مقارنة بين وضع المرأة العربية في الجاهلية و في الإسلام

وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 11:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

يكتب المفكر و الباحث هادي العلوي في كتابه ( فصول عن المرأة ) : تقدم المجتمع الجاهلي في طوره الأخير نحو النظام الأبوي ( البطرياركي ) الذكوري مع تقلص رقعة الاقتصاد المشاعي أمام زحف الاقتصاد التجاري و الملكية الفردية للأراضي و القطعان . و أخذت مكانة المرأة قبل الإسلام تتراجع فتفقد الكثير من حقوقها أمام الرجل . كانت العلاقة بين المرأة و الرجل عشوائية و خاضعة للمزاج . لكن المرأة قبل الإسلام حافظت على حريتها الشخصية فلم تخضع لقيود تحد من نشاطها الاجتماعي أو تلزمها بالحجاب أو ملازمة المنزل . إن خطوة كهذه تفقد فيها المرأة حريتها سوف تترتب كما يقول العلوي على نضج النظام الأبوي الذكوري و اكتمال مقوماته السياسية و الاقتصادية , و هو ما حصل في الإسلام الذي أقام الدولة و انشأ المجتمع الجديد . و المجتمع الذي بناه الإسلام أبوي ذكوري شان أي مجتمع متحضر يستند إلى اقتصاد الملكية الفردية و فيه اكتملت قيمومة الرجل على المرأة و شرعت بنص مكتوب . و فقدت المرأة ما تبقى لها من حرية و ذلك بإخضاعها لحكم الرجل . و مع ذلك لم يأمرها الشرع بملازمة المنزل .و الآية التي قالت ( و قرن في بيوتكن ) هي خاصة بزوجات النبي لكنها خضعت لهذا القيد اعتبارا من العصر العباسي . الشريعة الإسلامية لم تقنن في أحكام نهائية و إنما تركته للاجتهاد فتعددت الأحكام و اختلفت باختلاف المذاهب . و حرمت الخلافة على المرأة باشتراط الذكورية للخليفة . و لم يرد نص قاطع فيما دون ذلك . فمنع قسم من الفقهاء اشتغال المرأة في القضاء و أجازه الطبري و صاحبه أبو ثور و قيده أبو حنيفة . و أجاز القليل منهم إمامتها في الصلاة للرجال و وافق عليه آخرون للنساء . و للمرأة مكان معترف به في الجيش و الإدارة و الحياة الاجتماعية . و أعفيت المرأة بعد سن الشباب من الحجاب فكان بمقدورها أن تختلط بالرجال و تساهم في الحياة الاجتماعية و تسمى مثل هذه المرأة
( برزة ) و هي التي تبرز للرجال وتفرض احترامها عليهم لقوة شخصيتها . اعتبر الإسلام المرأة ناقصة عقل فجعل شهادة امرأتين تعادل شهادة رجل واحد . قال ذلك و وقع في تناقض مع قوله بنصبه عددا من القديسات اصطفاهن على نساء العالمين . و هن مريم في القران ثم آسيا زوجة فرعون حسب الإسرائيليات و عائشة و فاطمة . في مقابل انتهاك حرية المرأة في الإسلام حصلت على حقوق لم تكن لها في الجاهلية . و لم يجعل الإسلام ولاية على البنت لغير الأب أو الجد . و على الزوجة لغير الزوج . و بين لها حقوقا لا يجوز للولي أن يتخطاها . و جعل مهرها ملكا لها و منع الاستيلاء عليه من الولي كما كان الحال في الجاهلية . لكن الأرياف و البوادي استمرت على العادة الجاهلية و حتى اليوم يستولي الأب على مهر ابنته في الريف العراقي . و حصلت البنت على نصيب في الميراث فأعطيت نصف حصة الذكر و حصلت الأم على نصف الموروث . و كانت هذه خطوة متقدمة في زمانها بل و بقيت متقدمة حتى القرن التاسع عشر حين بدأت القوانين الأوربية بتعديل قوانين الميراث . و أعاد الإسلام الاعتبار للأنثى بتحريمه الوأد و الحث على استقبال ولادتها بنفس استقبالهم للذكر . و دعا إلى معاملتها في المنزل كمعاملة الذكر . و أعطيت أهلية التصرف بالمال لكن بعض الفقهاء قيده باستئذان الزوج للمتزوجة . و لم يرد قيد بخصوص الايم ( التي لا زوج لها ) . و امتلكت المرأة المسلمة حق الطلاق في شكل الخلع . و فرقه عن الطلاق و هو حق الرجل أن المطلقة تأخذ مهرها من المطلق و الخالعة يسقط حقها في المهر . و تجوز المخالعة لأي سبب يجعل المرأة تطلب الانفصال . و حصلت المرأة على الحق في قبول أو رفض المتقدم للزواج منها . و نأتي إلى حق الجنس فنجد المسلمين يجعلون حاجة الرجل إلى الجنس أكثر من حاجة المرأة و كان من هنا توسيعهم فرص الجنس على الرجال إلى حدود تقرب من الإباحية . أربع زوجات و ما لا حد له في الجواري . و من شان ذلك أن يضائل نصيب المرأة منه . و يذكر المعري في نقده للضرائرية أن المرأة تحصل على ربع الرجل إذا كانت له أربع زوجات . و لم يذكر كم يبقى لها مع وجود السراري . و الخوارج أكثر احتراما للمرأة من سائر الفرق و المذاهب و قد خلطوها برجالهم فقاتلت معهم و شاركت في نضالهم السري . إن التقدم في مساواة المرأة بالرجل و في حقوقها و في منع الضرائرية تحقق في الفرق الإسماعيلية و خصوصا الدروز و مساواتهم في الإرث بين الجنسين . يتساءل العلوي هل يمكننا اعتبار أبي العلاء المعري نصير المرأة الأكبر في الإسلام بعد أبي ذر الغفاري و سلمان الفارسي ؟
المصدر : الموضوع منقول بتصرف من كتاب ( فصول عن المرأة ) تأليف : هادي العلوي الطبعة الثانية 2003 إصدار دار المدى للثقافة و النشر / سورية دمشق .

#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل