أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سامى لبيب - عزرائيل الصراصير والبراغيث .














المزيد.....

عزرائيل الصراصير والبراغيث .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 02:43
المحور: كتابات ساخرة
    


فى ستينيات القرن الماضى تم تقديم مسرحية رائعة للكاتب سعد الدين وهبه تحكى عن مجموعة من المسافرين بالأتوبيس والتى تضل طريقها فى الصحراء عبر طريق مصر الأسكندرية الصحراوى .
تتخلل المسرحية مشاهد ومواقف كوميدية رائعة , إستوقفنى منها مشهد معاناة المسافرين من الظمأ والتلهف على جرعة ماء ينجيهم من الموت عطشاً ..فيجدوا فى طريقهم بئراً للمياه يعود للحرب العالمية الثانية , ولكن ينتابهم الشك والحيرة فى أن يكون هذا البئر مسموماً .
لا يجدوا وسيلة للتغلب على هذه الحيرة إلا بأن يتطوع أحد لرشف جرعة من الماء وتجربته .!!
بالطبع يعزف الجميع عن التطوع على هذه التجربة الخطيرة ..وتبقى الحيرة فى كيفية تجربة الماء على أى كائن يمتلك روحاً حية .
فى وسط هذه الحيرة والمعاناة يقفز رجل ريفى متواضع فى علمه وثقافته ليعلن عن إكتشافه للحل ..
لقد أخرج من عباءته برغوث ليعطيه لهم حتى يختبروا صلاحية الماء عليه .!!!
بالطبع يسخر ويستخف الجميع بإقتراحه ..ليصرخ الريفى بأعلى صوته : ليه يا جماعة هوا البرغوث مش ليه روح برضه .؟!!!!

طب صحيح .. هو البرغوث فيه روح ولا لأ .!!!

وفقأ للمنظومة الدينية فلكل كائن حى له روح ..قد تختلف روح الإنسان عن روح الحيوان عن روح الديدان والصراصير ... ولكن فى النهاية لابد أن توجد روح ...لأن عدم وجود روح للكائنات الحية سيجعلنا نسقط هذا على الإنسان ذاته .

ولكن فى عالم الحيوانات والطيور والحشرات غموض شديد حسب الأسطورة الدينية ...بل يمكنك القول أن هناك إهمال شديد وعدم تتطرق لا من قريب أو بعيد لفكرة خلق الحيوانات والطيور والحشرات والديدان ..فلم يتم ذكر أى شئ على الإطلاق عن طريقة الخلق فهل هى جاءت من طين أيضاً أم لا ؟!!.

الله فى أسطورتنا الدينية نفخ فى الأنسان نسمة الحياة ...ولكننا لا نعرف هل نفخ فى الحيوانات والحشرات أيضاً نسمة الحياة أم لا ...!!
القصة الدينية لا تعطينا أى تفاصيل عن كيفية بث الروح فى عالم الحيوان...كل ما نعلمه أن هذه الكائنات هى خارج عملية الأمتحان لأنها غير واعية .
و لو صرفنا نظر عن طريقة بث الروح فى عالم الحيوان ...فهل موت هذه الحيوانات والحشرات يأتى بواسطة ملك الموت الذى هو عزرائيل أم لا ؟!!
فكون أنها غير مكلفة فليس معنى هذا أن يعفيها من أستحقاق أن يقبض روحها عن طريق عزرائيل...لأن المعتوهين من البشر هم غير مكلفين أيضاً ولكن موتهم يأتى عن طريق صديقنا عزرائيل .
هذه الكائنات صنيعة إلهية بإحتوائها على نسمة الحياة والتى تعرف بالروح إذن بالضرورة أن يكون الله أو من ينوب عنه من ملائكة كعزرائيل هو الذى يتولى عملية قبض الروح منها .

إذن هناك عزرائيل للصراصير والبراغيث والنمل وكل فصائل وأنواع المملكة الحيوانية .!!! لأنه بالضرورة أيضاً لن يترك الله مصير صنائع إلهية مهما كانت غير مكلفة ولا ملزمة فى يد العشوائية والصدفة .

الدينيون فى حيرة من هذاالأمر ...فلا تراثهم الدينى بما يحمله من تفصيلات مملة وسخيفة فى بعض الأمور ..قادر على التطرق لتوضيح كيفية نشوء الروح فى الحيوانات وكيفية قبضها .
ولا هم قادرون أيضاُ أن يتبنوا وجهة النظرالقائلة بأن الحياة عموماً ليست إلا وظائف بيولوجية تستهلك مع الزمن ومع عوامل الطبيعة وليست محتاجة للسيد عزرائيل .

الواقع ..أن الأسطورة الدينية أهملت فكرة كيفية خلق الحيوان ومصير روحه بشكل غير مبالى أو مكترث...فالأسطورة تصور بشكل عالى رغبة الأنسان فى أن يجد حلاً ورؤية لوجوده هو والذى هو الأولى بالإهتمام عن هذه الكائنات الأقل قيمة وشأناً ..وقد تكون الأسطورة معبرة أيضاً عن رغبة الإنسان أن يحس بتمايزه وأنسلاخه من عالمه القديم .. فيكون شكل من أشكال التعالى الشديد على عالم الحيوان بما نمتلكه من وعى مفارق للطبيعة .

فنحن لا نقبل بغرورنا الأنسانى أن يكون بث الروح فى الحيوان قد تم كما نفخ الله الروح فى أنوفنا ...
وبنفس هذا الغرورلا نقبل أن يكون الموظف المختص بقبض أرواحنا وهو "عزرائيل" يمارس نفس هذا العمل مع الحيوان والبراغيث والصراصير...
لا يهمنا كيف خلقت هذه الحيوانات ...المهم أن لا تكون مثل صنعتنا ...
لا يعنينا كيفية قبض روحها وأين تذهب المهم أن لا تتساوى معنا فى نفس طريقة النهاية...

الفكر الدينى كونه يعبر عن إبداع الأنسان ورؤيته جاء مبتسرا ليصنع أسطورة تعبر عن الأنسان فقط ...فلم تكن الأسطورة تهتم بوحدة الوجود ...بل لتعبر عن أسئلة من أمتلك الوعى لتحل أسئلته هو بدون أن يعنيه من خرج عن دائرة الوعى .

فإذا كنا قد أخرجنا الأخر والمختلف عنا من جنة الله الموعودة ...فهل يعقل أن نقبل تشابه الحيوان معنا فى البدايات والنهايات .

تكون عدم محاكاة خلق الحيوان كما خلقنا... وعملية إنقضائه كما ننقضى ... وتكليفنا كما نكلف ....هو إنشغالنا بأسئلتنا وهمنا نحن ..أو هى عملية إنسلاخ تام عن عالمنا القديم ...أو تبرئنا وإحتقارنا لبداياتنا ونشئتنا الأولى .!!!

وإن لم تكن هكذا أمور ..فهل يحق لنا أن نسأل عن عزرائيل الصراصير والبراغيث .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللذة والألم والإله .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (3)
- ممنونون ..شاكرون ..محظوظون ..مهللون .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (1)
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (2)
- قراءة فى العنف والإنسان والإله .
- عيون وراء نقاب .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً .(1)
- موت السؤال .
- المربع المتبقى للفكرة .
- تكون هى أرحم .
- خربشة عقل - الله والخلق .
- لن أعيش فى جلباب أبى .
- الملكية والزواج والزنا والله .
- ماذا لو تاب الشيطان ؟
- فزاعة الموت
- قراءة فى مذبحة الأقباط بنجع حمادى .
- تعالوا نقسم اللانهائى .
- الملكية أسوأ ما أنتجته البشرية .
- الرضاعة الفكرية .


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سامى لبيب - عزرائيل الصراصير والبراغيث .