أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تكون هى أرحم .














المزيد.....

تكون هى أرحم .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2884 - 2010 / 1 / 10 - 14:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بناء على رغبة من جيرانى فى العمل بمشاهدة مباريات المصارعة الحرة عبر جهاز تلفازى الخاص ..أدرت الريموت على القنوات الفضائية التى تبث مثل هكذا مباريات .

هالنى أشياء وإستوقفنى أشياء من خلال هذا المشهد وتداعياته .
إندهشت من حجم المشاهدين فى الإستاد والذين لا يقلون عن عشرات من الألاف ملئوا أرجاء الإستاد وكلهم حماس وتشجيع لمصارعيهم المفتولى العضلات .
وإستغربت من حماس جيرانى لمشاهدة هذه المعركة ..كما إندهشت من سعة معرفتهم بأسماء المصارعين وتاريخ بطولاتهم بالرغم من ثقافتهم الشديدة التواضع ..وأحسست بحجم تواضعى المعرفى فى هذا المجال .

ما إن بدأت المبارة حتى وجدت المتصارعين يتناوبون الضرب فى بعضهم البعض بكل قسوة وقوة , وكلما زاد مستوى العنف زاد حماس المشاهدين من جيرانى والجمهور القابع فى الإستاد .!!
جيرانى إناس بسطاء يقتلهم البحث عن لقمة خبز جافة ,ويتحلون بطيبة وشهامة أولاد البلد التى لا تجعل للعنف والقسوة سبيلاً لهم ..فمن أين جاء إحتفائهم بهذا المشهد الذى لا يخلو من العنف والقسوة والهمجية معا .؟

تذكرت مشهد المصارعات التى كانت تتم فى أثينا وروما القديمة وفى إستادات ضخمة أيضا لكى يستمتع الجمهور من الأسياد على منازلة العبيد لبعضهم البعض فى قتال لا ينتهى إلا بالموت والدم , أو بمنازلة العبيد لحيوانات مفترسة لا تنتهى أيضاً إلا بنهاية دموية سواء للإنسان أو الحيوان .
يكون الفرق هو فى شكل العبودية ..فالمصارعين القدماء كانوا عبيد بكل معنى الكلمة , أما مصارعينا المحدثين فهم عبيد للمال مع بعض الحظوظ من الميديا والشهرة والبريق الإعلامى .

ما السر فى إستمتاع الإنسان بمثل هكذا مشاهد لا تخلو من العنف والقسوة .؟

إنه العنف الرابض تحت الجلد ..ذلك الميراث المختبأ داخل نفوسنا من أيام إنساننا البدئى عندما كان العنف والقسوة هى وسيلته الطبيعية فى الحياة وسط عالم لا يعرف سوى منطق القوة والتوحش والإفتراس.

الحضارة الإنسانية قامت على أساس تقليل منسوب العنف والقتل والتوحش إلى أقل مستوى ممكن , أى أن الحضارة لم تستطع إلغاء العنف من الجسد الإنسانى بل كل ما حاولت ان تنجزه هو تضمير هذا العنف إلى أقل درجة ممكنة .

إستعانت الحضارة الإنسانية بطرق أخرى بديلة لتفريغ طاقات العنف داخل الإنسان فكانت الرياضة شكل من أشكال الصراع حيث تتم فيه المنازلات بغية الحصول على نشوة الفوز على الأخر بدون أن يستدعى سقوط دماء وراء هذه الأمر .
ولم تخلو هذه الرياضات بشكل أو بأخر عن بعض الممارسات ذات السمة العنيفة كالمصارعة والملاكمة بغية تحقيق لذة مشاهدة العنف بديلا عن ممارسته .

الإنسان إحتال طوال تاريخه البشرى على أى وسيلة تجعله يمارس العنف القديم الرابض فى مسام جلده .
فإبتكر المعتقدات والأديان لتجعله يمارس العنف بلذة خاصة وبنفس مستريحة وضمير بارد . !!!

دعت الأديان القديمة إلى قتل الأخر كوسيلة لتفريغ العنف خارج نطاق الجماعة ..ولم يتورع مبدعوا الأديان أن يحرضوا أتباعهم على ممارسة العنف الشديد ضد الأخر تحت دعوى أن الألهة ترضى بهذا الأمر وتوصى به وتحتفى له , ولن يتورع الإله فى منح الهدايا والمنح الأرضية والسمائية لمن يقاتل الأخرين .
إذن نحن أمام طريقة فى منتهى الذكاء تجعل الإنسان يمارس العنف والتوحش بلذة لن يصاحبها وخز للضمير , بل بالعكس ستكون مصحوبة بالفخار والمجد الأرضى والسمائى .

تكون الحدود والقصاص صورة أخرى من ممارسة العنف والتوحش ..فأنت تفرغ طاقتك الإنتقامية والمتوحشة تحت دعوى تنفيذ شرع الله ..تفرغها من خلال الممارسة أو المشاهدة على أقل تقدير , لذلك لا نندهش من إستدعاء مشهد حماس المتفرجين لحلقات الصراع فى الأوليمبيا القديمة مع مشهد التكبير والتهليل فى مشاهدة حد القصاص .
أما الممارس لحد القصاص فهو يمارس طريقة أخرى لا تقل ذكاءاً عن سابقتها بجعل العنف متواجداً يتم بنفس مستريحة وفخورة بأنها تنفذ شرع إلهى ستثنى عليه , فتكون اللذة خالصة ولا يشوبها ما يعكرها بل تكون ممارسة بدم بارد ونفس مستريحة متوهمة أنها ستحظى على المكافأة أيضاً من ممارستها للعنف .

هذا الكلام موجه لمن يندهش عندما يرى الإرهابيون ينحرون رؤوس أسراهم من الوريد إلى الوريد .
فمن هنا نعرف سر الفرحة والغبطة التى تعلو عيون وشفاه البشر المشاهدين للقصاص وممارسة الحدود الغليظة والنحر فى سبيل الله.

الشرائع الدينية القديمة تم تصميمها لتمرر العنف وتجد له وسيلة للخروج والمتعة ..وما نشر الأديان بالسيف إلا وسيلة لتحقيق هذا الهدف المنشود .
وفكرة الإله المقاتل والراغب فى القتال والنحر هى فكرة إنسان يبحث عن خروج العنف والوحشية ضد الأخر وبأسلوب يعطيه لذة بدون ألم أو وخز للضمير .
ما نراه من أشكال دامية للعنف كعمليات قتل وتفجير وإضطهاد للأقليات الدينية والعرقية والمذهبية ماهى إلا صورة من صور إستدعاء العنف وممارسته تحت غطاء دينى يسمح له بالعبور والتصعيد .
من هنا يكون إستدعاء النصوص القديمة من الخطورة الشديدة لأنها تكون بالضرورة إستدعاء وتصعيد للعنف والهمجية المتوحشة .

أخذت أراقب المباراة من التلفاز وسط جيرانى الطيبون ووجدت نفسى أتعاطف حيناً مع هذا المصارع الذى يكال له ثم أتعاطف حيناً أخر مع خصمه عندما يبدأ بالتنكيل به .!!

وجدت أن ممارسة مثل هكذا مباريات عنيفة تكون هى أرحم بكثير من فتح الباب على مصراعيه أمام عنف يمارس بشكل موسع ضد الأخر المختلف عقائياً ومذهبياً وعرقياً.
وجدت أن العنف الكامن فى المصارعة يقف عند حد الرؤية السلبية ويكون أرحم بكثير من خروج العنف من قمقمه ليجد نفسه فاعلاً ومتوحشاً تحت راية المقدس .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خربشة عقل - الله والخلق .
- لن أعيش فى جلباب أبى .
- الملكية والزواج والزنا والله .
- ماذا لو تاب الشيطان ؟
- فزاعة الموت
- قراءة فى مذبحة الأقباط بنجع حمادى .
- تعالوا نقسم اللانهائى .
- الملكية أسوأ ما أنتجته البشرية .
- الرضاعة الفكرية .
- سينما أونطة ..هاتوا فلوسنا .
- الديك لا يبيض .
- ثقافة النفاق والوصولية .
- أحلامنا المكسورة .
- مناورة العقل الدينى .
- ثقافة العبيد .
- العروسة والمسدس


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف منشآت عسكرية إسرائيلية بال ...
- فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- -بوليتيكو-: منظمات وشخصيات يهودية نافذة تدعم الاحتجاجات المؤ ...
- الأردن.. فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- الاحتفال بشم النسيم 2024 وما حكم الاحتفال به دار الإفتاء توض ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل جمعا من مسؤولي شؤون الحج
- فتوى في الأردن بإعادة صيام يوم الخميس لأن الأذان رفع قبل 4 د ...
- “أغاني البيبي المفضلة للأطفال” ثبتها الآن تردد قناة طيور الج ...
- القمة الإسلامية بغامبيا تختتم أعمالها بـ-إعلان بانجول- وبيان ...
- قادة الدول الإسلامية يدعون العالم إلى وقف الإبادة ضد الفلسطي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تكون هى أرحم .