أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - ليموناتي الثلاث














المزيد.....

ليموناتي الثلاث


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 3097 - 2010 / 8 / 17 - 19:44
المحور: الادب والفن
    


الإهداء: لها
سلّة من الليمون، ربما عشرة حبات أو يزيد، وضعتها فوق الرفّ وتأملتها، سألت نفسي في اللحظة التالية: لماذا كلّ هذا الليمون؟
ربّما لأنّه يذكرني بقريتي البعيدة، قد يكون لهذا الترف الأخضر المصفرّ ذكرى بعيدة مرتبطة بطفولتي أو بالمراحل الأولى لعنفوان شبابي. لا أدري حقيقة، ولكني أعرف بأنني أجد نفسي بائسًا حين تقع عيناي على كوم من الليمون المعروض للبيع في أحد المحلات التجارية. كيف يمكن أن يباع الليمون بهذه البساطة؟! أنا حتى لا أجرؤ على ذبحه من الوريد حتى الوريد! لا أسارع بعصر بطانته وتشويه منظره الأخضر المصفرّ لإرضاء غواية العطش.
الليمون يملك جاذبية غريبة على حضوري ويومياتي، وحين أكون حزينًا أفضّل أن يبقى بعيدًا عن متناول موسي الحادّ!
جميع البيوت التي سكنتها قبل أن تطرق الحضارة يومي ونهاري وأمسياتي كانت مزيّنة بشجيرات الليمون الأنيقة الرشيقة. تفرض طقوسها بأغصانها المائلة أبدًا نحو الجرح المالح، نحو سدرة المنتهى، نحو قلبي المتفجر محبّة للطيور المهاجرة، للنورس لطائر اللقلق للهدهد. قرر بعض الكتّاب المصريين تسميتي بالهدهد ولم أمانع، لم أسأل حتى عن السب. فلأكن هدهدًا أحمل الأخبار لسليمان في أحلامي، لكن الليمون ذبل قبل أن تظهري أنت على حين فجأة كالقبلة.
أخبرتكِ بأنّ لديّ ثلاث حبّات خضراء مصفرّة من الليمون، وأنتِ سألتني في اليوم الثاني كم بقي من ليموناتي الثلاثة؟ أجبتك بأنها ما زالت ثلاث حبّات خضراء مصفرّة تننتظر من يهتمّ بها، فإمّا الذبح أو العصر ولكنّ ليس أنا من يقوم بذلك! احتفظت بالسلّة ووضعت ليموناتي في إناءٍ فاخر وتركتها تؤنس وحدتي.
حدث هذا في مدينة متمرّدة، خلعت هدوءها وأعلنت نفسها عاصمة قارة أوروبا العجوز ثم ابتلعتني على حين غفلة مدّة عام كامل.
بروكسل هي المدينة الوحيدة التي هربت من ذاكرة قلمي حتى اللحظة. ربّما لأنّني كنت ألملم ذاتي وأستعيد عطب ذاكرتي في أرجائها. لهذا لم أذكرها كثيرًا في بوحي، إلا أنّ حبّات الليمون الثلاثة كانت في بيت صغير هناك، بيت خالٍ حتى من ستائرَ بيضاء أو وردية تخفي إدماني على الكتابة والنوم بعد ظهر كلّ يوم، خوفًا من كابوس النعاس قبل الثانية من صباح اليوم التالي.
أخبرتك بأنّني أخشى على ليموناتي الثلاثة، ربّما هناك سلّة من الليمون في البقالة ترجو اقتناءها. قلتِ: اعصرها، ضع بعض السكّر واشربها وتذكّرني ولا تنسَ صوتي الدافئ عبر الأثير حين تصمت المدينة وتغفو أوروبا لوهلة من الزمن!
مضى وقت طويل ولم أقتنِ ليمونًا .. مضى وقت طويل دون أن يشقّ سكّيني الحادّ طريقه في متاهات حبيبات الليمون. ربّما لأنّي أقرأ التاريخ معكوسًا، وربّما لأن التاريخ هو من يقرأني دون أن يترك نقاطًا أو علامات تعجّب، لكنّه دائمًا يترك العديد من الأسئلة وأنا ماضٍ للإجابة على أكبر عددٍ ممكن منها.
الأثير شاسع رحب ..
وأنا أعرف بأنّك هناك
الأثير مفتوح لشهقاتٍ واعترافات أخرى ..
وأنا أعرف بأنّك هناك
اليوم سأقتني بعض الليمون
لونه الأخضر المصفرّ يراوح قوس قزح، يتقاسم وإيّاه ذاكرتي وكلاهما يعرف .. يعرف بأنّك هناك.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرفة البيضاء
- ما قاله صديقي الميت
- أليست هذه الجميلة زوجتي القبيحة؟
- الحبّ وهموم أخرى
- أوقات وردية للقلب
- مهادنة السلطة وانتحار الثروة
- الرسم بالشفاه
- الأدب الهنغاري وقصيدة هنا وهناك
- حين يفتح الشاعر روحه، يدخلها كل شيء إلا فهو فيخرج
- لم تنهِ أغنيتك بعدُ يا ولدي فلا تقطع الوتر!
- هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟
- غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن ارنست همنغواي
- حين يصبح الزواج مشروع اغتصاب
- غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن نفسه
- غابرييل غارسيا ماركِز يتحدث عن خوليو كورتسار
- فقدت سنّا في الوقت الذي فقدت فيه عذريتك
- ما بين الحلم واليقظة
- قصائد شريرة
- المرأة وقرن الموز
- تدركين دون شكّ .. سيدتي!


المزيد.....




- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-
- تمثال من الخبز طوله متران.. فنان يحوّل ظاهرةً على الإنترنت إ ...
- مسك الختام.. أناقة المشاهير في حفل اختتام مهرجان الجونة السي ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - ليموناتي الثلاث