أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سيمفونية العودة- المشهد الثالث-1














المزيد.....

سيمفونية العودة- المشهد الثالث-1


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3158 - 2010 / 10 / 18 - 09:36
المحور: الادب والفن
    


هربتُ من حصار نظرات رفيقاتي وأنا أبتلعُ دموعًا تعوَّدتُ طعمها المرّ منذ ذلك الفـِراق الأسطوريّ بيني وآدم. لم أتمكن من جمع شتات حلمي وأنا أسترخي تحت شجرة الزيتون
الوارفة في الحديقة، فقد تناهَتْ لسمعي كلماتُ أغنيةٍ من مذياع سيارة توقــَّفَتْ خلفَ سور دير الراهبات.
أحسستُ روحي كحبّاتِ رمّان ٍ تنفرطُ حبّة ً حبّة فوق العشب الأخضر مع كلمات الأغنية:


ليش الحبّ الأوّل
ما بيرضى يفارقنا
بيرجع من الأول
على الماضي يفيــِّقـنــا..!؟

نكبر مهما كبرنا
بيرَجعنا صغار
بيصير يذكرنا
يرمينا بالنار
وبنارُه بيحرقنا.. بيحرقنا..


ارتفعَ هديرُ موتور السيارة. تداخلَ مع الكلماتِ التي راحت تخبو شيئا فشيئـًا، وتغيبُ مع غيابِ شمس هذا المساء:

صوت في هَــ الليالي من الماضي بيندَه لي
بيسرقني من حالي، من بيتي، من أهلي...

*


لقد قررتُ أن أستأصلَ الحبَّ من ذاكرتي، بعدما أضناني البحثُ عن آدم. توجهتُ إلى رئيسة دير الراهبات وتوسلتُ إليها أن تأذنَ بانتمائي لهنّ فضمتني إلى صدرها بحنان وراحتْ تمسِّد شعري بأناملها الرشيقة وهي تستمع لقصة ذلك الفراق الأسطوريّ عن آدم. ثمّ، ناولتني الكتاب المقدس وهي ترنو إليّ بأمومة قائلة:
- ماذا ينتفعُ الإنسان لو ربحَ العالمَ كلّه وخسرَ نفسه.

*


قررتُ أن أشيّعَ الذاكرة إلى مثواها الأخير كي أحيا دونما أوجاع، لكنّها ظلـّت تطاردني بأشباحها المتمردة كلـّما خلوتُ إلى نفسي. كانت ذاكرتي وآدم المنّ والسلوى الذ َيـْن كانا غذائي وعزائي كلّما نسجتْ عناكبُ الوحدة خيوطها من حولي .
اعتدتُ أن ألجأ لشجرة الزيتون هذي حين أحتاج أن أحلم. أسترخي تحت أذرعها الحنونة فتؤرجني الذكريات. أستدعي آدم، فيتجسدُ أمامي. يضمني إليه. يعاتبني على تلك الغيرة الأنثويّة السقيمة التي أودت بنا إلى هذا الفِراق اللعين.
أتابعُ تفكيكَ الصور المُركبّة المخزونة في الذاكرة،وأعيدُ تركيبها كما أشاء. أتفنن بإزالة ِ الغبار عن أوراق ِالأحداث. أدمنتُ الابتهال كي ألجمَ خيولَ الحنين ِ من الانفلات في براري الشوّق. أدمنتُ قراءة الكتاب المقدّس الذي وجدتُ فيه عزائي الرّوحيّ.

*


كم سنة مرّت وأنا أنتظرُ معجزة تأتيني بآدم..؟!
شعري الشائب يشهدُ على طول انتظاري.
دموعي التي لا تنفكّ عن الانسكاب ِ تشهد على حُرقة ِ انتظاري.

-آدم، حبيبي أين أنت..!؟

انطلقتْ من صدري هذي الصرخة.
شقت سكون المساء.
تداخلت مع قرع أجراس المكان.
حملها نسيمُ المساءِ بعيدا بعيدًا..
خلفَ أسوار دير الراهبات..
خلفَ التلال..
خلف البحار..
خلف قضبان الذاكرة..
وبقيتُ وحدي..
عالقة هنا كحبّةِ التفاح الخضراء الأخيرة على شجرة الصّبر.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-16
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-15
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-14
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-13
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-12
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-11
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-10
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 9
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-8
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 7
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-6
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-5
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-4
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-3
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 2
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 1
- سمفونية العودة-الفصل السادس
- سمفونية العودة-الفصل الخامس
- سمفونية العودة-الفصل الرابع
- سمفونية العودة-الفصل الثالث


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سيمفونية العودة- المشهد الثالث-1