سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 23 - 17:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هناك أساطير وخرافات وغيبيات يعتقد بها المؤمنين بالرغم من تناقضها الواضح والصارخ مع العقل والعلم ولكن هم يقبلونها على علاتها كونها تتشكل معهم بالإيمان والوراثة ..وهنا يصبح العقل إما مغيباً تماما كونه يتناقض مع المنظور والمحسوس أو عقلاً يترنح بين العلم والخرافة , وفى كل الأحوال يكون تمرير مثل هكذا حمولة من الخرافة هو إحتياجات نفسية تجد أمانها فى المقدس وتدفع فاتورة ذلك .
كما أن هناك تشريعات قديمة مازال حاضراً جزءاً منها وغائباً الكثير منها أيضاً ..كما هناك الخجول فى البعض الأخر بحكم تجاوز المؤمنين للكثير من الشرائع التى هى متخاصمة و غير منسجمة مع الواقع ...مثال على ذلك أن المسلم يجد صعوبة فى الدفاع عن القتال من أجل نشر الدين أو حد الردة أوملكات اليمين أوزواج البنات الصغيرات ويخجل فى المطالبة بتفعيلها .
هنا هو يقبل الدين كتراث ..ولا يستوقفه أنه بإنسانيته وحضارته تجاوز الدين السماوى .
ولكن هناك أمور أخرى فى التراث تكون غير مقبولة بالمرة ومرفوضة من قبل أكثر المؤمنين أصولية ...بل تكون صادمة وفاجعة !!
نعم ...هناك أمور تدعو للخجل كونها تتناقض بشدة مع الذوق العام .
هى قد تكون منسجمة مع أصحابها الأوائل ومزاجهم العام ولكن بعد هذه الفسحة الطويلة من الحضارة والإنسانية تصبح غير مقبولة من أبناء هذا العصر ..أو يمكن أن تقول أنها تظهر بصورة واضحة لا تحتاج للكثير من العناء بشرية النص وثقافة أصحابه .
وهذا هو موضوعنا ..نحن بصدد إثارة بعض القضايا التى تصطدم بالذوق والمزاج العام قبل أن تصطدم بالعقل .!
*** ...السمات الشخصية والنفسية للنبى إبراهيم .
إبراهيم هو أبو الأنبياء كما يدعون ويذكر أنه خليل الله وكليمه ..اى أن له علاقة خاصة مع الله فيكفى أنه تحدث مع الله كثيراً فى حوارات لا تخلو من الدلال والعشم .
للنبى إبراهيم قصة لو تأملناها سنخرج بنتائج سيئة عن هذا النبى وستندهش من سلوكه الذى يدعو إلى الخجل ولا يمارسه أى إنسان سواء قريب من الله أوبعيد عنه .
دعونا أولا نأخذ القصة من مصدرها البدئى التوراتى ثم نعرج على السرد الإسلامى لها .
وَحَدَثَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ، فَانْحَدَرَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ، لأَنَّ الْجُوعَ فِي الأَرْضِ كَانَ شَدِيدًا. 11 وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12 فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13 قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي، لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ».
14 فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوْا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15 وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ، فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ، 16 فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا، وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ. 17 فَضَرَبَ الرَّبُّ فِرْعَوْنَ وَبَيْتَهُ ضَرَبَاتٍ عَظِيمَةً بِسَبَبِ سَارَايَ امْرَأَةِ أَبْرَامَ. 18 فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَبْرَامَ وَقَالَ: «مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِي؟ لِمَاذَا لَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّهَا امْرَأَتُكَ؟ 19 لِمَاذَا قُلْتَ: هِيَ أُخْتِي، حَتَّى أَخَذْتُهَا لِي لِتَكُونَ زَوْجَتِي؟ وَالآنَ هُوَذَا امْرَأَتُكَ! خُذْهَا وَاذْهَبْ!». 20 فَأَوْصَى عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ رِجَالاً فَشَيَّعُوهُ وَامْرَأَتَهُ وَكُلَّ مَا كَانَ لَهُ.
أما القصة الإسلامية فلا تختلف كثيرا عن سابقتها التوراتية .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( بينما إبراهيم عليه السلام ذات يوم و سارة ، إذ أتى على جبّار من الجبابرة ، فقيل له : إن ها هنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه ، فسأله عنها فقال : من هذه ؟ فقال له : أختي ، فأتى سارة فقال : يا سارة ، ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي ، فلا تكذبيني ، فأرسل إليها ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده ، فأُخذ ، فقال : ادعي الله ولا أضرّك ، فدعت الله فأُطلق ، ثم تناولها الثانية فأُخذ مثلها أو أشد ، فقال : ادعي الله لي ولا أضُرّك ، فدعت فأُطلق ، فدعا بعض حجبته فقال : إنكم لم تأتوني بإنسان ، إنما أتيتموني بشيطان ، فأَخدمها هاجر ، فأتته - وهو يصلي - ، فأومأ بيده : مهيا ، قالت : ردّ الله كيد الكافر - أو الفاجر - في نحره ، وأخدم هاجر ) رواه البخاري .
وفي رواية أخرى للحديث : ( لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات ، ثنتين منهن في ذات الله عز وجل ، قوله : { إني سقيم } ، وقوله : { بل فعله كبيرهم هذا } ، وبينما هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة ، دخل بها قرية فيها ملك من الملوك أو جبّار من الجبابرة ، فقيل : دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء ، فأرسل إليه أن يا إبراهيم ، من هذه التي معك ؟ ، قال : أختي ، ثم رجع إليها فقال : لا تُكذّبي حديثي ؛ فإني أخبرتهم أنك أختي ، والله ما على الأرض مؤمن غيري وغيرك ، فأرسل بها إليه ، فقام إليها ، فقامت توضّأ وتصلي فقالت : اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تُسلّط عليّ الكافر ، فغُطّ حتى ركض برجله ، فقالت : اللهم إن يمت يُقال هي قتلته ، فأُرسل ، ثم قام إليها فقامت توضأ تصلي وتقول : اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تُسلّط علي هذا الكافر ، فُغطّ حتى ركض برجله ، فقالت : اللهم إن يمت يقال هي قتلته ، فأُرسل في الثانية أو في الثالثة فقال : والله ما أرسلتم إلي إلا شيطاناً ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر ، فرجعت إلى إبراهيم عليه السلام فقالت : أشعرت أن الله كَبَتَ الكافر ، وأخدمَ وليدةً ؟ ) رواه البخاري .
ما رأيكم فى موقف النبى إبراهيم ؟
وبماذا نسمى فعله وسلوكه .؟
نحن أمام أبوالإنبياء جميعا وخليل الله ..وبينه وبين الله عمار كما يقولون ..ثم نجده يكذب تارة ولا يجد غضاضة فى أن تذهب إمرأته لحضن فرعون حتى يغنم بسلامته وحياته!! ... بل هو يطلب من زوجته هذا الأمر حتى ينال خيراً من ورائها !!!...والخير يأتى بالفعل بغنم وبقر وحمير .!!
هل سلوك أبو الأنبياء مقبول أم شئ يدعو للخجل .
أى إنسان محترم وذو كرامة سواء أكان شديد الإيمان أو قليله لن يقبل أن يسلك سلوك إبراهيم فى أحلك الظروف ..وليس هناك من ستجده يقدم زوجته أمام ريالات ودراهم أو إضطهاد إلا المفتقد للكرامة والنخوة ..فما بالك بأبو الأنبياء وحبيب الله وخليله.
لقد ذهبت الثقة واليقين والإيمان بالله بالرغم من التاريخ الحافل بينهما نظير السلامة والغنم والحمير .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟