عبد الله السكوتي
الحوار المتمدن-العدد: 3424 - 2011 / 7 / 12 - 10:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هواء في شبك
( من جلة الخيل )
يحكى ان قبيلة استوطنت الجزيرة ، وكانت قليلة الخير ، فمر عليها زمان من القحط والعوز ، وكان ان باع افراد القبيلة خيولهم ، واستبدلوها بقطعان من الاغنام ، وهذا التصرف حكيم لو ان هذه القبيلة امنت جانب القبائل المجاورة لها ؛ وفي هذا المضمار اعترض جماعة من افراد القبيلة في ان الخير معقود بنواصي الخيل ، بمعنى آخر ان الغزو لايتم الا على ظهورها والدفاع عن الارض كذلك ، لكن هذا البعض لم يجد آذانا صاغية ، وماهي الا ايام حتى استشرى الجوع والعوز في المناطق المجاورة ، فما كان من تلك القبيلة الا ان تصبح عرضة للنهب والسلب ، فكان التأنيب والعتب وقائل يقول على سبيل التهكم والسخرية : ( لاتحيرون شدوا عالجلاب سروج ) ، فاصبح هذا القول مثلا يضرب لفقدان الاصيل وندرته فيعتاض عنه بما لايصح الاستعاضة به .
وقد ترجم احد الشعراء هذا القول شعرا فقال في موال :
(دار الكرام اظلمت عكب الضيا بسروج
وطوفان دمعي يكت اعلا الوجن بس روج
والخيل لمن تردت واضلعت بسروج
الكدش اضحى لهن عزم شديد وباس
والحر لو دنج اعلا ايد الزنيم او باس
والحيد لو عاشر انذال الوكت لاباس
من جلة الخيل شدوا عالجلاب اسروج )
وقديما قالوا ، ماغزي قوم بعقر دارهم الا ذلوا ، وبعض الاحيان تختلط الامور فيصبح الانسان غير قادر ان يفصل بين العز والذل ، ويرى ان هذه المبادىء لاتعني شيئا في الوقت الحاضر ، فهناك اتفاقات امنية ، وهناك معاهدات بين دول الجوار لاتستطيع بموجبها ان تعتدي دولة على دولة اخرى ، اي ان زمن البداوة ولى ، واصبحت السياسة هي سيدة الموقف ، وحتى قول ابو الطيب المتنبي :
ذلّ من يغبط الذليل بعيش رب عيش الذ منه االحمام
لم يعد له مايبرره ، ولا ادري كيف يحاول البعض ان يصور الذلّ عزا ويقلب المعادلة باتجاه مصالحه ، التي لاتلبث هي الاخرى ان تتلاشى امام عينيه ، كنت استغرب حين اسمع احدهم يدعو الله ان يختم له بحسن العاقبة ، لكني علمت انهم محقون امام الاغراءات ، ولايدرون من منهن مؤثرة اكثر فتسرح به عن الطريق الذي رسمه لذاته .
وفي الجانب الاخر قليل من الضوء ، لابيع ولاشراء للذمم ، ويؤثر من يقع تحت طائلة هذا الضوء الانزواء وترك الميدان للخيول ( الكدش ) غير الاصيلة ، وهنا تكون العاقبة السيئة التي يحصدها الناس خوفا وقلقا وانعدام الراحة ، فتتماثل الاحلام مع الواقع في زراية واضحة ، وتكون الهوسة مناسبة بحق المنتفعين : ( ذبوله ارغيف وهز ذيله ) ، وبعدها لايحق لمن غادر الميدان تحت الضغط والخوف ان يقول : ( من جلة الخيل شدوا عالجلاب اسروج )
عبد الله السكوتي
#عبد_الله_السكوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟