تزييف الفقهاء جعلنا وراء الوراء – مقال رقم 2

نهاد كامل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3319 - 2011 / 3 / 28 - 12:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تزييف الفقهاء جعلنا وراء الوراء – مقال رقم 2

لقد بينت لك ياقارئي الكريم في المقال السابق جوانب رئيسية تكشف لنا زيف الكثير من فتاوي الفقهاء .. وقد كان سندي في ذلك هو آيات قرانية صريحة وواضحة ولا لبس فيها .. فمن الجوانب التي بينتها هي ان الله سبحانه وتعالى قد خص ذاته فقط بنسخ الايات ومحوها وتثبيتها .. وقد كان سندي في ذلك هو الايتين الكريمتين التاليتن ..

(( ما ننسخ من آية او ننسها نات بخير منها او مثلها )) البقرة 106
(( يمحو الله ويثبت وعنده ام الكتاب )) الرعد 39

ثم بينت ان الله سبحانه لم يسمح بالمحو والنسخ والتثبيت لكلامه حتى للانبياء جميعا .. وكان سندي في ذلك هو الاية الكريمة التالية ..

(( وما كان لرسول ان يات باية الا باذن الله )) الرعد 38

واستنادا لهذه الايات .. فانه لا يحق لاي مخلوق ان ينسخ او يات او يثبت اي كلمة في ايات القران الكريم .. لكون ذلك محصورا في ذات الله الجليلة فقط .. فمن اين جاءنا الفقهاء الكرام بعلم الناسخ والمنسوخ الوهمي الذي بموجبه نسخوا ومحوا وثبتوا ما شاؤوا في كلام الله العزيز في الوقت الذي كان ذلك النسخ يخص ذات الله وحده .. ولم يخول به سبحانه حتى الانبياء .. وبذلك فقد برهنت ان علم الناسخ والمنسوخ هو افتراء .. وعملية غش وخداع .. وهو التفاف على كلام الله .. وكان نتيجة هذا الافتراء ان تمزق الدين الاسلامي .. وتشرذم وتخلف المسلمون .
ثم بعد ان بينت باسانيد قرانية ان النسخ والتثبيت يخص ذات الله الجليلة وحده .. بعد ذاك تحديت جميع الفقهاء وتلاميذهم والمؤيدين لهم والمتعاطفين معهم ان يفيدونني بسندهم الشرعي في نسخ الايات القرانية .. ومازلت انا عند موقفي هذا في التحدي .
وكنت قد وعدتك ياسيدي القارىء الجليل ان اكشف لك الايات الودودة التي تنظم الحياة الطبيعية السلمية التسامحية بين البشر .. والتي قال عنها الفقهاء انها قد نسخت بايات اخرى .. ولكنهم بذلك قد خالفوا كلام الله .. وجعلوا ديننا الاسلامي يظهر وكانه معاديا لجميع غير المسلمين .. وهذا عكس ما اراده سبحانه .
ساذكر لك ياقارىء الكريم الطبيعة السلمية التسامحية التي ارادها الله لنا سبحانه في القران الكريم .. والتي نسخها الفقهاء دون وجه حق ودون سند شرعي والتي منها ما يلي ..

البقرة 62 (( ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئيين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ))

وهنا ياقارئي الجليل .. نجد ان الله سبحانه وتعالى يهدينا الى التعايش السلمي مع اليهود .. والنصارى .. والصابئة الذين يعملون صالحا .. دون ان يتعرض سبحانه الى اديانهم .. فقد منحهم الامان والاطمئنان ماداموا يعملون صالحا .. وانه سبحانه قد خص ذاته فقط لمحاسبتهم يوم الحساب .. وهو جل وعلا لم يخول فقيها او نبيا بذلك الحساب .. فكيف يحق للفقهاء نسخ كلام الله هذا ؟.
وما هو سندهم في ان الله سبحانه قد نسخ هذه الاية باية اخرى ؟؟..
اليس هذا تجاوزا على ذات الله وعلى الاسلام والمسلمين ؟؟..
اليس هذا عدوانا على غير المسلمين واضرارا بالمسلمين ؟؟..
اليس هذا تشويها لحقيقة الاسلام وعدوانية لا تخدم المسلمين ؟؟.

ان من يدعي .. من الفقهاء ومن غير الفقهاء .. ان هذه الاية .. قد نسختها تلك الاية .. يجب ان يقدم لنا سندا شرعيا قاطعا .. لا ان يقفز على كلام الله ويقدم لنا اراء اسلافه من الفقهاء وهم بشر مثلنا عرضة للخطأ والخطيئة .

واليك ياقارئي المحترم اية اخرى تبين ما اراد الله من عدالة وسماحة للمسلمين وغير المسلمين .. وهو ما ستراه في الاية التالية والتي قد نسخها الفقهاء دون وجه حق ودون سند شرعي والاية هي ..

البقرة 190 (( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتديين ))

نجد في هذه الاية الكريمة .. ان الله يامرنا ان نقاتل الذين يقاتلوننا .. يعني ان ندافع عن انفسنا .. ويامرنا ايضا ان لا نعتدي .. يعني ان لا نتجاوز على احد باي شكل من التجاوز .. فالاعتداء يشمل التجاوز على الاخرين بالكلام .. او باليد .. او بغير ذلك من كل وسائل الاستفزازات المعروفة لديكم .. وهذا هو امر الله الصريح سبحانه وتعالى .. فمن خول الفقهاء بنسخ هذه الاية باية اخرى وماهو سندهم الشرعي ؟؟.
وهل لو اتفق فقهاء الدنيا اجمعها على محو.. او نسخ .. او تثبيت كلام الله .. فهل يجوز لهم ذلك ؟؟.
اليس هذا تجاوزا .. وتحريفا .. وتزييفا .. وعبثا يحث على العدوانية ويسبب تشويه ديننا السمح وشرذمة المسلمين كما هم عليهم الان ؟؟..
هل هناك من يستطيع ان يثبت لي شرعية نسخ هذه الاية من قبل الفقهاء ؟؟..
ان من ياتيني بدليل ان اجماع الفقهاء وبضمنهم من يسمون شيوخ الاسلام والصحابة .. نعم ان من ياتيني ان جميع هؤلاء قد اجمعوا على نسخ هذه الاية .. فانه يكون قد فسر الماء بعد الجهد بالماء .. وينطبق على سنده المثل القائل (( عصفور كفل زرزور وثنينهم طياره )) .
ياايها الناس .. احذروا التسليم باحكام البشر مهما كانت منزلتهم العلمية .. والدينية .. والاجتماعية .. بضمنهم جميع الفقهاء بل وخاصة الفقهاء .. فقد حذرنا الله سبحانه منهم حين قال في كتابه العزيز..

(( انما يخشى الله من عباده العلماء ))

ولا تصدقوهم ان قالوا ان هذه الاية تعني ان الفقهاء يخشون الله .. لان الله سبحانه وتعالى .. يخشاه جميع المؤمنين وليسوا الفقهاء وحدهم .. كما لم يرد اي خصوصية لخشية الفقهاء في القران الكريم .
وحسب تصوري .. فانه من صلب الجهاد في سبيل الله هو محاججة الفقهاء في فتاويهم .. وفي خطبهم .. وفي نصائحهم وفي توجيهاتهم وممنوعاتهم .. وفي كل ما يطرحون .. فقد وهبنا الله سبحانه عقولا لا تختلف عن عقول الفقهاء .. وقد انزل الله قرانه عربيا ومفصلا للناس جميعا وليس للفقهاء وحدهم .
واود ان اضيف ان شريحة الفقهاء في المجتمع الاسلامي قد تكونت بعد سنين طويلة من اكتمال نزول القران الكريم ووفاة الرسول (ص) .. ولم ينزل في القران الكريم ما يعطي الفقهاء خصوصية .. او سيادة .. او صلاحية في التصرف بكلام الله .. وان ما رايناه من الفقهاء من نسخ ومسخ وتثبيت في كلام الله .. ما هو الا مغالطة .. وتعقيدا وتحريضا على العدوان خدمة لمصالحهم الذاتية .. وهذ هو الذي جعلنا نحن معتنقي الدين الاسلامي منبوذيين وممزقين وتابعين كل لما يقوله فقيهه دون تروي او تفكير .

اننا نحترم ونعز الفقهاء وغير الفقهاء لما يقدمون من خير لعباد الله .. ولكننا لا نعبدهم .. فهم بشر مثلنا عرضة للخطأ والخطيئة .. ونحن نعبد الله وحده الذي لا يخطىء .. وان من يتبع فقهاءه دون تفكير ودون نقاش .. انما هو يتحمل نتائج اخطاء الفقهاء المقصودة وغير المقصودة اضافة الى نتائج اخطائه الذاتية .
سبحان الله ولا اله الا الله .
ونحن ان كنا نحترم الفقهاء للخير الذي يقدمون فاننا نعبد الله وحده .
اسالك ربنا الرحمة والهداية لنا ولجميع خلقك انك سميع مجيب .
نهاد كامل محمود

#نهاد_كامل_محمود (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل