|
هذا واحد من الاربعين
عبد الله السكوتي
الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 11:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وهذه كناية عن ان رجلا قتلته البطالة ، فاشارت عليه زوجته بعد ان اعياها الفقر بان يعمل منجما ، اقتنى دفاترا واوراقا واختار له محلا يعمل فيه ، فصادف ان طابقت اقواله ما اراد البعض معرفته ، فذاع صيته وملأ الآفاق ، وسارت الامور بلا منغصات ، ولكن بدر في الامر جديدا حيث سطت عصابة مؤلفة من اربعين لصا على خزينة امير البلدة وسرقتها ، فاهتم الامير بالامر اهتماما كبيرا ، وبحث عن افضل المنجمين فجاء صاحبنا في اولهم ، فطلب الامير منه معرفة اللصوص والا قتله واعطاه مهلة قدرها اربعون يوما ، حزن الرجل لهذا واغتم غما كبيرا وشكا الى زوجته سوء حظه واتهمها انها من قامت بتوريطه بعمل كهذا ، ولكن اللصوص قلقوا كثيرا وقاموا بارسال احدهم الى محل المنجم ليستطلع الامر ، ما ان وقف الرجل حتى بدأ المنجم يؤنب نفسه : ( اشلون هذا واحد من الاربعين ) ، ويقصد ايام المهلة ، ففر اللص واخبر الباقين ، فارسلوا الثاني ، فرآه الرجل واتجه بالكلام اليه : هذا الثاني من الاربعين ، فوقع اللص يبكي ويصرخ واعترف بما جنى هو واصحابه ، فصار المنجم اكثر شهرة وارفع مكانة . هناك الكثير من المهن تنتعش في الازمات ، وفي اوقات تخلف المجتمعات وانتشار الامية التي طالما اقترنت بالجهل والمرض ، وللاسف فان العراق قضى على الامية في سبعينيات القرن المنصرم ، لكن مالبثت ان عادت بعد صعوبة الحصول على رغيف الخبز ، واعمال القتل التي طالت غالبية العوائل العراقية ما ادى الى حرمان الاطفال من ذويهم فصار لزاما عليهم ان يبلغوا مبالغ الرجال وهم في طفولتهم المبكرة . المتتبع للوضع الحالي يلاحظ بشكل جلي تخلف الخدمات الصحية ، وانتشار الاوبئة والامراض السرطانية التي تأتينا معلبة في قناني البيبسي والعصائر الاخرى ، فصار المضمد قمة طموح العراقي ، حين استبدله بالطبيب ، وصار فتاح الفال والكشاف يطلب مبالغ طائلة ، وانتشرت الحجامة بشكل واسع دون مراعاة لابسط الشروط الصحية ، فحين تدخل الى محل الحجام تشاهد العجب ، اواني الدماء تتناقل من كتف الى آخر ، والمشرط الذي يبضع الزبون الذي قبلك يبضعك دون تعقيم ، ولذا صارت امراض الدم وسرطاناته تنتقل بشكل سريع ، ونحن في خضم انتشار طب الاعشاب نلاحظ تزايد المصابين بحصى الكلى والالتهابات الاخرى ، في حين ان العشاب يزودك بنصيحته المعهودة ، الاعشاب اذا ما تفيدك ماتضرك ، ولكن معظم الادوية الكيميائية تستخرج من مواد نباتية ، فلماذا هذه تضر وتلك تنفع ولاتضر ، هذا السؤال ينبغي ان تنبه اليه وزارة الصحة وعلى الاقل عليها ان تقنن العمل وتمنح اجازات ، ترى فيها المتخصص من غيره ، اما فتاحين الفال ومعالجي امراض العظام فهؤلاء تتعجب من طرقهم التي ربما اوصلتك الى صالة العمليات حين يدوس المعالج فقرة فيزهق روحها ، وتكون مضطرا ان تخضع الى الجراحة ، واقلهم ضررا الذي يعالج عرق النسا فهذا يكسر عودا في محافظة اخرى فيطيب السقيم وهو في بيته ، ومنهم من يعالج بالسيف واخر باسلوب اكثر تطورا فهو يمسك خشبة بيده ليضربك على مكان الالم وهكذا . على وزارة الصحة ان تكون بحق وزارة تأخذ مكانها لان ارواح الناس تحت عهدتها ويكفي ما فقدنا نتيجة الجهل والخرافة ، ولكن الكارثة لاتكمن في الاميين وانما تكمن في المثقفين واصحاب الشهادات العليا ، فلقد رأيت اساتذة للجامعات عجزوا من الطب والعلم والتجؤوا الى عالم الغيبيات علهم يجدون علاجا ناجعا ، وان كان هذا ينبع من شيء فهو ينبع من تخلف الطب لدينا وعودتنا الى الطبيب الذي اوصى ابنه من بعده في ايام العثمانيين فقال : ابني حين تدخل اي بيت لمعالجة مريض انظر الى الارض فاذا رأيت قشر بصل فقل ان المريض متخوم ، واذا رأيت قشور البرتقال فقل انه مزكوم ، وهكذا ، واكثر ما فعل فعله في الناس تجربة الاطباء الادوية على الناس ، عسى ان ينفع احدها ويكون واحدا من الاربعين . عبد الله السكوتي
#عبد_الله_السكوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكاع وثورة تموز 58
-
العطش ، العطش
-
احقد من جمل
-
من جلة الخيل
-
امر حكومه او جاري
-
اذا جان المغسّل اعور ، كول ياموتة الكشره
-
هذا مو يوازيك اتبيع الجدر
-
ديونّا ماوفيناها
-
ناصر الاشكر وميناء امبارك
-
مثل اخوة زينب ظلينه
-
اليدري يدري والمايدري كضبة عدس
-
اتلوا ( اكلوا ....)
-
جوية العجل من ذيله
-
اذا ردت اتهجج اكنس او عجج
-
هاذي ماهي رمانه ، هاذي اكلوب مليانه
-
زرازير النبكه
-
الصخمج لطمني
-
امجلبين ابذيل هالخير وماندري وين راح ايودينه
-
شرناها او عيّت باهيزه
-
ياكل ويه الذيب او يحرس ويه الراعي
المزيد.....
-
رويترز تتحدث عن -عشرات الوفيات- بلهيب الشمس بموسم الحج
-
يورو 2024.. قيادة منتخب البرتغال تدافع عن مشاركة رونالدو
-
بعد هدوء لـ3 أيام.. -حزب الله- يعلن تنفيذ عملية ضد موقع إسرا
...
-
الدفاع الروسية: استهداف منظومة صواريخ -إس-300- أوكرانية ومست
...
-
روسيا تكشف عن منظومات صاروخية مضادة للدرونات والزوارق المسيّ
...
-
ذهب رقمي.. ما هو شرط انتشار عملة بريكس في العالم؟
-
روسيا تشل السلاح الأمريكي في أوكرانيا
-
خداع استراتيجي.. كيف احتالت واشنطن على -السيد لا-؟
-
لافروف: روسيا تدعو إلى إدارة عادلة للمجال الرقمي العالمي
-
هنغاريا تعارض ترشيح فون دير لاين كرئيس للمفوضية الأوروبية
المزيد.....
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
المزيد.....
|