أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق الازرقي - صحوة أبو الهوا / قصة















المزيد.....

صحوة أبو الهوا / قصة


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 2980 - 2010 / 4 / 19 - 15:33
المحور: الادب والفن
    


ما هذا الحلم الافعواني الذي بلا معنى
وقد زَحفَ حتى بَلغ خط ّالدم؟...

نيرودا



لقطة اولى

ـ أنت من يقود المجموعة
وصل الصوت الى أبو هيجاء حاسماً من وراء اللثام الأسود المبقع بقطرات من الزيت المختلط بالتراب وتذكر على الفور المهمة التي جاءوا من اجلها ...
طُلب منه أن يوقف بضع سيارات ليتحقق من هوية ركابها أما الباقي فيتولاه المسلحون السبعة الذين يرافقونه.. طيلة الطريق للوصول إلى النقطة المحددة كان الجميع صامتين وبعضهم كان قد غفي . انها المرة الأولى في حياته التي يخرج فيها في مهمة شعر انها غريبة عنه تماماً .. حدق في وجوه المسلحين السبعة .. هو يعرفهم جميعاً فأربعة منهم من منطقته بالذات أما الثلاثة الآخرون فانهم من منطقة مجاورة ولقد شعر بالاستغراب من مظهرهم باللباس الأسود الكامل والسلاح في أيديهم فلقد رآهم في مناسبات سابقة لم يكن لها علاقة باستعمال السلاح أو حتى الاشتباك بالأيدي وفكر في أن أحدا ً ما قد يكون أقنعهم بذلك مثلما حدث معه بالضبط كما انه لم يعرف هل تسنى لأحد منهم أن يقتل بشرا ً أم أنهم مثله تماما ً لم يسبق لهم ان قتلوا حتى دجاجةّّ! وقد بلغ استغرابه أشده حين وصلوا النقطة المقصودة ونسي أن يأمرهم بارتداء أقنعتهم فلبسوها من دون أمر مثلما فعل هو بالضبط.

لقطة ثانية
لم يدر في خلد لطيف غانم أن تتقاطر جميع ذكرياته في لحظة واحدة لن تفصله فيها عن الموت إلا كلمة واحدة عرف من طبعه الذي جُبل على البساطة انها لن تنطلق بتلك السهولة التي يتصرف بها الكثير من الناس فردد بصوت مسموع (اللعنة عليها سرعة البديهة تخونني على الدوام).
لم يكن عليه في اللحظة التي استوقفه عندها المسلحون السبعة سوى أن يقول لهم بأنه واحد منهم وان يقنعهم بذلك ولكن من أين له أن يعرف من هم وكيف له أن يقنعهم بأنه ليس هو الذي يرغبون في سلخ جلده! .. لقد أضاف اللثام الذي يغطون به وجوههم وملابسهم السود غموضا ً آخر إلى وضعه القلق منذ أن سمع بالجثث الملقاة على قارعة الطرق وأقراص الحاسب التي تعرض في الأسواق عن قطع الرؤوس وعمليات التمثيل بالجثث التي لم يرد أن يصدق أخبارها حتى استوقفه المسلحون الملثمون هو وركاب سيارة الكيا العشرة في منعطف الشارع الذي ينحرف نحو منطقتهم فانتابه الفزع.
ـ من أي منطقة انتم ؟ هوياتكم .. اعطونا هوياتكم وانزلوا من السيارة .. يلله بسرعة!
كان الرعب قد استبد بجميع الركاب و شرع طفل بالبكاء بينما تشبثت إحدى البنات بعباءة أمها بقوة و التصق رجل عجوز بمقعده محركا ً شفتيهً بكلام غير مسموع و تلاعبت أصابعه بحبات مسبحته بقلق..
ربما لم يفكر أحد في أن يكون الدرب بمثل ذلك التعقيد فالجميع حمل أغراضا ً لن تشي قطعاً بهوية أصحابها إضافة إلى أن سالكيه بدوا غير معنيين بأي قسوة مباحة خصوصا ً في مثل هذا الصبح الرائق؛ أكياس لبن رائب وباقات من الريحان والكرفس والكراث و ولحم مفروم شُد على عجل في أكياس صغيرة واسماك الخشني الصغيرة ورزم من الخرز والدعابل وكرات لعب من البلاستيك مختلفة الأحجام بينما تربعت أعلى السيارة مجموعة من الدجاج في قفص خشبي متآكل وهي تطلق أصواتها عاليا ً. ربما فكر في أن اسمه سيكون شفيعا ً له فهو اسم محايد بالتأكيد.. هكذا بكل بساطة، ( لطيف غانم بديع)، حاول ان يطمئن نفسه حين لفظه، ووسط القلق الذي انتابه على مصير الآخرين الذي كان منذ لحظات يشاطرهم همومهم ويجادلهم في أمور الحياة تمكن أن يلحظ تلك العينين اللتين طالما عرفهما والشامة المميزة التي تتوسط الجفن العلوي لما تبدى من وجه قائد مجموعة المسلحين الذي تحرك من منعطف الشارع للالتحاق بهم ..
تذكر وجه لاعب الفريق المنافس.. تردد قبل أن يسأله مفكرا في جدوى المحاولة (قد يكون ليس هو الوحيد الذي يمتلك شامة في جفنه) غير انه أيقن ان مصير ركاب السيارة بيده الآن وفكر في أن المحاولة تستحق العناء وهو على أي حال لن يخسر شيئا ً من محاولته.
ألفى نفسه يوجه الكلام إلى الشخص الذي بدا كأنه رئيس المجموعة:
ـ أخي .. انت مو جميل ابو الهوا!
تسمّر أبو هيجاء في مكانه كأنه التمثال ولم تبد منه أي حركة
ـ أكيد انت جميل ابو الهوا، أبو وسن، شبه وسط فريق أنوار المحلة ولعلك تذكر مباراتنا معكم في الوشاش قبل عشرين سنة؟ كانوا يسمونك ابو الهوا لأنك كنت مشهوراً بالعاب الرأس والضربات العالية .. وواصل بحماس بعد أن تيقن من استجابة المسلح:
ـ وأكيد ما ناسي الدبل الذي أنقذت به فريقك من هدف محقق .. ها ؟.. تذكرت؟!
كان أبو هيجاء قد أصبح كالمشلول ومكث واقفا ً في مكانه .. تلعثم و سحب لثامه الى أسفل أنفه واستنشق الهواء بقوة، حدق في وجه لطيف غانم الذي كان الشيب قد غزا جميع شعر رأسه والذي يبدو انه يحاول استغلال الموقف إلى أبعد مدى..
ـ ها! .. تتذكرني؟ آني لطيف غانم .. لطيف الجندل، صخرة فريق الوشاش, تذكر كيف انتهت المباراة بالتعادل؟ لحد الآن أذكر الشاي و طعم الكعك ابو الدهن الذي تناولناه سوية في الاستراحة ..
تسمر الآن جميع المسلحين السبعة من دون حراك ولم يعبأوا حين انسل اثنان من الرجال من الصف الواقف ليرجعوا الى مقاعدهم في السيارة
مرت مدة صمت كأنها الدهر على ركاب السيارة
وفجأة ..
التقط مسلح ملثم أحد الأطفال وأطلقه في الهواء لأكثر من مرة مداعباً اياه وسمع الجميع كركرته العالية التي اختلطت بصوت قائد المجموعة الذي ارتفع بحماس:
ـ إخوان اسمعوا! آني من اليوم لست أبو هيجاء.. آني جميل أبو الهوا، ابو وسن، أحسن شبه وسط بالدورة .. من هذا اليوم آني تارك مسألة السلاح وراح أرجع أدرب الكرة للشباب..
رآه الجميع وهو يخلع لثامه ويلقيه بحركة عنيفة ..
في تلك البرهة لاحظ ركاب السيارة ان بقية المسلحين فعلوا مثله و شقوا احد الأكياس وتناولوا كرة كبيرة تراكضوا بها كالأطفال ضاربينها بأقدامهم بابتهاج في حين أسرع الأطفال ليسابقونهم في الاستحواذ على الكرة بينما بكت بعض النسوة وغطت أخريات أفواههن بأطراف عباءاتهن وسمع الجميع هلاهل متعددة تصدر من بعض الفتيات في السيارة ومن البيوت المجاورة التي خرج سكانها محيين الجميع.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاوف من عودة المربع الطائفي العاجز
- حاجتنا الى الأسواق
- في ذكرى التاسع من نيسان
- رموز الفساد تطل من جديد!
- حكومة للكتلتين الفائزتين
- وزارات لا حاجة لنا بها
- افتحوا الخضراء
- روح السياسة الرياضية
- فرصة لعبور التخندقات
- لا لحكومة الشراكة والتوافق
- من اجل حكومة متقشفة
- استحقاق ما بعد الانتخابات!
- هل يظل الحِبرُ بنفسجياً؟
- على أعتاب الانتخابات
- في ماهية الخطاب الانتخابي العراقي
- مواسم التراب!
- أعمدة ووعود
- نحو المشتركات الوطنية
- بعض أولويات المواطن
- هل يُتاجر بحياة الأبرياء؟


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق الازرقي - صحوة أبو الهوا / قصة