أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تأملات فى الإنسان والحيوان والبرغوث .















المزيد.....

تأملات فى الإنسان والحيوان والبرغوث .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 18:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى مسرحية "سكة السلامة " للراحل سعد الدين وهبه مشهد طريف يستدعى أن نتأمله كما سنبتسم عليه .

بداية ً تدور أحداث المسرحية حول مجموعة من المسافرين بالأتوبيس ضلت طريقها فى الصحراء , وعانت من قلة المياة إلى أن وجدت بئرا ً للمياه ..ولكنها خشت أن
تشرب منه فربما يكون مسموماً من أيام الحرب العالمية الثانية ...لذا كان من المطلوب تجربة مياهه على أى كائن حى قبل أن تشرب منه هذه المجموعة .
أحتاروا فيما يفعلون وسط الصحراء الممتدة والتى لا يوجد بها حيوان واحد .
وإذ برجل عمدة ريفى طيب من ضمن المسافرين يتفتق ذهنه عن حل بالبحث فى جسده حتى يجد برغوثا ً ليعرضه عليهم ليتم إختبار ماء البئر عليه .
وسط سخرية زملاءه المسافرين ووسط ضحكات جمهور المسرح , يصرخ العمدة بأعلى صوته : يعنى البرغوث مفيهوش روح .!!
مسرحية من الطراز الكوميدى الرفيع ...تنتهى أحداثها الطريفة ويبقى فى داخلى سؤال ...هو البرغوث مفهوش روح ؟ !!

صحيح هل البراغيث والصراصير فيها روح أم لا ؟!!
فبما أنها كائنات حية ...فوفقا للمفهوم الدينى يوجد بها روح .!!!
هل الله نفخ فيها نسمة الحياة ...وأين تذهب روحها بعد أن ندعسها بحذائنا ...هل تذهب إلى أقرب بالوعة .؟!!

لوحاول العقلانيون أن ينزهوا الله عن نفخ الروح فى الصرصار ...إذن فهناك كائنات حية بدون روح .

***
حسنا ًً ...هذه الحشرات فى الغالب مؤذية ومضرة للأنسان أشد الضرر علاوة على أنها مقرفة ...فلماذا أوجدها الله .؟
هل سخرت لنا ..أم وجدت لأذيتنا .!!!

وأنا طفل طرحت هذا السؤال على مدرستى تعقيباً على أن كل كائنات الله خلقت بحكمة ولفائدة الانسان ...فسألت معلمتى مافائدة الذباب والناموس والصراصير والبراغيث والجراد؟
يبدو أن هذا السؤال أثار أرتباك معلمتى لتحاول أن تتلمس لها فسحة من الوقت للتفكير فتطرح على كل تلاميذ الفصل البحث عن إجابة لسؤالى مع وعد بمكافأة سخية لمن يعثر على الإجابة .
أحسست أننى خلقت مأزق ما وتحت إغراء المكافأة تفتق ذهنى الدينى الألتوائى على حل مدهش .!
أيوه يا ميس : هذه الحشرات البغيضة خلقت لتصيبنا بالأمراض ..ثم يشفينا لله ...فنقول الحمد لله . !!

**
حسنا ً..وماذا إذا مارسنا عملية إبادة جماعية لهذه الحشرات الضارة كما نفعل حاليا ً مع الجراد وديدان الأرض والذباب والناموس وخلافه ...هل يغضب الله منا .؟
فهذه الكائنات صنيعة يديه ...فهل يحق لنا قتلها وأزالتها من على الوجود ؟!

طبعا لا يوجد نص دينى يحرم أو يحلل قتل هذه الكائنات .
إذن لا توجد معضلة أمامنا ...لو فنينا أى حشرة لا نرغب فى وجودها بعالمنا ...ولكن هل بذلك نتحدى أرادة وحكمة الله فى وجودها وخلقها ؟!

وإذا كانت مش فارقه مع الله ..فلماذا خلقها .؟!!
هل هو يستمتع بمشاهدة صراعنا معها ...ولكن بما أنه عليم فأنه قد شاهد فيلم الصراع هذا قبل وجودنا فهل هو يهوى مشاهدة أفلام معادة .

***
هناك نقطة أخرى تأتى فى السياق ..بما أن الله عليم وعلمه غير محدود...فهو يعلم بالضرورة التاريخ الحياتى لكل حشرة على وجه الأرض منذ بدأ الوجود وحتى الأن ...فهو يعلم يوم ميلادها السعيد ...مسيرة حياتها ..رزقها .. ميعاد تلقيحها وولادتها .
هل يعلم أنها ستقرصنى فى قفاى ؟ ..وحينها سأنهال عليها بيدى فأفعصها وتكون شهيدة القرصة لأخيرة ؟ ..هل يعلم كل هذا ؟!!

هل صاحب هذه العزبة الكونية المترامية الأطراف والتى يقطن على بعد 16300 مليون سنة ضوئية ، أي 154.211.040.000.000.000.000.000 ميل ،
أي 154 ألف مليون و211 مليون و 40 ألف ترليون ميل .!!!
يعرف ميلاد كل حشرة ..ويجلس يقدر رزقها ويعرف أن نهايتها ستكون تحت فردة حذاء ما .
ما هذا العبث ؟!!

***

وتندهش أيضا ًعندما تقرأ أسطورة التكوين ...ولا تجد أى ذكر لكيفية خلق الحيوانات ...بالرغم من عظم المملكة الحيوانية من حيث تنوعها الهائل فهى تزيد عن المليون نوع وفصيل ..ولكن لن تحصل فى النهاية إلى على كلمة مقتضبة بأن الله خلقها .
فلا تعلم هل خلقت من طين مثلنا أم لا ؟!!..ولا تعرف أذا كان الإله قد نفخ فيها من روحه أم لا ؟!..ولا تعلم سبب وجودها فى المشهد التكوينى ؟!

هل وجدت كما يزعمون لتكون سخرة لنا ولفائدتنا وتفى بأحتياجتنا ...و لكن نوعية الحيوانات التى نتعامل معها ونستفيد بوجودها لا تتعدى العشرات ..بينما المملكة الحيوانية أكثر من مليون صنف ونوع .
سنجد أن معظم المملكة الحيوانية ليست لها أى أهمية بالنسبة لنا ... بل على العكس هى مضرة ومؤذية لوجودنا .

***

تندهش أيضا من أن الحيوانات تمتلك جهازاً عصبياً يشعر بالألم مثلنا ...فإذا قلنا أن الأنسان يشعر بالألم كونه قد طرد من الجنه وأن هكذا كان عقابه ...فما هى جريرة الحيوان ؟
فإذا كان الحيوان غير مكلف فى المنظور الإلهى ...فلماذا يشعر الحيوان بالعذاب والألم ؟!..وكيف ينسجم هذا مع قصة أوسع الراحمين ؟! ..أم أن صفة الرحمة معطلة شأنها شأن صفات كثيرة تعطلت .

***
وتندهش أيضا ..أن تجد صفة التوحش والأفتراس هو السلوك السائد فى مملكة الحيوان ...فهل الله لا يمتلك أسلوب أخر غير هذه الطريقة الوحشية فى حصول الحيوان على
غذاءه .؟
هل هو يعطينا نموذج و قدوة فى كيفية حصولنا على غذائنا ؟!

***
تندهش أيضا ً أن الحيوانات والطيور المذكورة فى الكتب المقدسة لا تمثل شئ يذكر بالنسبة لهذه المملكة الهائلة من الحيوانات والطيور فلما تم نسيانها؟!..ولكننا لن نجهد أنفسنا كثيرا ً عندما نعرف أن ما تم التطرق إليه من حيوانات وطيور هى ما كان موجود ومعلوم أمام مسطر الأسطورة .

* هى تأملاتى وأسئلتى فى الطفولة المبكرة كما هى وبدون زيادة سوى إضافة الرقم المرفق بالأعلى ..ولكن أعتقد أن هذه الأسئلة مازالت صالحة للطرح والتعاطى .

دعونا الأن نحاول الإجابة على هذه الأسئلة عندما نضع القطار على قضبانه ..
تعالوا نعرف سبب كل هذه الأشكاليات ...
مبدع الأسطورة الدينية ...كان كل ما يشغله همومه هو ...وأسئلته الأساسية حول وجوده هو... وصراعه من أجل الحياة .
فشئ طبيعى أن تكون أسطورته مهمومة بقضاياه الخاصة وكيفية وجوده .. فلا يشغله أمر البراغيث والصراصير والحيوانات كيف جاءت وخلقت , لذلك هو مر عليها مرور الكرام فى إسطورة الخلق ..كما يعضد هذا هو إحساسه العام بدونية هذه الكائنات لأنها بلا وعى مثله لذلك أهملها ولم يذكر فى أسطورته التكوينية كيف خلقت .؟ وهل خلقت من طين مثله ؟ وهل الإله نفخ فيها من روحه ؟ .

لذلك هو لم يعر أى أهتمام لقصة وجود الحيوان فى الأسطورة ...وأعتقد أنه بوعيه جعله يحس بتميزه عن هذه الكائنات الغير الواعية ...لذلك عز عليه أن يجعل إلهه ينفخ الروح فى أنف الحيوان والدودة والصرصار كما نفخ فى أنف الإنسان ..لذلك أثر الإهمال .
وأقول ربما يكون سبب عدم ذكر الحيوان فى قصة الخلق أن هناك أحساس دفين فى داخل الأنسان بأن ينسلخ من جلده وتكوينه البدئى ويدفنه فى مكان لا يراه ثانية .!

قصة الألم الذى يحس به الحيوان لا تشغل أيضا ً أى أهتمام لصاحب الأسطورة ..فمبدع الأسطورة لم يكن يرى شيئا غريباً أن يتألم الحيوان ...فالأنسان فى عصره كان يتألم ويعانى .
ولكن تكون الإشكالية التى أهملها هى ما حكمة معاناة الحيوان فى فكر إلهه؟ ..أرى أنها تضاف لقائمة إهماله وعدم إكتراثه .

أما عن ظاهرة التوحش والأفتراس لدى الحيوان ...فلم تكن شئ غريب أن يراه ويستوقفه ...لأن الحياة كلها توحش وأفتراس ..فأما أن تكون مفترساً أو فريسة ...فلما الأستغراب .
ولكن يبقى الإستغراب موجودا ً لو تصورنا أن هناك حكمة ما وراء هذا السلوك .

أما عن القصة الإلهية لمعرفة السيرة الذاتية لكل حشرة فى الوجود ..فجاءت من أننا جعلنا ألهتنا بصفاتنا البشرية ولكن بلا سقف ..فجعلنا المعرفة الإلهية بلا حدود ..وهذا شئ طبيعى منطقياً ..فلو كانت المعرفة الإلهية بحدود ستوقع الإله بالمحدودية ولا تجعله إلهاً ..ولكن كونه يعلم التاريخ الذاتى لكل حشرة ستجعله إلها ً,,, ولكنها ستمنح الفكرة العبث بجدارة .

بالمناسبة نحن مازلنا نمارس غريزة التوحش والأفتراس حتى عصرنا الراهن ...فنمارس الوحشية والإفتراس بشكل حيوانى فج وفى أحيان أخرى بواسطة قنابلنا الذكية وصواريخنا الموجهة .
كما نمارس فى معظم الأحيان التوحش بقفازات بيضاء حريرية فتحت أليات السوق نمارس وحشيتنا وإفتراسنا ونحن فى مكاتبنا المكيفة معطرين ببرفانات باريسية ..ولكننا نتفوق على الحيوان فى الشراسة والوحشية فنحن نفترس لمزيد من الفرائس بعد أن شبعنا .!..نأمل أن نملأ خزائنا بمزيد من الفرائس بينما الحيوان يفترس ليشبع فقط .!!!!

أساطيرنا.. نحن من ننسج خيوطها وفقا لرؤيتنا وإحتياجاتنا ...نحن من نعبر عن رغباتنا المتوحشة ونلبسها لبوساً مقدسا ً .

نجد تفسيرا ً سهلا ً وطبيعيا ً يكون بديلا ً لهذه المطبات الكثيرة ولدينا ألاف الأدلة فى أن الوجود الحيوانى الهائل خضع لعمليات هائلة من التطور والإنتخاب الطبيعى ..وأن الحياة هى صراع مستمر فى الوجود يكون حال الإنسان هو حال أى كائن أخر فى الوجود .
ولكن كوننا إمتلكنا الوعى الذى جعلنا نرصد الوجود بعيوننا ونتيجة عجزنا المعرفى علاوة على كم هائل من الغرور رسخنا فى أنفسنا أننا محور الوجود والحياة والكون ..وأن وجودنا ذو أهمية يجعلنا نتمايز عن أى وجود ..بينما نحن لا نزيد عن أى دودة سوى بالوعى .

الفكر والأسطورة الدينية تحمل فى كل أجزائها عوامل إنهيارها ..ولا تحتاج سوى القليل من التأمل لتتداعى وتنهار .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 4 )
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 3 )
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 2 ) .
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 1 ) .
- الأديان كتعبير عن مجتمعات عبودية الهوى والهوية .
- الجنه ليست حلم إنسان صحراوى بائس فحسب .. بل حلم مخرب ومدمر . ...
- سأحكى لكم قصة - شادى - .
- بوس إيد أبونا .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 7) _ فليدفعوا صاغرون .
- ضيقوا عليهم الطرق .
- فلنناضل أن يظل حسن ومرقص فى المشهد دائماً .
- نحن نخلق ألهتنا (5) _ الله مالكا ً وسيدا ً .
- ثقافة الطاعة والإذعان .
- خواطر فى الوجود والإنسان والله _ ما الجدوى ؟!
- نحن نخلق ألهتنا (4) _ الله باعثا ً
- خواطر فى الوجود والإنسان والله _ الأرض حبة رمال تافهة .
- نحن نخلق ألهتنا (3) _ الله عادلا ً .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (6 ) _ أشلاء إنسان .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (5) _ إغتصاب الطفولة .
- نحن نخلق ألهتنا (2) _ الله رحيماً ومنتقماً .


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تأملات فى الإنسان والحيوان والبرغوث .