أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - الرضاعة الفكرية .














المزيد.....

الرضاعة الفكرية .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2880 - 2010 / 1 / 6 - 20:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أتساءل أحيانا عن قدرة العقل المؤمن على الجمع بين العلم والعقل والإيمان ..كيف تجتمع التناقضات فى دماغ واحد .
كيف تكون لديك القدرة على التحليل العلمى والمادى والجدلى والذى لا ترضى عنه بديلاً فى تعاملك مع كل ظاهرة من ظواهر الحياة ..وتكون لديك القدرة ذاتها فى تعطيل كل المناهج العلمية فى التفكير والنقد دفعة واحدة , بالإرتماء فى أحضان الخرافة من قصص أسطورية عن الجن والعفاريت والملائكة ذات الريش والشياطين أصحاب القرون السوداء .

كيف يستقيم وتتوازن العقلية الإيمانية مع هكذا تناقض بشع ؟
كيف لنا أن نرى عالماً مرموقاً فى علوم الطبيعة المتقدمة ويعتقد ويتحمس لقضية البقرة المقدسة أو صنع الإنسان من طين فخارى أو المرأة التى تحبل بدون جماع أو الجن الذى يتبول فى الأذان حيناً أو يشاركك الطعام والنكاح حيناً أخرى .

إنها الرضاعة الفكرية ..
فيأتى التلقين لمثل هكذا خرافات منذ الصغر ..ولا يأتى مجرداً كمعلومة مضافة للطفل يمكن تغييرها وإنتزاعها فى مرحلة متقدمة ..بل يأتى ممزوجاً ومصهوراً بعاطفة ومشاعر وأحاسيس يستحيل بعدها أن تنتزعها أو تحركها بسهولة.

يتعلم الطفل كل أمور الحياة من والديه ..تنتقل له الأفكار مصحوبة بنظرة حانية ..ومشاعر دافئة تنتقل إليه ليعلم أن هذه المعلومة هى المرادفة للولاء الإجتماعى والمنظومة التى ينصهر فى داخلها .
هو يتلمس السعادة من خلال الألعاب الجميلة والملابس الجديدة مع حلول العيد ..يستمتع بفانوس رمضان الجميل ..يملأ بطنه بالحلويات اللذيذة والشهية ..يرى فرحة الوالد بذهابه إلى الجامع أو الكنيسة ..يترسخ فى كيانه دفء حضن الوالد وأصابع يديه الحانية ..يرى القصص التى يسمعها تنتقل إليه فى جو من الخشوع ..يرى أنه عندما يردد بعض الأيات التى لا يفهم منها حرفاً واحداً بأنه ينال الحب والفرحة والسعادة فى عيون الأب والأم , علاوة على بعض الحلوى اللذيذة .
هذه المشاعر الدافئة الحنونة المصاحبة لكل ما هو مقدس تجد ترسبها فى ذهنية الطفل وتكون لديه إرتباط شرطى بأن كلما إقترب من هذه الدائرة كلما نال السعادة والفرحة .

يكفى لطفلنا أن تختزن فى داخله مجموعة من المشاعر والأحاسيس الجميلة المرتبطة بالمقدس ليكون لديه القدرة على إبتلاعها بكل حمولتها .

الرضاعة الفكرية لا تكون عبارة عن معلومات يتم شحن دماغ الطفل بها , بل هى معلومات يتم تقديمها ممزوجة بكم من المشاعر والأحاسيس والأمان .
الطفل والإنسان عموماً يبحثا بحثاً دؤوباً عن الأمان النفسى وبأى طريقة كانت ..لأن الإنسان لا يعيش إلا ليحقق حالة متوازنة بين المتعة والألم ويأمل أن تميل ناحبة اللذة .
إذا كان الوسط الإجتماعى يحقق هذه الحالة فأهلاً به ..وإذا فشل فهناك المخدرات وكافة الوسائل التى تحاول أن تنتشل المتعة واللذة من عالم شديد الألم .

كم المشاعر المخزنة والمحفورة فى ذاكرتنا الأولى تهبنا درجة من الأمان النفسى تسمح لنا بدرجة من الإستقرار ولايهم إن كانت ما نحشو به أدمغتنا هش وتافه فلن يقل سخافة عن المخدرات أو أى فكرة هشة .
لذلك أحس أنه من الصعوبة بمكان أن تتجادل مع شخصية دينية أخذت حظها الوفير من الرضاعة الفكرية الممزوجة بالحب والحنان والهوية , ليس لضعف فى البنية الفكرية لصاحبها بقدر أن تشبعه من هكذا مخدر وصل به لحالة من الإدمان واللامبالاة التى يصعب خروجها منه بالطبل البلدى .

تتحول العقيدة إلى هوية إجتماعية تعنى الإرتباط والإنتساب للمجموع ..بل يمكن إعتبار أن العقائد والأديان لم تجئ إلا لتحقق شكل من أشكال الإرتباط والوحدة الإجتماعية لتحقق الملامح الشخصية للفرد التى تأخذ معينها من المجموع .

عندما تجد عالماً يخوض فى عالم الفضاء ويصدق ويتحمس لفكرة العجل الطائر فى السماء فثق تماماً أنه غير مختل بقدر ما تشبع فى طفولته بكم من الذكريات الجميلة والدافئة التى حققت توازنه النفسى ومازال يستدعيها للحضور ...هو يتماهى فى الجماعة ليجد وجوده الإنسانى ويحقق هويته وكيانه الخاص .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سينما أونطة ..هاتوا فلوسنا .
- الديك لا يبيض .
- ثقافة النفاق والوصولية .
- أحلامنا المكسورة .
- مناورة العقل الدينى .
- ثقافة العبيد .
- العروسة والمسدس


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - الرضاعة الفكرية .