|
اتلوا ( اكلوا ....)
عبد الله السكوتي
الحوار المتمدن-العدد: 3323 - 2011 / 4 / 1 - 22:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هواء في شبك ( اتلوا ..... اكلوا ) في تسعينيات القرن المنصرم ، دعيت مع عدد من الاخوان الى وليمة غداء في قطاع ( 55 ) في مدينة الثورة ، دخلنا الى البيت المتهالك الذي اتكأ على البيت المجاور ، تفحصت المكان ونظرت في كل الاتجاهات ، فرأيت الجدار الذي يطل على الزقاق مفتوح فتحة عميقة ( مفطور ) ، اي انه مشقوق على ارتفاع البناء ، احضر الداعي مائدته البسيطة وتهيأ الاخوان وانا بضمنهم ، واذا بعيون ترقب الطعام عبر الجدار ، عيون طفل صغير ، بوجه اسمر واضح المعالم ليصرخ باعلى صوته : ( اتلوا ) ، اي اكلوا ، وهذا الطفل على الغالب كان جائعا ، فوضعنا الطعام من ايدينا لنبدأ بعاصفة من الضحك ، شغلتنا عن التفكير باي شيء آخر . ولسنا بعيدين عن التسعينيات ، ونحن نأخذ دور الطفل الصغير لنقول للذين اسرفوا ونهبوا اموال الشعب العراقي ، ليعترفوا علانية وامام جميع الناس انهم اخطأوا بدليل اقتراحات مكافأة الرواتب وجعلها متقاربة ، اي ان الاموال التي نهبت كانت حلال بعرف وشريعة هؤلاء اما الآن فقد انتبه السياسيون انهم اسرفوا ولذا جاؤوا باقتراحات تقليل رواتب الرئاسات ، والمليارات التي ذهبت لتفتح بها شركات ، وتشترى بها عقارات في دول اخرى راحت ادراج الرياح، ومع هذا هناك من يعترض ولايريد ان يتنازل عن فلس واحد من مرتبه ، في حين غط البعض الآخر في سبات عميق ، ولم يفصح بمايدور في خلده لانه ادرك انه سيعود من الغنيمة بالاياب كما يقول الشاعر ، صمت الكثيرون ولم يعجبهم الحال لانهم سيفقدون كثيرا من مميزاتهم والمخصصات الدسمة التي كانت تدر عليهم اموالا طائلة ، في حين حرم غالبية الشعب العراقي من الشرفاء من ابسط انواع الحياة الكريمة ، وبجملة واحدة بسيطة نستطيع ان نخرج بنتيجة ذات فائدة : ان المئة يوم ستذهب ادراج الرياح هي الاخرى كما ذهبت قبلها الآف الايام والساعات والثواني ، لقد قطع الوقت عنق حكومة العراق وانتهى الامر بحيث لجأ امين بغداد صابر العيساوي الى ( تبليط المبلط ) ، فقد قام هذا الرجل باكساء الشوارع المبلطة في منطقة البلديات في بغداد ، وترك الاخرى الترابية تمتلىء بالوحل والمياه الآسنة والقاذورات ، هذا الرجل تعمد ان يبلط المبلط لان الامر يسير ولايحتاج الى اعمال تسوية وحدل وشق واموال وارصفة ، فرأى ان المئة يوم بدأت بالنفاد وهو ينظر باتجاه المنطقة الخضراء ، ومنهجها في تحويل الاقوال الى افعال ، لكن للاسف لاشيء من هذا سيحدث ، لان الحكومة لاتمتلك قرارا واضحا وهي بعد لم تزل اسيرة المحاصصة الذميمة ، والجر والعر الذي يراهن عليه اغلب السياسيين لتشويه صورة التغيير والايمان المطلق ان الامر كان تخريبا وان صدام كان عادلا وانه خير من غيره ، كل هذا يحدث امام تجربة اميركا الوحيدة في المنطقة والتي وعدت من خلالها بشرق اوسط جديد ستكون الحياة فيه شبيهة بالحلم ، لكن بعد ان فلت العيار من يدها ودخلت عناصر القاعدة باعداد لم تكن محسوبة في طوابق البنتاغون الذي رسم سياسة العراق الاتية لعشرات السنين المقبلة ، بدأ اوباما بمرحلة اخرى وهي الصيد من بعيد وعدم الظهور بالصورة ، بعد ان وضع الفتنة الطائفية على ابواب منطقة النفط المقدسة ، لتبدا الشرارة من البحرين ، ومن ثم تنتقل الى العراق وكل الامر مرهون بالمذاهب والدين بمفرده ، ولم يكن ناتجا لسياسة رسمت عبر عهود ، ان منطقة النفط تغلي على مرجل من النفط ، ولاندري متى سيأتي الانفجار الذي بدا على شكل تصريحات من المسؤولين البحرينيين ، بان ثورة الشباب في البحرين هي ناتج غليان طائفي ومؤامرات تحيكها الدول المجاورة ، ليندفع من يندفع خلف هذا التبرير الخاطىء لسياسات القهر والحرمان والتمييز على اساس الدين والمذهب ووضع اليدين والوضوء ، لا ادري الى متى يستمر السياسيون والملوك والدول الكبرى بالمراهنة على القضايا الطائفية التي دمرت المنطقة برمتها ، ولا انسى هنا مارواه بعضهم عن بعض المتسولين في الزمن الغابر : حيث قالوا ان متسولين اثنين يعملان معا وينامان في بيت واحد ، يذهب كل واحد منهم الى مسجد تابع لطائفة ويبدأ بالدعاء باسم علي ابن طالب ، بينما يذهب الاخر الى المسجد الآخر ، ليدعو باسم عمر بن الخطاب ، ويجمع كل منهم مايجمعه ليقتسما ليلا الوارد براحة تامة ، هذه القضية لا اظن لها نهاية الا بالاصلاح او التغيير والا سيبقى قول الصغير في مدينة الثورة في قطاع 55 اكلوا او كما قال هو : اتتتتتتتتتتتتتتلوا ، منهاجا للسنين القادمة ايضا . عبد الله السكوتي
#عبد_الله_السكوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جوية العجل من ذيله
-
اذا ردت اتهجج اكنس او عجج
-
هاذي ماهي رمانه ، هاذي اكلوب مليانه
-
زرازير النبكه
-
الصخمج لطمني
-
امجلبين ابذيل هالخير وماندري وين راح ايودينه
-
شرناها او عيّت باهيزه
-
ياكل ويه الذيب او يحرس ويه الراعي
-
ايسوكها ابتبنها
-
قانون نيرون
-
كلما تهمد ايثورها الاعيور
-
خل ياكلون
-
وينّه او وين الدبل يعبود
-
بلابوش ديمقراطية
-
فلو ترك القطا لغفا وناما
-
من سرق ذاكرة العراق
-
حب في زمن الديكتاتورية
-
صكر بيت افيلح
-
هايشة بيت ادويغر
-
كضوا جويسم وعوفوا مردونه
المزيد.....
-
تحطيم الرقم القياسي العالمي لأكبر تجمع عدد من راقصي الباليه
...
-
قطر: نعمل حاليا على إعادة تقييم دورنا في وقف النار بغزة وأطر
...
-
-تصعيد نوعي في جنوب لبنان-.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إ
...
-
البحرية الأمريكية تكشف لـCNN ملابسات اندلاع حريق في سفينة كا
...
-
اليأس يطغى على مخيم غوما للنازحين في جمهورية الكونغو الديمقر
...
-
-النواب الأمريكي- يصوّت السبت على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
-
شاهد بالفيديو.. العاهل الأردني يستقبل ملك البحرين في العقبة
...
-
بايدن يتهم الصين بـ-الغش- بشأن أسعار الصلب
-
الاتحاد الأوروبي يتفق على ضرورة توريد أنظمة دفاع جوي لأوكران
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|