تزييف الفقهاء جعلنا وراء الوراء – مقال رقم 3

نهاد كامل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3323 - 2011 / 4 / 1 - 17:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تزييف الفقهاء جعلنا وراء الوراء – مقال رقم 3
(( فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .. الخ ))- التوبة /5

لقد بينت لك ياقارئي الكريم في المقالين السابقين من هذه السلسلة .. انه لا يحق لاي مخلوق ان ينسخ او يمحو او يثبت في كلام الله سبحانه .. لان الله قد خص ذاته بذلك فقط .. وكان سندي في هذا هو الايتين الصريحتين ( البقرة /6 ) و ( الرعد /39 ) .
وحتى الانبياء فان الله سبحانه لم يخولهم اتيان اية الا باذنه .. وقد ورد هذا الامر صريحا في الاية رقم 38 / الرعد .
استنادا للايات القرانية اعلاه .. والتي هي تحصر النسخ والمحو والتثبيت في ذات الله الجليلة فقط .. فان الذي ابتكر علم الناسخ والمنسوخ يكون قد خالف اوامر الله مخالفة لا ريب فيها ولا مبرر لها .. وان من مارس النسخ في كلام الله مدعيا ان الاية الفلانية قد نسخت بموجب الاية الفلانية فانه يكون قد افترى على الله كذبا .. ويكون قد حرف كلام الله سبحانه ويكون قد عبث في الشريعة الاسلامية السماوية .
من الواضح لمن يطلع على اجراءات الفقهاء في الادعاء ان هذه الاية قد نسخت بتلك الاية سيجد حتما انهم قد نسخوا وبدون وجه حق او سند شرعي .. نعم قد نسخوا ايات قرانية ودودة وسلمية ودائمة المفعول .. واستعاضوا عنها بايات حربية اوجدت لضروف محددة بالزمان والمكان .. وبعض هذه الايات الحربية يخص قوما معلومين ومحددين وقد حاربوا الرسول (ص) .. وبذلك يكون الفقهاء قد خالفوا امر الله وحرضوا على شن حرب على غير المسلمين ستستمر الى يوم الدين مالم ينتبه المسلمون الى ان الفقهاء بشر مثلنا عرضة للخطأ والخطيئة .. وان كلامهم لا يرقى الى كلام الله سبحانه او الى كلام الرسول (ص) .
لقد استغل الفقهاء سورة التوبة التي ذكرتها انا في صدر هذا المقال واعتبروها سارية المفعول الى يوم الدين .. اما واقع الحال فان هذه الاية الكريمة تامر بمقاتلة اشخاص معلومين وهم تحديدا المشركين الذين خانوا العهد مع الرسول وهموا باخراجه من مكة مرة اخرى .. وهم اي هؤلاء المشركين .. هم الذين قد بدؤوا القتال قبل ان يبدأ المسلمون حيث ورد ذلك صريحا في نفس سورة التوبة ولكن في الاية رقم 13 وهي مايلي :-

(( الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهموا باخراج الرسول وهم بدؤوكم اول مرة .. الخ )) التوبة /13

اذا فموضوع القتال .. وانتهاء الاشهر الحرم .. الوارد ذكرهما في الاية رقم 5 من سورة التوبة التي ادرجتها انا في صدر هذا المقال .. هو موعد محدد يخص القوم الذين نكثوا العهد مع الرسول .. وهم الذين بدؤوا بالاعتداء اول مرة .. وهكذا تبدو واضحة جدا عندما نسترسل في قراءة سورة التوبة .. نجد ان المقصودين في الاية رقم 5 عند انسلاخ الاشهر الحرم .. نعم واضح جدا ان المقصودين في انسلاخ الاشهر الحرم .. هم تحديدا المشركين الذين اخرجو الرسول من مكة اول مرة ثم هموا باخراجه مرة اخرى وليس غير هؤلاء المشركين .. لا من المسلمين ولا من الكفار ولا من غيرهم .. وعليه فان هذه الاية الكريمة ( التوبة /5 ) محددة تخصيصا لزمان معلوم .. ومحددة تخصيصا لمكان معلوم .. ومحددة تخصيصا لقوم معلومين .. وليست عامة وتشمل جميع خلق الله الى يوم الدين كما صورها لنا تزييفا الفقهاء الكرام هداهم الله ..
وبما ان جميع المقصودين باية التوبة /5 والاشهر الحرم هم قد توفاهم الله .. وعليه فلم يعد مكان لموعد الاشهر الحرم الواردة في التوبة /5 من التطبيق على ارض الواقع .. لان زمانها ومكانها وشخوصها قد انقضت جميعا.. وبقيت هذه الاية الكريمة تقرأ في كلام الله العزيز كامر حدث وانتهى من تاريخ الاسلام والمسلمين .. فهي من كلام الله الذي يعلمنا تاريخ الاسلام والمسلمين وليست لنطبقها الى يوم الدين .. وبهذا نرى واضحا ان الاية 5/ التوبة هي ليست ناسخة لاية اية اخرى .
وهكذا نجد ياقارئي الجليل .. اننا بمجرد قراءتنا للقران الكريم بتروي .. وبدون تاثيرات الفقهاء .. فقد بدى لنا واضحا جدا بطلان ادعاء الفقهاء بان هذه الاية قد نسخت ايات اخرى .. وهنا انا اسمي اصرارهم على ادعائهم الباطل هذا هو عين التزييف بذاته .
الا تجد ان كلامي صحيحا ياسيدي القارئي الكريم .
الا تجد انه لا يوجد مبرر لان تعتبر هذه الاية التوبة /5 ناسخة لاي اية اخرى حسب ما يدعي الفقهاء .
الا تجد ياسيدي القارىء ان استمرارية مفعول هذه الاية الى يوم الدين حسب توجيه الفقهاء هو عكس ارادة الله .
الا تجد ياسيدي القارىء الجليل ان هذه الاية التوبة /5 حسب ما يتضح من قراءة سورة التوبة .. انها تخص زمانا محدد .. ومكان محدد .. وقوما محددين .
لقد نسخ فقهاؤنا اغلب الايات المنظمة لحياة البشر الطبيعية استنادا لعلم الناسخ والمنسوخ الوهمي .. واستعاضوا عن تلك الايات باية التوبة رقم 5 هذه المذكورة في صدر مقالي هذا .. وفي هذا مخالفة صريحة لاوامر الله سبحانه .. وتحريفا لكلام الله .. وعدوانا على البشرية جمعاء .. وعزلا للمسلمين واضرارا بمصالحهم .
وهكذا فقد اصبح المسلمون بموجب عدوانية الفقهاء وتحريفهم لكلام الله .. نعم اصبح المسلمون منبوذين من العالم .. واصبحت هويتهم سمتها الارهاب اين وكيف ما وجدوا .. وهذا عكس ما اراده الله سبحانه .. كما ان الدين الاسلامي ليس هو مصدر الارهاب .. انما مصدر الارهاب ومصدر برامج الارهاب .. هي الاخطاء الجسيمة في فتاوي وتفسيرات بعض الفقهاء فقط .. وليس في صلب كلام الله سبحانه .
وكدليل اخر على ان الارهاب مصدره اخطاء الفقهاء نذكر لكم مثالا اخر هو الاية التالية

(( قل اتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا اعمالنا ولكم اعمالكم ونحن له مخلصون )) البقرة /139

نجد في هذه الاية الكريمة انه سبحانه يوجههنا ان نقول للقوم الذين يحاججوننا في ولائنا واخلاصنا لربنا .. نعم يوجهنا ربنا ان نقول (( اتحاججوننا في الله وهو ربنا وربكم في نفس الوقت .. ونقول لهم ايضا اننا له مخلصون .. ونقول لهم ايضا نحن لنا اعمالنا وانتم لكم اعمالكم .. مما يعني ان الله سبحانه وتعالى باعتباره ربنا وربكم في نفس الوقت .. فانه هو الذي يقدر اخلاصنا وولاءنا له ولدينه ولستم انتم .
انا شخصيا اجد ان الله سبحانه وتعالى يامرنا ان نخبرهم بان الله الذي ربنا وربكم .. هو الذي سيحكم على اعمالنا وسيحكم على اعمالكم ايضا .. فهو الفيصل بيننا وبينكم ولا مبرر ان تناقشوننا في ذلك .
الا تجد ياقارئي الكريم ان كلامي هذا معقولا ومستخرجا من الواقع وليس مفتعلا من عندي كما فعل الفقهاء في ابتكارهم لعلوم وهمية هي .. علم الناسخ والمنسوخ .. وعلم الكلام .. وعلم الرجال .. والله اعلم بابتكاراتهم الاخرى التي تخالف اوامر الله سبحانه .
وهل يمكن لاي قارىء عربي ان يفهم من هذه الاية شيئا غير الذي فهمته انا .
تعال ياسيدي القارىء الجليل لنقرأ كيف تجاوز الفقيه الكبير النيسابوري ونسخ هذه الاية بدون وجه حق .. وبدون سند شرعي .. وبدون معقولية :-
يقول النيسابوري في مؤلفه الناسخ والمنسوخ في الصفحتين -44و 45 - يقول .. ان هذه الاية نسختها الاية رقم 5 من سورة التوبة والمعروفة باية السيف (( فاذا انسلخ الاشهر الحرم اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ... الخ )) .
هل يؤمن مؤمن بالله مدرك .. نعم هل يومن هكذا مؤمن بكلام النيسابوري هذا المناقض لكلام الله .. اترك تقدير ذلك لك ياسيدي القارىء الجليل .
ياايها الناس .. احذروا التسليم باحكام البشر مهما ارتفعت منزلتهم العلمية .. ومهما كثرت معلوماتهم الدينية .. ومهما علت مراكزهم الاجتماعية .. وخاصة الفقهاء .. فقد حذرنا الله منهم حين قال ..

(( انما يخشى الله من عباده الفقهاء ))

ولا تصدقوهم ان قالوا ان هذه الاية تعني ان الفقهاء يخشون الله ..لان الله سبحانه يخشاه جميع المؤمنين .. وليس الفقهاء وحدهم .. كما لم ترد خصوصية لخشية الفقهاء في كلام الله . وانا اؤكد تصوري .. انه من صلب الجهاد في سبيل الله حاليا .. هو محاججة الفقهاء في فتاويهم .. وعدم التسليم بكلامهم وكانه كلام منزل .. فالفقهاء جميعا بشر مثلنا عرضة للخطأ والخطيئة .. ونحن نحترمهم لما يقدمون من خير لخلق الله ولكننا لا نعبدهم .. فالمعبود هو الله وحده .
لقد بينت لك ياقارئي الكريم بعض الاخطاء الجسيمة للفقهاء .. وقد برهنت لك على جسامة اخطائهم هذه باسانيد قرانية .. ولكنني لا استطيع الجزم ان كانت اخطاؤهم هذه مقصودة ام لا .. فالله وحده يعلم ذلك .
نحن نعبد الله وحده .. ونحترم الفقهاء وغير الفقهاء لما يقدمون من خير لعباد الله .. ولكننا لا نعبد غير الله وحده .
اسالك ربنا الرحمة والهداية والصلاح لنا وللفقهاء ولجميع عبادك الصالحين .. انك ارحم الراحمين .

نهاد كامل محمود

#نهاد_كامل_محمود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات