أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سمفونية العودة-المشهد الثاني-4














المزيد.....

سمفونية العودة-المشهد الثاني-4


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3138 - 2010 / 9 / 28 - 23:23
المحور: الادب والفن
    


قبل أن يغيبَ القمرُ بقليل، كما تدخلُ حبّة َ زيتون ٍ المعصرة، دخلتُ ساحة َالاعتصام وقلبي المثقل بمشاعر متضاربة كادَ يعزفُ سيمفونية العودة، لولا خشيتي أن يُفتضحَ أمري.
خلفَ الأجساد البضّة، تواريتُ. خلفَ نظارتي ذات الزجاج الأسود واريتُ عيني ّورحتُ أراقب تحركات الجميع وقلبي يكاد ينفطر متوجسًا خطرًا ما يتربصُ بالجميع.
وقفَ آدم كالأسد وراحَ يتحدثُ عن سبب الاعتصام. رشقتهُ بنظراتٍ حالمة. لم أسعَ للجْم ِمشاعري المتدفقة. كلُّ العشاق ، في البداية، متشابهون. مع الوقت، يتميزان عن الآخـَرين حسب مدى التقارب بين سماتِ شخصيـَتـَيْهما. أنا أحبّ آدم بسبب التوازن الملحوظ بين سمات الأمومة في شخصيته وسمات الرجولة.
كانَ آدم يتحدث، وهو يرمقني بنظراتٍ حالمة وصوته العميق، الدافئ يغسلُ تعبَ انتظاري. لقد أضاءَ خلايا كياني الداخلي بنور العشق. ها عينايَ تبثانه أشواقي البكر دونما وجل. ها الروحان تسموان، تغادران الجسد، تتلاقيان في فضاء المكان.
فجأة، أبصرتُ أيدٍ تمتدُّ حول عُنق ِ آدم كما الإخطبوط. موجاتٌ من الإهانات والبصق والوعيد انهالتْ علينا وشحنتْ هدوءَ المساءِ بالمرارة والحقد.
شلّنيَ الفزعُ وأنا أبصرُ قطعة معدنية تنزلُ على رأس آدم، الذي استبسلَ في ردِّ ذلك الهجوم الشّرس عنه.
- لاااااااااااا ..!!
صرختُ، واندفعتُ إلى ذلك المارد مفتولَ العضلاتِ وانهلتُ بحذائي بالضربة تلوَ الضربة على رأسه. لكمني على أنفي فانتفض الدمُّ في عروقي. ثمَّ، فرَّ خلف التلال مع اقتحام صفارة انذار الشرطة المكان.
دارتْ بي الدنيا. تمايلتُ وسقطتُ فوقَ العشبِ الأخضر.

*


عندما فتحتُ عينيّ، كانَ قد غابَ القمرْ، وكنا نهبطُ نحوَالبلدة القديمة في حافلة استدعاها رئيسُ الجامعة لنقلنا نحن الطلاب العرب عائدين آمنين إلى بيوتنا، بعيدا عن مكان الاشتباك بيننا وبين مجموعة الطلاب المتطرفين كما وصفهم.
راحَ صوتُ محمود الذي ارتفع من مذياع الحافلة، يشحنُ القلوبَ بالتحدّي:

سجِّل أنا عربي
سلبتَ كرومَ أجدادي
وأرضاً كنتُ أفلحُها
أنا وجميعُ أولادي
ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي
سوى هذي الصخورِ..
فهل ستأخذُها حكومتكمْ.. كما قيلا؟

إذن.. سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ آكلُ لحمَ مغتصبي

حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
ومن غضبي
...
..
.

*


هكذا، انتصرتُ على نفسي. انتصرتُ على تعويذة ِ أبي:" امشي الحيط، الحيط، وقولي: يا ربّ السُترة "، وتحذيرات أمّي: " بوسي يدّ الكلب وادعي عليها بالكسْر ".

*


حقًا، الولادة من رحم التجربة تمنحُ مناعة ًضد الخوف وتعززُ الثقة َبالنفس.
اليوم، أستطيعُ أن أعلن أنّني ولدتُ من جديد.


_____

2010-9-29
(ذكرى ميلادي الـ 50)



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-3
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 2
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 1
- سمفونية العودة-الفصل السادس
- سمفونية العودة-الفصل الخامس
- سمفونية العودة-الفصل الرابع
- سمفونية العودة-الفصل الثالث
- سمفونية العودة-الفصل الثاني
- سمفونية العودة-الفصل الأول
- وأنَا أبحَثُ عنِّي.. وَجَدْتُكَ
- مذكراتُ أنثى عاطلة عن الأمل
- ومن لا يعرف ريتا ..!؟- عرض الأديب السيد حافظ
- الطَّريقُ هيَ الطَّريق
- ليسَ بالخُبْز وَحْدَهُ أحْيَا- ومضة قصصيّة
- قَانُونُ الجَاذبيَّةِ العِشْقِيَّة
- فَرَاشَة ُ الحُلُم
- موجة من كل بحر
- شاعِرَة ٌ مَاكِرَة ٌ مَنْ يَجدُهَا..؟!
- أريدُ أنْ أحيَا
- ليسَ الشَّاعرُ ههُنَا


المزيد.....




- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح
- -قوة التفاوض- عراقجي يكشف خفايا بمفاوضات الملف النووي
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سمفونية العودة-المشهد الثاني-4