أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سيمفونية العودة- المشهد الثاني-13














المزيد.....

سيمفونية العودة- المشهد الثاني-13


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3154 - 2010 / 10 / 14 - 07:51
المحور: الادب والفن
    



يجب أن تكون عندي مقبرة جاهزة لأدفن فيها أخطاءَ الآخرين. قد تصدأ قضبان الحياة، ولن تصدأ إرادتي. هكذا رحتُ أقنعُ نفسي وأنا أنوي مغادرة حيفا والعودة للناصرة حيث تنتظرني سهامٌ كثيرة.

*


لم تستملني الماديات يومًا، فأنا الأنثى المعتنقة مبدأ: " خبزنا كفانا أعطنا اليوم". اعتدتُ أن أمدَّ رجليّ على قدر لحافي، كما يقول المثل الشعبيّ. دومًا اكتفيتُ بالقليل لأنّ سعادتي لم تـنبع ممّا في هذا العَالم من مُغريات وتعظـُّم ِ معيشة، إنـّما من تحقيقي لذاتي ، خاصّة ً وأنا أحيا مع شريك حياة اخترته بكامل إرادتي. رفيقُ درب ٍ لم تلوّنه الظروف التي واجهناها معًا، رغم قسوتها. ظلَّ متمسكـًا بذات القيم، المفاهيم والمبادئ التي جعلتني متيّمة ً أزليّة ً لرجولة، فروسيّة، وشهامة ما لمستها بين معظم من اصطدمتُ بهم من رجال، خاصّة ً هؤلاء الأدباء الذين يتشدقونَ بالمبادئ على ورق ومن على المنابر، ويتبرؤون منها خلفَ كواليس الحياة.

*


لم أهتمَّ ا للغد، لانَّ الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليومَ شرّهُ. قرأتُ مقولة أعجبتني فاعتنقتها كمبدأ: "الأمس هو شيك تم سحبه والغد هو شيك مؤجل أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوفرة لذلك أصرفها بحكمة".

*


تملكتني حيرة ٌ مـُقـمَّـطة ٌ بالغضبِ وابنة عمّي تلدغني بسؤالها المسموم، وقد جاءت لزيارتنا في حيفا:
-هذه الرفوف، ستأتينَ بها للناصرة..!!
فجأة، اقتحمتْ عبارة الأديب أنيس منصور أفكاري: " لا أعرفُ قواعد النجاح. ولكنّ أهمّ قاعدة للفشل هي إرضاء كلّ الناس."
تأملتُ الثيابَ القليلة المنضدة فوق تلك الرفوف. لم تنتابني نوبة خجل كما توقعتْ هي، كوني لا أملك خزانة للثياب. كانَ مبدأ إنهاء هذه السنة الدراسيّة الجامعية، والحصول على شهادة، في قمّة سلم أولوياتي. ارتضيتُ بالقليل، بل بأقلّ من القليل لاحيا، حتـّى أنني اعتدت أن أتبادل ارتداء ذات بنطال الجينز مع آدم دون أن يشعر أحدنا بالحرج، بل بدفء المشاركة في الأمور الحياتيّة.
أبرقَ وأرعدَ كلامُ أمّي عن ابنة عمّي، التي توجهت لأمي تطلبُ منها ثيابي، بعدما غادرتُ المنزل للارتباط بآدم. إعتصرَ الألمُ قلبَ أمّي وهي تخبرها أنّي على قيد الحياة، وأنـّها يومًا ما ستعيدُ لي كلّ حاجياتي.
حدّقتُ في ملامح وجهها. تراءتْ لي كشرطيّ مرور، يهوى تسجيل المخالفات للمارّة. قررتُ أن أركلَ كلَّ ذكرياتي الأليمة مع هذه المرأة التي أزهرَ وجهُها وهي تتلهفُ لاصطيادي.
ببرود ٍ حادٍ أجبتها:
-بل، سأهديكِ هذهِ الرفوفَ ، عزيزتي.

*


بعدما عدتُ لحضن العائلة، نهشتْ الغيرة ُ قلبَ تلك المرأة التي كانت تتمنى موتي. أخذتْ تنشر الأقاويلَ عنّي. لم يرق لها زياراتي المتكررة لأهلي فعزمتْ على طردي من بيتِ أبي.
وقفَ أبّي صامتًا كأبي الهول.
كان يخشى سطوة هذه المرأة.
صمتُ أمّي أدمى قلبي.
كيف لهذه الدمية أن تطردني من بيتِ أبي..!
انتفضَ الدمُّ في عروقي.
ذهبتْ كلُّ أوراق المبادئ مع ريح تلك اللحظة المَوبوءَة.
كانَ لا بدَّ أن أثأرَ لنفسي، لأمّي ولأبّي من سطوتها.
أمسكتها من خصلات شعرها وسحبتها خارج البيت.
قامتها القصيرة ساعدتني على تنفيذ المهمّة.
أوصدتُ الباب بالمفتاح.
جنَّ جنونها، فهرعت تخبـّط بعنف ٍعلى النافذة .
كانَت المفاجأة قد شلّت الجميع عن الحركة.
حينَ تأكدتْ أنّها لن تنشرَ الرعب في قلب والديَّ، هرعت لعمّي تشكونا له، لكي يأتي بدوره فيبثّ الرعبَ في القلوب التي اعتادتِ الخنوعَ لجبروتهم.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-12
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-11
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-10
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 9
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-8
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 7
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-6
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-5
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-4
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-3
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 2
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 1
- سمفونية العودة-الفصل السادس
- سمفونية العودة-الفصل الخامس
- سمفونية العودة-الفصل الرابع
- سمفونية العودة-الفصل الثالث
- سمفونية العودة-الفصل الثاني
- سمفونية العودة-الفصل الأول
- وأنَا أبحَثُ عنِّي.. وَجَدْتُكَ
- مذكراتُ أنثى عاطلة عن الأمل


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سيمفونية العودة- المشهد الثاني-13