أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وليد يوسف عطو - اخي سالم ... شجرة الكرز المثمرة !!!















المزيد.....

اخي سالم ... شجرة الكرز المثمرة !!!


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3418 - 2011 / 7 / 6 - 10:31
المحور: سيرة ذاتية
    


كان اخي سالم اكبر الاخوة الذكور جميعاً. تميز بالفطنة والذكاء والعصامية. اعتمد على نفسه بالدرجة الأولى في تحديد مسار حياته ومستقبله. تعاقد مع وزارة الدفاع وهو طالب في كلية الصيدلة ببغداد . وبعد تخرجه منح رتبة ملازم في الجيش . وكانت دورته تمنح المتخرج لقب صيدلي كيمياوي وتنقل الاهل معه حيثما انتقلت وحدته الطبية. وفي احدى السنين نقلت وحدته الى كركوك وانتقل الاهل بالقطار الى كركوك . سكن اهلي في عدة احياء من كركوك وفي هذه الفترة ولدتُ انا عام 1953 وبين اعوام 1959-1960 اتذكر الاحداث المهمة في كركوك حيث انتقلنا عام 1960 الى بغداد . كان في حديقة البيت شجرتي كرز كبيرتين تثمران كرزاً لذيذاً احس بطعمه الى الان ، حيث كنا نسكن في حي شاطرلو وهو من احياء التركمان. في احدى المناسبات وكنا خرجنا الى الشارع وجدنا مسيرة استعراض عسكرية للحزب الشيوعي العراقي حيث كان هناك كردوسين، الامامي كان ينشد. ( سنمضي.. سنمضي الى ما نريد... وطن وشعب سعيد) .
يجاوبه من الخلف الكردوس الثاني مردداً (سنحمي... سنحمي.. شعار السلام.. ونبني ونبني عراق جديد) .
وكان اخي سالم من ضمن الكردوس العسكري لابساً زيه العسكري وبيد الجميع علم صغير مثلث الشكل احمر اللون فيه المنجل والمطرقة المتلاحمتين اشارة للشيوعية والى الحزب الشيوعي. وقد اعتقل اخي مرتين . مرة في زمن عبد الكريم قاسم ومرة ثانية بعد الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963.
في كركوك حيث كان اهلي يعطونني السفرطاس الذي يحتوي على الطعام واذهب به السجن. واتذكر انني كنت امر بساحة (ميدان/دوار) يحتوي نافورات ماء على شكل سمك يخرج الماء من افواهها ويصب في الحوض. واذكر شهادة جيراننا في بغداد يوسف ساكو (ابو حازم) الشيوعي والمفصول من شركة (IPC) الالقوشي الطيب وهو يشيد بشجاعة اخي سالم في التحقيق وتحديه لجلاديه. مرت الذكرى الاولى لثورة 14 تموز 1958 وكان المخطط ان يمر موكب المسيرات في وسط المدينة. فخرجت مع اهلي ونزلنا في فندق لحضور هذه الاحتفالية والمسيرة والتي تتضمن سيارات مزينة، تحمل الشعارات المؤيدة للثورة. وعند وصول موكب التركمان الى مكان الاحتفال فتح النار فجأة على مسيرة وموكب التركمان.
وبدأت دورة العنف والقتل، لما كان اخي سالم يعلم بمكان وجودنا فقد جاء ليلاً برفقة قوة عسكرية لاخذنا. وبعد هتافنا بحياة الثورة والزعيم عبد الكريم قاسم خرجنا من الغرفة برفقة اخي والقوة التي معه. وفي الشوارع والساحات وجدت العجب العجاب. لقد حدث فرهود اخر وحواسم على نمط حواسم 2003 وما قبلها. رأيت المحلات تسرق وتنهب وتحرق. وكنا نمشي وتحت اقدامنا الزجاج المكسور وبقايا مواد معدنية. وجدت في احدى الساحات العامة (دوار/ميدان) قوة عسكرية لا اتذكر ان كانت من الجيش ام من الشرطة وقد ربطوا شخصاً ما الى شجرة ، رأسه الى اسفل وقدميه الى اعلى وهم يضربونه بالعصي الخشبية ويبدو انه كان ميتاً حيث لم يكن يخرج منه صوت. بعد وصولنا للبيت كلف اخي سالم احد الاشخاص في المنطقة بحراسة الشارع الذي كنا نقيم فيه بعد اعطائه بندقية صيد. وقامت المنازل بلصق صورة الزعيم عبد الكريم قاسم على الابواب.
لقد كنت اذهب برفقة اخي سالم الى مسبح نادي الضباط تصوروا في عام 1960 وما قبله كان هناك نادٍ ومسبح للضباط . هذا المسبح الذي يحلم به فقراء العراق اليوم ليبردوا اجسامهم!! وكان يأخذني احياناً الى المعسكر والى وحدته الطبية واعتقد انها كانت في جلولاء وكنت اتعجب عندما ادق الجرس الكهربائي من نقطة الكهرباء خلف كرسي اخي حيث يدخل المراسل يؤدي التحية العسكرية.
واعجبتني اللعبة!! واذكر اننا كنا نذهب سفرات الى مناطق قرب كركوك مثل حقول بابا كركر النفطية حيث اخذنا معنا (جدر الدولمة) وعند وقت الغذاء وحيث لم يكن هناك شعلة نار قريبة قام اخي الاكبر بتحريك التربة بقدمه فقدحت شرارة النار ووضعنا القدر على النار حيث الغاز الطبيعي يخرج من تشققات الارض.
وفي احد الايام عندما تهيأ اخي للمغادرة الى وحدته الطبية ووضع قدمه على عتبة السيارة قمت انا بسكب طاسة ماء عليه حيث العادة ان نسكب ماء خلف المسافر ليعود سريعاً. وهكذا عاد اخي سالم حالاً ليكوي بنطاله العسكري . في عام 1960 انتقلنا للسكن في بغداد ويبدو ان اخي قد احيل للتقاعد او الى الفصل من الوظيفة لا اعلم.
وكان برتبة رائد لم يخرج منها لاحقاً الا بقطعة ارض . وتفرغ للعمل في الصيدلية ثم انتقل الى البصرة حيث كانت زوجته موظفة وهكذا بقي اخي في البصرة 27سنة. كنت اذهب سنوياً الى البصرة ونخرج بسفرات الى ابي الخصيب والزبير واتذكر سفراتنا الى ابي الخصيب حيث ترى ارض السواد على الطبيعة ان النخيل يمتد حيث يمتد بصرك وكان الشارع يتلوى مثل الافعى وعندما سألت اخي كان يجيبني ان المهندس الذي نفذ الشارع هندي الجنسية تم رشوته من قبل شيوخ العشائر لكي لا يمر الشارع في املاك واحداً او اثنين من الملاكين وهكذا تم التلاعب بالتصميم وكان يمر الشارع فوق احوازات كثيرة عليها جسور وهناك نجد بناة الزوارق والمشاحيف.
كما يوجد في ابي الخصيب قصر شيخ الكويت . في احدى السفرات واصلنا الطريق من ابي الخصيب الى السيبة بالزورق في شط العرب ووصلنا الى منطقة السيبة وامامنا مصفى النفط الايراني والعوامات التي تمثل الحدود المشتركة بين العراق وايران (خط التالوك).
لقد كان اخي يرسل لنا سنوياً من البصرة حاوية تمر (تنكة) اشرسي بالسمسم. واكلنا واشترينا في البصرة تمور علامة اصفر ومارين والخضيري وهي المسلفنة والمحشية بالجوز واللوز ومنها مغطاة بالبسكويت وستجد في البصرة الذ الاسماك ومنها الصبور والخلطة الرهيبة التي لا يجيدها الا اهل البصرة.
فعندما تتذوق الصبور في بغداد تحس ان لا طعم له لأن طريقة عمله في بغداد لا تنم عن خبرة. في عام 1987 انتقل اخي سالم وعائلته للسكن في بغداد وبعد انتقاله الى بغداد قصف منزله بالمدفعية الايرانية. كانت العوائل تحبذ استشارته طبياً بدلاً من الذهاب للاطباء وذلك بسبب خبرته. وستجد ان سوق الطيور في بغداد الجديدة قريب من الصيدلية حيث اصحاب المحال يأخذون الادوية لطيورهم وحتى احد الاشخاص كان يربي الكلاب البوليسية كان يشتري من اخي حبوب هورمون منشطة للمبيض حيث يعطيها للكلاب مع اللحوم فبدلاً من ان تنجب 6 من الجراء سوف تنجب 11 من الجراء وهذه تجارة . كان لا يهتم باعطاء ادوية بالدين لاشخاص لا يعرفهم وكثيراً ما كان هؤلاء يأخذون الادوية ولا يعودون لدفع المبلغ . كان يتعامل مع الناس على اساس الثقة والمحبة.
قبل سقوط صنم العراق في 2003 جاء الى الصيدلية احد اصدقاء اخي وهو من الصائبة المندائيين، وقال لي بفخر؟؟ ان اخي سالم كان يعطيه المال عندما كان مفلساً. وبعد سنوات عمل هذا الشخص في تهريب الاثار مع قيادات ذلك الزمان من حكم البعث واصبح من الاثرياء حيث ذهبت عائلته للسكن في فرنسا وبقي هو ينتظر مجيء زوجته لتبيع الاملاك ومما قاله وهذا الكلام قبل حرب 2003 ان الصابئة شعروا بالاحباط من المسلمين لذلك قرروا الهجرة وفي فرنسا قال ان الصابئة تحولوا بمعظمهم الى المسيحية وكان الاب الدكتور يوسف حبي يدير لهم الندوات الدينية.
وهذا السبب هو الذي يفسر مقتل الاب الدكتور يوسف حبي في زمن حكم صدام حسين بحادث سيارة حاله حال غيره من الاباء الكهنة مثل الاب عبد السلام حلوة الذي دبر له حادث سيارة مماثل بسبب كتابه (هل كان يسوع سياسياً؟) حيث يصل الى استنتاج انه اذا تعارض ملكوت الله مع ملكوت قيصر فيجب الوقوف بوجه قيصر.
أنتهت رحلة أخي سالم بسفره الى الولايات المتحدة الامريكية ، الى مدينة سان دييغو في كاليفورينا حيث ابنته طبيبة الاسنان وقد بلغ من العمر عتيا حيث داهمته امراض الشيخوخة والسمنة حتى انه لا يستطيع السير الا عن طريق اجهزة مساعدة. كان لدى اخي صديق يلتقيان منذ عشرات السنين كلما التقيا يسأله اخي كيف حال الوضع؟ فيجب البارحة احسن من اليوم ويبدو ان هذا هو قدر العراقيين.
في هذه الرحلة المضنية لم يخرج منها اخي بالاملاك الفارهة ولا بالصفقات التجارية الضخمة ولا بالمناصب الوزارية لقد خرج منها بالسمعة الطيبة.
اخي سالم... مثل شجرتي الكرز في بيتنا في كركوك تجدها مثمرة معطاء شامخة.. هكذا هو اخي واقول فيه كما كتب عمر السراي في قصيدته الى حمد..
(كلما فتشت في السماء، اراك نجمة فأبدأ الغناء)



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرسول بولس ، الرجل الذي احدث القطيعة مع اليهودية
- موقف الرسول بولس من المرأة
- محبة الاعداء
- الحزب الشيوعي العراقي والاقليات ... رد على رد
- محسن علي عزيز .. ذلك الشيوعي الطيب
- لاهوت التحرير والشيوعية
- نداء الى المفكر والباحث فراس السواح
- اكذوبة استحالة الخبز والشراب الى جسد ودم المسيح جوهرياً
- بشار وصدام وجهان لعملة واحدة
- موقف المسيحية من السلطة
- العلاقة الجدلية بين شيوعية الاحرار والتصوف
- ابليس .... اله اليهود وأعداء يسوع
- بين شيوعية الاحرار وشيوعية العبيد
- كشكول شيوعي
- المسيح ولد في الجليل لا في اليهودية
- الحزب الشيوعي العراقي والاقليات
- العلاقة الجدلية بين اوثان الشيوعيين واوثان المتدينيين
- هل كتب داود المزامير ؟
- جذور تحريم لحم الخنزير لدى العبرانيين وشعوب الشرق القديم
- أوثان الشيوعيين


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وليد يوسف عطو - اخي سالم ... شجرة الكرز المثمرة !!!