إلخ ....... نكون قد دخلنا في الفسفة الجزئية وخرجنا من حالة الفلسفة العامة التي تنظر إلى الحب بمعناه العام والعميق كحالة إنسانية يبجب تعميمها لنرتقي بمشاعرنا نحو تكوين أوخلق الإنسان الكوني المحلق في سماء الحياة كمحب أسمى هو فوق الإنتماءات الضيقة والوضيعة

ربما لم يلحظ الفيزيائيون قديماً وحديثاً وذلك على حد علمي أن فلسفة النسبية في النظر إلى المادة كمفهوم هو من صلب فلسفة نيوتن في النظر إلى المادة كمفهوم .ولكن كيف ؟
إن الكتلة كمفهوم هو أكثر مفاهيم الفيزياء غموضاً على الإطلاق من ناحية تعيينه وبدقة تامة إعتماداً على ما تم إيجاده من جسيمات دُعيت أولية (علماً أنه أوضحنا في مقال سابق أنه يستحيل تماماً إيجاد الجسيم الأولي الذي لاتجزأ )حيث أنه لايمثل أي المجموع الكلي لأية مجموعةكتل أو مجموعات من كتل الجزيئات المكونة للذرة
مثلاً هو لايمثل مجموع كتل البروتونات في الذرة ولايمثل مجموع كتل الإلكترونات في الذرة ولايمثل مجموع كتلها مجتمعين ......فما هو إذاً ؟
لو أخذنا قانون نيوتن التالي ق = ك.تع وحللنا رموزه لوجدنا أن :

ق : هي القوة الخارجية المؤثرة على الجسم وهي مقدار فيزيائي غير مادي

تع : هو معدل تغير سرعة الجسم بإستمرار تأثير القوة ق وهومقدار فيزيائي غير مادي

ك : هومقدار يمثل ممانعة الجسم لتغير سرعته وهورقم مجرد كما قلنا لاتفسير كتلي له وهذا الرقم هوخاصية بكل جسم مادي لوحده وهو يفسر مقدار عطالة هذا الجسم أي قدرته على مقاومة تأثير القوة الخارجية عليه وكأنه مقدار يعبر عن مدى رغبة الجسم في البقاء ساكناً فكلما كان هذا الرقم أكبر كانت الرغبة أكبر .وهذا أيضاً مقدارفيزيائي غير مادي بمفهمومنا المفترض للمادة

إن قانون نيوتن هذا عبر وبشكل جلي وصريح عن العلاقة بين الأجسام والقوى الخارجية المؤثرة عليها وما تسببه هذه العلاقة من تغير في وضع هذه الأجسام الحركية لناحية سرعتها فقط

أما معادلة تكافؤ الكتلة والطاقة لآنيشتاين وانتبهوا لكلمة معادلة (وليست قانون ).فهي على الشكل :

طا = ك .سر2

ولنحلل هذه العلاقة :

طا : هي كمية الطاقة المختزنة في وحدة الحجم من المادة الفترضة كمفهوم فيزيائي

ك : مرٌ تعريفها عنما حللنا قانون نيوتن

سر2 : هي مربع سرعة الضوء وهي مفهوم فيزيائي غير مادي .

نجد من تحليلنا لقانون نيوتن ومعادلة آنيشتاين أن ما يبرط بين الإثنين هو الكتلة (ك) ولمن يدقق جيداً يجد أن ممانعة الجسم لتغيير كتلته هو ذاته كمية الطاقة التي يحتويها

رقم الكتلة هذا هو رابط بين مقدارين خارجيين هما القو ةوالتسارع في قانون نيوتن أم في معادلة أينشتاين فهو يربط بين مقدارين داخلي هو الطاقة وخارجي هو سرعة الضوء .

من هنا كان قولنا في بداية المقال أن فلسفة آينشتاين هي من صلب فلسفة نيوتن .

ولكن الفرق الجوهري بين الفلسفتين هو التالي :

في فلسفة نيوتن نجد التركيز على العوامل الخارجية التي هي القوة المؤثرة والتسارع حيث هذه العلاقة بين هذه العوامل تحدد ماهية الكتلة في لحظة ما

أما في فلسفة آينشتاين فنجد أن العلاقة بين العامل الخارجي الذي هو سرعة الضوء والعامل الداخلي الذي هو الطاقة هي التي تحدد ماهية الكتلة في لحظة ما .

من هنا وبعد التطور الذي حدث في الفيزياء نحوفيزياء الكم إتجهت الفلسفة نحو حرية الإرادة المنقوصة من وجهة نظري حيث كانت لاوجود لها مع السيد نيوتن

وهنا لابد من السؤال التالي الذي نجده ضرورياً جدا :هل ستصل الفيزياء يوماً ما إلى نظرية تكشف العلاقة بين مقادير داخلية صرفة تحدد ماهية الكتلة في لحظة ما ؟

بعد كل ما تقدم وأردته مختصراً مكثفاً يبدو السؤال منطقياً : هل الكتلة مفهوم فلسفي أم علمي ؟ الذي يستتبع سؤالاً جوهرياً لابد منه :ماهي المادة ؟؟؟؟

أترك الجواب لقدرتكم على الإستنتاج .........ولكم محبتي

#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل