أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير قوطرش - رمضان بين اليوم والأمس














المزيد.....

رمضان بين اليوم والأمس


زهير قوطرش

الحوار المتمدن-العدد: 3102 - 2010 / 8 / 22 - 16:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    





اليوم....وبعد الإفطار,لا أدري لماذا استرجعت الذاكرة ,لأعود بها إلى دمشق ,التي مازالت دمشق ,وذلك لكي استحضر صورة شهر رمضان ,الذي مازال شهر رمضان ...ولكن شتان ما بين دمشق ودمشق وما بين رمضان ورمضان.

رمضان اليوم ...تقلصت قيمه الروحية بفعل عولمة الاقتصاد,لتحل محلها بعض القيم المادية التي لم نعرفها من قبل ,,,أي قبل خمسين سنة مضت. ...رمضان اليوم تجرد من أجمل قيمه الأخلاقية والاجتماعية ,لتحل محلها قيم السوق,والاستهلاك والفردية .
حتى الصدقات في شهر الصدقات,صارت إعلاماً مسموعاً ومرئياً,بدون مراعاة لعزة الإنسان المحتاج وكرامته.
رمضان اليوم تحول من عبادة إلى خيم رمضانية ,للأكل والشرب والتدخين حتى الصباح ,ومن ثمن نوم وكسل طوال اليوم ,تعطيلاً لحركة الحياة التي هي من أهم العبادات.
رمضان اليوم ,غزته المسلسلات التلفزيونية ,التي لا تعد ولا تحصى(ثورة إعلامية) ,تتخللها الدعايات التجارية (ثورة استهلاكية) ,استطاعت عزل الإنسان عن التواصل مع أخيه الإنسان ,حتى ضمن المنزل الواحد ,فالكل مشغول برؤية مسلسله .

في رمضان اليوم صارت العبادة شكلية لا خشوع فيها ولا تقوى عند أكثرية الصائمين ...فصار الخشوع والتقوى للآلة الإعلامية التي سيطرت ,وصارت بحكم المعبود والعياذ بالله.
رمضان اليوم ,لا تواصل أخوي فيه بين الناس ,الذهاب إلى المسجد صار بواسطة السيارة ,حتى لمسافة مئة متر ,لكي يتفاخر كل صائم بما يملك من موديلات حديثة من السيارت.
رمضان اليوم امتاز بفردية الإنسان الذي ما عاد يعنيه حال أخيه الإنسان .

أما رمضان الأمس ,الذي تجمل بالعولمة الإنسانية ,والتي كنا نقدمها للعالم كنموذج فريد للحب والتعايش والأخوة.
رمضان الأمس كانت بدايته دائماً ,قبل يومين أو ثلاث من حلوله,عندما كان أهل الحي أو الحارة من الميسورين , يقومون بتجهيز صدقاتهم من أكياس الأرز والسكر والبرغل والعدس ,ليضعوها في الليل بالاتفاق ... أمام بيوت المحتاجين,الذين لا علم لهم حقاً من هو صاحب
تلك الصدقة.
رمضان الأمس كان عرساً اجتماعياً بكل معنى الكلمة ,حيث كان الإفطار في بيت كل حارة دمشقية صنية مفتوحة (مثل طاولة مفتوحة) ,مليئة بصنوف الطعام .كانت العادة أن يتبادل الجيران صحن السكبة ,بمعى أن كل بيت في الحارة ,كان يحسب حق جيرانه بصحن من طبخته الرئيسية, حتى العائلات الفقيرة كانت تساهم وتشارك في هذا العرس,ولو بصحن من المخلالات. وهكذا طيلة شهر رمضان.
رمضان الأمس ,كانت الحياة الاجتماعية فيه مناسبة سنوية فريدة للتواصل بين الأهل والجيران. كانوا يتواصلون بالمحبة التي كانت تزول معها الأحقاد والعداوات التي تراكمت خلال حركة الحياة للسنة المنصرمة.لتصفى بعد ذلك القلوب التي جمعها خشوع العبادة لله ,وتقوى الله,ليستقبلوا العيد وهم أخوة وأحباء.
في رمضان الأمس ,كان الناس فيه يتحلون بالتواضع ,كانوا يسارعون إلى العبادة والصلاة بعد الإفطار ,بلباس شبه موحد ,مشياً على الأقدام أفراداً وجماعات ...يتجاذبون فيما بينهم الأحاديث ,بحيث تندمج معها الأرواح ...يتفقدون الغائب منهم ,ليعلموا سبب غيابه ومن ثم يسارعون لزيارته إن كان مريضاً,أو مساعدته إن كان محتاجاً إلى مساعدة.عائلة إنسانية جمعها رمضان ,لا فرق فيها بين الأخوة في الإنسانية ,حتى الأخ المسيحي ,كان يشارك أخوته المسلمين فرحتهم برمضان والعيد,كما كانوا يشاركونه فرحته في أعياده ,وهكذا اليهودي الذي كان عربياً من دمشق .
أعيدوا إلى رمضان قيَّمه وأخلاقياته ,بفقدانها ,فقد رمضان جماله, وفقدنا نحن إنسانيتنا.



#زهير_قوطرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقراء
- اتركوا لهنَّ ...الحجاب والنقاب والبرقع
- صورة حمار
- لا تقتلوا حرية الأطفال وكرامتهم.
- نفس الكلاب يقتل بكتريا الهيلوكوباكتر
- عيداً للحرية (في ذكرى سقوط شهداء قافلة الحرية ) معدل
- عيد للحرية ...(في ذكرى سقوط شهداء قافلة الحرية)
- طبيعة النظام المصري والتغير(رأي شخصي)
- الحب والوفاء
- خطيئة شرف
- الشهيد سردشت عثمان
- البعد الاجتماعي للتوحيد
- زوجة سعودية ذكية
- التبشير الإسلامي في الغرب
- الكافر بالإيمان
- أُريُدكَ أنثى .
- هل قوانين القرآن الكريم تقدمية أم رجعية؟
- عندما لا تغري الأجساد
- ماذا فقد الشباب بسقوط النظام الأشتراكي
- حنان الفلسطينية


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير قوطرش - رمضان بين اليوم والأمس