الفقهاء مسخوا قوله تعالى – (( لكم دينكم ولي دين )) -

نهاد كامل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 22:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الفقهاء مسخوا قوله تعالى – (( لكم دينكم ولي دين )) -
لاشك ياقارئي الجليل انك تتفق معي في انه لو اجمع كل فقهاء الدنيا على امر يخالف امر الله سبحانه فان اجماعهم هذا باطل ومرفوض ولا قيمة له في ديننا الاسلامي .
ولاشك انك ياسيدي تتفق معي ان كلام الله سبحانه لا يمكن ان يتناقض فيما بينه .
ولابد انك ياقارئي الكريم تتفق معي ايضا في ان القران الكريم حين جمع بعد وفاة الرسول (ص) فهو قد جمع على مراحل متعددة والتي اخرها كان في عهد الخليفة الصحابي عثمان بن عفان حيث كلف هذا الصحابي جماعة من المسلمين بجمع القرن الكريم من ذاكرات الناس العديدين ومن بعض ما احتفظ به كتابة اناس اخرين مما ذكره الرسول عن كلام الله سبحانه .
ولابد انك تتفق معي بان جميع البشر الذين عاصروا الرسول (ص) وكذلك الذين وجدوا بعد الرسول (ص) هم ليسوا معصومين من الخطأ والخطيئة بضمنهم الخلفاء الراشدين .. وعليه وبما انه وجود اي خطا او تناقض في كلام الله الذي اوحى به الى رسوله هو امر مستحيل .. وبما ان رسوله (ص) معصوم عن الخطأ (( وما ينطق عن الهوى الا وحي يوحى )).. فانه لم يبق امامنا فيما لو وجدنا او وجد غيرنا في القران الكريم اي تناقض الا ان نعزي ذلك الى تسربات لاخطاء بشرية بين كلام الله قد تسربت خلال المراحل المتعددة من عمليات جمع القران الكريم من ذاكرات الناس ومما كتبه بعضهم وجميعهم غير معصومين .. ويستحيل ان نعزي ذلك الى خطأ او تناقض في كلام الله سبحانه الذي اوحاه الى الرسول (ص).
اما قوله سبحانه (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) فانه سبحانه وتعالى بهذا القول يخص ذاته الجليلة بالحفاظ على القران الكريم ولم يشمل احدا من البشر مع ذاته الجليلة بالحفاظ على القران الكريم او بالادعاء بالمحافظة على القران الكريم لان سبحانه قد خص ذاته بذلك فقط .. وعليه فلا يحق لشيوخ الازهر ومن سلفهم وخلفهم من الفقهاء الادعاء بالحفاظ على القران الكريم .. ولم يستثني سبحانه وتعالى رسولا او فقيها من ممنوعية النسخ والمحو والتثبيت والادعاء بالمحافظة على كلام الله سبحانه لان ذلك يخص ذاته الجليلة حصرا .
وكذلك لا يحق للفقهاء تفسير المبهم في كلام الله لانه قد خص ذاته بذلك ايضا.. وقد وردت في جميع هذه الممنوعات سالفة الذكر هنا والتي خص الله بها ذاته الكريمة فقط .. نعم فقد وردت في جميعها ايات كريمة صريحة لا لبس فيها ولا مجال للاجتهاد في نصوصها .. واليكم ياسادتي القراء الكرام نصوص الايات الكريمة التي يبلغنا الله بموجبها بان النسخ والمحو والتثبيت والحفاظ على القران الكريم والادعاء بالمعرفة بتفسير المبهم من كلام الله هو امر مخصوص بذات الله الجليلة فقط ولم يخول به احد .. والايات هي ما يلي

فيما يخص النسخ قد وردت الاية الكريمة التالية :-
(( ما ننسخ من اية او ننسها نأت باحسن منها او مثلها )) – البقرة / 106 - وهنا يبدو واضحا ان الله قد خص بالنسخ ذاته الجليلة فقط .

وفيما يخص المحو والتثبيت وكذلك فيما يخص تفسيرالمبهم من المعاني في كلام الله والتي لايعرف معناها الا هو سبحانه فقد وردت الاية الكريمة التالية :-
(( يمحو الله ويثبت وعنده ام الكتاب )) .
وهنا واضح ان المحو والتثبيت والغامض من المعاني هو حصرا منوط بذاته الجليلة ايضا .. وعليه لا يحق لمخلوق تفسير الغوامض من كلمات الله ولا استخراج المعاني استنتاجا او تخمينا من بين كلام الله سبحانه .. لان ذلك كله سيكون من باب تشويه او تحريف كلام الله تعالى مثل ما يفعل بعض الفقهاء حين يقولون ان هذة الاية قد (( نُسخت)) .. نعم يقولون ان هذه الاية قد (( نُسخت )) .. ونُسخت هذه هنا ( مبنية للمجهول ) .. فهم لا يستطيعون ان يقولوا ان الله قد نسخها .. لانه سبحانه وتعالى لم ينسخها .. وكذلك لعدم وجود دليل لديهم على نسخها .. ولهذا فانهم يقولون (( نُسخت )) بالاية الفلانية (( وعادة تكون هذه الاية الفلانية في كل ما نسخوه لا علاقة لها من قريب او من بعيد بتلك الاية التي نسخها هؤلاء الفقهاء)) وهم دائما يتركون الناسخ لها او الامر بالنسخ مجهولا ويحملون مسؤولية النسخ الى تلك الاية التي لا علاقة لها بالاية المنسوخة لا من قريب ولا من بعيد الا ادعاء الفقهاء وهم جميعا بشر عرضة للخطأ والخطيئة .

وفيما يخص عنوان مقالي هذا الذي قرأتموه اعلاه والذي يخص الاية الكريمة (( لكم دينكم ولي دين )) فان الفقهاء السابقون والمعاصرون يدعون ان هذه الاية التي تكشف لنا ديمقراطية الدين الاسلامي الملائمة لعصرنا الحالي .. نعم انهم يدعون ان هذه الاية قد (( نُسخـت)) بالاية رقم (( 5 )) من سورة التوبة والتي فيها (( فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ... الخ )) وبما ان هذه الاية تخص مشركين معلومين قد اخرجوا الرسول من مكة وعندما استعادها منهم الرسول (ص) فانهم قد وعدوه خيرا ثم خانوا العهد وحاولوا اخراجه مرة اخرى .. اذا فالموضوع يخص مشركين معينين ولا ينسحب على مشركين او كفار اخرين او غيرهم من خلق الله .. وبما ان فقهاؤنا قد ادعوا كذبا ان هذه الاية ناسخة لايات ودودة في القران الكريم فان هذا النسخ من قبل الفقهاء هو افتراء وتحريف وعدوانية واضرار بالاسلام والمسلمين وغيرهم .
فان كنت انا ادعي ان هذا النسخ هو تحريفا واضرار بالاسلام والمسلمين وغيرهم .. وكنت انت ياقارئي الجليل غير مقتنعا بما طرحت انا من حقائق في هذا المقال عن التحريف في نسخ هذه الاية التي تقول (( لكم دينكم ولي دين )) .. فانني ادعوك ياسيدي ان تقرأ سورة التوبة التي نسخ بموجبها الفقهاء الاية الكريمة ( لكم دينكم ولي دين ) وكذلك نسخوا بها آيات ودودة اخرى سنأتي على ذكرها في مقالات قادمة .. نعم ياسيدي انني ادعوك لقراءة سورة التوبة جيث ستجد ان الموضوع كله يخص قوما معلومين بالزمان والمكان وهم الذين اخرجوا الرسول من مكة اول مرة ثم استعادها منهم الرسول ثم عاهدوه خيرا وخانوا العهد .. وهؤلاء القوم فقط هم الذين آمر الله بقتلهم عند انسلاخ الاشهر الحرم وليس غيرهم من الكفار او المسلمين .
ان الاية الكريمة (( لكم دينكم ولي دين )) سارية المفعول الى يوم الدين وليست منسوخة كما يدعي الفقهاء .. وهي احدى عناصر العدالة والمساواة .. وهي مطابقة لمفاهيم الديمقراطية في عصرنا الحالي.
ان في القران الكريم ايات كثيرة صريحة تطابق ارقى المفاهيم الحضارية في عصرنا الحالي .
وان في تفاسير وفتاوي الفقهاء كثير من التحريف والكذب والعدوانية والتخلف وتخليف المسلمين .. وخاصة فيما نسخه الفقهاء من ايات ودودة في القران الكريم دون سند قراني .. وفي كل ذلك كانت اسانيدهم هي اقوال وفتاوي وتفاسير اقرانهم واسلافهم الفقهاء وليست اسانيدهم ايات من كلام الله .
لقد سبق ان طالبت كثيرا من الفقهاء ان يدلوني على سندهم القراني في مبتكرهم ((علم الناسخ والمنسوخ )) فكانت اجاباتهم جميعا ( سكوتا مطبق ) .. وما زلت اطالب واحثكم ياقرائي الاعزاء ان تطالبوهم بالسند القراني لعلم الناسخ والمنسوخ الذي ابتكروه وخولوا انفسهم بموجبه نسخ ومسخ كلام الله الذي ينظم التعايش السلمي بين البشرية لجميع الاديان .. اطالب بالسند القراني وليس باراء الفقهاء ما حضر منهم او سلف .
اننا نعبد الله وحده فهو خالقنا وخالق كل شيء .. ونحن نحترم ونعز الفقهاء وغيرهم لما يصدر عنهم من خير يشمل خلق الله .
ونحن نعترض ونحاجج الفقهاء في كل أمر يدفع المسلمين الى مخالفة أمر الله ونرجع ونستند في المحاججة الى كلام الله وحده وليس الى كلام الفقهاء .
سبحانك ربنا يا اكرم الاكرمين في العفو والمغفرة عما يصدر غفلة او تقصيرا فانك ارحم الراحمين .
هدايتك ربنا .. هدايتك ربنا .. هدايتك ربنا نسألك اياها .. لنا وللفقهاء ولجميع المسلمين وغير المسلمين يااصلح المصلحين .

نهاد كامل محمود

#نهاد_كامل_محمود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات