|
الصحافة الكوردستانية الى اين ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2985 - 2010 / 4 / 24 - 20:12
المحور:
الصحافة والاعلام
احتفلت الصحافة الكوردستانية بعيدها الثاني عشر بعد المئة في هذه الايام ، حسبما اختير يوم اصدار الصحيفة كوردستان كاول صحيفة كوردية في قاهرة عام 1898 رغم تعدد الاراء و المواقف حول اليوم الذي اثبت على انه 22/4، و الاجماع عليه اصبح شبه كامل على اعتباره عيدا للصحافة الكوردستانية عموما. دون ادنى شك، فان الصحافة تعبر عن واقع اية منطقة تصدر منها و هي مرآة الوضع السياسي الاجتماعي الثقافي الاقتصادي لاي مجتمع تمثله، و يمكن تقييم اي مجتمع من خلال ظروف و احوال صحافته و اعلامه بشكل عام . و عليه، فان الشعب الكوردستاني و هو منقسم لحد اليوم بين اربع دول ذات اوضاع مختلفة، فانها تتاثر حتما بتلك الاختلافات من حيث الطبيعة الاجتماعية و الثقافية و الاعلامية ، و بما ان هذا الشعب عانى من الويلات، فان الصحافة في اكثر مراحلها كانت سرية و ثورية و عبرت عن الاحوال السيئة التي مر بها الشعب الكوردستاني من الناحية السياسية قبل اي شيء اخر، و يختلف هذا الامر حتما من منطقة لاخرى وفق سلطة الدولة التي انقسم عليها الشعب الكوردستاني دون ارادته. منذ انتفاضة اذار 1991 و اقليم كورستان العراق عبٌر مرحلة هامة من حياته و تاثرت الصحافة بشكل مباشر بهذه الانتقالة ، غير انها لم تكن بمستوى الطموح الذي يحمله هذه الشريحة الهامة من الصحفيين و النخبة المثقفة و السياسيين المتنورين على العموم. الصحافة الحرة من اهم اوجه المدنية و الحداثة و العوامل المساعدة لتقدم اي بلد من كافة النواحي و هي المعيار الرئيسي لمستوى حرية الشعب و ثقافته العامة . على الرغم من ان الصحافة الكوردستانية قطعت شوطا في اقليم كوردستان العراق منذ ظهور الصحف الاهلية، الا ان السلطة تحاول بشتى السبل و الوسائل و بكل جهدها من تضييق مساحة الحرية الصحفية امامها سوى بشكل مباشر كان او غير مباشر، عن طريق الضغوطات الجانبية و محاربة الصحفيين او حجب المعلومات عنهم بقرارات فوقية، و لم نشهد لحد اليوم قانونا حرا منصفا يجمع عليه كافة الصحفيين يحوي في طياته ما يدعم الصحافة الحرة بشكل مريح او مشجع ، و القانون الصادر من برلمان كوردستان يحتاج الى اعادة النظر و التعديل الجذري لتخلله نقاط ضعف و ثغرات يمكن ان تضع حجر عثرة امام حرية الصحافة في هذه المرحلة و مستقبلا. ما شاهدناه طيلة هذه الفترة السابقة من المضايقات و التهجم على الصحفيين خلال اداء عملهم، يؤكد مدى تراجع السلطة عن وعودها و تعهداتها بمنح الحرية المطلوبة و توفير الفرص عن وصول المعلومات الى الصحفيين و عدم محاربة الصحافة المستقلة الاهلية التي تكشف الحقائق بجهد كبير و بتعب لا مثيل له في الكثير من البلدان العالم. و من الجوانب السلبية لممارسات السلطة هو عدم سماح للصحافة باداء ادوارها الحقيقية كسلطة رابعة و منعها من التاثير على الراي العام بكل السبل، و منها تضليل الراي العام حول تلك الصحف و كيفية ادارتهم عن طريق الصحف الحزبية و امكانيات السلطة، الى جانب عدم الاهتمام بما يطرح في الصحف المستقلة و كانها ضد الشعب، و تصر السلطة على تهميش الصحفيين المستقلين و تقديم الامتيازات للصحفيين الحزبيين الذين لم يقدموا غير المدح و الثناء للسلطة و الاحزاب من اجل المصالح الذاتية ناهيك عن استخدامهم كوسيلة ضد زملائهم في المهنة بكل السبل المتاحة امامهم. اخطر ما موجود و نحن نسير عليه منذ عقدينفي اقليم كوردستان هو انعدام نقابة حرة مستقلة ممثلة للصحفيين الاحرار ، والتي من الممكن الاعتماد عليها لدفاع عن الصحفيين و اوضاع الصحافة المزرية، كل ماموجود نقابة صحفية حزبية ممثلة للاحزاب و السلطة على غرار النقابات المهنية الاخرى ، و لم تقدم على شيء سوى ضمان امتيازاتهم و بالاخص الهيئة الادارية و ايفاداتهم و حفلاتهم الباذخة، و لم ينبروا يوما الى الدفاع عن الصحفيين المظلومين و الذين تلقوا الضرب المبرح في تغطياتهم للاخبار و المواضيع الساخنة و ما تحملوا من الضغوطات بكافة الاشكال من قبل السلطة و مؤسساتها على الرغم من تبجحها في اكثر الاحيان بانها تشكل لجان للدفاع عنهم و الذي لم يثمر شيئا سوى تغطية الاحداث و محاولة ذر الرماد في الاعين، و لم يشغلوا انفسهم الا باحصاء للخروقات حدث هنا و هناك، و لم تنتج ايدي هذه اللجان ما كان ينتظر منهم ، و حقا لا حول لهم و لا قوة في هذا المجال ، و ليس بمقدورها ان تدافع عنهم امام السلطة لانها تحت رحمتها و اعضاء الهيئة تتصرف كموظف و منفذ لاوامر السلطة. و هنا يمكن ان نقول ان الصحافة لم تتقدم بشكل يمكن ان تدعم العملية الديموقراطية التي لا يمكن ان تترسخ في ظل هذا الوضع العام ، و ستبقى الصحافة عرجاء طالما بقت شبه مشلولة و المعلومات محجوبة عنها، و يمنع الصحفي من ممارسة عمله بحرية. لذا من الواجب على الجميع و في مقدمتهم من يهمه العملية الديموقراطية و الحرية النسبية المتوفرة و المتجسدة في اقليم كوردستان اينما كان موقعه و درجته و وظيفته، عليهم ان يعيدوا النظر في تعاملهم مع الظروف العامة للواقع الصحفي و ان يسمحوا للصحفيين بانشاء نقابة حرة مستقلة حقيقية ممثلة لهم من دون اعاقتهم بشتى الوسائل كما يحدث لحد اليوم، وان يبقوا بعيدين عن استفزازاتهم من دون ضغوطات و عقوبات ، و الا لم يشهد الراي العام دورا ايجابيا مؤثرا على العملية السياسية بشكل عام و لم يوجهها في الطريق السليم ، و هو من اهم مهام الصحافة الحرة. الجميع على اليقين بان الضغوطات التي تمارس على الصحافة الحرة المستقلة لم تنفع المصالح العليا للشعب ، لانها هي الصحافة الحرة المستقلة التي تعبر عن الاماني الحقيقية و الاهداف العامة للشعب، و هي التي تعلن الحقائق كما هي و لها ثقلها الداخلي و الخارجي المؤثر، لذا تبقى تلك المحاولات التي تصر عليها السلطة في وضع حجر عثرة امام مسيرة الصحافة الحرة الاهلية المنتشرة بالذات في هذه المرحلة ستكون عقيمة. و رغم امكانيات السلطة المادية و المعنوية الا ان الصحافة الاهلية المستقلة تسير على سكتها ولم تقدر قوة ما من اعاقتها على الدوام ، و ربما تحدث خللا هنا و هناك، الا ان القافلة سائرة و هي الداعمة الرئيسية للعملية الديموقراطية و تحميها مصالح الشعب و تدعمها الحقيقة و المصداقية التي تتمتع بها، و ما تتوجه اليه احزاب السلطة و السلطة بكل امكانياتها من احداث خرق في هذا المجال بتاسيس صحف على اعتبارها اهلية و هي مدعومة من قبلها و تكون ظلا للسان حالها، لم تنجح فيها لانها تنكشف في اول الامر ، و المصداقية لم تتحقق بسهولة لما يقدمون عليه من اجل اهداف حزبية مصلحية ضيقة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يمتلك العراق ما ينقله الى مصافي الدول المتقدمة ؟
-
كيف نغلق طريق الفساد المستشري في العراق ؟
-
من يحدد هوية العراق ؟
-
ما يحتاجه العراق هو الحوار ام المفاوضات ؟
-
اهم نقاط التحول في تاريخ العراق الحديث
-
التحزب و الثقافة السياسية في العراق
-
هل مجتمعاتنا تتقبل الحداثة كما هي بشكلها الصحيح؟
-
انفال انفال و ما ادراك ما الانفال
-
هل ديموقراطية العراق في الاتجاه الصحيح ؟
-
كيفية تدخل الاكاديميين لايجاد الحلول السياسية لما وقع فيه ال
...
-
الحداثة و تاثيراتها على الهوية الثقافية في منطقتنا
-
ماذا يقدم الاعلام لما يحتاجه العراق في هذه المرحلة
-
بعد ترسيخ المواطنة تتفاعل العقلية المدنية
-
هل بالامكان اختزال الديموقراطية في العملية الانتخابية فقط؟
-
من يتحمل مسؤولية عبور المرحلة القادمة في العراق؟
-
ما يرن باستمرار في اذاننا هو العراق الى اين ؟
-
الى متى تطول مخاض ولادة الديموقراطية الحقيقية في هذه المنطقة
...
-
هل ما نحن فيه ازمة ام صراع مصالح القوى؟
-
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
المزيد.....
-
دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
-
لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
-
انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
-
البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
-
اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا
...
-
بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا
...
-
الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا
...
-
كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
-
-نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض
...
-
البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-
المزيد.....
-
مكونات الاتصال والتحول الرقمي
/ الدكتور سلطان عدوان
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
المزيد.....
|