أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحن نخلق ألهتنا (2) _ الله رحيماً ومنتقماً .















المزيد.....

نحن نخلق ألهتنا (2) _ الله رحيماً ومنتقماً .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2918 - 2010 / 2 / 15 - 22:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الله يكون رحيماً ..هى صفة من عشرات الصفات التى يتسم بها الله ..ولكننا سنجد أنفسنا أمام صفة هى إنسانية فى الإساس ولكن تم إعطاءها أبعادا ً عظيمة ..ليطل علينا سؤال يطرح نفسه : هل الإنسان منح الإله صفاته أم أن الإنسان حاول ان يحاكى الإله فى صفاته .؟
تكون الإجابة المنطقية أننا منحنا الله صفاتنا كوننا نعى أنفسنا وصفاتنا ..ولا نعى فى المقابل الله كوجود محسوس وصفات .

فلننظر لصفة الرحمة مثلاً ..سنجدها شأنها شأن أى صفة هى تعبير معنوى عن حالة معينة ..فأنا أرى هذا الإنسان رحيماً عندما أتلمس من سلوكه الرحمة والرفق ...وهنا يلزم وجود الإنسان كوجود والسلوك كمنتج حتى نتحسس صفة الرحمة فيه .
ولكن هل صفة الرحمة هى ملموسة من الله بحيث أننا نقول عنه أنه كلى الرحمة ؟
بالطبع نحن لا نتلمس الرحمة الإلهية بأى شكل من الأشكال كون الله غير ملموس أومعاين فلا توجد علاقة مباشرة ومحسوسة ومدركة ..ولكن البعض منا يعزى بعض التصرفات المتسمة بالرحمة له .. فهناك من يدعى أن الله رحيم وتلمس هذا الأمر فى نجاته من كارثة محققة كادت تدمر حياته ..ولكن هذا الأمر لا يعدو سوى أنه منح ذات الله عملاً لا يستطيع أن يجزم أنه أنجزه أو لا.. هو يكون ظن منه أو بالأحرى هى حالة نفسية تأملها فى وجود كائن يترفق به ويرحمه , وإلا ما هو التفسير أنه لو وقع فى نفس المصيبة وعانى من ألامها لن يستطيع حينها أن يقول أن هذا الأمر هو من الرحمة بل سيهمل التعليق أو يعزيه فى أسوأ الحالات أن ثمة إنتقام إلهى أى إنتقل إلى ملعب أخر تماماً.

إذن فصفة الرحمة الإلهية غير محسوسة أوملموسة بل هى ظنية الحال شأنها شأن قائمة طويلة من الظنون ...كما لا نستطيع أن نجزم أنها صادرة من جهة الإله وكذلك لا نقدر أن نقول أنها فاعلة على الدوام بالرغم من أنها مطلقة وكلية .

إشكالية ثانية تطل علينا برأسها من إجتماع صفتين متناقضتين فى ذات واحدة ..فكيف نقول أن الله رحيم ومنتقم فى نفس الوقت..فالرحمة هى الرفق واللين ..أما الإنتقام فهى الشدة والقسوة ..ولكن الإنسان عندما وضع هاتين الصفتين معاً فى إلهه تصور أنه أمام إنسان يكون رحيماً بعض الشئ ومنتقما ً فى حالات أخرى .
ولكن الأمور ليست بهذه الصورة مع فكرة الإله فسنجد تناقضاً هائلاً عندما ندرك أن هاتين الصفتين تم إطلاقهم بلا حدود على يد الشيوخ والكهنة أى لا توجد حدود تحدهما ..أى أن الرحمة تكون بلا حدود والإنتقام أيضاً بلا حدود ..فكيف يجتمع التناقضين فى ذات واحدة ..فكلما زادت الرحمة إلى حدود المطلق تلاشى الإنتقام وأصبح صفراً والعكس صحيح .
الحقيقة أن مبدع فكرة الرحمة والإنتقام لم يشغل ذهنه بمثل هكذا أمور أو لم تسبب له أى قلق .. لأن هدفه منها له مغزى نفسى محدد يبغى الحصول عليه .

إشكالية ثالثة فى قضية الرحمة والإنتقام اللانهائى ..أننا سنجد أن هذه الصفات المنسوبة للإله هى بالضرورة فاعلة فقط فى حياتنا ووجودنا ..فلن توجد رحمة فى العالم الماورائى ..لأن الأحداث قد إنتهت والحكم قد صدر ولم يعد هناك مجال للإستئناف أو الطعن ..كما لم يعد هناك فعل يستدعى التدخل بالرحمة ..وكذلك الإنتقام لن يكون له أى معنى أو جدوى بعد أن عرف كل إنسان طريقه سواء فى الجنه أو الجحيم وإنتهت أيضاً الأحداث التى من خلالها تظهر الأفعال الإنتقامية .
أى أن الصفتين لصيقتين بالإله حال وجودنا فى عالمنا الأرضى ..أما فى العالم السمائى المفترض فلن يمكن لهتين الصفتين أن توجدا وتفعلا .
الحقيقة أن الذى إبتدع هذه الرؤية لم يكن يعنيه من الرحمة والإنتقام إلا أن يتواجدا فى العالم الأرضى الذى يعنيه ويعيشه ,ولم يعطى شأنا بوجود عالم غير محسوس .

فعندما ساق الأنسان فكرة الله الرحيم ...لم يكن مقصوده منها أن يرحمه فى حسابه الأخروى ...ليس كون أن قرار العقاب اللانهائى يكون قد صدر مما يستحيل معه الرجوع فيه ..ولكن الأنسان مبدع الفكرة إبتكر هذه الفكرة لعالمه المحسوس لتحقق إحتياجه النفسى فى السلام والأمن المفقود ..لذا لا تعنيه قضية أن الصفات الإلهية ستكون غير فاعلة فى السماء ..فهو معنى بالعالم الأرضى الذى يعيش همومه ولا يشغله فكرة العالم الأخر .

الإنسان الذى منح الإله صفة الرحمة والإنتقام لم تكن تعنيه هذه الإشكاليات ..لأنه ببساطة تعامل مع الفكرة لتفى حاجته النفسية .

فهناك مصاعب وأهوال نواجهها من المادة والطبيعة القاسية التى لا تحفل بمشاعرنا ...ونتيجة لجهلنا وغرورنا فى الوقت ذاته فلا نعزى مشاكلنا مع الطبيعة إلى أنها الفاعل الأصلى , فلا نتصور أن الصعوبات التى نواجهها ورائها قوى طبيعية عشوائية غير واعية ولا مريدة .

لذلك يكون هناك فاعل عاقل هو الإله الذى يصيبنا بكل هذه الكوراث فى حال إنتقامه وعلينا أن نتضرع إليه لكى يرحمنا ..وتكون الاعاصير هى نفخة شديدة من الإله لتقلع بيوتنا المتهالكة ...إذن علينا التوجه لمعابدنا أو مخدعنا طالبين منه الرحمة .

يكون المرض مأزق يواجه حياتنا ووجودنا ...فلا يكون لنا حيلة أمامه سوى إطلاق التمائم والصلوات مع مزيد من البخوروالتضرع أمام الإله الرحيم أن يرحمنا من براثن المرض ...لم يكن للأنسان أى حيلة سوى أن يأمل فى الإله أن يكون رحيماً مترفقاً ...

نحن أردنا الله رحيماً ليجعلنا نأمل فى تجاوز المحن .
فمن الصعوبة بمكان أن تواجه إعصار يحطم بيتك أو فيضان يكتسح أرضك وتقف عاجزاً أمامه ولا تجد طريقاً لمواجهته ولا تمنح نفسك أى أمل فى تجاوزه فى أسوأ الظروف إلا بإستدعاء الإله الرحيم .
يكون الله الرحيم هو طوق النجاة التى يتعلق به الأنسان ليمنح نفسه أملاً للسلام المنشود وتعديل الأمور وسط جهله المعرفى ...
بدون أى أمل نحمله فى مواجهة أمراضنا ومصائبنا مع تحلينا بكم لا يستهان به من الجهل المعرفى عن سبب بلاوينا ومصائبنا يكون الإنتحار هو أفضل الحلول ..
إذن الله الرحيم هو سبيلنا لتكوين حالة نفسية تعبر بنا مؤقتاً حالة ضعفنا وهواننا وتنتشلنا من مستنقع الضياع والإحباط لتكون القشة التى نتعلق بها لتجعل أيامنا تمر أكثر سلاماً وأمناً

لقد خلقنا الله وجعلناه رحيما حتى نصنع طوق نجاتنا النفسى من مصاعب نجهلها ولا نجد لها سبيلا ...

وكما جعلناه رحيماًً فلم نتواتى فى أن نجعله منتقماً .!!
نعم سيكون منتقماً لنا من أعدائنا وظالمينا ..سيمنحنا الأمل فى أن نأمل لهم الهزيمة والإنكسار ..وأن نتوسم ولو حتى فى الخيال أن يسحقهم ويذلهم ليخفف عنا مرارة الهزيمة والإنكسار .
الله يكون منتقماً لحسابنا الشخصى ..فهو منتقم من أعدائنا وكل من يقهروننا ..هو البطل الذى نأمله فى دحر مبغضينا وأعداءنا وإذلالهم تعويضاً عن حالة من الضعف والهوان التى تعترينا ..هو أمل فى لحظة بلا أمل .
لا يهم أن تتناقض هذه الصفة مع الرحمة ..لأن المعنى هو توفير حالة نفسية تعبر بالنفس المنكسرة وتعبر إنسحاقها على أمل الإنتقام الألهى .
المشاعر والإحتياجات الإنسانية والنفسية لن تترك نفسها فريسة ظروف قاسية وألام مريرة ستخلق قصتها الخاصة التى تهدأ من روعها وتجد سبيلها نحو الأمن والسلام .

إنساننا المبدع لهذه الصفات لم يدور فى خلده تلك التناقضات التى نطرحها لأنه كان يرمى إلى أثر فكرته على مشاعره وأحاسيسه ...هو لا يعنيه كل هذه الجلبة المنطقية التى خضناها لأن كل ما يحتاجه من الفكرة هى أن تمنحه أمانه النفسى والسكينة .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يروضون الإنسان كيف يكون منبطحاً .
- نحن نخلق ألهتنا (1) _ الله المقاتل .
- الأخلاق لا تأتى من السماء ..إنها تخرج من الأرض .
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ؟
- إله راصد ..أم إله نزيه ..أم فكرة مبدعة .
- - رشيد - وموقفه من الإعراب الإلهى .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (4) _ تكريس العنصرية والكراهية .
- الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .
- حاجات غريبة .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (3) _ إستحضار العنف وتصعيده .
- الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .
- السادة يخلقون الأديان .
- حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
- المقدس والتغييب وسر التخلف .
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
- الإنسان والذهب .
- أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .
- القضاء والقدر والمكتوب .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (2)
- أشياء تدعو للخجل (1) - إبراهيم خليل الله .


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحن نخلق ألهتنا (2) _ الله رحيماً ومنتقماً .