أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الله السكوتي - من فاته اللحم لم يفته المرق














المزيد.....

من فاته اللحم لم يفته المرق


عبد الله السكوتي

الحوار المتمدن-العدد: 3487 - 2011 / 9 / 15 - 00:15
المحور: كتابات ساخرة
    


هواء في شبك
( من فاته اللحم لم يفته المرق )
يحكى ان الهدهد قد صاد جرادة ، فدعا سليمان بن داوود ( ع ) وجنوده ، فارتفع في الجو ورمى الجرادة في البحر وقال لهم : من فاته اللحم لم يفته المرق ، وكذلك باقي الحيوانات تصطاد كل حسب قدرته ، فالذئب يصيد الثعلب فيأكله ، والثعلب يصيد القنفذ فيأكله ، والقنفذ يصيد الحية فيأكلها ، والحية تصيد العصفور فتأكله ، والعصفور يصيد الجرادة فيأكلها وهو اضعف الصيد ، ونحن لو شئنا لصنفنا الفساد لدينا بحجم الصيد ، فمنهم من يقنع بجرادة وهذا العصفور ومنهم من يبحث عن صيد اسمن ، فالفاسدون لدينا على درجات تبدأ من المجلس البلدي الى نهاية القائمة او بدايتها ، يتوزعون بشكل عنكبوتي ، في المدرسة وفي الاحوال المدنية وفي الوزارات ، وحتى وصل الامر الى مستويات بسيطة ، فقد ذهبت اسأل عن صديق في احدى المناطق القريبة ، فما كان من احدهم الا ان قال لي : كم تعطيني وادلك عليه ، تركت صديقي واقفلت راجعا ، كل الذي مررنا به اسس لثقافة الفساد وجعلها متفشية في كل مكان ، وللاسف الحالة تستفحل ونحن لانضع علاجا لاي شيء ، لم نستطع محاربة الفساد بنشر ثقافة مضادة ، ولم نستطع ان نعاقب المفسدين كي يرتدع الآخرون وبقينا مثل الغراب الذي اضاع المشيتين ، حيث يحكى ان غرابا اراد تقليد الحمامة في مشيها ، فترك مشيته وحاول ، لكنه فشل فلم يستطع ان يعود الى مشيته الاولى ولذا سمي ابو مرقال ، ومنه قول الشاعر :
( ان الغراب ورام يمشي مشية في سالف الاجيال
حسد القطاة فرام يمشي مشيها فاصابه ضرب من العقال
فاضاع مشيته وضيع مشيها ولذاك سموه ابا مرقال )
والخوف كل الخوف الا يعود الغراب الى مشيته الاولى ، فلربما لو عاد لامكنه ان يصلح بعض الاشياء التي فسدت ، البعض وليس الكل ، ونحن هنا لانتكلم عن الفساد كفساد مالي او اداري ، وانما نتكلم عن اخلاقيات تخلى عنها البعض ، اخلاقيات كانت جزءا من حياتنا اليومية ، وقد طبعت حياتنا بطابع البساطة والصدق ، اما مانشاهده حاليا ، فقد شاهدناه بالافلام ولم نصدقه في حينها ، للاسف الان المادة تمثل حياة الشعب العراقي بكل تفاصيلها ، اما روحه الطامحة الى الجمال والعذوبة فقد بدأ يتركها بالتدريج منذ الفين وثلاثة وحتى الان ، ولذا ترانا نبحث عما فقدنا فلانجد غير بقايا من تراث وحكايات نثقل كاهلكم بها .
لقد قام سائح بريطاني بعمل كطبيب لاكثر من عشرة اعوام في هور العراق ابان الثلاثينيات ، وكانوا يحرسونه ويحافظون على مشاعره ، مع العلم انه كان يعمل مع طبيب وتعلم منه الطب ، لكن للاسف الاطباء عندنا يخضعون لارادة العشيرة ، التي فصلت فيما فصلت عنزة ماتت في صعقة كهربائية ، وهؤلاء يجبرون عشيرة الطبيب على دفع الدية على مريض توفي اثناء اجراء عملية جراحية له ، هل يلاحظ احد ماوصل اليه بلد النور ، حين غرق في الظلام ، وهذا من شأنه ان يجعل الطبيب يحسب الف حساب قبل اجرائه اية عملية ، هذه الامور تتولد نتيجة ضغط سنوات من التخلف ولم تكن وليدة الصدفة ، حتى حين يكون قانون العشيرة هو القائم فهذا يعني ان الدولة قد فقدت الثقة في اجهزتها ، اننا نحتاج الى هيئة جديدة تحت اسم هيئة اعادة الثقة لانها ستشمل كل شيء ، الفساد بانواعه والتخلف بانواعه ، لاننا نعيش ازمة ثقة عالية ، ازمة ثقة بالمدرس والطبيب والسياسي والعامل ، مايؤدي الى سيادة مفهوم سوء الظن ، وهذا امر خطير يحتاج العمل عليه الى سنوات عديدة ، وازمة الثقة هذه جاءت نتيجة تراكم سنين من الجور والفساد ، حتى صار الطبيب تاجرا يعمل على استحصال مبالغ اكثر فاكثر ، وصار المدرس كذلك والضابط والسياسي ، اننا بصدد مرحلة خطيرة من مراحل تاريخنا الحديث لم يسبق ان مرت بذهن او لوحت بما تخفيه في الافق ، مثلا في السابق كان الفلاح البسيط ينظر بلهف الى سقوط الاقطاعي وكان العامل يمني نفسه بامتلاك وسيلة الانتاج والثورة على رب العمل من دون ان تتسرب الى هذا وذاك ماكان يفعله الاقطاعي او رب العمل ، مايعني ان ذهاب او عودة المنصب لم يحتل شيئا من نفس الانسان العراقي ، بعكس مايحدث حاليا ، حيث تأسست المليشيات على اساس تسلط افراد من افراد المجتمع ، فيما هرع ضعاف النفوس الى التسجيل في مقرات الاحزاب التي فتحت ابوابها ابان 2003 ، لم نكن نتقن مناهج كهذه ، ولكن الظرف العصيب الذي مر بنا جعل من السلاح صديقا لا غنى عنه ، ولذا يعلم من عاصر الاحتلال كيف تحولت سماء بغداد الى قطعة حمراء من اطلاقات الرياح ، وكم دفع هذا الشعب من ابنائه نتيجة هذه الاعمال ، لنبقى في النهاية نردد : ( الحكوا من فاته اللحم ، فلايفته المرق ) .
عبد الله السكوتي



#عبد_الله_السكوتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتكول انهزم كوك
- امام المايشور ايسمونه ابو الخرك
- قضيه يامشاهده
- كوم الله وكومين الطالب ، وكوم الله ايطالب بي طالب
- بنو ساسان
- (عرب وين ، طنبوره وين )
- ثرثرة فوق دجلة
- الكويت وقاعدة طبع البالبدن مايغيره الا الجفن
- طير النجر ينصاد من منكاره
- احصان الشيخ
- مطلب جماهير النصر ، احبال للطبكه تجر
- ناب الافعى وصوت العندليب
- صندوك الولايات
- الياكل العصي مو مثل اليعدها
- هالكرسي العندك من ذوله
- ذاكرة العراق المشروخة
- رحم الله جمعه افندي
- هذا واحد من الاربعين
- الكاع وثورة تموز 58
- العطش ، العطش


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الله السكوتي - من فاته اللحم لم يفته المرق